قال الكاتب الشاب عمرو عاشور فى حواره مع اليوم السابع إن مصادرة المؤسسات للكتاب هى دليل على ضعفها وعدم قدرتها على تغيير الواقع، فهم يرفضون ما يقدمه الإبداع لأنه مرآة الواقع، ومن يحكمون على الأدب هم أشبه بامرأة تكنس وتضع التراب تحت السجادة، وتساءل لماذا لا نرى طبعات عديدة لبهاء طاهر كما نرى ليوسف زيدان؟ وإلى نص الحوار..
تحديدًا متى بدأت علاقتك بالأدب؟
ارتبطت علاقتى بالأدب من حكايات والدى لنا منذ صغرى، فكان والدى يجعلنا أبطالاً فى حكايته التى يقوم بتأليفها، وبعدها كانت القراءة، فكنت أبحث عن كتب مثل "المغامرين الخمسة" وما شابهها، وفى الإعدادية كان لدى هاجس الكتابة المصورة، وتطورت العلاقة بينى وبين الأدب، وزوجتى هى التى شجعتنى على النشر.
هل ترى أن هناك تربية إبداعية؟ وهل هى قصدية أم أنها محض صدفة؟
بالطبع هناك تربية إبداعية، وفى بيتنا كانت غير مقصودة، فوالدى كانت هواياته الرسم والحكايات، ودائمًا ما كنت أشاركه الرأى فى تلوين لوحاته، وكان يستجيب لى، فيعطينى مساحة كبيرة من الخيال، ولن تكون هناك تربية إبداعية بدون اقتناع من الآباء أنفسهم بما هو إبداع، وإلا تحولت المسألة إلى إرشادات للمحافظة على البيئة، فالمدرسة لا تربى إبداعًا حقيقيًا، فالمدرسون فيها موظفون فقط، ولا علاقة لهم بالإبداع نهائيًا، فكيف تربى فى الطفل روح الإبداع ومدرس اللغة العربية ينظر لحصة التعبير على أنها تقييم للكتابة الإملائية فقط، ولا يرى روح الطفل فى النص.
وما رأيك فيمن ينصبون أنفسهم حكامًا على الإبداع؟
الإبداع هو مرآة الواقع، وهؤلاء أشبه بمن لا تعجبه صورته فى المرآة، فبدلاً من أن يغير من هيئته يغير المرآة، أو كالمرأة التى تكنس وتخبئ التراب تحت السجادة، وما يرفضونه هو موجود بالفعل فى الواقع، فإذا تغير الواقع فلن يكتب أحد ما يرفضونه الآن، ومصادرتهم للكتاب دليل على ضعف المؤسسات لتغيير صورة الواقع؛ فلماذا لا يحاكمون الإبداع ولا يحاكمون المجتمع، والإبداع لديه النقد يحكم عليه بمعيارية أدبية.
وهل ترى أن الحركة النقدية متابعة للحركة الأدبية الحالية؟
فى الحقيقة لا يوجد نقد.
قلت فى حوارٍ لك "جيلى سيفرز أكثر من نجيب محفوظ"، ألا ترى أن جيل نجيب محفوظ كان محفوفًا بالقراء والنقاد، وجيلك الآن كما قلت لا يوجد به نقاد؟
فى الحقيقة إن المبدعين من جيل نجيب محفوظ كانوا يقومون بنشر أعمالهم على نفقتهم، ومن ثم يقومون بتوزيعها على أصدقائهم ليقرأوها ويكتبون عنها، فكان المجتمع لا يعرف أى شىء عن هؤلاء المبدعين، أما اليوم فالمبدع الشاب تجد كتابه "الأكثر مبيعًا"، ودور النشر تتسابق عليه.
وما رأيك فى "الأكثر مبيعًا" تحديدًا فى مصر والعالم العربى؟
أرى أنه لا توجد معيارية أو مصداقية فيها، فعندما أتابع دار نشر يوميًا لأسأل عن "اللاهوت العربى" ويقال لى الكتاب لم يطرح بعد، وفجأة أجد الطبعة الرابعة "طب إزاى أنت هاتجننى".
الجميع كان ينتظر "اللاهوت العربى" فهل تعتقد أن كاتباً كبيراً بحجم الدكتور يوسف زيدان تفتقر أعماله للترويج؟
وهناك كاتب كبير جدًا مثل بهاء طاهر ولا تجد من أعماله إلا طبعات قليلة جدًا.
وما هو تفسيرك لذلك؟
لا أرى إلا أن هناك فى مجال النشر ما يسمى بالديجيتال، وهو أن تطبع العمل خمسين نسخة وتكتب عليها الطبعة الأولى، وبعدها بيومين أعمل طبعة ثانية وثالثة وهكذا، هناك دور نشر "متسفزة جدًا لا تقدم لك كاتبًا مهمًا، فالأسطوانة بتيجى ومعها ثلاثة آلاف جنيه وبعد أسبوعين تلاقى الكتاب فى السوق".
ومن أنت لتحكم على جودة إصدارات الدار؟
أنا قارئ، يندم لأنه يشترى كتابًا ولا يقدم له جديداً، ولكنى أجد بعض دور النشر مثل "العين" فى كل كتاب يصدر عنها تقدم لك كاتباً جديداً.
ومن وجهة نظرك من المسئول؟
بالطبع وزارة الثقافة، فهى تعطى منح تفرغ لشخصيات تجلس فى بيوتها، أعتقد أنه لو وضع فى كل دار شخصين اثنين منهما ليقدموا الحد الأدنى من القيمة الأدبية ستكون هناك معيارية، فغالبيته كوميديا وخارج الكتابة.
مثل؟
كتاب "بنى آدم مع وقف التنفيذ" لمحمد تهامى، شىء مستفز جدًا ومنتهى السطحية والسذاجة، عندما تقرأ هذا الصوت أعرف جيدًا هذا صوت محمد على باشا، أنت عرفت صوت محمد على من فين؟ هذا يدل على أنه لا يوجد وعى بالكتابة.
قلت فى حوارٍ لك بأن "تغريدة البجعة"، و"عمارة يعقوبيان"، و"فيرتيجو" تشبه برامج التوك شو والصحافة الصفراء، فهل من توضيح؟
كقارئ بسيط يعرف ما هو الأدب سيحكم على هذه الأعمال بأنها لن تستمر، يعقوبيان مثلاً لم تأتِ بجديد، فميرامار قدمت ما أعادته يعقوبيان ولكن مع الاختلاف فى اللغة والصورة، كما أن ميرامار لم تقدم رموزاً فردية كما قدمت يعقوبيان، وتغريدة البجعة إعادة لما قدمته الصحف فى شكل كتاب أو رواية، ومن وجهة نظرى هذا ليس بأدب حقيقى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة