ذكرت أكثر من مرة قصة خليل ابن مدينة نابلس الفلسطينية، وصديق دراستى الجامعية، وقلت فيها إنه كان لا يمل من قوله لى بأنه يتمنى أن يتزوج امرأة من كل دولة عربية، وينجب من كل زوجة خمسة أطفال على الأقل، ينضموا جميعا إلى منظمة التحرير الفلسطينية، فيحقق بذلك الوحدة العربية على طريقته الخاصة بعد أن فشل حكامنا العرب فى تحقيقها، وإن استطاعت المنظمة تحرير فلسطين فليكن ذلك بفضل كل العرب الذين منحوه زوجات أنجب أبناء منهن، وضمهم للمنظمة التى ظلت لسنوات الوعاء النضالى الذى يضم كل الشعب الفلسطينى.
كان ذلك فى منتصف الثمانينات من القرن الماضى، وكانت القضية الفلسطينية تعيش بدايات تراجعها، لكنه التراجع الذى لم يكن أحد يتوقع أن يصل إلى ما هو عليه الآن، وأبشع ما فيه أن يمر يوم 15 مايو وسط صمت عربى رسمى، والذى يوافق ذكرى النكبة الكبرى فى تاريخنا العربى، نكبة ضياع فلسطين يوم 15 مايو عام 1948.
لم تكن الذاكرة الشعبية للحدث أكثر توفيقا من الذاكرة الرسمية، فقد شاهدنا يوم أمس يوماً عاديا لدى كل الشعوب العربية، الكل مشغول بنكباته الخاصة، دون أن يكون بينها مجال لنكبة فلسطين، فماذا حدث حتى وصل بنا الحال إلى هذا المصير؟، ماذا حدث حتى يتراجع الاهتمام الشعبى بأم النكبات العربية؟.
قالوا إن الأنظمة العربية، كانت تتحدث عن فلسطين ليلا ونهارا، حتى تكتسب شرعية بقاءها أمام شعوبها، لكن هذه الأنظمة استطاعت يوما بعد يوم، أن تنزل بالقضية إلى مستوى وكأنها خناقة فى حارة بين جارين، ومع أزمات الفقر فى معظم البلاد العربية، وأزمات الديمقراطية فى كلها، لم يعد النضال من أجل فلسطين على السطر الأول فى أجندة المواطن العربى، ولأن الأنظمة العربية مسئولة عن كل هذه النكبات، فهى تتحمل مسئولية تسديد الضربة المؤلمة للقضية.
انتصرت الأنظمة العربية فى حربها ضد القضية الفلسطينية، فلم تعد شرعية بقائها مستمدة من مساندتها للقضية، ولم تعد الجماهير تمنح صوتها الانتخابى لرئيس عربى أو حكومة عربية نتيجة الموقف من فلسطين، وبلغ انتصار الأنظمة العربية الذروة حين أصاب العطب الذاكرة العربية، وبفضل توحد جهود هذه الأنظمة مع الجهود الصهيونية، يخيم النسيان العربى على يوم 15 مايو عام 1948، بوصفه اليوم الذى تأسست فيه دولة إسرائيل على أرض فلسطين، وتواصلت رحلة المذابح الصهيونية للفلسطينيين، حتى يتم تنفيذ المخطط الصهيونى كاملا.
المخطط لن يهدأ إلا بابتلاعنا جميعا، والدليل دور إسرائيل حول ما يحدث من خلافات بين دول حوض النيل حول حصة مصر من مياه النهر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة