وتحدث كاتب المقال، ديفيد سشينكر الباحث بمعهد واشنطن الأمريكى لدراسات الشرق الأدنى عن أن غياب مبارك عن الساحة يمثل نهاية عهد، كما أنه يترك مكانة مصر الإقليمية فى الدرك الأسفل، ويقول الكاتب إن مصر منذ خمسين عاماً، وفى ظل حكم الرئيس جمال عبد الناصر، كانت القوة العسكرة والدبلوماسية بلا منازع فى الشرق الأوسط، وكانت خطابات ناصر تحشد الجماهير، وأطاح جيشه بحكومات أجنبية.
وأضاف سشينكر، اليوم، فإن مصر التى كانت تعامل باحترام ومهابة، أصبحت مجرد ظل لمكانتها السابقة. ويواجه الرئيس مبارك تحديات داخلية فى ظل اقتراب أول عملية انتقال سياسى فى مصر منذ 3 عقود. ونتيجة لذلك، تراجع اهتمام القاهرة بدرجة كبيرة عن السياسات الإقليمية لصالح التركيز أكثر على الأمور الداخلية. ففى كل الجبهات تقريبا، تراجع نفوذ مصر كقوة إقليمية.
وأشار سشينكر إلى مرور سنوات عديدة منذ أن مارست مصر نفوذاً دبلوماسيا كبيراً فى الشرق الأوسط، وأثبتت الدبلوماسية المصرية فقرها خصوصا مع جيرانها الفلسطينيين. وضربت المجلة مثال على ذلك بالقول إن المسئولين الفلسطينيين ذكروا أنهم لن يقبلوا تأسيس إمارة إسلامية فى غزة، وعلى مدار السنوات الثلاثة الماضية، حاولت القاهرة التوسط لاتفاق بين السلطة الفلسطينية وحماس لمنع هذه النتيجة.
وأكد كاتب المقال أن افتقار النظام المصرى للتأثير بين الفلسطينيين لم يكن من الممكن تصوره قبل سنوات. فعند توقيع اتفاقيات أوسلو الثانية عام 1995، كان الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات يريد التوقيع بالأحرف الأولى فقطن لكن مبارك نهره وأقنعه أن يوقع توقيعاً كاملا.
كما انتقدت المجلة كذلك سياسة مصر مع جنوب السودان ووصفتها بأنها غير فعالة، ورغم أنها تعارض الحكم الإسلامى فى غزة، إلا أن موقفها يبدو مختلفا مع الخرطوم. كما أن مصر، ورغم المذابح فى دارفور، إلا أنها لم ترسل سوى 4 آلاف فقط من القوات للتمركز هناك ويبدو ذلك متناقضاً مع التقسيم الوشيك بين شمال السودان وجنوبه.
ورأت ويكلى ستاندرد أن أبرز مثال على تراجع مكانة مصر الإقليمية، هى قضية مياة النيل وعدم قدرتها على التوصل إلى حل لها.واعتبرت المجلة أن تراجع مكانة مصر يعد ضربة أخرى للبنية الأمنية للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط والتى تعانى من الهشاشة. فمع اتجاه تركيا بعيد عن حليفتها الرئيسية واشنطن واهتمام مصر بالداخل أكثر، فإن إدارة أوباما ليس لها شريك عسكرى من الدول الإسلامية يساعدها على مواجهة خطر إيران.
وذهبت المجلة إلى أن تأثير تراجع القاهرة يتجاوز الأزمة مع إيران. فعندما كانت مصر قوية، ساعدت قدرتها على الإقناع واشنطن فى تعزيز سياسات النهوض بالاعتدال الإقليمى والسلام مع إسرائيل، والآن، فإن مصر لم تعد قادرة على القيام بهذا الدور، ومن ثم سيكون من الصعب على الولايات المتحدة تحقيق العديد من أهدافها فى الشرق الأوسط.
