◄◄ تخفيض ثمن الوحدات السكنية فى «مدينتى» إلى النصف يحقق العدالة لكل الأطراف.. ويجبر المشروعات المماثلة على نفس الإجراء
اعتبر المهندس حسب الله الكفراوى وزير الإسكان الأسبق، أن الحكم القضائى ببطلان عقد «مدينتى» هو بمثابة فرصة ذهبية للحكومة لتصحيح الأوضاع الخاطئة فى هذه القضية والقضايا المماثلة الأخرى، وقال الكفراوى لـ«اليوم السابع»، إن الحكومة بمقدورها الآن أن تتعامل مع هذا الملف بضربة واحدة وتغلقه تماماً، مؤكداً أن الالتفاف على أحكام القضاء من شأنه أن يرتب أضراراً بالغة ويؤدى إلى فقدان الثقة تماما فى السياسات العامة، وكشف الكفراوى أن الحالات المماثلة لحالة «مدينتى» تصل إلى نحو 126 حالة، أصحابها من أقارب وأصهار وأنصار المسؤولين، بالإضافة إلى تحالفات رجال الأعمال التى تغطى مصالحها الاقتصادية بالنفوذ السياسى.
الكفراوى الذى أكد أن الحكم القضائى الخاص بـ«مدينتى» أخرجه من حالة إحباط واكتئاب، لأن كلمة الحق قيلت بصوت عال، وحافظت على حقوق الأجيال القادمة، وتوقع أن القضايا المماثلة لـ«مدينتى» المرفوعة أمام القضاء ستحصل على نفس الحكم الذى ألغى عقد «مدينتى»، وقال الكفراوى إن التهديد باللجوء إلى التحكيم الدولى فى قضية «مدينتى» لا يفيد ولا ينفع، مشيراً إلى أن القوانين المحلية الموجودة تكفى لنظر القضية سواء من الذين رفعوا دعواها، أو من شركة هشام طلعت مصطفى.
وقال الكفراوى إن الأصل فى الجدل الدائر الآن حول الأراضى وبيعها بالمخالفة للقانون، يعود إلى تغيير النظرة الحكومية فى مسألة تجارة الأراضى، مشيراً إلى أن الحكومة كان يجب عليها فى حالة إقدامها على منح الأرض بمساحات شاسعة لخاصة الخاصة لإنشاء كومباوند أن تفعل ذلك بأوضاع معينة بالمزاد العلنى، وأشار إلى أنه هو الذى عمل قانون المجتمعات العمرانية الجديدة بالإضافة إلى قانون الأراضى عام 1981، وظل معمولاً به مدة 16 عاماً كاملة دون إحداث أى خلل فيه.
وقال الكفراوى إنه أثناء توليه للوزارة حدثت معه واقعة رجل الأعمال أحمد بهجت الذى تقدم بعرض شراء لمساحة كبيرة لتشييد مشروع مدينة ملاهى «دريم لاند»، فوافقت لكن على أن تكون الأرض بحق انتفاع لمدة 25 سنة، ووافق بهجت الذى اعتبره من رجال الأعمال المحترمين الذين أضافوا إلى الصناعة المصرية، وأضاف الكفراوى أنه بعد تركه الوزارة عام 1993 حدث انقلاب جذرى فى هذا المسار أدى إلى الكوارث التى نحن فيها الآن، وهى توزيع الأراضى بالمساحات الشاسعة بالأمر المباشر وقام بذلك محمد إبراهيم سليمان، وعلى أثر ذلك وجدنا مشروعات مثل «مدينتى وبالم هيلز» وغيرهما، أى مشروعات الـ«كومباوند» التى لم تعرفها مصر من قبل، وهى تتم لصالح فئة قليلة جداً من المجتمع، وأضاف الكفراوى أنه مع هذا التوجه الجديد تم تعديل عقد أحمد بهجت من حق انتفاع إلى ملكية، وقال إن هذا التحول هو الذى فتح باب جهنم فى تجارة الأراضى.
وكشف الكفراوى أن الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق، وضع يده على ممارسات محمد إبراهيم سليمان، وأعلم تماماً أن هذه التصرفات استفزته، وفى محاولة منه لوقف ممارساته عمل قانون المناقصات والمزايدات عام 1998، حتى لا يتم تسريب الأراضى إلى «المحاسيب» بالشكل الذى كانت تتم به، وبالرغم من ذلك خرج الجنزورى من رئاسة الحكومة مهانا، ويؤكد الكفراوى أنه لو بقى الجنزورى وتم تفعيل الإجراءات التى كان يسعى إليها لتم تصحيح كثيراً من الأوضاع الخاطئة التى ندفع ثمنها الآن.
وقال الكفراوى إن ما حدث مع «مدينتى» وبالرغم من أنه يعد انقلاباً كبيراً ضد كل الإجراءات التى اتبعتها الحكومة فى التعامل مع الأراضى منذ مجىء محمد إبراهيم سليمان، فإنه يعيد الآن قراءة بعض الأرقام الهامة فى القضية، وأبرزها أن شركة طلعت مصطفى قيمت متر الأرض فى مدينتى بـ3 آلاف جنيه للمتر وتلك حقيقة لا تخفى على أحد، ثم يبيع متر المبانى بعد ذلك بـ6 آلاف جنيه، وإذا تناولنا ذلك بالمقارنة لأوضاع الحصول على الأرض بـ«بلاش»، والتسديد على 20 سنة، والتسديد بعد البيع، فهذا يعنى أننا أمام وضع غاية فى الظلم الاجتماعى، ويتذكر الكفراوى أنه حين كان وزيراً كان يبيع نموذج الشقة 85 متراً بـ6 آلاف جنيه، ويبيع نموذج 125 متراً للنقابات المهنية ومتوسطى الدخل بـ14 ألف جنيه، وكنت أقول إن المتر المبانى لا يزيد فى أى حال من الأحوال على رقمين إلا بقرار وزارى، مما دفع الدكتور ميلاد حنا خبير الإسكان المعروف إلى التنكيت على ما أقول والهزار معى على الرقمين.
الكفراوى وكما يقول لا يذكر المعلومات السابقة من باب التذكير بما فعل، فهو كما يضيف، ظل الرئيس محمد حسنى مبارك متعاطفاً معه، وقال: «كرمنى الرئيس مبارك كما لم يكرم وزيرا من قبل، وأعطانى وشاح النيل فى حفل عام حضره كل المسؤولين، رغم أننى كنت لقمة محشورة فى حلق كثيرين»، هو يذكرها كما يقول بغرض التأكيد على أنه «لابد أن يكون هناك مبررات قوية للزيادة فى الأسعار، وألا تكون الدولة بعيدة عن هذا الأمر، وأذكر الحكومة بأن الرئيس السادات كان لديه رأى فى النظرة للأرض، وهى أن الانتماء يأتى بتملك الأرض للعيشة والدفن، أما ملكيتها بأسلوب الـ«كمباوندات» فيؤدى إلى التعامل مع الوطن كأنه شركة سياحية أو أى شىء من هذا القبيل».
وقال الكفراوى إن المواطن الذى اشترى وحدات سكنية من مدينتى لا مساس بحقوقه، لأنه ليس له ذنب فى إجراءات خاطئة أقدمت عليها الحكومة فى بيع الأرض، وأضاف: إذا كانت هناك إدارة محترمة تريد تصحيح الوضع وترعى ربنا فى الناس، فعليها أن تضع ضمن حلولها النزول بالسعر إلى النصف على الأقل، وأؤكد أن تلك الخطوة ستعطى الكل حقوقه، فالشركة ستأخذ حقها بالحلال، وستحقق الحكومة مكسباً بالحلال، والمجتمع سيشعر بقدر ما من العدالة، أى سيخرج الكل من القضية كسبان.
الكفراوى اختتم كلامه لـ«اليوم السابع» بالقول إن رأيه فى خفض سعر الوحدات السكنية فى «مدينتى» هو بمثابة الإجراء الصعب الذى يحتاج إلى رئيس وزراء من أصحاب المهمات الصعبة، والتى ستفرض على أصحاب المشروعات المماثلة خفض الأسعار أيضاً، وأضاف أن أكبر الخسائر التى سيتم وقف نزيفها باحترام الحكم القضائى لوقف عقد بيع أرض «مدينتى» هو القضاء على نهب أصول الدولة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة