◄◄ أبناء «إسماعيل الهوارى» يهاجرون من فرشوط إلى مغاغة بعد خيانته ابن عمه «همام»
طوفان الألم والدموع الذى فجرته الحلقة الأخيرة من مسلسل «شيخ العرب همام» لملايين المشاهدين المصريين فى الداخل والخارج، نظراً لتحول الأحداث فجأة عن مسارها 180 درجة عندما انهارت جمهورية همام شيخ العرب بفعل خيانة ابن عمه وصهره وصديقه إسماعيل عبدالله الهوارى، وتمكن محمد أبوالدهب من أسر سيدات وأطفال وشباب أبناء هوارة- كشف أن أحداث المسلسل ابتعدت عن وقائع التاريخ المسجلة في الوثائق والمراجع، ورغم نجاح المسلسل جماهيرياً فإنه فشل فى إزاحة ستائر التاريخ عن الحقائق التى تم حجبها بفعل فاعل منذ عام 1769 وحتى الآن، وهى مدونة لدى الجبرتى فى كتابه يوميات، ورفاعة رافع الطهطاوى، والدكتور لويس عوض وفى عدد من رسائل الدكتوراه التى ناقشت هذه الفترة الهامة من تاريخ مصر، والتى احتفظت بوقائع جمهورية همام وكفاح المصريين ضد ظلم المماليك.
ولولا تجاهل مؤلف المسلسل عبدالرحيم كمال الحقائق التاريخية، كان يمكن لها لو تم التركيز عليها أن تدفع هذا العمل إلى مصاف الأعمال التاريخية التى حققت نجاحاً مذهلاً، وأولى هذه الحقائق أن محمد أبوالدهب، الذراع اليمنى لعلى بك الكبير، لم يقتل إسماعيل عبدالله الهوارى، كما أن شيخ العرب همام ابن يوسف لم يمت فى المركب وهو متجه إلى الجنوب بعد هزيمته، وإنما مات بعد هزيمته بأربعة أشهر كاملة، ولم يتوجه شيخ العرب إلى النوبة وإنما توجه إلى إسنا التى تبعد عن جنوب فرشوط بـ370 كيلو متراً تقريباً، ومكث فيها بين أهلها الأشراف، هذا فى الوقت الذى عاد فيه إسماعيل إلى الصعيد ولكنه لم يستطع دخول فرشوط، لأمرين هامين، الأول أنه لم يستطع مواجهة أخته صالحة زوجة همام بن يوسف وأبنائها، خاصة بعدما علموا بخيانته والدهم، والثانى خاف من انتقام أبناء عمومته من الهوارة والفتك به باعتباره الخائن الذى شارك فى تدمير جمهوريتهم وأعطى الفرصة للمماليك فى أن يستولوا على أراضيهم والتزاماتهم، وتدمير قصورهم وسلب ثرواتهم.
ووسط هذه الأزمة التى وضع إسماعيل عبدالله الهوارى نفسه فيها، قرر الانتقال إلى المراغة التابعة لمحافظة سوهاج وأقام بها مع أبنائه وهناك شكل عائلة كبيرة يطلق عليها حالياً «عائلة أولاد إسماعيل»، وانقطعت اتصالات هذا الفرع عن أصل العائلة فى فرشوط ونجع حمادى.
ورغم سخط أبناء الهمامية بشكل خاص والهوارة بشكل عام من أحداث المسلسل، خاصة الحلقة الأخيرة، وتلويحهم بالتهديد والانتقام من المؤلف والمخرج، فإن أبناء وأحفاد إسماعيل عبدالله التزموا الصمت ولم يحركوا ساكنا، وانزووا بعيداً عن معمعة الغضب التى اجتاحت الهمامية والهوارة، كأن الأمر لا يعنيهم.
ومع ذلك فإن عددا من أبناء أولاد إسماعيل رأوا أنهم لن يعترضوا على أحداث مسلسل شيخ العرب همام، حتى لا ينظر إليهم على أنهم أحفاد إسماعيل الذى خان ابن عمه وصهره ورفيق دربه، فتنظر إليهم الأجيال الحالية من العائلات المناوئة لهم فى المراغة وضواحيها نظرة لا يرتضونها وتؤثر على مسيرتهم السياسية والمكانة الكبيرة التى يتمتعون بها فى موطنهم الحالى. الأمر لم يقتصر فقط على إعلان الهوارة عن غضبهم وسخطهم، بل قرروا من خلال اتصالات قوية بين زعماء البطون السبعة للهوارة التنسيق لإحياء فكرة قديمة قادها الراحل المستشار أحمد منير، أحد أبناء هوارة القليعات، وهى تشكيل مجلس لقبائل الهوارة، يمكنه الدفاع عن مصالح الهوارة ودعم أبنائها بقوة فى جميع المجالات، خاصة فى الانتخابات البرلمانية، الشعب والشورى، وأيضاً فى السيطرة على مناصب العمد فى القرى ومشايخ البلد، وكان الراحل المستشار أحمد منير، ابن هوارة القليعات، قد حاول جاهداً أن ينفذ الفكرة، إلا أن المنية وافته قبل أن يرى فكرته انتقلت من على الورق إلى حيز التنفيذ.
وبعد إذاعة مسلسل شيخ العرب وما استتبعه من أحداث صاخبة، قرر أبناء الهوارة من كل البطون إحياء الفكرة.
ورغم قناعة معظم أبناء الهوارة بجدوى الفكرة وأهميتها، فإن هناك أصواتا ترفض تنفيذ مثل هذه الفكرة خشية اتهام أبناء الهوارة بالعنصرية، وتعلية النعرة القبلية، وهو ما سيثير ضغينة القبائل الأخرى ضد أبناء الهوارة.