◄◄أمها تعرض بيع أى جزء من جسمها لعلاجها.. والأطباء يعلنون عجزهم
«كان نفسى أطلع مهندسة، بس امتحانات الفيزياء هدمت حلمى، وكلام الدكاترة مش ح يخلينى اتراجع عن حلمى، فى يوم من الأيام ح أكون مترجمة»، هكذا تتحدث أمانى صاحبة الابتسامة البريئة والعيون الحزينة من داخل المنزل الصامت كما هو معروف لدى سكان العقار الذى تقطنه بحى باكوس بالإسكندرية.
الحكاية ترجع لشهور، فور تلقى أمانى تطعيم الحصبة الألمانية فى مدرستها سامى البارودى التجريبية لغات لتصبح بعدها عاجزة عن الحركة، ولا تستطيع سماع الأصوات بسهولة، وقيام أحد الأطباء بتشخيص مرضها، ووصفه بأنه حالة فريدة من نوعها لم تدرس فى كتب الطب!
تحكى والدة أمانى محمد إبراهيم 17 سنة طالبة، قائلة: «فى أحد الأيام فوجئت بتليفون من مدرسة ابنتى بضرورة الحضور، وهناك وجدتها فى غيبوبة تشبه الموت، وتقوم طبيبة المدرسة بإعطائها حقن أدرينالين لتنشيط عضلة القلب، ومن يومها بدأت رحلة العذاب والمعاناة، تم نقلها إلى مستشفى الطلبة وهناك تبين أنها تناولت التطعيم الفاسد الذى تم استيراده من الهند، وتم تخزينه بطريقة سيئة جعلته غير صالح للاستخدام، ووجدت نفسى على مسرح تبادل الاتهامات، بينما حالة ابنتى تسوء وبلا حل، وبعد مرور عشرين يوماً من البقاء فى المستشفى وسط تضارب تشخيص فحوصات الأطباء هناك، نصحنى بعضهم بالإسراع فى الخروج بها لاحتواء المستشفى على ميكروب قد يتسبب فى إحداث مضاعفات لها، وخرجت مع طفلتى على كرسى متحرك وبصحبتنا التشنجات الهيستيرية، وضربات القلب المتسارعة، والنفس المفقود، بالإضافة الى زيادة فى عمل كل الحواس وطرقنا كل ابواب أطباء المخ والأعصاب الذين لم يكن أمامهم سوى المهدئات وكلمة «مالهاش تشخيص طبى» حتى إن بعض الأطباء الكبار أعطاها علاجا للصرع، الأمر الذى جعلها تحاول القفز من النافذة فى إحدى المرات، طرقنا أبواب العلاج على نفقة الدولة فلم يستجب أحد، أرسلنا تلغرافا الى وزير الصحة الدكتور حاتم الجيلى فكان رده إرسالنا الى مستشفى التأمين الصحى بستانلى، ولم يهتم أحد هناك، ذهبنا الى القاهرة وقصر العينى ولكن دون فائدة أيضاً، مفيش حد بيقول لنا فيه إيه، ولا نعمل إيه، والله أنا مستعدة أبيع أى حتة فى جسمى علشان أمانى ترجع تانى زى ما كانت».
أمانى الآن التى كانت تلعب الكاراتيه، وكرة السرعة، المتفوقة دراسياً وصاحبة الأحلام فى أن تصبح مترجمة يشار لها بالبنان، لا تغادر السرير أو الكرسى، ولا تستطيع تحمل سماع الأصوات ولو كانت منخفضة، وكذلك شم الرائحة النفاذة، أو القبض على يدها عند المصافحة، تقول: «الإنسان عندما يحرم من شىء يعرف قيمته، نفسى أروح المدرسة تانى، ونفسى أغنى وأرقص مع صاحباتى، وألبس اكسسواراتى، مللت نظرات الإحباط فى عيون الأطباء، ونظرات الشفقة فى عيون الآخرين، وعلى الرغم من أن الأطباء رفضوا استكمال دراستى، بسبب سرعة تعرضى للإجهاد الذهنى لذاكرتى الضعيفة، إلا أننى أصررت على المذاكرة، وأخذت مادتين هما اللغة الانجليزية والرياضيات، لا أنكر أنى أذاكر ربع ساعة أرتاح بعدها 10 ساعات، ثم أعود أنسى ما ذاكرته ولكن مش مهم، أنا كنت بحب القراءة فى علوم الفلك، والكوارث الطبيعية، وأسباب حدوثها، وبكتب قصص، ولسّه ناوية أدخل كلية الألسن وأدرس لغات شرقية وعبرى، علشان أكون مترجمة.