◄◄ خالد مختار وياسر محمود وميخائيل واصف ثلاثى إدارة شركة «كونسالتنج إيجيبت» التى ورد اسمها فى عريضة الاتهام الأمريكية
◄◄ الشركة تم تسجيلها فى مصر عام 1998 وهو العام الذى بدأت فيه أولى دفعات رشوة مرسيدس
◄◄ رأس مال الشركة 2.5 مليون جنيه لم يسدد منها سوى 25 ألفا وسجلها التجارى لم يتغير منذ 12 عاماً
الآن بدأت أولى خطوات إعلان الحقيقة الكاملة فى ملف الرشوة الأكبر والأكثر غموضا فى مصر، والمعروفة برشوة شركة مرسيدس، فبعد اعتراف الشركة بوقائع الرشوة فى دوائر القضاء الأمريكى، وبعد التوصل إلى تسوية، سددت بمقتضاها شركة دايملر تعويضات هائلة لما اقترفته من فساد فى عدد من بلدان العالم، يظل الملف محاطا بغموض يقترب إلى أسرار كهنة فرعون دون أن يجرؤ أحد على الاعتراف بالمتهم الحقيقى فى هذه الرشوة.
الاسم الوحيد الذى تضمنته التحقيقات الأمريكية كان للشركة التى قامت بدور الوساطة فى تلقى الرشوة خلال رئاسة الدكتور عاطف عبيد للحكومة المصرية، والشركة المذكورة فى التحقيقات كانت باسم (كونسالتنج إيجيبت consulting Egypt) أى شركة استشارات مصر، أو لتكن فى ترجمة أخرى المصرية للاستشارات، وفيما يبدأ النائب العام التحقيقات فى ملف القضية، فإن الخطوة الأولى هى البحث عن بطل هذه الفضيحة داخل شركة كونسالتنج إيجيبت لكى ينطلق من هنا الخيط الأول للتحقيق.
«اليوم السابع» من جانبها حصلت على معلومات خاصة من واقع سجل الشركات فى هيئة الاستثمار لتكتشف أن الشركة الوحيدة التى تأسست فى نفس توقيت واقعة الرشوة هى شركة تأسست عام 1998 للعمل فى مجال الاستشارات، وأسسها كل من مختار شفيق عبدالرحمن العيسوى وياسر محمود نونس وميخائل واصف لطفى، وتحمل رقم 1363 ضمن الشركات المقيدة فى هيئة الاستثمار.
لا يجوز هنا التأكيد على أن هذه الشركة هى التى تقصدها فعليا التحقيقات الأمريكية، خاصة مع احتمالات الاختلاف فى الترجمة بين الإنجليزية والعربية، لكن تبقى هذه الشركة هى الوحيدة المسجلة فى هذا التوقيت، ووجود شركة بهذا الاسم ضمن سجل الشركات المصرية، وتأسسها عام 1998 يدفعها إلى دائرة الاشتباه، وربما يضعها فى مدى مدافع تحقيقات النيابة العامة ضمن الإجراءات المرتقبة للوصول إلى الجانى، خاصة أن سجل الشركات لا يتضمن أى مؤسسة أخرى تحمل هذا الاسم، وتأسست فى نفس هذا التاريخ المتزامن مع وقائع ما جرى بين مرسيدس والمسؤولين المصريين.
شركة كونسالتنج إيجيبت المشار إليها فى سجل الشركات تأسست برأسمال مرخص به 2.5 مليون جنيه لم يسدد منه سوى 25 ألف جنيه فقط، والسجل التجارى لهذه الشركة لم يطرأ عليه أى تعديل بإضافة أو حذف أى أعضاء جدد فى مجلس الإدارة، أو عقد أى جمعية عمومية منذ التأسيس وهو ما أثار الريبة لدى الجهات المعنية بالتحقيق فى وقائع قضية الرشوة من شركة مرسيدس.
غير أن جمود الشركة طوال 12 عاما قد لا يعنى بالضرورة أنها المسؤولة عن واقعة الرشوة، إذ تشير مصادر قريبة من دوائر التحقيق أن النيابة العامة قد تبدأ من سجل الشركات للبحث عن المؤسسات التى تحمل هذا الاسم، وهو ما يرجح مراجعة أوراق هذه الشركة، أو قد تستخدم سيناريو آخر فى استدعاء بعض الشخصيات الرسمية فى حكومة الدكتور عاطف عبيد لاستجوابها بشأن حقيقة الشركات التى تعاملت مع الدولة فى مجال الاستيراد من شركة مرسيدس خلال هذه الفترة، أو قد يكون البديل الثالث هو الحصول على نص اعترافات مسؤولى شركة دايملر خلال التحقيقات التى أجرتها السلطات الأمريكية للوصول إلى معلومات أكثر دقة فى هذا الشأن.
الواقع الحالى يرجح عدم وجود شركة تحمل اسم كونسالتنج إيجيبت سوى هذه المشار إليها والمؤسسة عام 1998 بمعرفة الثلاثى مختار وياسر وميخائيل.
«اليوم السابع» حاولت الوصول إلى أى من مؤسسى هذه الشركة للاستفسار عن طبيعة مهامها، أو العمليات التى تولتها فى مجال الاستشارات، أو حجم تعاونها مع الحكومة المصرية خلال عهد عاطف عبيد، لكن أيا من الأسماء الواردة فى صحيفة الشركة لم يرد على الاتصالات الهاتفية التى حاولناها بما لدينا من أرقام أرضية أو هواتف محمولة.
وحاولت «اليوم السابع» الاستفسار من دوائر رسمية عما إذا كانت الشركة المشار إليها قد قامت بأى أعمال أخرى مع الحكومة المصرية، لكن الوزارات المصرية لم تقدم معلومات كافية فى هذا الشأن، فهل ظهرت شركة كونسالتنج إيجيبت لفترة محدودة واختفت؟ أم أن هناك خطأ ما فى الترجمة من النص الإنجليزى للتحقيقات الأمريكية؟ أم أن الشركة الوحيدة المسجلة فى مصلحة الشركات فى هذا التاريخ لا علاقة لها بكل ما جرى وهناك شركة أخرى ما زالت تعمل حتى الآن وقامت بتغيير اسمها بعد بداية التحقيقات مع دايملر فى الدوائر القضائية الأمريكية؟
أسئلة كثيرة ستجيب عنها تحقيقات المستشار عبدالمجيد محمود خلال الفترة المقبلة، خاصة أن الخطوة الأولى التى سيبادر بها النائب العام هى استدعاء رجل الأعمال المعروف سامى سعد صاحب توكيل شركة «مرسيدس مصر» خلال الأيام القليلة القادمة لسماع أقواله فى القضية، وسؤاله عن كيفية زيارة ممثلى شركة مرسيدس العالمية ومندوبيها لمصر ولقاء مسؤولين كبار دون ترتيب مسبق من ممثل الشركة فى مصر أو على الأقل فى وجوده، وسؤاله كذلك: هل جاء مسؤولو الشركة الأم إلى القاهرة وعقدوا صفقتهم مع المسؤول الكبير أم أنه هو الذى سافر إليهم، وما هو دوره كوكيل للشركة فى القاهرة؟ وهل كانت مرسيدس الأم تستقى معلوماتها عن السوق المصرية من السفارة الألمانية أم من مرسيدس مصر؟.
المهندس كريم سامى سعد نجل رئيس مجلس إدارة «مرسيدس مصر» «دايملر ايجيبت» والمسؤول عن قطاع السيارات فى الشركة أكد لـ«اليوم السابع» أن ما سيقوله لن يزيد أو ينقص عما سيقوله والده رئيس الشركة فى مصر، وأوضح أن ملف رشوة مرسيدس موجود لدى جهات التحقيق وهى الجهة الوحيدة صاحبة الحق فى توجيه الاتهامات، مشدداً على أن قضية الرشوة تخص شركة مرسيدس العالمية، ومرسيدس مصر ليست طرفا فى القضية، ونفى كريم معرفته بالمكتب الاستشارى «كونسالتنج إيجيبت» أو «مصر للاستشارات»، وهو المكتب الذى ورد ذكره فى عريضة التهام الأمريكية، وقالت إن المسؤول المصرى عمل فى هذا المكتب فى فترة تلقى رشاوى مرسيدس.
وحول العلاقة بين فرع مصر و«مرسيدس العالمية»، قال كريم إن الشركة الأم تمتلك حصة تبلغ 24 % فى مرسيدس مصر، وباقى النسبة المقدرة بـ 76 % مملوكة لمستثمرين مصريين رفض الإفصاح عن أسمائهم أو حجم حصصهم. وبحسب التقرير الصادر عن لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، فإن الصفقات المشبوهة التى ارتكبتها الشركة الألمانية هى توريدها شاسيهات وقطع غيار وسيارات إطفاء لأحد المصانع المصرية المملوكة للدولة، الأمر الذى يتعارض مع شروط المنافسة، بالإضافة إلى ما فجرته محكمة مقاطعة كولومبيا الأمريكية من اعتراف شركة «دايملر بنز» الأمريكية بدفع رشاوى لموظفين ومسؤولين كبار فى 22 دولة منها مصر، لتسهيل بيع سيارات ومحركات مرسيدس، وإيجاد فرص تجارية للشركة.
نكشف أسماء ثلاث شخصيات على مكتب النائب العام فى ملف رشوة مرسيدس
الخميس، 20 مايو 2010 09:52 م
المستشار عبد المجيد محمود النائب العام
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة