د.عزازى على عزازى

جوِّع شعبك يخلعك

السبت، 14 أغسطس 2010 09:42 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما تقدم العمر بجدتى (مقبولة) رحمها الله، كانت تبرهن على ضعف نظرها بقولها: (عارف يا ابنى الثلاث بطات السود والكتكوتين ا لصفر اللى قدامى دول، والله ما أنا شايفاهم)!!.. لا أعرف لماذا تذكرت قصة جدتى وأنا أتابع مشاهد الاقتتال فى ستاد المنصورة طمعاً فى الفوز بشنطة رمضان، وأتساءل: ألا ترى الحكومة هذه المهازل التى تهتز لها ريشة التاريخ وتقشعر من هولها كتاكيت مقبولة؟ ألا يتابع السيد الرئيس ما يجرى لشعبه فى فيصل وناهيا ودار السلام وصفط ومنشية ناصر والعزب؟

المؤكد أن المسئولين جميعهم يعرفون ويشاهدون كل ما يحدث، ويتلذذون به على سبيل الاعتياد، وربما قهقه أحدهم أمام الشاشة وظل يضحك حتى دمعت عيناه، وكاد يستلقى على ظهره، وهو يشير بأصبعه: شوف المصريين ولاد الـ ... شوف بيشحتوا إزاي، والله المصريين دول مالهمش حل، شعب لذيذ، وربما تطوع مسئول آخر واتصل ببرنامج التوك شو، وتحدث برصانة حكومية بيروقراطية عن توافر ملايين الشنط فى المخازن، وأن الحكومة سوف تصرفها على بطاقة الرقم القومى أو بطاقة الانتخاب.. وعند هذا الحد يتدخل المذيع النجم ليمثل دور المعارض الغيور، ثم تتوالى بعدها اتصالات أهل الخير من أسيادنا وأولياء نعمتها رجال الأعمال، ليتبرعوا لهؤلاء المساكين بالمزيد من قطع الصابون وعبوات الزيت والسمنة والأرز.. ولابد للمذيع النجم أن يسرف فى شكر هؤلاء الخيرين بالنيابة عن الشعب الجائع،... وأرجو بإلحاح ألا يعتبر القارئ أن ما يحدث ينتمى بصلة لمعنى التكافل الاجتماعى، لأن أقل ما يوصف به هذا المشهد أننا أمام شعب من الشحاتين ومسئولين من خشب، فقديماً كان يقال: (جوِّع كلبك يتبعك) واعتقد البعض أن المقولة يمكن أن تسرى على الشعب، لكن الحقيقة هى: (جوِّع شعبك يخلعك) ولعلها المرة الأولى فى تاريخ مصر المحروسة، التى يشعر فيها شعب الكنانة بالجوع الاقتصادى والسياسى والوطنى والاجتماعى والنفسي، فالقوى السياسية تتسول حقوقها ومطالبها، والقوى الاجتماعية تتسول وجودها وحياتها، والشباب يتسولون عملاً، والمرضى علاجاً، وربما كان مشهد توزيع الشنط هو الأقل تعبيراً عن الجوع للكرامة فى الداخل والخارج.. أما السيد الحاكم فأكاد أراه يتأمل مشهد شعبه الجائع قائلاً لمن حوله: (عارفين الكام مليون اللى بيشحتوا دول والله ما أنا شايفهم)!!






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة