روى لى الإذاعى الكبير عبد الوهاب قتاية أنه فى عام 1970، وقبل شهور قليلة من رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، كان يقدم حفلة شارك فيها الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، وكانت مخصصة لجنود الجيش الثالث، وكانت الحفلة ضمن برامج حفلات فنية يقدمها الفنانون المصريون والعرب كنوع من الترفيه لجنودنا على الجبهة، الذين كانوا يستعدون لمعركة الثأر من إسرائيل بعد نكسة 5يونية عام 1967، وكانوا يخوضون حرب الاستنزاف، وهى الحرب التى تعد من أعظم وأنبل وأهم حروب جيوشنا العربية الحديثة ضد إسرائيل، وكانت المدخل الحقيقى والهام لانتصارات حرب أكتوبر عام 1973.
كانت الحفلة كما قال لى قتاية يتم تسجيلها لإذاعتها فيما بعد فى الإذاعة، ويتذكر أنه بعد أن قدم عبد الحليم حافظ فقرته وهى الرئيسية فى الحفل، فاجأه النزيف بغزارة وهو فى الاستراحة، وكان ألم النزيف يمزقه بعنف لدرجة أن الإذاعى الكبير الراجل جلال معوض انسابت دموعه وهو يحتضن عبد الحليم ويطبطب عليه كطفل صغير قائلا "سلامتك يا حليم.. سلامتك يا حبيبى".
يضيف قتاية، بينما كان الحال على هذا الوضع المؤلم، والكل يتسابق فى تقديم أى شئ، فوجئنا بمطرب كبير مشارك أيضا فى الحفل وهو يقول :"كفاية.. خلاص.. الكاميرات صورت والصور بكره هتبقى فى الجرايد ".
عاش عبد الحليم حافظ الذى حلت ذكرى رحيله أول أمس الأربعاء (30مارس عام 19 77 )، متنقلا من درجة سلم إلى أخرى حتى صعد إلى مجده الغنائى، كانت الإرادة هى العنوان الرئيسى لمسيرته، والذى صنع من خلاله وجدان أجيال عديدة، وكان المرض هو الداء الذى انتهت به حياته وهو بعد لا يزال فى عمر الـ 48 عاما لكن كان هناك من يتصور أنه يستثمر المرض لاستدرار العطف عليه والاحتفاظ بحب الجماهير، والقصة التى أنقلها حسب رواية الإذاعى عبد الوهاب قتاية نموذجا لتلك التصورات الخاطئة، وفى سياقها أذكر رواية للأميرة والشاعرة الكويتية سعاد الصباح التى ارتبطت هى وزوجها بعلاقة صداقة مع عبد الحليم، وكانت مستمدة من علاقة أكبر هى علاقة حب وعشق من الأميرة وزوجها لمصر جمال عبد الناصر، قالت الأميرة، إن عبد الحليم كان فى ضيافتهما، وتزامن ذلك مع هجوم عليه بأنه يستثمر مرضه من أجل أن يكسب عطف الجمهور، وانهمرت دموع عبد الحليم وهو يكشف عن بطنه، لترى الأميرة وزوجها غابة من الخطوط على إثر الجراحات التى أجريت له، أشار عبد الحليم إليها وهو يقول "ده مش كفاية".
ماذا يفيد اليوم وبعد مرور 33 عاما على رحيله من ذكر هذه الحكايات؟
رحل عبد الحليم ولم ترحل سيرته، رحل وبقى فنه وتبخرت كل الحكايات عن استثمار مرضه، فلو كانت صحيحة ما بقيت أغنياته على عرش القلوب حتى الآن.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة