أمر النائب العام بتقديم 15 متهماً إلى المحاكمة الجنائية، على خلفية حادث انهيار مصنع الملابس بالإسكندرية الشهر الماضى، وهم ملاك العقار محل الحادث، والمختصون بحى وسط الإسكندرية بأعمال التنظيم وإدارة رخص المحالات، والمسئولون عن إدارة السلامة والصحة المهنية بمنطقة الحادث.
أسندت النيابة العامة إلى المتهمين ارتكابهم جرائم القتل والإصابة الخطأ نتيجة انهيار مبنى المصنع على العاملين به، مما أدى إلى وفاة عدد منهم وإصابة آخرين وأيضا جرائم إخلال المسئولين فى الحى بقسم التراخيص فى أداء واجبات وظيفتهم بعدم متابعتهم حالة العقار محل الحادث، وتقرير حالته الإنشائية لاتخاذ ما يلزم بشأنه من ترميم أو هدم كلى أو جزئى، حفاظا على الأرواح والأموال وعدم قيام المختصين بقسم الترخيص والسلامة المهنية بالتفتيش على المصنع محل الحادث، للتحقق من توافر اشتراطات إصدار التراخيص وتسببهم جميعا فى إلحاق ضرر جسيم بأموال الغير المعهود بها إلى جهة عملهم، فضلاً عن الجرائم التى ارتكبها صاحب المصنع بشأن بعض الأطفال العاملين لديه وباقى العمال بالمخالفة القوانين الطفل والعمل والتأمينات الاجتماعية.
تعود أحداث القضية إلى تاريخ 12/12/ 2010، حيث انهار مصنع "طيرة تكس" للملابس الجاهزة بدائرة قسم محرم بك.. وكان النائب العام قد أمر فور وقوع الحادث بتكليف فريق من المحققين بنيابات الإسكندرية برئاسة المحامى العام الأول لنيابة الاستئناف ومحامى عام نيابة شرق ورؤساء النيابة الكلية للتحقيق، كما انتقل النائب العام إلى مسرح الحادث بمدينة الإسكندرية للوقوف على أسبابه ومتابعة سير التحقيقات.
وثبت انهيار كامل لطوابق العقار المعد كمنشأة صناعية لتصنيع الملابس، ونتج عن ذلك وفاة ستة وعشرين شخصا وإصابة ثمانية آخرين من العاملين بالمصنع، وإصابة شخص واحد من الجيران، بالإضافة إلى تأثير العقارات المجاورة للمصنع وإتلاف أجراء منها.
وقام فريق التحقيق بندب مفتشى الصحة لتوقيع الكشف الطبى على المتوفين والمصابين لتحديد سبب الوفاة والإصابات، كما تم سؤال أهالى المتوفين وسؤال المصابين والعاملين بالمصنع، وقد أكدوا أن الدور السادس من المصنع كان مسقوفاً بالصاج الذى تتسرب منه مياه الأمطار فى فصل الشتاء، ويتم تشبع حوائط المبنى بما نظر لعدم وجود شبكة لتصريفها، مما أدى إلى انهيار العقار، كما أضافوا أنه لا توجد بالمصنع أى وسائل أمن صناعى، وأن صاحب العمل لم يؤمن عليهم ولم يحرر عقود عمل، وأثناء التفتيش على المصنع كان يقوم بتهريبهم واتهموا ملك المصنع ومديره المسئول مصطفى أحمد طيره بالتسبب فى حدوث إصابتهم المبنية بالتقرير الطبية المرفقة، ووفاة باقى العاملين نتيجة إهمالهم فى ترميم وصيانة المصنع محل الحادث.
كما أمر النائب العام بتشكيل لجنة فنية من أساتذة كلية الهندسة جامعة الإسكندرية لبحث أسباب انهيار العقار محل الحادث، وأعدت تقريرا انتهت فيه إلى أن انهيار المصنع قد حدث بشكل مفاجئ وشبه كامل ظهر يوم الحادث.
وقد تبين للجنة الفنية أن سبب الانهيار الأساسى هو حدوث انهيار بأحد الأعمدة بالجانب البحرى من المبنى، وانهيار بالحائط الحامل فى الجانب البحرى بأحد الأدوار العلوية، وقد ساعد على حدوث الانهيار عدة عوامل منها استخدام نظام إنشائى بقطاعات لا تتناسب مع الأحمال الواقعة عليها. وتجاوز الأحمال التى تعرضت لها الأعمدة لقيم الأحمال المسموح بها طبقا للكود المصرى. إضافة إلى احتمال سوء حال العناصر الإنشائية للمبنى.
ومن المؤثرات الخارجية التى تسببت فى الحادث تعرض المبنى فى يوم الحادث واليوم الذى سبقه لرياح شديدة هبت بسرعة عالية. وتجمع مياه الأمطار بالدور السادس العلوى من المبنى. كما أكدت اللجنة فى تقريرها أن المبنى المنهار قد صمم فى الستينات لغرض استخدامه كورشة ميكانيكية لتشغيل المعادن واللحام مكونة من دور أرضى ودور الأول علوى فقط وغرفة استراحة بالدور الثانى علوى، وكان النظام الإنشائى الذى صمم كورشة على مساحة 8/ 20 مترا، والمكون من صفين من الأعمدة على جانبى مساحة الأرضى وبدون أى أعمدة داخلية، وأنه كان يجب أن يظل المبنى على هذا الشكل على أقصى تقدير، ومن ثم فإن حدوث تغييرات أو تعليات على مثل هذا النظام الإنشائى المختار لغرض محدد ولم يتم إعادة التقييم والتصميم على أساس هندسى سليم من شأنه أن ينذر بكوارث مفاجئة، وأن حى وسط الإسكندرية لم يقدم أى بيانات خاصة برخصة المبنى الأصلية للعقار المنهار موضوع الحادث، أو أى رخصة خاصة بالتعليات بعد الإنشاء الأول للعقار، كما لم يقدم أى بيانات تفيد الإجراءات الخاصة بالمخالفات أو قرارات الإزالة أو الترميم، وذلك بسبب عدم احتفاظه بالمستندات الخاصة بالرخصة قبل عام 1980، وأن الإدارة الهندسية بحى وسط الإسكندرية هى المسئولة عن متابعة هذه العقارات، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيالها وفقا للقوانين واللوائح المنظمة لذلك.
وقد كشفت التحقيقات عن وجود خلل وإهمال جسيم فى منظومة العمل بحى وسط الإسكندرية وإدارته الهندسية وإدارة السلامة والصحة المهنية بمديرية القوى العامة بالإسكندرية، وقصور فى الرقابة والإشراف على تلك الجهات، حيث تبين أن الإدارة الهندسية بحى وسط الإسكندرية ليس لديها أى سجلات أو ملفات لتراخيص البناء قبل عام 1980، وليس لديها حصر دقيق وفعلى لكافة العقارات الواقعة فى دائرتها، وأن ما تقوم به من مرور على تلك العقارات ما هو إلا إجراء صورى لا تجرى خلاله ثمة معاينات للعقارات القديمة التى تستوجب تدخلها، وإصدار القرارات الأزمة بشأنها، حفاظاً على الأرواح والممتلكات، الأمر الذى يعرض سكانى هذه العقارات لخطر داهم قد يودى بحياتهم ولما تنبهت وزارة الإسكان مؤخرا لهذا، الأمر أرسلت إلى المحافظات كتابا بضرورة حصر جميع العقارات التى تشكل خطورة داهمة على حياة السكان، ورغم ذلك تعاملت محافظة الإسكندرية والأحياء التابعة لها مع هذا الكتاب تعاملا ورقيا، فأرسلت إلى وزارة الإسكان ردا على ذلك إحصائية عددية بالعقارات الصادر لها قرارات ترميم، وهدم بدون أن يبادروا بإجراء معاينة فعلية على العقارات التى تشكل خطورة داهمة وحصرها على الطبيعة، وإعداد تقرير مكتوب بحالتها تكون مرجا يمكن اللجوء إليه متابعة حالة العقارات من خلاله.
وينسحب ذلك الخلل والقصور على إدارة رخص المحلات بحى وسط الإسكندرية وإدارة السلامة والصحة المهنية ومكاتب العمل بمديرية القوى العاملة بالإسكندرية إذ إن تلك الإدارات لم تقم بعملها على الوجه الأكمل، ومتابعة المحل الواقعة بدائرتها للوقوف على تراخيصها ومدى توافر الاشتراطات الممنوح على أساسها الترخيص، ومدى توافر اشتراطات السلامة والصحة والمهنية.
وكشفت التحقيقات أيضا عن إهمال المختصين فى الالتزام بالأحكام المنظمة لتشغيل الأطفال المنصوص عليها فى قوانين الطفل والعمل، وعدم متابعتهم للمنشآت التى تقوم بتشغيل الأطفال المنصوص عليها فى قانونى الطفل والعمل وعدم متابعتهم للمنشآت التى تقوم بتشغيل الأطفال دون الالتزام بأحكام القانونين سالفى الذكر، رغم ما تبذله الدولة من جهود كبيرة للمحافظة على الأطفال وتوفير كافة وسائل الرعاية والحماية لهم، كما أمر النائب العام بإخطار أمانة مجلس الوزراء بأوجه الخلل والقصور سالفة البيان لاتخاذ شئونها وتفادى حدوثها مستقبلا، وأمر أيضاً بتحديد جلسة عاجلة لمعاقبة المتهمين عن الجرائم التى أسندت إليهم.
النائب العام يحيل 15متهماً للمحاكمة فى حادث انهيار مصنع الإسكندرية
الخميس، 20 يناير 2011 03:16 م