أحمد السقا بالنسبة لى ليس مجرد فنان مجتهد يجيد اختيار أدواره ويحلم دائما بالجديد والأدوار التى تحمل مفاجأة، لأنه أحيانا تخونه التقديرات مثل أى فنان أو أى إنسان عموماً، ولكن لا أحد يستطيع إنكار اجتهاده ورغبته الدؤوبة فى تطوير نفسه وبعيداً عن كل هذا يمثل «السقا» ابن البلد وصاحب صاحبه «الجدع» والذى لا يترك أيا من أصدقائه فى أزماتهم حتى لو تجاوز بعضهم فى حقه وهى التفاصيل الإنسانية التى زرعها فيه المخرج النجم والأب الصديق «صلاح السقا» ذلك المبدع الذى قدرته وكرمته دول العالم التى تعرف جيداً أهمية فن العرائس والذى عشقه صلاح السقا وتلقى فيه دورة تدريبية، بعد أن حصل على ليسانس الحقوق ووجد نفسه أبعد ما يكون عن دراسة القانون وأبدع صلاح فى تطوير فن العرائس بمصر والمنطقة العربية.
ولم يكتف صلاح السقا بما وصل إليه بل دائماً ما كان يحرص على تطوير نفسه، حيث لم يتوقف عند دراسة فن العرائس بل درس أيضا الإخراج السينمائى وقدم العديد من الأعمال الفنية الهامة ومنها «الليلة الكبيرة» و«حكاية سقا» و«أبوعلى» و«عقلة الصباع» مع كبار الشعراء وعلى رأسهم صلاح جاهين والأبنودى وسيد حجاب.
وإذا كان الأستاذ صلاح السقا درس وعلم جيلا كاملا فن العرائس فإنه أيضاً كان بمثابة الأب الذى احتضن وعلم جيل أحمد السقا من الفنانين زملائه بمعهد الفنون المسرحية ومنهم مجدى كامل وأحمد حلمى وهنيدى ورامز جلال وكعادة المبدعين الحقيقيين فى مصر، دائماً ما تكتب عليهم المعاناة، كان هذا هو حال «عم صلاح الأستاذ والمبدع» والذى كثيراً ما تجاهلت وزارة الثقافة المصرية رغبته فى تطوير مسرح العرائس فى مصر والذى أنشأه الرئيس جمال عبدالناصر فى أوائل الستينيات بعد أن شاهد عرضاً مسرحياً للمخرج الكبير 1960.
وبعد محاولات كثيرة من جانب الراحل لم يملك إلا الاستسلام وركز أكثر فى غرس كل المفاهيم والقيم الجميلة فى ابنه.
ومن دراما الحياة والتى تفوق كثيراً دراما الفن أن المخرج الراحل كان سيتم تكريمه من قبل الرئيس التونسى زين العابدين بن على وعند ذهابه وفى المطار أبلغ من وزارة الثقافة بضرورة أن يعود لأنه بات مخرجاً على المعاش ولا يمثل الثقافة المصرية!! هل يتخيل أحد هذا العبث، وكما استسلم المخرج الكبير لحالة اليأس من تطوير مهنته، استسلم أيضاً للمرض، حيث كان يرقد فى المستشفى يجاوره ابنه الفنان الشاب مريضاً هو الآخر.. أى دراما هذه، ولكنها الحياة خسرنا جميعاً مخرجاً بحجم صلاح السقا، وعزاؤنا أنه ترك ابنا غرس فيه كل القيم النبيلة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة