محمد رفعت

الشرطة والشعب

الإثنين، 12 يوليو 2010 07:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الغضب الشديد الذى صاحب واقعة موت الشاب السكندرى خالد سعيد هو حلقة فى سلسلة طويلة من الخوف وانعدام الثقة والتوجس الشديد فى العلاقة بين الشرطة والشعب.. فالشرطة التى كان شعارها زمان أنها فى خدمة الشعب، تغير الآن ليصبح "الشرطة فى خدمة سيادة القانون"، وإذا كان القانون السائد الآن هو قانون الطوارئ، فإن الهدف من خدمة سيادته لم يعد تحقيق العدل، بل أصبح هو تنفيذ الإرادة السياسية، أى أنه تحول من حماية النظام العام إلى حماية النظام الحاكم.

وإذا صحت واقعة تعذيب "خالد" التى يرى الغاضبون أنها السبب الحقيقى فى وفاته، فهى لم ولن تكون واقعة التعذيب الوحيدة أو الأخيرة، فهناك وقائع تعذيب أخرى تشهد بها ملفات "الداخلية" وتم عقاب بعض من قاموا بها، فيما نجا آخرون من العقاب أو نالوا عقابا أخف بكثير مما اقترفوه من جرم، وهذا هو بيت القصيد وأصل الداء، فالبديهى أن جهازا بحجم الشرطة لابد وأن يكون فيه نماذج سيئة وفاسدة لا يمكن بأى حال أن تشوه صورة الغالبية المنضبطة والعارفة بواجباتها قبل حقوقها، وكلنا لنا أقارب ومعارف وجيران فى هذا الجهاز المهم نحترمهم ونحترم نزاهتهم والتزامهم المهنى والخلاقى، لكننا نعرف أيضاً مدى الحساسية المفرطة التى يتعامل بها جهاز الأمن مع العناصر الفاسدة فيه، ولو خرجت "الداخلية" فى بداية واقعة "خالد سعيد" أو أى واقعة شبيهة لتؤكد التحقيق الجدى فيما حدث، مع التشديد على معاقبة المخطئين إذا ثبت تورطهم فى أى خطأ، لما حدثت كل هذه البلبلة، ولتم بناء جدار من الثقة مع مرور الأيام بين الشرطة والشعب، لكن الحقيقة أن التعالى والغرور الذى يتعامل به بعض رجال هذا الجهاز مع المواطنين، ظنا ً منهم أنهم يمتلكون السلطة والسطوة وقوة البطش يغطى كثيرا على ممارسات معظم رجال وزارة "الداخلية"، خاصة فى المستويات العليا منهم، فالملاحظ أن هذه الممارسات المرفوضة شعبيا معظمها يأتى من ضباط الصف وأمناء ومساعدى وأفراد الشرطة الذين يحتكون بالجمهور، وينقصهم كثير من الثقافة والوعى والتدريب على التعامل مع البشر، فضلا ً عن أن مرتباتهم المتدنية وتعليمهم البسيط يضطر بعضهم لمد يديه للناس طلبا للحسنة أو الرشوة، وهو ما يهز إلى حد بعيد صورة ومكانة رجل الشرطة فى أعين الناس.

وإذا كنا ننادى بكادر خاص للأطباء وغيرهم من الفئات فالأولى بهذا الكادر هم رجال الشرطة حتى لا يضطر بعضهم للحصول عليه بأساليب غير كريمة أو "بالدراع"!.

وأيا ما كانت النتيجة التى سيصل إليها موضوع الشاب خالد سعيد فإن هذه الواقعة يجب أن تكون بداية لفتح الملف الشائك للعلاقة بين الناس والأمن، ووضع ضوابط محددة لرفع الظلم عن الطرفين حتى لا يفقد الشعب إحساسه بالانتماء ويتعاظم شعوره بالقهر والانسحاق، وفى الوقت نفسه يظل لجهاز الشرطة احترامه وهيبته ومكانته فى المجتمع.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة