إذا استجابت الحكومة لطلب المجتمع ورفعت الحد الأدنى للأجور فهل تزيد إنتاجية العامل المصرى؟ الإجابة ببساطة هى لا، والدليل على ذلك فشل كادر المعلمين فى القضاء على الدروس الخصوصية أو سلبيات التعليم فى مصر، بما يعنى أن إنتاجية المعلم لم تتحرك بتحرك راتبه..
فكيف إذن نربط رفع الحد الأدنى للأجور بالإنتاجية؟ خاصة وإنتاجية العامل المصرى فى القطاع الصناعى لا تزيد على سدس نظيرتها فى كوريا والأرجنتين، وقد لا تزيد على ثمن أو عشر إنتاجية العامل الأوروبى فى بعض الصناعات.
أسئلة عديدة طرحها "مركز شركاء التنمية" فى اللقاء التاسع و العشرين من سلسلة "منتدى الشركاء" حول ثلاثية "الأجور والإنتاجية وتكلفة المعيشة" الذى عقد أوائل الأسبوع الجارى، يقول الدكتور مصطفى كامل السيد، المدير التنفيذى لشركاء التنمية وهل إنتاجية العاملين بالعقود المؤقتة أفضل من العمالة الثابتة رغم تشابه ظروف العمل؟ وما هو المنطق فى تحديد الأجور فى مصر فكيف لطبيب يعمل فى وزارة الصحة بأجر شهرى 200 جنيه يقابله طبيب آخر يحصل على 200 جنيه من كشف لأحد المرضى فى عيادته الخاصة، ونفس الموقف لأساتذة الجامعة وعلماء الذرة.
ويسأل الدكتور إبراهيم عوض، المدير السابق لمنظمة العمل الدولية بالقاهرة، من هم المعنيون برفع الحد الأدنى للأجور؟ هل كل من ينطبق عليه قانون الوظيفة العام أم من ينطبق عليهم قانون العمل الموحد لسنة 2003؟.
تقول الدكتورة منال متولى أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية: تعد الأجور مصدر الدخل الأساسى لقطاع عريض من المجتمع المصرى، بنسبة 44.4% من إجمالى مصادر الدخل للفقراء مقابل 42.1% لغير الفقراء.. والسؤال هل يتم ربط الأجر بالإنتاجية أم بتكلفة المعيشة وارتفاع الأسعار؟، وترى أنه من الصعب ربط الأجر بالإنتاجية خاصة فى ظل انخفاض المستوى التعليمى والمهارى للعامل المصرى بما يؤثر على مستوى إنتاجيته وبالتالى قدرة القطاع الصناعى على المنافسة الخارجية وعلى فرص التصدير إلى الأسواق الخارجية.
ويرى الدكتور يوسف القريوتى مدير منظمة العمل الدولية بالقاهرة، أن ربط الأجور بالإنتاجية ومستوى المعيشة سيخلق أزمة كبيرة، فمن خلال العام الذى قضاه فى مصر، لاحظ أن هناك مشكلة حقيقية فى مستوى مهارات العامل المصرى، وبالتالى إنتاجيته فكيف أطالب القطاع الخاص برفع الحد الأدنى لعماله..
ويرى عبد الفتاح الجبالى، نائب مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، أن الاقتصاد المصرى ينقسم إلى مجموعة من أسواق العمل، حيث يوجد القطاعان الحكومى والعام التابعان للدولة، وكذا القطاع الخاص والاستثمارى، المنظم وغير المنظم بماله من تباين فى تحديد الأجور، علاوة على تجزئة سوق العمل فى مصر وكلها أمور أدت إلى تعقيد الأوضاع الأجرية فى المجتمع وتشتتها بصورة كبيرة.
قضايا أخرى أثارتها هبة طه، ممثلة وزارة القوى العاملة، وهى المنافسة الشديدة التى تواجه العامل المصرى داخل بلده من العمالة الأسيوية، وخاصة البنجلاديشية، رغم أن الوزارة حددت العمالة الأجنبية بـ 10 % فقط من العمالة المصرية داخل المنشأة، لذلك يوافق أصحاب الأعمال على تعين 10 عمال مصريين فى مقابل عامل واحد من بنجلاديش يقبض 125 دولارا ويعمل بقوة 20 عاملا مصريا.
ويقول الدكتور أشرف العربى، أستاذ الاقتصاد المساعد بمعهد التخطيط القومى، والذى أدار الندوة، الحديث عن الأجور بمثابة قضية البيضة والدجاجة أيهما أولا هل نزيد الأجور فترتفع إنتاجية العامل أم العكس ..
وهل بزيادة الأجور سنتحكم فى قضية ارتفاع الأسعار ونحقق مستوى معيشة أفضل..
وما هى المعايير التى يمكن أن تربط المعادلة الثلاثية " الإنتاجية، الأجور، تكلفة المعيشة " ببعضها فى ظل الحقائق الواقعية المحزنة عن إنتاجية العامل المصرى ومستوى مهارته.. لعن الله الفتنة ومن أيقظها.
الدكتور يوسف القريوتى مدير منظمة العمل الدولية بالقاهرة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة