الأمل فى الله ثم الرغبة فى العيش والرضا بكل حال كانت أسبابا قوية دفعت "عبد العال" الذى ولد بأيد دون أصابع فى مواصلة حياته بطريقة طبيعية، بل كانت أسبابا قوية دفعته إلى الإصرار على النجاح ليثبت أن العزيمة والإرادة تجعل كل حلم ممكنا.
عدسات "اليوم السابع" انتقلت إلى منزله الكائن بقرية "شطورة" بمحافظة سوهاج واقتنصت منه حوارا أكد فيه أنه ولد بأيد دون أصابع، إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة حياته بطريقة طبيعية، وبدأ يذهب إلى الكتاب لحفظ القرآن الكريم مع باقى أطفال القرية فى محاولة من أسرته ليكون شيخا حاملا لكتاب الله.
أضاف "عبد العال" أنه ببلوغه السادسة من عمره كان يشاهد الأطفال يهرعون إلى الأزهر الشريف لتلقى العلوم الدينية، خاصة أن التعليم الأزهرى هو الأكثر انتشارا بين أبناء الصعيد لنزعتهم الدينية القوية، ثم أبدى رغبته لأسرته فى الذهاب مع أطفال القرية إلى معهد شطورة الازهرى ليتعلم به، إلا أنهم ترددوا فى هذا الأمر، خاصة أن أصابع يديه العشرة غير موجودة فكيف يواصل مشواره التعليمى فى الأزهر الذى فشل فيه بعض الأسوياء لصعوبة المواد الأزهرية، إلا أن إصرار "عبد العال" على التعليم كان كافيا لإقناع أهله.
التحق الطفل المعاق بالأزهر وبدأ يحرز أماكن متقدمة ويحصل على العديد من الهدايا لتميزه، حتى استطاع أن ينهى المرحلة الابتدائية بنجاح، خاصة بعدما أجاد ببراعة عملية الكتابة فكان يمسك القلم بين كفيه ويكتب بطلاقه.
"عبد العال" تمسك بالتعليم لآخر لحظة وأصر على الدخول فى المرحلة الإعدادية التى اجتازها وانتقل منها إلى الثانوية والتحق بالقسم الأدبى، لأن كليات الطب والصيدلة والهندسة ليس له مكان بها، وما إن حصل على الثانوية الأزهرية حتى التحق بإحدى معاهد القراءات بالصعيد ومازال به حتى الآن.
"الإعاقة ووفاة والده ووالدته" لم تستطع أن تؤثر فى شخصية تحدت نفسها وأصرت على مواصلة التقدم وتمسكت بالأمل لآخر لحظة فى حياتها، إلا أن الفقر كان بمثابة الصداع الذى يدق فى رأس الشاب الذى وجد نفسه بين سبعة من أشقائه ليس لهم أى دخل سوى اثنين منهم موظفين بوظائف لا تدر عليهم إلا جنيهات معدودة، الأمر الذى جعل الشاب المعاق يواصل كفاحه ويعمل "عجلاتى" رغم إعاقته فى محاولة منهم للبحث عن لقمة عيش حلال تكفى أشقاءه.
أحد جيرانه محسن أبو الفضل عيسى أكد أن الشاب يتمتع بشهرة طيبة فى القرية وأنه أصبح حديث العامة والخاصة بعد مشوار الكفاح الذى سلكه من أجل أشقائه وعزوفه عن الزواج حتى يتم رسالته، الأمر الذى جعل الجميع يقابله بكل احترام.
ويقول المهندس عبد الرحمن أبو رية من أبناء القرية أن "عبد العال" أصبح أشهر" "عجلاتى" بالمنطقة، بالإضافة إلى أنه بدأ يتجه لتصليح بعض الأجهزة الكهربائية مؤخرا، ويضيف "مصطفى محمود عيسى" أن الشاب المعاق لديه إرادة تجعله يستطيع أن يفعل أى شىء فصوته فى القرآن عذب وكل يوم يقدم العديد من الابتكارات الجديدة، فيستطيع أن يصلح أجهزة المحمول ويكتشف عيوبها ببراعة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة