أكد خبراء المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية أن الشخصية النوبية والبدوية لم تسلم من يد التغيير التى لحقت بجوانب الحياة فى مصر اقتصاديا واجتماعيا وجغرافيا، فى ظل تحولات شهدتها بيئتهم الأصلية أو الأماكن التى هجروا إليها، بينما دخلت الطبقة الوسطى فى جدلية التدين السياسى، فى ظل انقسام المعايير المميزة لها، ما بين المادية التى تؤكد انحسار الطبقة الوسطى والاستهلاكية التى تشير إلى اتساعها، جاء ذلك فى أولى جلسات اليوم الثانى للمؤتمر السنوى الثانى عشر "الشخصية المصرية فى عالم متغير" الذى يعقده المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية والممتد فى الفترة من "23 – 25 " مايو.
أكدت دكتوره شيماء عبد العزيز، خبير العلوم السياسية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن تهجير الشخصية النوبية التى كانت تتسم بالمسالمة الوداعة والهدوء وانتقالها من بيئتها التى حافظت على خصوصيتها وهويتها الثقافية أدى إلى العديد من التغييرات التى لحقت بها، أولها ميلها للمغامرة الذى لم تكن تتسم به، وزادت من حذرهم فى التعامل مع الآخرين، إلا أنها من ناحية أخرى ساعدتهم على تحسين فرصهم فى التعليم والتواصل مع بقية فئات الشعب المصرى.
وأضافت "تميل الشخصية النوبية إلى التمسك بملامح هويتها الثقافية ليس لرفضهم الاندماج مع المجتمع، وإنما نوع من الدفاع عن النفس بالتميز"، ورفضت الشيماء وصف النوبيين بالأقلية، مؤكدة أنها قامت بتطبيق كافة ملامح مفهوم الأقلية فى ورقتها البحثية "التغير فى ملامح الشخصية النوبية" طبقتها على 25 نوبيا يعيشون بالقاهرة، ولم تجد شيئا واحدا يتطابق معه، وقالت "رفض المبحوثين اعتبار نفسهم أقلية، فالنوبيون مندمجون بالمجتمع، فهم جزء من النسيج المصرى يتحدثون باللغة نفسها حكموا مصر فى أكثر من فترة على مدار التاريخ"، لكنها عادت وقالت "عودة النوبى إلى تراثه نوع من الحنين والتجمع لمواجهة ضغوط الحياة والمشكلات".
وعرض دكتور أحمد حسين، خبير علم الاجتماع بالمركز، ورقته البحثية تحت عنوان "تأثير التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة على شخصية الطبقة الوسطى"، توصل فيها إلى التناقض القيمى الذى لحق بالطبقة الوسطى، وتباين المعايير ما بين الأمان فى العمل والدخل والتعليم، وقال "خلصت الدراسة إلى تراجع شديد فى الأدوار السياسية والاجتماعية التى يمارسها أفراد هذه الطبقة، وظهور هاجس الخوف من تراجع المكانة الطبقية، مجمعين على رفض سياسات الدولة الاقتصادية، مع عدم إقبالهم على المشاركة السياسية، فمعظمهم لا يشارك بالانتخابات ويرفض المظاهرات والاحتجاجات".
من جانبه أكد دكتور أحمد عبد الموجود، خبير علم الاجتماع بالمركز، أن النشاط السياحى والاحتلال الإسرائيلى أديا إلى دخول ثقافات متنوعة على المجتمع البدوى ساهمت فى حالة الاختلاف الذى تعيشها فئاته إلى جانب سياسة الدولة المركزية، حيث سمحت بدخول قيادات جديدة وقوانين مختلفة عن القواعد العرفية السائدة بين البدو، وقال "لم يعد المجتمع البدوى يقدر قيمة كبار السن الذى كان يرتبط احترامهم بالخبرة التى كانت تقتصر عليهم التى أصبحت حاليا متوافرة لدى القاعدة العريضة منهم بفضل التكنولوجيا والانفتاح"، وأضاف "أصبح هناك تخبط فى السلطة داخل المجتمع البدوى الذى يميل أكثر إلى الأحكام العرفية، بينما لم يعد البدوى كريما، وهو الطبع الذى فرضه عليه طبيعة حياته بالصحراء تنقلاته الذى كان يفرض استضافة الأسر للمسافرين، أما الآن فلم يعد بحاجة إليه وحل محلها القيم الفردية، واستبدلوا الأعمال الخدمية للسياح بدلا من العمل اليدوى".
النوبيون يشكلون شريحة من المجتمع
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة