سمر طاهر تكتب: الكراكيب

الأربعاء، 19 مايو 2010 10:40 م
سمر طاهر تكتب: الكراكيب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إمبارح وأنا سايقة العربية سمعت فى الراديو دكتورة فى علم الاجتماع بتتكلم فى برنامج عن موضوع مهم قوى، حسيت إنها بتتكلم عن حياتنا، وبصراحة أكتر، (ماتزعلش يعنى)، حسيت إنها بتتكلم عنك أنت.

كانت بتتكلم عن مشكلة "حب الكراكيب"، والدكتورة كانت بتقول إن المشكلة دى مشكلة المجتمع المصرى كله (جبتش أنا حاجة من عندى)، وبتقول إن الإحساس بعدم الأمان هو اللى بيخللى الإنسان مصمم يحتفظ بكل كراكيبه القديمة (ده هى اللى بتقول)، وكانت بتقول كمان إن دى ظاهرة، ما علينا، المشكلة دى أو الظاهرة مش عارفة، موجودة عند كل أفراد الشعب المصرى (يعنى مش أنت لوحدك المرة دى)، وهى اللى بتخلى دايمًا البيوت المصرية مكتظة بالحاجات القديمة، وهى اللى بتخلى الشارع المصرى من أغرب الشوارع قاطبة، لأن البالكونات بتبقى عبارة عن (صندرة) فى ذات الوقت، بالتالى اللى بيمشى فى الشارع بدل ما يستمتع بجمال الفن المعمارى بيشوف كراتين وأقفاص متغطية بالتراب، الناس بتفضل محتفظة بيها سنين من غير ما تعرف هى محتفظة بيها ليه.

الصراحة الصراحة أول ما سمعت الكلام ده افتكرت نفسى برضه آه (أنا أقول اللى لياّ واللى عليّا)، أنا من صغرى كنت كل ما ألاقى موضوع حلو فى مجلة أو جرنان أقصه واحتفظ بيه، كمان الجوابات اللى أنا وصاحباتى كنا بنبعتها لبعض من ابتدائى لغاية ثانوى، وطبعًا (الأوتوجرافات) اللى كانت طالعة موضة، كان عندى 8 أتوجرافات من رابعة ابتدائى لغاية تالته ثانوى بواقع أوتوجراف فى السنة، مكتوب فيها أى كلام فارغ من صحابى فى الفصل، وكنت بحس أن الذكريات دى هتكون ذات قيمة بعد سنين (صحيح إنى لما فتحتها بعد تخرجى من الجامعة لقيت أغلبها من عينة: للذكرى الهباب وأيام العذاب، والذكرى ناقوس تدق فى عالم النسيان.. الخ من الكلام الفارغ الذى لم يلمس أحاسيسى بأى شكل من الأشكال عندما قرأته بعد سنوات..ما علينا)، ده غير طبعًا هواية جمع الطوابع وغير كتب العربى والدين اللى بابا كان بيخلينى احتفظ بيها عشان حرام ارميها، وكتب الإنجليزى اللى ماما كانت بتخلينى احتفظ بيها (احتياطى) عشان خسارة دى جاية من "برّه" ومش هنعرف نجيب زيها تانى.

شفت مش بقولك إحساس بعدم الأمان... طبعًا عشان الدنيا غدارة، والحاجة اللى ما تنفعكش النهارده تنفعك بُكره، وأصل الحاجات دى يمكن نحتاجها بعد كده، يمكن أسعارها تغلى، ويمكن الكاسيت ده نصلحه وينفعنا (مع أننا جبنا واحد جديد)، بس برضه الحاجات بتاعت زمان دى كانت حديد، وخصوصًا الحاجات بتاعت "بره"، (ولما هو بتاع بره باظ ليه؟).

ومن زمان أنا حطيت نظرية متواضعة فى الموضوع ده، وهو إن الأشخاص اللى عندهم حب "التكويم" والاحتفاظ بالأشياء عادة ما يشعرون بالسعادة عندما تنتقل الأشياء من خارج بيوتهم إلى داخلها، يعنى يجيبوا حاجات من "بره" لجوه، عن طريق بقى الشراء أو السلف أو قبول هدايا من الآخرين، ولا سيما لو كانت حاجات بتاعت بره (من بلاد بره يعنى).

ودى سمة بعض الشعوب الضعيفة اللى شافت ظلم وحرمان زى الشعب المصرى اللى عنده عقدة التكويم وعقدة الخواجة وعقد كتير.. وبيبقى صعب على الناس ساعتها الاستغناء عن الأشياء اللى جوه البيت وإرسالها بأى شكل من جوه إلى "بره" ، عن طريق إعطاء الهدايا أو التبرع بالأشياء، يعنى صعب عليهم يفرّقوا الحاجات القديمة أو "يشحّتوها" وفق المصطلح المصرى.

بس أنا الصراحة بطلت حكاية " حُب التكويم" دى من ساعة ما اتجوزت، يمكن بدأت أشعر بالأمان من بعد ما اتجوزتك؟ جايز مش عارفة، ممكن برضه حبيت أعيش فى براح بعيدًا عن الكراكيب اللى نشأت وترعرعت على وجودها، الحقيقة كان لياّ محاولة واحدة للتكويم بعد الجواز وأنت قتلتها فى المهد.

فاكر (البرطمانات الإزاز)؟ فى أول الجواز حاولت احتفظ بالبرطمانات الفاضية وأغسلها وأشيلها فى رف مخصوص فى المطبخ، وأنت جمعتهم ورميتهم فى الزبالة، من ساعتها أنا ما حاولتش (أكوّم) تاني، بس الحكاية دى ليها أصل، عارف ليه كنت عايزة احتفظ بالبرطمانات؟؟ علشان ماما كانت مانعة كل أنواع الصلصات والمايونيز من دخول بيتنا عشان دى حاجات (صناعية) وهتضرنا، ده حتى المربى كانت بتعملها لنا فى البيت، فلما بقيت حُرة نفسى أسرفت على نفسى فى موضوع المايونيز ده، ومن طول الحرمان ما كنتش قادرة استغنى عن أى برطمان حتى وهو فاضى، بس أنت كان عندك حق انك رميتهم، لكن المشكلة إن أنا بطلت "تكويم" من هنا، وأنت بدأت، جايز أنت فقدت الإحساس بالأمان بعد ما اتجوزتنى؟ جايز مش عارفة.

أنا طبعًا عارفة ولع الرجالة بالتكنولوجيا، وأنت منهم طبعًا، وطبعًا أنا زى معظم الستات – للأسف – عندى قصور تكنولوجي، يعنى مش digital خالص، وكان أملى كبير إنى أعيش بعد الجواز (ثورة) تكنولوجية لا قِبَل لى بها، لكن للأسف الثورة تحولت إلى نوع من (الفوضى الالكترونية)، أجهزة كتيره أنا مش عارفة أسماءها أساسًا، أنا اعرف التلفزيون آه، الديكودر ماشي، آخر عهدى بالأجهزة كان هو الكاسيت أبو بابين والفيديو، لكن الـ mp3 والـ LCD والـ DVD ... وكله كوم والـhome theater كوم، ده غير الكماليات بتاعت الكمبيوتر، آهى بدع وطلعوا لنا فيها الخواجات عشان ياخدوا فلوسنا ويضيعوا وقتنا ويزحموا لنا البيت على الفاضي، اقطع دراعى إن ما كانت الحاجات دى جزء من مؤامرة صهيونية أمريكية، لاستنزاف الجيوب والأمخاخ العربية... طب هما اللى بينتجوا التكنولوجيا دي، فمن حقهم يستخدموها، إنما أحنا يا حسرة قلبى عملنا أيه عشان نستمتع بالحاجات دي؟ ما هو أحنا شعب استهلاكى، ده غير انها تكنولوجيا مكلفة بالنسبة لنا.

المهم نرجع للواقع اللى حاصل فى بيتنا وبلاش كلام فى السياسة، البيت كمان مليان بأطنان من السيديهات اللى مرميّة فى كل حتة، والمشكلة إنه ولا واحد فيهم له علبة أو مكتوب عليه أى حاجة تدل على محتواه، يعنى المفروض لو بندور على فيلم معين نجرب مائة CD لغاية لما نوصل للفيلم المطلوب؟

أنا مالى يا سيدى أنا أصلاً عمرى ما هشغّل الحاجات دى أنت حُر فيها، بس الزحمة اللى فى البيت فظيعة، المشكلة أن الدكتورة بتاعت الراديو قالت برضه إن الكراكيب اللى فى البيت دى بتقلل من قدرة الإنسان على الإنجاز،لأن الكركبة بتتنقل من بيته إلى عقله فيصبح عقله مكركب وغير منظم، وكمان بتصيبه بالتوتر النفسى وأنا مش ناقصة توتر، بس أنا عارفة أنى مهما هقول لك مش هتقتنع.

ده غير طبعًا إن عندك ولع بتصليح الأشياء فى المنزل بنفسك، بصراحة أنا كنت الأول فرحانة، بس لقيت الولع اللى عندك مش بالتصليح نفسه، لأ ، باقتناء أدوات التصليح، يعنى شواكيش ومسامير ومفكات ومفاتيح وأسلاك و (شيكرتون)، ده غير أجزاء مكسورة من كل الأجهزة اللى بتبوظ، كل ده بتحب تحتفظ بيه "احتياطي" ، مع إننا لما حاجة بتبوظ بنطلب الكهربائى أو السباك وكل واحد بيجيب عدته معاه، أيه لزومه الاحتفاظ بقى بكل اللوازم دى فى البيت؟

وأيه ولعك ده بالمجلات المتخصصة، مجلات فى السباكة وفى دهانات الحوائط، نفسى اعرف عمرك قريت حاجة منها؟؟ بتجيبها أصلاً ليه؟ على أساس يمكن نتزنق ونبيّض البيت بنفسنا؟

طب وفواتير الغاز الطبيعي، ليه محتفظ بحوالى 35 فاتورة غاز عندك فى الدرج، واشمعنى مش بتحتفظ بفواتير الكهرباء؟

طب وكارنيه الشغل بتاعك، ليه كل ما يجددوه تحتفظ بكارنيه السنة اللى قبلها لغاية ما بقوا 7 كارنيهات؟

طب وليه كل ما بنروح صيدلية تصر تاخد الإعلانات المجانية لأدوية غريبة أنت مش محتاج لها، زى إعلانات أدوية هشاشة العظام وخشونة الركبة وفيتامينات لسن اليأس عند النساء، وأدوية مغص بتاعت الأطفال حتى من قبل ما نخلف؟؟ يعنى بتاخدها للعلم بالشيء؟

طيب بعد ما تقراها ليه مش بترميها ؟؟ ليه بتحتفظ بيها فى كيس ورا باب أوضة النوم، أنا بجد بدأت أخاف منك.. ليه كل ما نطلب dominos pizza بتحتفظ بدليل مواعيد أفلام الـ show time اللى بييجى معاها، بقى عندنا أكثر من 25 واحد مع أننا عمرنا ما كان عندنا Showtime!.. ليه كل ما نروح كارفور تشترى أى حاجه عليها عرض حتى لو عندنا زيها فى البيت؟؟
ليه بتحتفظ بتذاكر الجراج، وياريت بتسيبهم فى العربية، لأ بتبذل مجهود وبتجيبهم فى البيت، طب ليه؟.. وليه بتحتفظ بتذاكر السينما القديمة؟ وألف ليه وليه؟

جايز عايز تثبت للبوليس انك كنت فى السينما وقت حدوث جريمة معينة؟ يمكن، مش بقولك أنت بدأت تثير شكوكى فيك.

ليه دولابك مليان حاجات كتيرة، منها اللى مقطّع واللى موضته راحت، وكل ما اقولك ايه كل ده اتبرع بيهم واللا حتى أرميهم فى الزبالة، تقول لى "جايز الحاجات دى نحتاجها، جايز موضتها ترجع، نسيبها احتياطي، دى حاجات كنت جايبها لما سافرت أمريكا، وانتى عارفة إن الحاجات بتاعت (برّة) ما تتعوضش"
تانى الحاجات بتاعت "برة" ؟؟
مش بقولك عدم شعور بالأمان، أنا قلت لنفسى انك عندك حق، ما الراجل فعلاً بيستحمل كتير، كفاية تدبير فلوس البيت ومصاريف الشهر، يمكن ده بيصيب الراجل بالتوتر والقلق على المستقبل وبالتالى حب (التكويم) وعدم التفريط فى الأشياء مهما كان الثمن.
بس أنا بعد كده اكتشفت أن نيتى كانت سليمة زيادة عن اللزوم وكنت عبيطة من الآخر، وان الحالة اللى عندك ماهياش (حب التكويم)، لأ ده (حب التطنيش) ... خصوصًا إنى بدأت اكتشف إن علب الدوا اللى على الرف كلها علب فاضية، يعنى أنت خلصت أزازة الدوا وبعدين حطيتها فى علبتها وبعدين رجعتها الرف ، وأنا كل ده فاكره أن عندنا أدوية للطوارئ.

أيه الدماغ دي؟! ده أنت أستاذ والله، تاخد شهادة تقدير فى الكركبة، لدرجة علبة اللبن الجهينة بتبقى خلصانة وأنت تحطها فى التلاجة تاني! انت هتجنني؟ طب ما أنت بذلت مجهود وغطيتها ورجعتها التلاجة، طب ما كنت ترميها فى الزبالة أحسن ، ولما مرة لقيت شريط الدوا مفيهوش حتى ولا حباية ومحطوط فى الدرج، وسألتك عن السبب قلت لى " بصراحة أنا العادى أنى كنت بسيب شريط الدوا مرمى عادى على أى ترابيزة زى الناس الطبيعيه، لكن أنتى عودتينى على كده من ساعة ما اتجوزتك، خلتينى اعرف موضوع الأدراج ده وأرجّع الحاجات فيها بشكل تلقائى توماتيكي!

إيه؟ توماتيكي؟! وموضوع الأدراج؟! أنت ليه محسسنى انك من كوكب تاني، طب اشمعنى دى اللى انت اتعلمتها مني، ده أنت كده حافظ مش فاهم زى ما بيقولوا.. انت مكسّل حتى تروح ترمى الحاجة فى الزبالة وبتقول أى حجّة وخلاص.

البيت بقى صعب قوي، ومكسوفة أقول الوصف الصحيح ليه، لو أنا حاولت أتخلص من كل كراكيبك أنت مش هترضى، ولو حتى أنت رضيت أنا مش عارفة أبدأ بأيه واللا أيه وأبدأ منين، أرجوك وأستحلفك بكل رخيص وغالي، شوف لنا حل فى كراكيبك.

"هذه الجوابات من وحى خيال الكاتبة وأى تشابه مع الواقع هو مسؤولية كل زوج! "





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة