رفض معظم المهتمين بقضية أطفال الشوارع فكرة العزل التى يشير إليها المشروع الذى تقدمت به الدكتورة نبيلة الشوربجى، مدرس علم النفس بكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة الفيوم، والخاص بإنشاء وزارة جديدة للطفل تهتم بأطفال الشوارع، ويمثل أهم اختصاصاتها حصر وجمع الأطفال المعرضين للانحراف من سن 6 سنوات إلى أقل من 18 سنة، المتواجدين يوميا بالشوارع والطرقات وتحت الكبارى وغيرها، وتقوم الوزارة ببناء مدينة متكاملة نموذجية باسم "أطفال مصر المستقبل " فى إحدى الأراضى الصحراوية، يتم إعدادها بكافة التجهيزات الطبية والعلمية والرياضية، لرعاية أطفال الشوارع وحمايتهم من الأمراض المختلفة بالإضافة إلى حمايتهم من الاستغلال الجنسى من جانب العصابات أو الأفراد الذين يقومون ببيعهم للدول الأجنبية والعربية أو استغلالهم فى الجماعات الإرهابية.
حيث أكد الخبراء أن إنشاء مدينة فى الصحراء بعيدة عن المجتمع لأطفال الشوارع ستؤدى إلى تهميشهم وظهور مشاكل كثيرة نتيجة هذا العزل.
فرفضت الدكتورة عبلة بدرى، رئيسة مجلس إدارة قرية الأمل لأطفال الشوارع، فكرة إنشاء وزارة متخصصة للطفل من الأساس، لأن ذلك يمثل تضاربا فى اختصاصات الوزارات الأخرى مثل وزارة الأسرة والسكان، التى تهتم بجميع قضايا الأطفال ووزارة التضامن الاجتماعى التى تهتم بالأحوال الاجتماعية للمواطنين، مقدمة اقتراح بديل وهو إنشاء وزارة للجمعيات الأهلية للطفولة التى تهتم بقضايا الطفل، مما يساعد على حل مشاكل أطفال الشوارع.
رفضت بدرى أيضا فكرة إنشاء مدينة لهؤلاء الأطفال فى الصحراء من منطلق أن هذه المدينة ستؤدى إلى عزلهم عن المجتمع وبالتالى زيادة مشاكلهم وخطرهم، مؤكدة إلى أن العزل ليس فى مصلحة الأطفال ولا فى مصلحة المجتمع.
وأكدت بدرى أن حل مشكلة أطفال الشارع تكمن فى رعايتهم ومساعدتهم على الخروج للمجتمع بشكل صحى وإعطائهم فرص متساوية مثل باقى الأطفال العاديين سواء فى التعليم والمعايشة للاستفادة من قدراتهم وليس الحل فى عزلهم بعيدا عن المجتمع كأنهم جرثومة نريد أن تبتعد عنها، موضحة أن فكرة عزل هؤلاء الأطفال ستؤدى إلى تفاقم مشاكلهم نتيجة زيادة حقدهم وكراهيتهم تجاه المجتمع، قائلة "هذا اقتراح ظالم لأطفال الشوارع، ولكن ظلم من نوع جديد، كأننا بنقولهم إحنا مش عايزنكم "متسائلة "إيه اللى ممكن نتوقعه لما نخرجهم من حياتنا، فى حالة ده ممكن يعملوا أى حاجة عشان يخرجوا الحقد اللى فى قلبهم لينا وللمجتمع".
وأكدت بدرى أن هذه المدنية مهما تم تجهيزها تمثل منفى من نوع مختلف لهؤلاء الأطفال قائلة "إحنا هنعمل بلدين بلد للأطفال العادية، وده مصر رقم 1 اللى إحنا بنعيش فيها، والمدينة اللى فى الصحراء هتبقى مصر رقم 2 "، مشيرة إلى أن أطفال الشوارع ليسوا فى حاجة إلى العزل ولكن فى حاجة إلى العودة مرة أخرى لأسرهم، بجانب قيام الجمعيات الخاصة بالطفولة بتولى رعاية الأطفال التى ليس لها أسر، لإخراجهم أفرادا صحيين نفسيا و اجتماعيا قادرين على التعامل مع الآخر.
ومن جانبه وافقها الرأى هانى هلال، خبير حقوق الطفل والأمين العام لائتلاف المصرى لحقوق الطفل، الذى رفض فكرة عزل وتهميش أطفال الشوارع مشيرا إلى أن هناك العديد من الأفكار التى نادت بعزل أطفال الشوارع عن المجتمع، لأن ذلك بمثابة تقديم اعتراف رسمى لهؤلاء الأطفال بأنهم فئة منبوذة من المجتمع الذى يرفضهم، مما يؤدى إلى زيادة المشكلات المجهولة التى قد يتسببوا فيها ضد المجتمع، مؤكدا أنه يجب أن نتعامل مع هؤلاء الأطفال من منطلق أنهم ضحايا سياسات اقتصادية واجتماعية وليس من منطلق أنهم مجرمون.
وعبر هلال عن اندهاشه من فكرة إنشاء وزارة أخرى تهتم بأطفال الشوارع فقط وكأنهم فئة مختلف عن الأطفال العاديين التى ترعاهم وزارة الأسرة والسكان التى من المفترض أنها تهتم تطبق قانون الطفل والذى يضم قضية أطفال الشوارع، مؤكدا أن الهدف الرئيسى من أى مشروع لحماية أطفال الشوارع هو إعادة تأهيلهم ودمجهم فى المجتمع، الذى يجب أن يتم وسط وداخل المجتمع لإعادة حقوقهم وليس فى قرى منعزلة بعيدا عن الناس العادية.
وأكد هلال أن إنشاء مؤسسات إيواء فى كل المحافظات قادرة على استيعاب أطفال الشوارع بكل محافظة من أكثر الحلول إيجابية فى القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع، مشيرا إلى أنه يوجد فى مصر ما يقرب من 80 % من أطفال الشوارع لهم أسر موضحا أن أول خطوة لحل هذه الظاهرة هى عودة هؤلاء الأطفال لأسرهم بعد دراسة الأسباب التى أدت إلى خروجهم من المنزل ومعالجتها، ثم القيام بتأهيلهم نفسيا ومجتمعيا حتى يستطيعوا الاندماج بسهولة فى المجتمع.
ردا على فكرة إنشاء مدينة لهم فى الصحراء..
خبراء: أطفال الشوارع ليسوا جرثومة لنعزلهم فى الصحراء
السبت، 24 أبريل 2010 04:58 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة