مئات الملايين من الصينيين يحتفلون بعيد الموتى

اعتبارا من 27 مارس الجارى وحتى 27 أبريل المقبل، تتوافد تباعا مئات الملايين من عموم مواطنى الصين ونخبة من كبار القادة ورجال الدولة على معبد ضخم البناء يقع فى جبل "تياو" ببلدة "هواندينج" على بعد نحو 200 كم عن مدينة "شيآن" عاصمة الصين القديمة والعاصمة الحالية لمقاطعة شنشى وسط البلاد، حيث يوجد قبر الإمبراطور الأصفر "وان يوان هوانج دى" جد الصينيين الأول الذى تنحدر منه قومية "الهان" التى تمثل أكثر من 92% من إجمالى سكان البلاد(البالغ 1.3مليار نسمة).

ويتوافد الملايين لرفع الصلوات من أجل "حياة أبدية سعيدة" لجميع المتوفين وفى مقدمتهم جدهم الأول، وهى الطقوس التى تمثل ذروة الاحتفال بعيد الموتى وتجسد أسمى معانى النبل والوفاء والإخلاص للأسلاف الذين غيبهم الموت ولشهداء الوطن الذين ضحوا بأرواحهم لأجله، وسط تقارير رسمية تشير إلى أن إجمالى عدد الصينيين الذين يتوفون سنويا يقدر بنحو عشرة ملايين مواطن.

وحسب العقيدة الصينية،، فإن الإمبراطور الأصفر ولد قبل نحو 4700 سنة، فى تلك المنطقة المترامية الأطراف الواقعة فى الشطر الشمالى للنهر الأصفر مهد الحضارة الصينية، حيث كانت تتمركز القبائل المتحاربة التى تمكن الإمبراطور الأصفر من توحيدها، ولذلك أصبح يحتل مكانة القديسين لدى عموم الصينيين بل هو بالنسبة لهم بمثابة "المسيح المخلص" بالنسبة للغربيين.

ووفقا للثقافة الصينية التى يتعين فى إطارها تأصيل كل شىء أو حدث أو مناسبة بأسطورة.. فإن عيد الموتى يرتبط بأسطورة تحكى عن إمبراطور آخر يدعى (جين ون قونج) الذى اعتلى عرش البلاد قبل 2600 عام (إبان عهد أسرة الممالك المتحاربة 770-221 قبل الميلاد) ونتيجة لسلسلة من المؤامرات حيكت ضده تم خلعه عن العرش وأجبر على الذهاب إلى المنفى لمدة 19 عاما، وأبى أن يرافقه خلالها سوى واحد فقط من أوثق خدامه المقربين ويدعى (جيه تسى توى) والذى ظل محافظا على ولائه وإخلاصه لمليكه طوال سنوات المنفى. ووصل إخلاصه إلى الحد الذى راح يقطع بين الحين والآخر أجزاء من جسده ويطبخها له بطريقة الشواء على النار عوضا عن اللحم الذى كان محرّما على الإمبراطور تناوله طوال فترة منفاه كنوع من تشديد العقاب عليه، حيث كان يعرف عنه ولعه الشديد بالتهام اللحوم على اختلاف أنواعها.