لم يبق لأمة نامت وغفت شىء من كرامة كى تدافع عنها بعدما ماتت لديها إحساسيس النخوة والغيرة والرجولة ولم يبق لها إلا الخضوع والخنوع والميوعة.
فلا يستحق الحياة من أمة محمد أحد بل إنه لا يستحق أحد من المسلمين على ظهر الأرض أن ينتسب لهذا الدين أو ان يتعلق بأستار الكعبة أو يلمس الحجر الأسود أو أن يقف بباب مسجد الرسول وان يصلى فى الروضة الشريفة أو أن يقف أمام قبر النبى يناجيه ويطلب شفاعته ويذرف الدمع بين يديه ذلك الدمع الكاذب المزيف لم يخرج من القلب فهو مجرد دموع كدموع التماسيح لاتدارى جرمنا أو تمحو خطأنا فى حق ديننا ورسوله الكريم بعدما ضيعنا رسالته التى لاقى ألوان العذاب فى سبيل أن تصل إلينا وأن تسود العالم دعوة الحق وجثونا على وجوهنا إلى أن دخلنا جحر الضب الذى اقتادونا اليه فأكلنا الحرام وشربنا المسكر ونمنا فى المواخير وتبولنا حيث نحن فعشنا فى قذارة فرحنا بها ونسينا أننا أمة الطهر والطهارة فشمت بنا الأعداء وداسوا فوق الرؤوس حتى خمدت وخنعت ولم يعد هناك من حامل للراية أو مدافع عن الكرامة ولم يظهر لنا منقذ أو بطل يطهرنا من دنسنا ويغسلنا بماء زمزم ويحيينا من مواتنا ويعيد إلينا ديننا ولكن هيهات فالمتربصون لا ينامون أو يخمدون فها هم يقتلوننا فى أعز ما نملك وأطهر ما لدينا رسول الله بحجة الإبداع وفى كل يوم يشقه نور الصباح يطلع علينا الحاقدون حتى انتشروا كالجراد يهينون رسول الله ليس كما هانه الكافرون وإنما بطرق جديدة قذرة ولايجد أمامها المسلمون إلا أن يطأطأوا الرأس لساداتهم وأساتذتهم دون أى رد ولا حياة لمن تنادى.
فعندما أهان أحد المشركين رسول الله وقال عنه إنه أبتر لا له أبناء كان الرد الربانى السريع فى سورة الكوثر "إنا أعطيناك الكوثر فصلى لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر" فكانت منحة الله لنبيه تطييبا لخاطره أن أعطاه المولى جل وعلا حوض الكوثر ليسقى أحبابه يوم القيامة شربة الهناء، ولكن من يطيب خاطرك اليوم يارسول؟ ومن يمحى ما رسمه الحاقدون فى حقك ؟ ومن يشفى غليل ملايين المسلمين؟ وكيف لهم ان يهنأوا بعيش أو يشعروا يوما بالسعادة ؟ وهو يهان من أقذر خلق الله!، وكيف لهم أن ينطقوا اسمه فى التشهد وهم يشهدون على امتهانه من أحط البشر؟.
لا تسامحنا يا رسول الله فنحن لسنا الأولى بك، ولكن الأولى بك هو من حمى الكرامة ودافع عن الشرف فها هو الخليفة العباسى المعتصم يجير امرأة مسلمة قالت وامعتصماه بعد أن اعتدى عليها اليهود فأرسل الفارس الشجاع صاحب المروءة والشرف إلى حاكم الروم بأن يفك أسر المرأة المسلمة وإلا فسوف يرسل له جيشا أوله فى بلاد الروم وآخره فى بغداد فخر حاكم الروم له معتذرا وأرسل المرأة المسلمة إليه، ولكن أين ذهبت نخوة المسلمين ومروءة حكامهم؟، أظن أنها اختفت من الخوف على الكراسى والجاه والسلطان ونسوا أن نصرة دينهم ونبيهم هى الأبقى لهم دنيا وآخرة.
لا تسامحنا يارسول الله فنحن تركنا الحاقدون يلوثون صورتك الطاهرة الشريفة ووقفنا نتفرج وسكتنا على حكامنا الذين لو هانهم أحد أو أساء إليهم إنسان لكان جزاؤه السجن أو الموت، أما أنت يا رسول الله فلم يعبأوا بإهانتك ولم يعلنوا حتى ضيقهم أو ضجرهم ولم يسحبوا السفراء ويقطعوا العلاقات كما فعلوا فى مباريات الكرة وكيف يفعلون وهم أجبن خلق الله؟ وكيف يردون وهم أبعد الناس عند أداء ما أمرتنا به؟.
فلا تسامحنا يارسول الله فقد سكتنا كما سكتوا وشربا وأكلنا ولعبنا والنبض مازال يجرى بدمائنا، والحق أننا لو كان لدينا شىء من كرامة أو حب لك كما ندعى لمتنا من تونا حزناً وألما على ما أصاب سيرتك وصورتك.
فاللهم امحنا من على ظهرها وأهلكنا كما أهلكت السابقين، ولا تبقنا فيها أبدا ولا تسامحنا على ما فرطنا وارزق الإسلام بمن هو خير منا.