د.عزازى على عزازى

ماذا تبقى من مصر؟

السبت، 17 يوليو 2010 06:46 م


الأرض ثروة المستقبل والأجيال القادمة، والآثار ثروة الأجداد وفخر الماضى والحاضر، والنيل إكسير الحياة ومفتاح الخلود.

هذه الأقاليم الثلاثة التى يدين لها المصرى بحياته، صارت مهددة بالفناء، فحجم الاعتداء والاستيلاء على أرض الدولة وصل إلى درجة غير مسبوقة فى النهب المنظم، الذى تقوده حيتان السلطة والمال ومعها بعض «البساريا» من صغار الموظفين فى المحاكم ودور الوثائق المسئولة عن أملاك الدولة، بالإضافة لوزراء ونواب برلمان وقضاة ومحامين يقومون بحرب لا هوادة فيها، يستخدمون فيها جميع الأسلحة والوسائل المحرمة لحرمان مصر والأجيال القادمة من حق الحياة، ويستعينون فى هذه المعركة بأكبر الرءوس النافذة فى دوائر الحكم، لذلك تنتهى القضايا التى تتعلق بغزو أراضى الدولة بحفظ التحقيقات، فهناك آلاف الحجج والمستندات المصطنعة للخروج من القضية كالشعرة من العجين، فعندك مثلاً الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، التابعة لوزارة الزراعة تشرف على مساحات من الأراضى تقدر بحوالى 14 مليون فدان، والهيئة تقوم بتخصيص الأراضى للشركات والأفراد على أساس القيام باستصلاحها واستزراعها طبقاً للقوانين والضوابط، فيقوم المشترى أو الذى تم تقنين وضع امتلاكه لأراضى الدولة، باستخدام الأرض فى البناء، ويحصل السيد الحوت على فرق السعر بين ثمن الفدان (50 جنيهاً) وثمن المتر (4 آلاف جنيه)، وهكذا تنشأ القضايا وتباشر المحاكم والنيابات اختصاصاتها وتكون النتيجة (لا زرعنا ولا قدرنا نسكن) وتتكدس الملايين والمليارات فى يد السيد الحوت، وتبدو الدولة مسكينة ضعيفة غير قادرة على استرجاع حقها، لا لأن حاميها حراميها كما تكشف التحقيقات دائماً، بل لأن حلف السلطة والمال صار هو صاحب القرار الوحيد فى مصر، وتحت يدى عشرات القضايا والمستندات التى تضبط الدولة فى حالة تواطؤ واسترخاء، فصار من الأمور العادية جداً أن تجلس على المقهى كما أفعل فتسمع محامياً يهاتف مسئولاً كبيراً أو قاضياً محترماً بشأن «سبوبة» أرض، أو يهمس فى أذنك سمسار أراض: (والنبى يا باشا لو تعرف المسئول الفلانى يا ريت تكلمه فى حتة أرض ولك نصيبك وعرقك) يادى المصيبة.

لن أتحدث عن أراضى السويس وقضية الاستيلاء على أملاك الدولة لمدة 12 عاماً ولا قضية جنايات إسماعيلية المتهم فيها لواء شرطة سابق وآخرون ولا أراضى النوبارية والطريق الصحراوى وشرق التفريعة و... إلخ، لكن أتحدث عما يسمى بأراضى الاستثمار الصناعى، فقد جاءنى أحدهم بطلب بألف فدان لكى أحصل له على توقيع مسئول مهم، فجاريته بلغتهم وقلت له وماذا سأستفيد، فقال الرجل بهدوء دمَّر أعصابى وكاد يفقدنى الوعى: خذ الألف فدان واحصل لنا على توقيع ثانٍ بألف أخرى!! وللقصة بقية.


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة