أكد قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، أن الكنيسة ليست فى خطر، وبعض وسائل الإعلام أساءت استخدام الحرية، وأدعو لكل من شتموا وأساءوا لى فى أزمة كاميليا بالمغفرة ولن نقابل ما فعلوه بالإساءة.
وأوضح البابا فى حواره مع الزميل جابر القرموطى ببرنامج "مانشيت" على "أون تى فى" مساء أمس ، فى أول ظهور بعد أزمة كامليا، أن الأخيرة لديها حرية مطلقة فى عقيدتها ولا يوجد أى شخص وصى عليها وليس من حق أى أحد أن يتحدث باسمها ويتسبب فى ضجيج وشتائم خرجت عن المألوف وهو ليس بالأسلوب الحضارى لمعالجة أية مشكلة لأنها ببساطة تجعل العالم كله "يتفرج" علينا.
وقال لابد أن أتساءل لماذا لم تثار نفس الضجة حين أعلنت مسيحية إسلامها؟، ولماذا الإصرار على التدخل فى حياة إنسانة تمسكت بمسيحيتها ولم تعلن إسلامها؟، وأدعو لكن من أساء وشتم وسب خلال هذه الأحداث بالمغفرة لأن الهدف من هذه المظاهرات إحداث ضجة حول الكنيسة، رغم أنها لم تمارس أية ضغوط على كاميليا أو غيرها لأن الدين لا توجد به ضغوط لكنه ضمير ووازع داخلى خاص بالشخص ولا يمكن لأحد أن يجبره على تغييره، وليس من حق أحد أن يسأل عن مكان تواجدها، وهذا الضجيج ليس من مصلحة أى شخص فى المجتمع المصرى.
وحول رأيه فى هذه الأزمة، هل كانت مفتعله للإضرار باستقرار الكنيسة؟، قال البابا فى رأيى أنها كانت شماعة علقت عليها أحداث أزمة فى المجتمع المصرى لأن الكنيسة لا تحول قضاياها إلى سياسية وكل ما فى الأمر أنها قضية اجتماعية أخذت أكثر من حجمها وتدخلت أناس فى أمور لا تخصها، وهنا لابد أن أتساءل هل يتفق هذا الضجيج مع مبدأ النسيج الواحد الذى يطالب به الناس، وأعود لأؤكد أننا نعتصم بالصبر والهدوء وحتى هذا الصبر والهدوء لا يعجب البعض.
كما أشار إلى أن الضجيج الأخير لم يكن موجودا من قبل، وأنا لا يزعجنى أى شىء لكنى أتعجب فقط بعد أن أصبحت المظاهرات أحد سمات هذا العصر، رغم أنها إساءة لاستخدام معنى الحرية التى تعنى تحرر الإنسان من الخطأ وليس الجرى خلفه وللأسف مع زيادة حرية الصحافة دخلها من لا يفهمها وأساء إليها ولم يصبح الصحفى يدقق معلوماته قبل نشرها.
ونفى البابا ما يتردد بأن الكنيسة تناقش منع عمل زوجات الكهنة قائلا، هذا أمر غير صحيح على الإطلاق وأحد الأشخاص اقترح ذلك ونحن رفضناه لأنه أمر غير جائز فكل إنسان حر يعمل أو لا يعمل، خاصة إذا كانت امراة ومثقفة، وجود كاميليا فى المسيحية أمر شخصى خاص بها وهى حرية عقيدة وليس من حق أحد أن يتدخل فيها.
وأضاف البابا أن العلمانيين ليسوا تيارا داخل الكنيسة، ويمكن عدهم على الأصابع وأتوقع إقرار قانون الأحوال الشخصية عام 2010، وهو لا يزال مشروع قانون حتى الآن، وقد شكل وزير العدل لجنة لفحص بنوده ودراستها تمثل الطوائف الثلاث الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية إلى جانب وزارة العدل، وسيعرض مشروع القانون على مجلس الشعب فى دورته المقبلة وأتوقع ألا يستمر مناقشته طويلا وأن يتم إنجازه فى عام 2011.
وأضاف، لا أعتقد أنه خلاف أساسى لأن الإنجيل سيكون الحكم ولن يكون هناك خلاف حول أحكامه لكن ما حدث أن بعض الأشخاص من طوائف لا صفة رسمية لهم أثاروا جدلا لكنهم ليسو أصحاب قرار بعد أن اتفق ممثلوا الطوائف الثلاث فى اللجنة المشكلة من قبل وزارة العدل، ومشروع القانون أخذ من اللجنة إلى هيئات أكبر لمراجعته ولن أبدى فيه رأيى قبل أن ينتهى وقطعا قبل أن يعرض على البرلمان سيعطونا فرصة للاطلاع عليه، وهو على وضعه الحالى ليس لنا ملاحظات عليه ولا أقلق من إقحام أى تعديلات من جانب القائمين عليه إلا فى أشياء طفيفة لكن جوهر القانون لا أظن أنه بحاجة إلى تعديلات.
وأوضح البابا أن العلمانيين لا يمثلون اتجاها فكريا فى الكنيسة على الإطلاق، ولابد أن نسأل هل هم هيئة رسمية تجرى معها الكنيسة حوارا؟، للأسف لا لأنهم أفراد يعدون على الأصابع، ولو أردت أن أعقد مؤتمرا للعلمانيين سيحضره آلاف العلمانيين لكن لم أفعل لأن كلمة علمانى تعنى كل من ليس فى الكهنوت أو الرهبنة فالذين فى الكهنوت والرهبنة 5 آلاف فقط فهل سيكون باقى المسيحيين علمانيين بما فيهم كل النساء الأقباط والجمعيات الخيرية القبطية ومئات الآلاف من خدام مدارس الأحد والشماسين ولجان البر وأعضاء المجالس المالية العامة والفرعية؟؟
وفى تعليقه على الاتهامات التى تشير إلى تعاظم دور الكنيسة فى مقابل تآكل دور الدولة وأن الكنيسة دولة داخل دولة، أكد البابا أن هذا التعبير "مثير" يراد به الانقسام والفتنة فى المجتمع، متسائلا أين هذه العلامات التى تقول إننا دولة داخل دولة؟؟ هذا الكلام فارغ وخارج السياق تماما، وإذا كان العلمانيون- وهم أبناء للكنيسة - يتهموننا بهذا الشكل فلا يكونوا مخلصين لكنيستهم على الإطلاق، وكيف لهم أن يطالبوا بالتغيير فى الأحوال الشخصية التى لا تدبر إلا من رجال الدين سواء فى المسلمين أو المسيحيين ولم نر أبدا أفراد عاديين يتدخلون فى مسألة الأحوال الشخصية الخاصة بالزواج والطلاق وإلا سيتحول الأمر إلى زواج وطلاق مدنى ويفقد طابعه الدينى على الإطلاق.
وقال البابا، من العيب أن يقال إن هناك تآكلا للدولة فى مواجهة الكنيسة لأن هذا نوع يهدف إلى إثارة الفتنة وإشعال حفيظة الدولة ضد الأقباط والكنيسة، فهل المطلوب ألا تستجيب الدولة لمطالب المسيحيين وتهملهم كى لا يتهمونها بالعمل على تآكل الدولة.
وللأسف العلمانيون يقولون إن الأقباط يأخذون حقوقهم بالكامل، رغم أنهم أقلية بشكل يتعدى ما يحصل عليه المسلمين من حقوق فأين هذه الحقوق وأين الأقباط فى البرلمان والنقابات والوظائف العامة والوظائف الحساسة الأخرى؟؟، كلها إشاعات لإثارة السخط على الأقباط وهو ما لا يتفق مع المناداة بأننا نسيج واحد، وأعتقد أن تلك الأسئلة من الكياسة عدم الرد.
وعن انتهاء مشكلة الكنيسة مع محافظة المنيا عقب لقاؤك به مؤخرا حتى الآن القضية لم تحل ولا أعرف سبب الهدوء الذى لحق بأزمة بناء كنيسة فى المنيا وما هو الحل الذى تم الاستقرار عليه، ومقابلة المحافظ كانت ودية ولم يفتح الموضوع تماما، وبالتالى أنا أيضا لم أفتح معه الأمر وفى هذه الحالة نحن لنا طرقنا الخاصة المتعلقة بالكنيسة وهى سياستى ولا أستطيع أن أكشف أوراقى كلها.
وعن انسحاب الكنيسة من اجتماع مجلس كنائس الشرق الأوسط الذى سيعقد اجتماعاته فى سوريا الأسبوع المقبل، قال البابا الاجتماع المزمع عقده تحيط به علامة استفهام، هل ينعقد أم لا؟؟ ثم إنه اجتماع ضد قانون مجلس كنائس الشرق الأوسط من حيث الموعد والغرض من عقده، ومن الجائز ألا يتم الاجتماع لعدم اكتمال النصاب القانونى، وكان سبب مقاطعتنا للمجلس أن شخصاً أراد أن يمارس دوراً ليس من حقه وتكلم بشكل لا يليق بنا كأكبر كنيسة فى الشرق الأوسط وأؤكد أننا لن نعود للمجلس على الإطلاق.
وعن طلب الأقباط بناء كنائس لهم فى دول الخليج، خاصة السعودية قال البابا، إن دول الخليج تساعدنا فى إنشاء كنائس لديها وبدون أن نطلب منها، أما السعودية فلها وضع دينى خاص، وبالتالى لا أستطيع أن أرد على مسألة بناء كنيسة هناك والأمر بيد المسئولين السعوديين وليس بيد الكنيسة.
ونفى البابا طلب كوتة للأقباط، مؤكداً أنه لم يطالب على الإطلاق بهذا ولن يحدث لكنى أريد فقط أن يمثل الأقباط بطريقة طبيعية جدا وليس بفرض كوتة وهو دور الدولة لأنها المسئولة عن تمثيل كل الطوائف الموجودة فى البرلمان، ومصلحتها وسمعتها تستوجب ذلك فالدولة مطالبة بتواجد الطوائف الأقليات.
وعن الاستقواء بالخارج قال البابا، لابد أن نحدد أولا من هو الخارج الذى يتم الاستقواء به هل الرؤساء أم الحكومات أم الشعب؟؟، وأؤكد أن الكنيسة لا تتصل برؤساء ولا بشعوب ولا بحكومات ومعنى كلمة يستقوى بالخارج ليس إلا تهمة تردد بلا دليل والدولة المصرية تعرف تماما علاقتنا بالخارج ترصدها وتعلنها، فأنا أستقوى بالله وحده لأنه مصدر القوة لجميع الناس لمن يؤمن بالله وبقوته لا نضع أمامنا سياسات لكن الله فقط من نضعه أمامنا.
وعن وضع المجلس الملى قال البابا، لم ينعقد منذ فترة وعلينا أن نفهم أن إدارة المجلس يرأسها البابا وتضم 24 عضواَ، ورغم أنه لا ينعقد حاليا لكن كل أعماله واجتماعات لجانه تسير بكل انتظام وتؤدى مهماته ولجنة الأملاك الخاصة والأطيان والأحوال الشخصية والأمور المالية والنواحى الإدارية وديوانه لكن الرئاسة العامة هى التى لا تحضر والمجلس الآن لا ينعقد بسبب وجود خلاف داخلى.
وأكد البابا أن الدكتور ثروت باسيلى تقدم باستقالته فعلا ولم أبدى رأيا بنعم أو لا حتى الآن، ولم أشأ أن أحسم هذه القضية الآن، خاصة أن مدة عمل المجلس قاربت على الانتهاء وسيتم إقامة انتخابات لتعيين مجلس ملى جديد قريبا، مشيرا إلى أنه رأى من الحكمة تعليق الاستقالة.
وعن مستقبل الكنيسة فى مصر، قال البابا أنا لا أقرأ الغيب لكنى أتعجب من انشغال الناس بأمور لا تعنيهم ويهتمون بالاستمرار فى الحديث بقضايا حتى نهاية عمرهم وهى عملية أشبه باللف والدوران سببها الرئيس فى سوء استخدام حرية الرأى والتعبير، وأؤكد أن الكنيسة ليست فى خطر.
وعن مستقبل مصر، أكد البابا لا بد أن نسأل أولا هل مصر فى خطر؟؟، معروف أن كل دولة تجتاز فترات معينة يشوبها الاضطراب لكن كلمة بلد فى خطر صعبة على مصر ولنفسرها على أن هناك تنازعا فى السياسة يخلق جو من الاضطراب وسط هذا التنازع فى السياسة البعض يقول إن هناك خطرا، لكن مصر والكنيسة ليستا فى خطر، مشيرا إلى أن مصر أم الجميع، والمفروض أن نحافظ عليها وعلى شئون إدارتها وحسن سمعتها ولا نضحى بها من أجل مسائل شخصية وعلى الجميع أن يفكر فى ما تحتاجه البلد وليس ما يحتاجه هو فقط .
بالفيديو.. البابا شنودة لـ"مانشيت": "كاميليا" مسيحية..و ليس من حق أحد أن يتحدث باسمها.. والعالم "اتفرج" علينا..ولسنا دولة داخل دولة ومن يقول ذلك يريد الفتنة
الإثنين، 20 سبتمبر 2010 03:03 م