مع صدور الإعلان الدستورى يوم الاثنين الماضى 26 سبتمبر والذى عدل المادة 38 والتى كانت تنص على أن ينظم القانون حق الترشيح لمجلسى الشعب والشورى «وفقا لأى نظام انتخابى يحدده» لينص على النظام الانتخابى الهجين الذى فرضه المجلس الأعلى للقوات المسلحة رغم رفض جميع الأحزاب والقوى السياسية له، والذى يجمع بين انتخاب ثلثى البرلمان بنظام القائمة النسبية المشروطة والثلث بنظام المقاعد الفردية للمستقلين.. يتواصل الجدل حول دور القوات المسلحة ومجلسها الأعلى بعد انتهاء الفترة الانتقالية.
وهناك اتجاه يتبنى تحديد دور سياسى للقوات المسلحة فى الدستور الجديد، ويطالب بتبنى وثيقة «إعلان مبادئ أساسية» تحكم صياغة الدستور، توضح دور القوات المسلحة فى ظل حكومة مدنية وتعطيها الحق فى التدخل لحماية الوحدة الوطنية والدولة المدنية، وحماية المصالح الاقتصادية للقوات المسلحة، وإبقاء ميزانية القوات المسلحة بعيدة عن رقابة المجلس التشريعى والرقابة الشعبية «كضمان للأمن القومى ».
بالمقابل هناك اتجاه يرفض دورا سياسيا للقوات المسلحة فيما بعد الفترة الانتقالية ويعارض بشدة النص على هذا الدور فى «إعلان المبادئ الأساسية للدستور» وعبر عن هذا الاتجاه عشرات من الكتاب والساسة والمتحدثين باسم الأحزاب السياسية الديمقراطية بل وعسكريون سابقون. ويتشارك الاتجاهان فى احترام وتقدير القوات المسلحة، ويثور الخلاف حول دورها فى المستقبل بعد انتهاء الفترة الانتقالية، آخذين فى الاعتبار أن القوات المسلحة شريك أساسى فى الحكم منذ 23 يوليو 1952، فعقب ثورة يوليو تولى مجلس قيادة الثورة الذى تكون من قيادة تنظيم الضباط الأحرار سلطة الحكم حتى عام 1956، ومع صدور دستور 1956 فى 16 يناير 1956 وتخلى القوات المسلحة عن تولى سلطة الحكم بصورة مباشرة ظلت القوات المسلحة المؤسسة الرئيسية ضمن مؤسسات الحكم.
فرؤساء الجمهورية منذ عام 1952 ينتمون جميعا للقوات المسلحة، بدءا بمحمد نجيب «اللواء» مرورا بجمال عبدالناصر وأنور السادات وحسنى مبارك وصولا إلى المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة والقائم بعمل رئيس الجمهورية.
وعديد من الوزراء ينتمون للمؤسسة العسكرية.. ونسبة كبيرة من المحافظين وخاصة محافظى ما يسمى بالمحافظات الحدودية، وسكرتيرو المحافظات يأتون من القوات المسلحة، ونفس الظاهرة تتكرر فى رؤساء مجالس المدن والقرى وشركات القطاع العام.
والقوات المسلحة هى المؤسسة الرئيسية الضامنة والحامية للحكم، فانقلاب 13 يناير 1971 بقيادة الرئيس السادات اعتمد فى تنفيذه على الحرس الجمهورى ورئيس أركان القوات المسلحة ومعاونيه، والذى أنقذ نظام الحكم من السقوط عقب انتفاضة الشعب المصرى فى 18 و19 يناير 1977 هى القوات المسلحة، وتكرر تدخلها لإنقاذ الحكم فى عهد مبارك عقب تمرد الأمن المركزى عام 1986، وأدخل مبارك القوات المسلحة طرفا فى صراعه مع تنظيم الجهاز والجماعة الإسلامية بتقديم المتهمين للمحاكمة العسكرية والحكم على أكثر من 80 من المتورطين فى العمليات الإرهابية فى التسعينيات بالإعدام، كما قدم قيادات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوسط للمحاكمة أمام القضاء العسكرى .
ومن الطبيعى أن تسعى كل الأحزاب والقوى الديمقراطية لمواجهة هذه الظاهرة التى يمكن تسميتها بـ«عسكرة النظام» و«الدولة البوليسية»، وأن يحدد دور القوات المسلحة كإحدى مؤسسات الدولة المصرية بشكل دقيق يضمن قيام نظام ديمقراطى حديث مع انتهاء الفترة الانتقالية فى مارس 2012 أو 2013 «الله أعلم» وهذه هى القضية الرئيسية سياسيا ودستوريا فى الوقت الحاضر.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد العوضى
دور القوات المسلحة
دور القوات المسلحة دور عظيم جدا