لم أسمع أو أشاهد طوال 48 عاما، هى كل عمرى فى هذه الحياة، عن برلمان فى أى مكان فى العالم يناقش امتحان مادة دراسية، كما فعل برلماننا الموقر حينما انعقد بكامل هيئته أمس ليناقش بيانات عاجلة يلقيها النواب، وطلبات إحاطة حول صعوبة امتحان اللغة الإنجليزية لطلبة الصف الثانى الثانوى.
وحينما منع الدكتور فتحى سرور، رئيس البرلمان، النائب مصطفى الجندى من إلقاء بيان عاجل حول الامتحان، أخرج النائب المحترم الصحف اليومية وفيها صورة أب يحتضن ابنته ويبكيان خارج لجنة الامتحان، وقال إن هذه ليست مشكلة تلاميذ إنما ما سببته لأولياء الأمور!
ويعتقد النائب صاحب طلب الإحاطة أن وزير التعليم أمر بجعل الامتحانات صعبة، استنادا إلى تصريح سابق له قال فيه إن موضوع 100% و110% قد انتهى، وإذا حصل طالب فى الثانوية العامة بعد ذلك على 90% فسيذهب أى الوزير لزيارته.
وحسب معرفتى المتواضعة، فإن أى برلمان فى العالم تنحصر مهامه فى وظيفيتن اثنين لا ثالث لهما، الأولى هى التشريع، أى إصدار القوانين، والثانية الرقابة على الحكومة، لكن مسائل الرقابة على الحكومة، لا تشمل استدعاء وزير إلى البرلمان لسؤاله أو محاسبته على امتحان دراسى طويل أو صعب، ولا تشكل البرلمانات لجانا خاصة للتحقيق فى مثل هذه الأمور.
وقد يكون هذا الأمر مقبولا، حينما يقوم البرلمان بمهامه كاملة، ويصدر تشريعات تلبى احتياجات المجتمع، ولا يتم تفصيلها على مقاس أشخاص معينين، أو مهلهلة تقضى المحكمة الدستورية بمخالفتها للدستور.
وقد يكون الأمر مقبولا حين يراقب مجلس الشعب الحكومة بجدية وحيادية، ويتصدى للفساد الحكومى، الذى وصل حتى الحلق، ولم يعد فسادا صغيرا فقط، بل طال حتى الكبار من الوزراء الذين تعدوا على الدستور والقانون واشتروا وتاجروا مع الدولة وفى ممتلكات الشعب رغم أن الدستور يمنع ذلك.
وبما أن البرلمان لا يشرع بشكل جيد، لا يمارس الرقابة بشكل حقيقى، لذلك يحاول نوابه البحث عن أدوار وهمية تمنحهم بعض الجماهيرية والشعبية، مثل التصدى لموضوع الثانوية العامة، لأنه فيما يبدو هذا أكبر صلاحيات هذا البرلمان.