يحتاج تأمل المشهد السياسى والاجتماعى والاقتصادى فى مصر حاليا إلى باحث أو صحفى أعصابه من فولاذ أو حديد، حتى يستطيع أن يستوعب الحالة جيدا، وبشكل كامل بدون عصبية أو نرفزة أو زعل وحزن حتى لا يصاب بالضغط أو مرض السكر، من جراء ما يحدث على الساحة من أحداث ومن مواقف وآراء، وأقصد هنا بالحالة المصرية أى الإحاطة بها من جميع جوانبها على العكس من البعض الذين يرون جانبا واحدا من الصورة، ويرتاح إليها كثيرا، ويطمئن قلبه ونفسه إليها، أو يكون منغمسا فى جانب من هذه الصورة فلا يشعر بجوانبها الأخرى، كمرشح محتمل للرئاسة أو حزب يسعى للحكم على حساب الأحزاب الأخرى، أو نشطاء سياسيين لم يتبينوا إلى الآن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أو فئات خرجت لتتظاهر أو تضرب لزيادة رواتبها وعلاوتها ويحدث للبلد ما يحدث من جراء إضرابها حتى لو خسرت ملايين الدولارات، فلا شىء يهم ما دام الإضراب نجح فى جذب أنظار المسئولين والوعد بالزيادة، على غرار ما حدث من جانب المراقبين الجويين فى مطار القاهرة متسببين فى خسارة البلد ما يقرب من 20 مليون دولار إضافة إلى الصورة التى خرج بها الزوار والسياح من مصر، ومنهم من علق على ذلك بأنه لن يعود إليها مرة أخرى، رغم الجهود التى يبذلها وزير السياحة لجذب أكبر عدد من السياح لمصر، والتى استحوذت تركيا وإمارة دبى وغيرهما على نصيب مصر من السياح، مما جعل إشغال الفنادق فيهما أكثر من 100%.
كل ذلك ونحن ندور فى حلقة مفرغة لا نعرف ما نريد بالضبط، فهل نريد للعملية الديمقراطية أن تسير سيرها الطبيعى والمحدد من قبل بعض القوى السياسية والأحزاب والمجلس العسكرى خلال الشهر القادم، أم نرى ما تراه بعض القوى التى لم تستعد وتريد مد الفترة الانتقالية حتى تستطيع المنافسة أمام الأحزاب الجاهزة، وبين هذه وتلك إشكاليات كثيرة منها موضوع البلطجية وعدم النظام والفوضى، التى تحتاج إلى تضافر الجهود لا إلى تنافرها وتشتتها، وكل من هذه الفئات التى ذكرت لا تكترث بكل هذا وإنما أهمتهم أنفسهم وانشغلت بمغانم الحكم والرئاسة والوقوف أمام منصات ميدان التحرير، كأن مشاكل مصر ستحل بهذه المنصات، وستحل أكثر وأكثر بالكلمتين التى سيقولها الأخ المرشح المحتمل فى المتظاهرين أو الناشط السياسى فى حق المجلس العسكرى وسيتم التصفيق له حتى تدمى الأيدى، وربما ستحل المشاكل بشكل أسرع بمسيرة تنطلق من التحرير لماسبيرو أو من التحرير للعباسية، ثم نذهب لننام ونحلم طوال الليل بأن كل مشاكلنا سوف تحل بإذن الله بعد هذه الأفعال!
ومن يريد فعلا أن يبحث ويتعرف على رأى الشعب المصرى فيما يحدث حاليا فعليه بردود القراء فى الصحف على كل خبر ينشر، ويقوم بتحليل لهذه الردود، ليعرف أن الشعب الآن يريد الاستقرار والأمن والعمل ويريد لمصر النهوض والتنمية، وأنه لا يقبل من أحد مهما كان الإساءة إلى الجيش أو إلى المجلس العسكرى، ويقول لكل من يريد أن يسجل نقطة فى سجله النضالى بحنجرته ابتعد عن مناطحة المجلس العسكرى وقم بدورك مع الناس فى حل مشاكلهم بدلا من تحميلهم لأعباء فوق أعبائهم فناءت بها ظهورهم، ونحن ما نزال نتكلم ونخطب ونرفع حناجرنا التى لن تطعم جائعا أو تسدد رسوما دراسية، ولن تجذب سائحا ليدخل إلى البلاد بالعملة الصعبة ويشغل فنادقنا الخالية.
وقد لاحظت تراجع كثيرين من مرشحى الرئاسة وغيرهم موقفهم من تصريحاتهم السابقة ضد المجلس العسكرى، ومنهم الدكتور محمد البرادعى الذى صرح بأن المشير صادق فى كلامه بأنه لن يترشح أحد من المجلس العسكرى للرئاسة، وعلى العكس منهم من يصرح بالليل والنهار بتصريحات يراها القراء سببا للوقيعة بين المجلس العسكرى والشعب، وأقول وأنا متيقن بأن المجلس العسكرى هو حاليا صمام الأمان للوطن، فالشرطة الآن لا تعمل بكامل كفاءتها، والأحزاب تتطاحن من أجل كرسى فى البرلمان القادم، ومرشحو الرئاسة يجتمعون ثم ينفضون ولا نعرف ماذا يريدون! فلا توهنوا أنفسكم أكثر "بتوهين" المجلس العسكرى، أو مناطحته، وتفعلون مثلما قال الشاعر العبقرى:
كـناطحٍ صـخرةً يوماً ليوهنها *** فلم يَضِرْها، وأوهى قرنَه الوعلُ
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
السيد
كلام رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود فوزى - أسكندريه
الجيش المصرى على عيننا و راسنا - خائن كل من يحرض عليه أو يتحرش أو يحتك به
عدد الردود 0
بواسطة:
كمال الشوربجى
غداريين - منظموا رحله الاقباط على الجيش هم أنفسهم منظوا رحلات الكنيسه لوادى النطرون
عدد الردود 0
بواسطة:
عمر أبراهيم
في زمن طغى فيــــه الغـــدر والخيــــانه
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالمنعم
الحمدلله مصر لسه بخير