أتم "حجر رشيد" أول أمس عيد ميلاده 2011 بعيدا عن موطنه الأصلى بين أحضان الإنجليز رافضين عودته إلى مصر منذ استيلائهم عليه فى 1801 قابعا داخل المتحف البريطانى، حافظا لتاريخ آلاف السنين، والمعارك التى دارت حوله، مفجرا العديد من التساؤلات الغامضة حول النصوص الموجودة فيه، والتى أثارها "بسام الشماع" – شيخ المرشدين السياحيين – رافضا اقتصار الاحتفال بلوحة رشيد - كما أسماها - وإنما "حجر رشيد وأخواته".
حاور اليوم السابع الشماع ليستكشف منه تاريخ اللوحة العريقة التى تفوح منها عبق التاريخ، فى جولة زمنية عدنا فيها إلى فترة ما قبل الميلاد، وتحدث فيها عن أخوات اللوحة التى ينادى بالاحتفال بها.
فى البداية، نأمل أن تحكى لنا قصة حجر رشيد؟
يعود اكتشاف حجر رشيد إلى 15 يوليو 1799 من خلال الجنود الفرنسيين عن طريق قائد الفرقة بوشار الذى عينه الجيش الفرنسى ليكسر أجزاء من قلعة قايتباى برشيد لمدها حيث كانوا يريدون استخدامها كحصن ضد الإنجليز، ولأن الجنود الفرنسيين كانوا مدربين على أعلى مستوى قبل القدوم إلى مصر حيث درسوا التاريخ المصرى وما تحتويه أراضيها من آثار، لذا بمجرد عثورهم على اللوحة، شعروا بأهميتها لكنهم لم يكونوا يعلمون بعد ماهيتها، وبالفعل قدّموها إلى السلطات الفرنسية، وأصدر مينوـ الذى كان يقود الحملة وقتها ـ الذى أمر بترجمة النص اليونانى مباشرة، والذى استطعنا التعرف على الحروف المقابلة له فى نص الهيروغليفية والديموطيقية المتواجدين فى نفس اللوحة.
وكيف انتقلت اللوحة إلى المتحف البريطانى الذى تقع فيه حاليا؟
أرسلت اللوحة للقاهرة فى 1799 ليبدأ العلماء الفرنسيون فى ترجمتها لكن المعارك الدائرة مع الانجليز لم تتوقف واستطاع قائد إنجليزى ضرب الفرنسيين فى القاهرة فهربوا إلى الإسكندرية حيث حاصرتهم القوات الإنجليزية واضطروا إلى توقيع معاهدة الإسكندرية التى أقرت فى مادتها 16 بتسليم جميع الآثار التى عثروا عليها فترة وجودهم فى مصر إلى الإنجليز، ولم تفلح محاولات مينو فى إخفاء اللوحة لتدخل ضمن مقتنياته، واستولى الإنجليز عليها ونقلوها فى سفينة "المصرية" إلى ميناء بورتسموث فى فبراير 1802 ومنها إلى لندن فى 11 مارس من نفس العام.
وما هو شكل لوحة رشيد؟
يصل ارتفاعه إلى 114 سم بعرض 72 سم وسمك 28 سم، ويزن 762 كج، فى البداية كانوا يعتقدون أن اللوحة من حجر البازلت الأمر الذى تغير بعد تنظيفه بالمتحف البريطانى منذ أعوام، حيث اكتشفوا أن لون الحجر الأسود هى حبر تم وضعه على اللوحة لكى يستطيعوا وضع الورق عليه ليشفوه ويترجموه بسهولة، فالحجر الأساسى مصنوع من حجر الجرانيتوديوريت.
وما هو تاريخ نشأة اللوحة الأصلية؟
جرت العادة فى عهد البطالمة – قوات جيش الإسكندر الأكبر الذين استولوا على الحكم بعد وفاته - على تسليم الحكم عن طريق الخرطوش الملكى وهو بيان سياسى يعلن فيه الكهنة اسم الملك الجديد، وكانت لوحة رشيد أحد هذه البيانات الرسمية فى عهد بطليموس الخامس، يشكروه فيه ويطلبوا منه استثناء المعابد من دفع الضرائب وتعزيز علاقته بالأرباب الأسطوريين، الغريب فى اللوحة ما جاء فى آخر النص اليونانى الذى يثير التساؤل حول وجود أخوات للوحة رشيد، حيث جاء النص كما يلى "سوف ينحت هذا النص على أحجار صلدة بالكتابات المقدسة والشعبية واليونانية وسوف يشيد فى كل معابد مصر بفئاتها الثلاثة بجانب صورة الملك فليعيش إلى الأبد".
هل يعنى هذا وجود لوحات أخرى مثل رشيد فى المعابد المصرية القديمة؟
من المفترض وجود 14 لوحة تشبه لوحة رشيد وذلك على حسب عدد المعابد التى تم بناؤها فى تلك الفترة، وقد وجدنا منهم حتى الآن 6 لوحات، أولها كوم الحصن التى تم العثور عليها فى دمنهور والموجودة حاليا فى المتحف المصرى كاملة تحتوى على كل النصوص بخلاف حجر رشيد الذى ينقصه آخر 14 سطرا من النص الهيروغليفى و18 سطرا من الديموطيقية و26 سطرا فقط من اليونانية من أصل 54، وتعتبر لوحتا كوم الحصن "كانوبية"، أما رشيد فهى "منفية"، وتعد المفاجأة أن هذه اللوحات خاصة بالملك بطليموس الثالث الذى يسبق بطليموس الخامس وتحتوى على نفس النصوص ومعنى ذلك أننا نمتلك فى مصر ما هو أقدم من لوحة رشيد التى تتشدد بريطانيا فى التمسك بها وترفض عودتها إلى وطنها الأصلى.
وأين بقية اللوحا ؟
هناك لوحة على جدار معبد فيلة داخل غرفة الولادة، وأخرى فى منطقة فانيس بالشرقية والتى تم اكتشافها 1865 أثناء حفر قناة السويس وموجودة حاليا فى مخزن هيئة الآثار، أما النسخة الأخيرة فهى الموجودة فى مدينة كاب ومصنوعة من الحجر الرملى.
وطالب بسام فى نهاية حديثه المسئولين فى هيئات الآثار بالتنقيب على بقية الأحجار بالمعابد بالإضافة إلى الترويج للوحات الموجودة فعلا لنضعف قوة حجر رشيد الموجود ببريطانيا والتى ترفض تسليمنا إياه.
ضرورة الترويج للوحات الموجودة لدينا لنضعف قوة حجر رشيد الذى تتمسك به بريطانيا
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة