أقسم بالثالث والعشرين، وبالأحرار، والأبرار والشهداء، أقسم بالجيش وبالضباط، بالإصلاح وعرق الفلاح، بصوت المكن الدائر فى حلوان وشبرا وكفر الدوار، بتوربينات السد، وزلزال التأميم، ومجانية الصحة والتعليم، أقسم بسطور جمال حمدان وشدو عبد الحليم وصوت محمود صديق المنشاوى وإنشاد النقشبندى، وقرى حسن فتحى وفرقة رضا وقصائد عبد الصبور وحكايات إدريس وكتاب سليم حسن، وفرقة زكريا الحجاوى وأهرام هيكل وأشعار جاهين ومسرح رومان وعاشور وألفريد وسعد الدين وهبة وسينما صلاح أبو سيف والبرنامج الثانى، أقسم بكمشيش وبهوت وكفور نجم والمحلة ونجع حمادى وبحر البقر وميدان المنشية وحى العرب فى بورسعيد ونمرة ستة والأدبية، بمنشية البكرى وميدان عابدين وكفر البطيخ وقواعد الصالحية، أقسم بالدم المراق فى الفالوجا وعراق المنشية والقنال وسيناء، والخرطوم والجزائر، وبالأحضان الدافئة فى الهند وباندونج وبكين وبلجراد، فى الكونغو وكوبا وإثيوبيا والصومال، أقسم بطوفان الوحدة ودمع الانفصال، بالنكسة والاستنزاف، وبأنهار الملح التى تتدفق فى حدقات الثامن والعشرين.
أن الثورة مازالت تروى العطش المصرى والعربى بجداول من عذب الإنجازات، وأن عطاء الخالد عبد الناصر لم ينفد بعد، وعلى من يجحد ذلك الإجابة عن سؤال: من أنطق شافيز وموراليس باسم جمال عبد الناصر، ومن رفع صورته فى الضاحية البيروتية وفى صنعاء؟ من مارس ضغطاً على «أودنجا» رئيس الوزراء الكينى ليقول إن مصر عبد الناصر فى مبادئها فى العيون ولن نسمح بأى أضرار على الشعب المصرى، وأكد أودنجا فى حواره مع أحمد نظيف أن صورة عبد الناصر مازالت تزين بيته ومكتبه، وأن أباه كان يحمل جواز سفر مصرياً أعطاه له عبد الناصر، حين سحب الاستعمار «باسبور» أبيه، قال الرجل ذلك بينما رئيس وزرائنا يقف مبتسماً بحياد ثلجى، ربما لأنه ينتمى إلى نظام يرى فى الزعيم الراحل عدوه الوحيد، فتحولت كل سياساته إلى قرارات انتقامية عقابية ضد كل انحيازات عبد الناصر، فقد أعطى الأرض للفلاحين فانتقم النظام وسلبهم الأرض، وبنى الرجل المصانع والمؤسسات الكبرى فباعها النظام بتراب الفلوس وطرد العمال والموظفين، كانت الدولة تبنى للشعب المساكن والمستشفىات والمدارس، فصارت دولة نظيف تهدم وتخصخص وتنهب وتسلب كل المكاسب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، كانت دولة عبد الناصر تصادق الصين والهند وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وروسيا، وتساعد حركات التحرر فى العالم، لكن سياسات الانتقام من مصر عبد الناصر أوصلتنا إلى دويلة (لا تهش ولا تنش) وبنت سياستها الخارجية على قاعدة (نصادق من يصادق أمريكا و"إسرائيل" ونعادى من يعاديهما)، نجح عبد الناصر فى إدارة الأزمات الدولية والمحلية من كتلة عدم الانحياز لخليج كوبا للقرن الأفريقى، وفشل النظام الكاره لعبد الناصر فى إدارة مباراة كرة قدم، وفى أزمة دول المنبع، يأتى الأفارقة لمصر عبد الناصر مستعدين لتقديم كل التنازلات، فيكتشفون أنها صارت «مصر الدخيلة» فيسحبون اعترافهم بالاتفاقيات.