الأمر لا يحتاج إلى أدلة البحث الجنائى للعثور على المجرم صاحب عبوة الانفجار، التى زلزلت عرش التماسك الوطنى، وزعزعت قيم التوحد، فجعلتها أشلاًء، ولطخت الجدران بالدم الآمن، الذى كان يتدفق فى قلوب اصطفت للصلاة.
فالمتهم معلوم ومعروف للكافة، لم تحترق جثته كما قيل، ولم تختف معالمه، والشعب كله شهود إثبات، فقد شاهدوه من زمن طويل، يقمع ويستبد ويعتدى على الحقوق، يشرب مع العدو نخب الصداقة ويذيق شعبه كأس العذاب، يحول الصروح إلى خرابات والعاملين لعاطلين، يرسم لهم خارطة للإرهاب المريح ليستمر قانون الطوارئ كقدر لا فكاك منه، يزوّر إرادة الناخبين، ويملأ الصناديق بالبطاقات الكاذبة، ذلك المتهم الذى خلط الدين بالسياسة، فخلق القابلية للتطرف الإسلامى والمسيحى، ذلك المتهم الذى أضعف الأزهر والكنيسة، وجعلهما رهينتين للجنة السياسات، فزالت عن الأزهر مرجعيته الإسلامية، واحتكرت الكنيسة الدين والسياسة ثم قدمتهما قرباناً للسلطة.
نعم المتهم الأول هو من أخرج مصر من طابور الدول ذات السيادة، وأخرج شعبها من المستقبل، ثم جلس يبكى - بافتعال - على المذابح والحرائق التى صنعتها يداه، ورفع صورة الهلال والصليب زوراً وبهتاناً.
نعم المتهم سلطة انشغلت باستقرارها واستمرارها، حتى لو تمت التضحية بالشعب كله فقراً ومرضاً، أو فتنة تأكل الأخضر واليابس.
المتهم نظام سياسى أفقد المصريين هويتهم الوطنية، وحرمهم حق المواطنة، فلجأ الناس لهويات دينية وطائفية وعرقية وقبلية عائلية، السلطة تحمل ألف عبوة انفجار ثم تكتفى ومعها النخبة بالشعارات والقبلات والتصريحات الجاهزة فى الحرائق عن وحدة وطنية أصابها العطب وعن عنصرى الأمة بعد انشطار كل العناصر.
المتهم أيضاً شيوخ وقساوسة وإعلاميون، أضرموا النيران فى العشب الجاف، بأقوال وتصريحات لم تراع حرمة الوطن الواحد.
ما حدث فى الإسكندرية، وقبلها فى أماكن أخرى يؤكد أن غياب الدولة يغرى الكثيرين فى الداخل والخارج بشغل فراغها، والتفنن فى صناعة العبوات الناسفة سواء السياسية أو الاقتصادية والاجتماعية، والتى بدورها تجعل الحائط الوطنى عرضة للانفجار فى أى وقت، ومن ثم فجريمة الإسكندرية قابلة للتكرار غداً فى أى كنيسة أو أى مسجد خاصة بعد تفكك مناعتنا الوطنية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة