سعيد الشحات

ومات إبراهيم باشا

السبت، 25 سبتمبر 2010 12:42 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحدثت فى مقال الأمس عن حصول إبراهيم على فرمان الباب العالى فى الآستانة لولاية مصر .. واختتم هذه الحلقات التى تناولت جانبا من سيرة إبراهيم باشا الابن الأكبر لمحمد على وذلك من خلال مذكرات نوبار باشا الصادرة عن دار الشروق.

يروى نوبار باشا أنه فى طريق عودة إبراهيم باشا إلى مصر كان قلقا من الخطر الأكبر الذى يلوح له فى الأفق، وهو الخطر الذى يطارده منذ طفولته ألا وهو خوفه إلى حد الرعب من والده ، فإذا وصل إلى الإسكندرية ووجد والده قد شفى تماما من مرضه، فإن ذلك سيعنى بالفعل أنه سيلقى مصيرا مظلما، ويضيف نوبار أن إبراهيم لم يكن يهذى فى هذا الشأن ولا فى إحساسه بالخوف والكراهية تجاه والده، فقد كان يعرف تماما أن شفاء محمد على فيه ضياعه الأكيد ، فلا وزن عنده لأى ولاية أو فرمان.

تمكن المرض من إبراهيم بعد وصوله إلى القاهرة وتعددت عنده نوبات تقيؤ الدم، ويقول نوبار إنه لاحظ على الوجوه علامات السرور كلما ذاع خبر عن تردى صحة إبراهيم، فقد كان مهيبا يخشاه الجميع وذاعت شهرة قسوته.

كانت شقيقته نازلى هانم المعروفة بتاريخها الدامى والشهوانى تجلس دائما إلى جواره على حافة الفراش بينما إبراهيم كعادته نائما فوق مرتبة على الأرض، أخبر الطبيب أن النهاية أوشكت واستمرت سكرات الموت مدة ثلاث ساعات كانت هى الصراع الرهيب بين الحياة والموت، ويقول نوبار أن نازلى أخت إبراهيم كلفته من خلال حديث تم عبر فتحة كالون باب الحريم ، أن يسأل إبراهيم إذا كان يريد أن يسمح له بإحضار ابنه مصطفى ، ورفض فى البداية ثم وافق فى الساعات الأخيرة من حياته، ولما جاءت سكرات الموت كان إلى جواره ستة أشخاص أربعة مسيحيين واثنين من المسلمين، وتنقل إبراهيم بنظراته ببطء بين الحاضرين وعندما وصلت نظراته إلى ابنه أغمض عينيه وكان الألم يعتصر قلبه لأنه سيتركه إلى مصيره المجهول .

يصف نوبار باشا المشهد الذى كان عليه الناس بعد انتشار الخبر، قائلا: كنت أظن أن كبار رجال الدولة سوف يهرعون ويتسابقون من أجل المجئ للعزاء، لكن لم يهرع أحد ولم يتسابق أحد للمجئ، بل لم ينزعج أحد، ويضيف أنه بعد أن ازدحم الدور المسحور الكبير فى القصر بالناس لاحظ علامات الرضا تكسو الوجوه، وانطلقت الأحاديث مرة واحدة كما لو كان الجميع فى ميدان عام، ويصف نوبار مشهد الدفن مشيرا فيه إلى سرعة الجميع بالانصراف قبل أن يذهب النعش إلى المدافن، ولم يبق سوى الفلاحين حاملى النعش على أكتافهم تتبعهم النادبات ووراءهم عربة بداخلها نساء أسرة الوالى.

كيف تلقى محمد على خبر وفاة ابنه؟
يجيب نوبار باشا، أن محمد على كان كلما أفاق من غفلته الذهنية المستمرة يطوف شوارع القاهرة فى حراسة مماليكه وسط جموع الناس التى كانت تنظر إليه باحترام ويرون فيه أحد المجاذيب ، وكانت الناس تقول قبل رحيل إبراهيم بوقت كبير إلى القسطنطينية، رأى محمد على رؤيا عن سفر ابنه وولايته وعودته ثم وفاته.

وعندما علم بوفاة ابنه علق قائلا: "كنت أعرف .. لقد حبسنى .. كان قاسيا معى كما كان قاسيا مع الجميع ، لقد عاقبه الله وأماته ، لكنى أجد نفسى لكونى أباه من الواجب على أن أترحم عليه وأدعو له الله " .
يضيف نوبار أنه كان فى سرايا شبرا يوم 28 نوفمبر عام 1848عندما أتى حفيده عباس ليقبل يده قبل السفر إلى القسطنطينية، فقال له محمد على: " لقد لعنت إبراهيم لأنه حبسنى ، ولذا قبض الله روحه فلا تتصرف نحوى مثله إذا كنت تريد ألا ألعنك أنت أيضا"، وطمأنه عباس وقال له وهو يقبل يده مرة أخرى: "أنت سيدنا وستظل كذلك دائما".









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة