أسوأ ما فى نظرية المؤامرة التى لجأ الجميع إليها لتفسير وتحليل أبعاد الجريمة الإرهابية التى استهدفت نفراً من الإخوة الأقباط، أنها أبخست صناع الاحتقان الطائفى "المحليين" حقهم، وتنكرت لجهودهم الحثيثة فى إشعال أزمات من هذا النوع، ونسبت الفضل فى خلق حالة التوتر بين عنصرى الأمة إلى أصابع "خارجية"، وكأن عقدة الخواجة ورانا.. ورانا!
صحيح أن الاعتداء الوحشى الذى نهش دم المصلين فى الكنيسة يحمل بصمة تنظيم إرهابى محترف، لكن هذا لا ينفى أن هناك فى "الداخل" من أعد المسرح وهيّأ الجو ليشتعل الحريق مع أول تفجير!
وبالتالى يكون المناخ الطائفى صناعة محلية تحمل شعار Made in Egypt، بينما التفجير الإجرامى ماركة Made in al qaada أو Made in Israel.
وإليك الآن الوصايا العشر والنصائح الذهبية فى صنع فتنة طائفية من خلاصة التجربة الشعبية برعاية الأجهزة الحكومية:
1- ربى أولادك على مبدأ: قل نصارى ولا تقل أقباط.. ثم قم بتعديل النصيحة إلى: قل مشركين ولا تقل نصارى.. وأخيراً: قل كفار ولا تقل مشركين.
2- ربى أولادك على عدم الارتياح لدى رؤية صليب منقوش على ذراع أحدهم أو يتدلى فى نهاية سلسلة ذهبية من عنق إحداهن.
3- إذا أخطـأت ابنتك مع شاب مسلم يجب أن "تلم" الموضوع؛ باعتبار أن اللى اتكسر يتصلح وأن الله حليم ستار، أما إذا خرجتْ مع شاب مسيحى فى خروجة بريئة فتذكر البيت الشعرى النارى الذى كان يردده عبد الفتاح القصرى حين يضبط إسماعيل ياسين مع زينات صدقى: "لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدمُ".
4- دع نجوم الدعاة الجدد يرفلون فى القمصان الحريرية ويرتدون الساعات "السينيه" ويضعون البارفانات الباريسية ويستدعيهم أمراء الخليج فى طائرات خاصة، ويتعاقدون كما نجوم الكرة مع الفضائيات، ويضعون واحداً صحيحاً وبجواره ما لذ وطاب من الأصفار ليتحدثوا عن حكم "المضمضة" فى نهار رمضان، ولا يتحدثون أبداً عن الآيات القرآنية الكريمة التى يظنها الجاهل تعادى من هم على غير دين الإسلام، فى حين أنها ارتبطت بأسباب تنزيل "تاريخية" ووقائع زمنية قديمة ومحددة، كما أوضح العلامة الشيخ يوسف القرضاوى.
5- لا تذكر شيئاً عن تاريخ مصر "المسيحية" واكتفى بمصر الفرعونية ومصر الإسلامية، وكأن مئات القرون التى عاشتها "هبة النيل" فى رحاب الصليب كانت هباءً منثوراً.. وإذا اعترض أحدٌ ما واعتبر ذلك مخالفاً لأصول المناهج العلمية، ويجافى حقيقة الهوية الحضارية لمصر، فارسم على ملامحك كل علامات الجدية وقل كده كده العيال ما بيحبوش مادة التاريخ!
6- لا تجعل المسيحيين يتولون منصب رئيس الجامعة أو المحافظ، واعزلهم تماماً عن المستويات القيادية فى الأمن والشرطة، وإذا فكر أحدهم فى منصب رئيس الوزراء حصلنا على نكتة الموسم وكل موسم!
7- إذا أراد شخص ما إصلاح حنفية بداخل إحدى الكنائس، فقل له: كان على عينى يا حبة عينى.. لابد من قرار جمهورى يصدره سيادة الرئيس شخصياً يا برنس!
8- استمر فى سياسة التكتم على تعداد الأقباط فى مصر واستمتع بالأرقام المتضاربة وكأن الموضوع سر حربى على طريقة الأهلى حين رفض الإفصاح عن اسم المدير الفنى الجديد أثناء مرحلة المفاوضات!
9- دع أئمة بعض مساجد الأوقاف يدعون على "النصارى" كل أسبوع عبر ميكرفونات صلاة الجمعة، بينما الجموع الغفيرة تردد من ورائهم: آمين!
10- استمر فى ترويج عدد من الخرافات الشعبية العنصرية التى يتداولها بعض الحمقى والجهلاء، مثل أن الكنائس هى فى الحقيقة مخازن مكدسة بالسلاح.. وأن الإخوة الأقباط لا يستحمون كثيراً، ولهذا فإن لهم رائحة مميزة، فى حين أن من يردد هذا الكلام تفوح منه عادة رائحة عرق لا تطاق!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة