قال نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد إنه كان واجبًا على الحكومة المصرية أن تعلن الحداد ولو لثلاثة أيام على الأقل بعد تفجيرات كنيسة القديسين بالإسكندرية "البشعة"، خاصة أن عدد الضحايا ليس بقليل والحادث جاء فى وقت مؤسف، واستهدف الوحدة الوطنية ومشاعر المصريين، مضيفًا "لا أعرف لماذا لم يتم اتخاذ هذا القرار؟ فربما تصور التنفيذيون أن ما فعله الرئيس مبارك كان كافيًا".
وأكد مكرم، خلال استضافته مساء أمس الأربعاء فى برنامج "90 دقيقة"، أن رسائل البابا شنودة الثالث احتوت على درجة عالية من الحكمة والعقلانية، واستطاعت أن تخفف حدة غضب المسيحيين.
وأوضح مكرم، للإعلامى معتز الدمرداش، أنه أصبح فى إمكاننا اليوم أن نقوم بعملية جرد لـعملية "تفجير الإسكندرية" بأكملها، وأن نفرق بين ما هو سلبيى وآخر إيجابى، مضيفًا "وأظن بالفعل أن الحصاد النهائى لهذه القضية هو أن المصريين صمدوا فى هذه التجربة، وحافظوا على وحدتهم الوطنية، وأدركوا حجم المؤامرة الموجودة فى الداخل، ولم يستجيبوا لأى استفزازات وعضوا بالنواجذ على علاقات طيبة مع المسيحيين، وتأكدوا جميعًا من أن الهدف لم يكن مسيحيو مصر بل كانت مصر بأكملها، وهذه هى الرسالة التى سعى الرئيس مبارك إلى أن يبثها فى قلوب المصريين أجمعين".
وتابع مكرم "من الواضح جدًا أن أحد العوامل التى ساعدت على لمّ الصفوف إدراك الجميع بأن خيوط هذه المؤامرة دُبرت فى الخارج، وأنها ليست بعيدة عن تهديدات تنظيم القاعدة فى نوفمبر، بالإضافة إلى أن شكل وتركيب وأهداف هذه الحادثة وإصرارها على إحداث أكبر عدد ممكن من الخسائر تدلل على أنها من تنظيم القاعدة".
وأشاد مكرم بدور البابا شنودة فى تهدئة حدة غضب المسيحيين، وقال "لقد استطاع البابا أن يدرك عمق الكارثة، وسارع إلى أن يطلب من مسيحيى وشباب مصر التهدئة وقال لهم بأن كل شىء قابل للحل فى هدوء، وأن الغضب لا ينتج حلولاً أبدًا، كما طالب من أقباط المهجر أن يتوافقوا مع موقف الكنيسة، وقال بأن الوحدة الوطنية مهمة ولا يكفى أن نتغنى بها".
وأكد مكرم "هذه المرة من المرات النادرة التى أثبتت فيها الدولة أنها مؤسسية، وقامت بأداء أدوار جيدة وبإيقاع منضبط"، موضحًا "وأعنى بالدولة هنا المواطنين المصريين والمؤسسات الشعبية والرسمية، فلم نجد أى نشاز فى هذه الأزمة وكانت اللغة واحدة، وهى التأكيد على أن وحدتنا أهم وعلينا أن نلملم جراح المسيحيين".
ودعا مكرم مسلمى مصر إلى إظهار مشاعر المودة والإخوة والمحبة يوم عيد المسيحيين، وأن يقف المسلمون موقفا واحدا كما وقفوا عقب الحادث"، مؤكدًا "فإذا لم نستغل الحصاد الإيجابى لهذه الأزمة البشعة فأعتقد أننا نكون قد خبنا خيبة كبرى".
وحول دور وسائل الإعلام المختلفة فى تناول القضية قال مكرم "برأيى أن المؤسسة الإعلامية قامت بدور جيد فى هذه القضية، ولا تستطيع فى مثل هذا الموقف أن تحرم الكاتب من أن يكون عاطفيًا فى تناوله للقضية، فلا بد أن أعبر عن مشاعرى التى تساند المسيحيين، ومما لا شك فيه أيضًا أن المسيحيين فى حالة قلق، بالإضافة إلى هواجسهم وقلقهم مما هو آت، ولا بد أن نتفهم ذلك".
وشدد مكرم، قائلا "لا بد أن نتفهم هذا الجيل الجديد من المسيحيين، فهو جيل غاضب جدًا ورافض ويتصور أن مرجعيته الأخيرة فى المهجر من كثرة احتمائه بالكنيسة مقارنة بالدولة، ويكاد يكون مفهوم الدولة لديه غائب، وأظن أن على الكنيسة والدولة أن يبذلا جهدًا كبيرا فى احتوائه جيدًا، وعلى الكنيسة أن تعى جيدًا أنها جزء من الدولة، كما أن المؤسسة الدينية المسلمة هى جزء أصغر من الدولة، والدولة غير الحكومة، ولذا فعلى الكنيسة أن تسعى إلى جعل الدولة قوية، لأن الدولة القوية هى التى تحمى الكنيسة والمسجد وهى التى تحقق الاستقرار والأمن للاثنين معًا".
وأضاف مكرم "منذ زمن ونحن نتحدث عن المشكلات التى يعانيها المسيحيون، وهى مشكلات معروفة وواضحة جدًا وحلولها ممكنة وليست معجزة على وجه الإطلاق"، متسائلاً "فما المشكلة فى إصدار قانون لبناء الكنائس؟"، مجيبًا "فليس ضروريًا أن يكون هناك قانون موحد لدور العبادة، ولكن لا توجد مشكلة من إصدار قانون يمكن كل قرية بها عدد من المسيحيين من إنشاء كنيسة للصلاة"، مؤكدًا "فمن الممكن أن يصاغ هذا القانون فى نصف ساعة يجتمع فيها مجموعة من العقلاء، وتتمثل بنوده فى أنه يحق لكل قرية أن تنشئ كنيسة لها فى حجم يماثل أعداد المسيحيين بها".
وتساءل نقيب الصحفيين "لا أعرف لماذا يتعذر إلى الآن إصدار هذا القانون، فهناك أشياء يتعذر على الإنسان فهمها وحينها فعليه أن يقول "معرفش" وربما تكون البيروقراطية المصرية أو التصور الفعلى أن هناك على الجانب الآخر من يردد أن مصر دولة مسلمة وغالبيتها مسلمون والمسيحيون يشكلون 10%، وبالتالى فالرمز النهائى لمصر لا بد أن يكون رمزًا إسلاميًا، وبالفعل هناك شبهة صراع على الرمز، ومع تسليمنا بحق المسيحيين فى بنائهم للكنيسة لا بد أيضًا أن يعرفوا أن مصر بلد أغلبتها من المسلمين، وهذا لا يعنى أننى أدعو إلى الدولة الدينية، ولكنى أدعو فى قضية الرمز إلى أننا لا نجرح مشاعر بعضنا البعض، وبالتالى ينبغى أن يخرج قانون ينص على احترام الرموز الدينية لكافة الأديان، وأن أى إهانة لأى رمز دينى يجب أن تكون محل عقاب رادع وسريع".
وأوضح مكرم "فالنتيجة من ذلك أن الكنيسة استشعرت أن الدولة ليست معها، أو هى التى أوهمت نفسها بذلك، ولذا لجأت لفرض الأمر الواقع، فتقوم ببناء كنيسة لها من خلف ستائر ومن ثم تفاجئ الدولة بها كما شاهدنا فى أحداث العمرانية".
وأكد مكرم "لا بد أن نقضى على التسابق الذى نشهده فى قضية الرمز الدينى، فكلما بنيت كنيسة بنى أمامها مسجد، فهذا المظهر لا يعكس تآلفًا ووحدة كما يظن البعض، فالأهم من ذلك هو احترام عقيدة الآخر، فبالرغم من كثرة المساجد والكنائس فهى فى النهاية فارغة".
وحول تأخر القضاء فى إصدار حكمة حول حوادث الفتنة الطائفية، قال مكرم "كان لا ينبغى أن يكون هناك تأخر فى محاكمة جريمة نجع حمادى، فمثل هذه القضايا حتى لو شابتها بعض الملابسات الخاصة، فلابد أن يسارع النظام القضائى فى الدولة بالنظر فيها، لأن التأخر فى الحكم يترك أثرًا سلبيًا فى نفوس بعض الأقباط، وأن الدولة تريد أن تنهى القضية بدون محاسبة أحد، مما يعطى صورًا كثيرة للتمييز".
وحول قضية نجع حمادى وما تردد حولها من تورط النائب عبد الرحيم الغول فيها، قال مكرم "أظن أنه يكون عيبًا على الحزب الوطنى وعلى الحكومة إذا كان الغول ثبت بالفعل أنه متورط وجرى إعادة انتخابه، ولا بد أن نفرق بين الشائعة والشبهة والحقيقة، فإذا كان الغول مدان بالفعل والحكومة تسترت عليه، فعلينا أن نقول بعلو الصوت (خطأ يا حكومة ولابد مجازة الغول)، ولكن للأسف لا يبدو واضحًا لنا إذا ما كان الأمر إشاعة أم حقيقة أم مجرد اتهام، واعتقد أننا لدينا نائب عام جيد يتحرك بالفعل برغبة حقيقة فى إقامة العدل، فهو يذهب إلى الأماكن بسرعةٍ ويتخذ قرارات يتضح فيها حرصه على إنفاذ القانون وأنا لا أتصور إطلاقًا أن النائب العام يرى أن عبد الرحيم الغول متورطًا فى أحداث نجع حمادى وغمض عينيه أو يضع هذه القضية فى الدرج، فأنا لا توجد لدى معلومات ولكنى أقول ما لمسته وعرفته من النائب العام فهو لديه من الشجاعة القوية أن يوجه الاتهام للغول إذا تيقن من ذلك".
وعما تردد فى وسائل الإعلام المختلفة من أن منفذى تفجيرات الإسكندرية هم أعداء مصر، أكد مكرم على أن أعداء مصر يدركون جيدًا أنه عندما تقوى مصر يكون لها دورًا مؤثرًا فى نطاقها الإقليمى، والدليل على ذلك تجربة عبد الناصر، فهذه الفترة أعطت درسًا مهمًا للآخرين، وأنه يجب أن تكون مصر دولة "عايمة بشرط لا تغرق ولا تئب".
وأكد مكرم "لا ينبغى علينا على الإطلاق أن نجعل أعداءنا شماعة نعلق عليها ضعف الجبهة الداخلية". ومن جهة أخرى، قال مكرم "لست قادرًا على فهم كيف يمكن لحزب الوفد أن يتحالف مع الإخوان المسلمين؟"، مناشداً الرئيس مبارك بإعادة تنظيم الصف الوطنى، وختم مكرم حديثه، قائلا "أجزم بأن اجتياز المصريين لحادثة الإسكندرية وإسراعهم للمطالبة بالإصلاح، يؤكد لنا أن مصر ستكون بخير".
نقيب الصحفيين لـ"90 دقيقة": كان على الحكومة أن تعلن الحداد على ضحايا "تفجير الإسكندرية".. وعلى المسيحيين أن يدركوا أن مصر غالبيتها مسلمون.. ولا أعرف المشكلة فى عدم إصدار قانون دور العبادة الموحد
الخميس، 06 يناير 2011 11:57 ص
نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة