محمد محيى الدين يكتب: الموافق على التغير يتفضل برفع يده

الأحد، 28 مارس 2010 11:42 ص
 محمد محيى الدين يكتب: الموافق على التغير يتفضل برفع يده

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل تلك الثورة فى عالم الفضائيات وتعدد القنوات اعتدنا أن نلتف حول الشاشة الصغيرة لانتظار الحلقة الجديدة من المسلسل العربى على القناة الأولى وكان كثيرا ما يطيل انتظارنا ويؤخر علينا متعة المتابعة هذا اللقاء الممل بين أعضاء ممثلى الشعب فى مجلسهم الموقر والذى كالعادة لا يعنينا فى شىء إلا أننا كنا نتنافس فى ترديد كلمة (موافقة) التى اعتدنا سماعها من الدكتور فتحى سرور حتى دون أن يصرف نظره إلى السادة حاضرى اللقاء الموقر.
ومرت السنون وها أنا ذا أتذكر تلك اللقاءات الساخنة بين الأعضاء حول مياه الصرف والقمح المسرطن وغيرها من المشاكل الروتينية التى اعتاد المصريون سماعها.
وهذه الأيام ينشغل الشارع المصرى بالخطب الجلل وهو اختراع جديد قد أشعل وقود الحماسة عند الكثير من المعامل المختصة وغير المختصة لتحقيق أفضل معايير الجودة والخروج به إلى النور فى وقت قريب، ألا وهو اختراع التغيير.
لو أطلقنا لمخيلاتنا العنان بأن هذا المشروع رفع إلى مجلسنا الموقر حفظه الله ورعاه وصاح المنادى سائلا (الموافق على هذا المشروع يتفضل برفع يده) ماذا يحدث برأيكم.
أتوقع أن الكثير منكم لن يتفاجأ عندما يشاهد هذا الصمت المدقع الذى يعلو صوت نداء الثوار، وذلك الشلل الملفت الذى أصاب أيدى الأغلبية من المصوتين رغم أنها باتت عهدا ليس بعد بالزائل تبطش وتهدم وتشل .
فمن الرائع الصمت فى مكان ضجت فيه الأصوات والأروع أن يكون الصمت حكمة وليس سلبية ولكن أى حكمة هنا وأين غير السلبية؟ ولأن العالم يتغير فتغير الناس بالطبع فليس كل مشروع يلقى موافقة وليس كل جديد حميد.
و لازالت معامل التغير فى دأب واستماتة للخروج بتلك الوصفة العجيبة والمعادلة الصعبة والنتائج شبه المستحيلة، واضعين أمام أعينهم النصوص التى سطرها لهم العالم الجليل أديسون الذى صنف مراحل الاختراع إلى ثلاثة مراحل لا تكتمل إلا سويا.
الأولى منها هى التخيل والرسم، أما الثانية فهى تذليل العقبات والتنفيذ، والثالثة والأهم هى مرحلة التطبيق والاستمرار فبدونها لا تتحقق النواحى الإيجابية والفوائد المادية التى تجعل من الاختراع عملا مجزيا مربحا وقابلا للنمو والاستمرار.
ونحن والحمد لله فى مصر قد تقلدنا بثمين القلائد ونلنا أعظم الشهادات فى فن التخيل والحلم والرسم ولاسيما الإخراج.
انظر إلى ذاك الموظف وقد انحنى ظهره على مكتبة المحتضر الخمسينى العهد، ادخل إلى مخيلته، أثق فى انك لن ترى إلا من السيناريوهات اثنين، و متوازيين، الأول أسود لا ترى فيه من الأبيض إلا الأسنان أما الثانى رائع ما أحلاه، جنان وقصور وجزر خاوية لا يسكنها إلا هو ومن يؤثر، هذا إن لم يكن سئم من البشرية وأراد العيش الرغد وحيد.
وهذا الشاب هنالك، كم أشفق عليه من المارة ومن نظرات الجنس الآخر وهو يحلم ويضيع الوقت بنظرات مختبئة تحت عوينات شمسية وتسائله فيكون شريدا، تمسك بيديك صحائف فكره فإذا هى قد امتلأت بحوار كاذب ألفه المسكين بخيال بارع يتحدث إلى فتاة خياله يلقى عليها الأشعار، وكثيرا منا من يحلم ويزيد براعته فى الرسم.
ومن البديهى بأن يتفق الجميع على أن يثابروا ويذللوا الصعاب من أجل تحقيق هدف أسمى إلا أننا نختلف عن الأصل قليلا فالعالم أديسون يعتقد بأن المرحلة الثالثة هى الأهم ولكن بالنسبة لنا فإن الثانية هى الأعظم .
نحتاج بأن يتحول حلم الأمة حقيقة فأنا أتغير، أشتاق لرؤية أحلامى وإبداعى على أرض الواقع ليس وانا مغمض عيناى وأنا أتجاهل الواقع الاكثر ألما.
اعتقد بأن الصمت يزيد الواقع ضوضاء فالصمت يزيد الثائر حنقا، يدفن آلامه فى صدره لا نسمع إلا السائل يسأل (الموافق على هذا المشروع يتفضل برفع يده) لكن مازلنا لا نسمع ردا.
هل يصبح انجازا حقا؟ أم سنزيد القصة سوءا أم تصبح تجربة فاشلة أخرى، وستصبح وصمة عار لهذا الجيل فنحن لسنا آخر جيل مازلنا ننجب أجيالا أخرى ستسائلنا، هل يعلم احد منا رد؟ من أردى هذا الجيل قتيلا لا يلقى غير الرحمات.
يا إخوانى لدينا ثورة، فى أى مجال لا أدرى لكن لابد لنا من ثورة، هل هى ثورة سياسية؟
أم هى ثورة عملية، أو تعليمية، ثقافية كانت أو تربوية، نحن لابد لنا من ثورة
وكما أرخها جيفارا : الثورة قوية كالفولاذ، حمراء كالجمر، باقية كالسنديان، عميقة كحبنا العفوى للوطن، أنا لست محررا فالمحررين لا وجود لهم، الشعوب هى من تحرر نفسها.
هل سيعود الصوت ينادى لأجل مصر، باسم مصر، هل سيكون الرد قويا ويهز القاعة بل والدنيا ونسمع كلمة كم نشتاق إليها، ونصنع حقا الموافقة؟!!!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة