قرأت كما قرأ ملايين البشر غيرى سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم ، وعلمنا التاريخ أيَّما تعليم ونبأنا الرجال الصدق العدول من المسلمين ومن غيرهم عنه صلى الله عليه وسلم أنه بصفاته وأخلاقه وممارسته العملية على أرض الواقع لم يكن ليكون إلا نبيا رسولا ... مبعوثا من الله كما ابتعث الله فى الأمم السابقة رسلا وهو صلى الله عليه وسلم استجابة لدعوة أبى الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام " رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " البقرة 129 .
ولأنه رسول من رب العالمين فقد أوجب علينا من أرسله أن نؤمن بكل الرسل الذين جاءوا من قبله " آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير" البقرة 285.
كان بشراً يمشى فى الأسواق ويأكل الطعام وقد استنكر عليه قومه ذلك " وقالوا مالهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق " الفرقان 4-
لم يكن محمد صلى الله عليه وسلم ملكا هبط على الناس من فوق سبع سنوات لكن سيد الملائكة جبريل هو الذى كان يهبط عليه بالوحى معلما ومذكرا ومقرئا له عليه كتاب الله "اقرأ باسم ربك الذى خلق" العلق 1 "طه مَا أَنْـزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى " طه 1-2
كان خير من عبد الله واطمأن قلبه لذكره وبذكره ... نوّر الله قلبه بالإيمان فشق طريقه نحو الخير كل الخير لكل الناس ... يقول صلى الله عليه وسلم " اللهم اجعل فى قلبى نورا وفى لسانى نورا واجعل فى سمعى نورا واجعل فى بصرى نورا واجعل من خلفى نورا ومن أمامى نورا اللهم أعطنى نورا" ..يقول الامام محمد الغزالى فى كتابه ( فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء) معلقا على هذا الدعاء " " وقد أعطاه الله ما سأل فكان داعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا" .
وقال الله فى كتابه الكريم " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ" المائدة15 - ونور محمد صلى الله عليه وسلم لم يأت من فراغ بل هو اصطفاء من الله بعد أن نقب فى قلوب خلقه وهو أعلم بهم ... فاختاره وصنعه على عينه.
لم يكن محمد صلى الله عليه وسلم إلا عبدا لله وحده "سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ " الاسراء1 - ولم يكن يسعى لمجد وإن كان يستحقه ولا مكانة هو بالتأكيد أهل لها بل سعى المجد إليه وتهافتت عليه المناصب، فأبى إلا أن يكون عبدا يبحث عن رضا الله عنه فرضى الله سبحانه وتعالى عنه وأرضاه ورفع مكانته فى العالمين " وإنك لعلى خلق عظيم" القلم4.
صاحب الخلق العظيم هذا كان همه الأكبر أن يعبد الناس لربهم فلا يزال يدعوهم وهم ينهرونه ويتقرب إليهم وهم يتحاشونه ويصر على إبلاغهم الدعوة وهم يجعلون أصابعهم فى آذانهم ويثيرون اللغط ويسلطون عليه الصِبْيّة ... لكنه ولأنه الرسول الأعظم لم يكن قلبه ليقبل بأقل من الدعاء لهم لا عليهم " اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون " ويقول " عسى الله أن يخرج من أصلابهم من يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله".
لم يكن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم مختلفا عن إخوانه الرسل من قبله " قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَى وَمَا أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ"- الاحقاف 9- ولكنه كان خاتمهم وهو الدُّرة التى زينت عقد الأنبياء والمرسلين وهو كما عبر عن نفسه صلى الله عليه وسلم لبنة فى بناء الرسالات " إلا موضع لبنة فأنا هذه اللبنة".
ولأنه أرسل للناس " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" – النساء 170- " فقد كان يدعو ربه قائلا ( اللهم ربنا ورب كل شىء أنا شهيد أن الناس كلهم أخوة).
بعث للناس كافة فآمن به من آمن وكفر به من كفر فلم يظلم من كفر به ولم يحاب من آمن به وأمره الله بأن يكون عدلا بين الناس وإن اختلفت عقائدهم، فكان صلى الله عليه وسلم يمتثل قول ربه سبحانه وتعالى " لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى".
وهو الذى أمرنا نحن فى أطراف الأرض وأصقاعها أن نَبَرَّ أخوتنا من غير المسلمين من أصحاب العقائد المخالفة لنا ونحسن إليهم ونأكل طعامهم ونتزوج منهم لأنهم أخوتنا فى الإنسانية، ولأن هذا هو حقهم كما أمر الله تعالى " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين". الممتحنة8 -ما كل هذا العدل وهذه الرحمة ... "وماأَرْسَلْنَاكَ إلّا رحمةً للعالمين " الأنبياء107.
نبى عظيم كهذا من حقنا أن نفخر به وندعو له دبر كل صلاة ونصلى عليه فى كل وقت وحين " إن الله وملائكته يصلون على النبى، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" الأحزاب56 .
فخورون باتباعه لأننا نؤمن بأن فى ذلك اتباعا لأوامر الله والوصول إلى محبته سبحانه وتعالى."قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " آل عمران 31.
فخورون بجهاده من أجلنا وسعداء بدعائه لنا وشفاعته فينا يوم القيامة. ممتنون له لأنه ترك لنا إرثا أخلاقيا قل نظيره ومنهجا إنسانيا وشريعة متكاملة الأركان تصلح لكل زمان ومكان إن صلحت النوايا " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا " المائدة 3.
مؤمنون كل الإيمان أنه استكمال لمسيرة أنبياء ورسل جاءوا بالحق من ربهم وأسلموا له من آدم وانتهاء به صلى الله عليه وسلم " أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِى قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " البقرة133.
آخر السطر
سامحنى يا رسول الله ...
هذه خواطر قلب محب وممتن لك
لم أكتبها دفاعا عنك
بل رغبة فى شرف الانتساب إليك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة