د.عزازى على عزازى

على قلب شهيد واحد

الأحد، 25 أبريل 2010 06:50 م


الناس فيما يعشقون مذاهب، ومن الناس أيضا من لا يعشق ولا يتمذهب، والبعض يكتفى بالتقاط الصور كالسياح العابرين، ليضمهما الى ألبوم الصور الخاص به، وفى هذا السياق تلح على ذاكرتى صورة صديق قاهرى (أى من القاهرة) كنا نحتفى به أكثر من اللازم إذا جاء لزيارتنا فى الشرقية، وكان حريصاً على التصوير فى كل الأماكن التى يرتادها، فإذا كنا فى الغيط طلب منى جلباباً وطاقية وفأساً ليتصور مع الفلاحين، وإذا ركبنا القطار صعد إلى كابينة القيادة، ليلتقط صورة لنفسه وهو يقود القطار، وهكذا يفعل إذا ركبنا سيارة أو ذهبنا إلى السوق، أو المسجد، وكان صديقى فى كل زيارة يرينا المزيد من صوره مع علية القوم فى مصر المحروسة، فنرى له صوراً مع المحافظ والوزير والمشاهير من النجوم والرياضيين، ولم ننجح فى كشف كذبة الصديق إلا بالصدفة، حينما رأينا على واجهة محل تصوير صورة كبيرة لصاحب المحل مع العندليب الأسمر، فذهبنا وسألناه عن حقيقة الصورة، فقال لنا: هذه خدعة بسيطة ولو تريدون صورة مع بريجيت باردو أعملها لكم.. ومنذ هذه الخدعة وأنا أكره التصوير، خاصة إذا كان مع النجوم والمشاهير وما يسمى علية القوم، وفى تلك الأثناء بهرنى الحديث الشرف: ان الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. وحينما امتلكت كاميرا كنت أصور الأماكن والأشخاص ولا أهتم بتصوير نفسى إلا إذا كانت تلك هى رغبة أصدقائى ورفقتى فى التقاط صور جماعية.

لكن كل الاعتبارات سقطت فى الليلة الختامية لمولانا سيد شهداء أهل الجنة الحسين بن على رضى الله عنهما. فالمكان كان أشبه ببلاتوه كبير يغرى على استخدام الكاميرا من جميع الزوايا، فقد تجولنا ما يقرب من الثلاث ساعات بدءاً من باب الفتوح لشارع المعز للتمبقشية، لشارع الجمالية ثم الجوانية والعطوف والدراسة والحسين لأم الغلام لكفر الزغالى حتى قصر الشوق ومررنا بجوار باب النصر وجامع الأنور والأقمر والسلحدار وجامع العدوى وقلاوون وبيت السحيمى وبيت الخرازاتى ووكالة بازرعة.

وكان الاحتفال يشمل الحجر والبشر، الأزقة والحوارى والشوارع والأرصفة وكنا أصحاب البيت والمكان وكان أهل المنطقة ضيوفا علينا، الناس فى حالة سلام نفسى حقيقى رغم كل ما يحدث، كرام حتى لا تعرف الفرق بين ضيق اليد واتساعها، وبرغم الزحام المليونى، فلا تحرش ولا توتر أو شجار، الكل يمشى واضعا يده على كتف الذى قبله، فى طابور حلزونى ممتد بلا نهاية (اسع وصل على النبى) ... الناس يذكرون وينتشرون، يأكلون ويشربون، يألفون ويؤلفون، يدعون لك دون معرفة أو طلب، فزوار المكان من جميع أنحاء المعمورة، لكنك تشعر أن كلاً منهم يمشى بين أملاكه فلا غربة ولا حيرة، الناس على قلب شهيد واحد، والجميع يمضى فى صمت صاخب دون كلمة واحدة، الأمر الذى جعلنى أتمنى التقاط صورة المكان والزمان بعين رأسى أو بعين قلبى.


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة