محمد حمدى

القضاء فى وجه العاصفة

الخميس، 10 يونيو 2010 12:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعيش القضاء المصرى حالة غير مسبوقة من المواجهة مع طوائف مختلفة من المجتمع أكثرها تأثيراً مع الكنيسة، وأشدها حدة مع المحامين، وفى الأولى تبدو القضية فى غاية التعقيد، لأنها تضع الملايين من أبناء مصر فى مواجهة مباشرة مع القضاء، وتتعدى ذلك، إلى أمور يمكن أن تؤثر على حالة التعايش غير المستقرة الآن بين المسلمين والمسيحيين فى هذا البلد.

ومن يراجع تفاصيل حكم مجلس الدولة بإلزام الكنيسة بالتصريح لطليق هالة صدقى بالزواج الثانى، سيجد أن مجلس الدولة طبق صحيح القانون وفقاً للائحة 1938، لكن المشكلة أن المجمع المقدس فى مصر والمجلس الملى ألغى هذه اللائحة استناداً إلى الإنجيل، وأنه لا طلاق إلا لعلة الزنا.. لكن هذا التعديل لم يتحول إلى واقع قانونى وتشريعى، بمعنى أنه لم يتحول إلى قانون يمر عبر البرلمان ويصدق عليه رئيس الجمهورية حتى يصبح نافذاً.

والبابا شنودة معه كل الحق، فهو من واقع مكانته الروحية لا يمكنه تنفيذ حكم قضائى يتعارض مع صميم الدين كما يقول.. وقد زاد الأمر بلة تصريحات من بعض القضاة والمحامين أن من ترفض الكنيسة منحه تصريح الزواج الثانى يمكنه رفع دعوى قضائية لعزل البابا وحبسه باعتباره موظفاً عمومياً صدر قرار تعيينه من رئيس الجمهورية.. لكن فى نفس الوقت لا يعتبر موقع البابا بأى حال من الأحوال منصباً حكومياً وإنما سلطة روحية لا يجوز عزله بحكم قضائى أو غيره.

فى الكنيسة غضب عارم، ومعهم حق، وفى مجلس الدولة يتمسك القضاة بالقانون ومعهم حق.. أما أصحاب مفاتيح حل هذه الأزمة وهم رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس الشعب، الثلاثة الذين يمنحهم الدستور سلطة طلب التشريعات، لم يتدخل أحد منهم.. ولم يطلب تعديل قانون الأحوال الشخصية لدى المسيحيين للخروج من هذه الأزمة.. وإذا ظل هذا الجدل دائراً بين الكنيسة والقضاء لفترة طويلة فإنه سيترك آثاراً سلبية على مصر والمصريين قد لا يمكن تداركها فى المستقبل.

أما أزمة القضاء الثانية مع المحامين فهى الأعنف لأنها تتعلق بطرفين يعملان فى ساحة العدالة، ترك كل منهما القانون وتبادلا الاعتداءات، وتحولت مقار المحاكم والنيابات إلى ساحات لتبادل الشتائم والسباب والاتهامات والضرب، وهو أمر ينتقص من هيبة القضاء بشكل عام، ويقلل من احترام أحكامه ومن تقبل الناس لها.

وأمس قضت محكمة طنطا من الجلسة الأولى بحبس محاميين لمدة خمس سنوات لكل منهما بعدة تهم من بينها التعدى بالضرب على مدير نيابة بطنطا، وهو حكم أعتقد أنه سيزيد المشكلة اشتعالاً خاصة بعد صدوره من أول جلسة ونحن لم نعتد هذه السرعة من القضاء.

وكل ما أتمناه أن يلتقى أعضاء مجلس إدارة نادى القضاة، والنقابة العامة للمحامين لمحاولة احتواء تداعيات هذه الأزمة، وحلها بشكل ودى يحفظ هيبة القضاء.. ولا يؤدى إلى الانتقاص من كرامة المحامين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة