محمد بركة

أيها المسلم.. أنت قبطى ولك الشرف

الثلاثاء، 02 مارس 2010 07:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فاتتنى فى مقال الأسبوع الماضى حول طرائف ومداعبات البابا شنودة الإشارة إلى أن الصديق أسامة الرحيمى – الكاتب الصحفى بالأهرام – كان أول من نبهنى إلى هذا الجانب المضىء فى شخصية قداسة البابا صاحب تلك المقولة البديعة: "مصر ليست وطناً نسكن فيه، بل وطن يسكن فينا"، ولقد بلغ إعجاب أسامة بهذه المقولة حد إطلاق اسم "وطن" على أول مولود له، ولا أعرف كيف تعاملت السيدة حرمه مع تلك الفكرة التى تحمل نزقاً جميلاً ولمسة حقيقية من جنون المبدعين!

وعلى ذكر الوطن أفخر كمسلم موحد بالله بانتمائى لبلد الوحدة الوطنية فيه حقيقية تفرضها استحقاقات التاريخ والجغرافيا والثقافة، كما أن الفقاعات الطائفية – هنا وهناك – ترف لا نقدر عليه ورفاهية لا نملك الوقت اللازم لها! يكفى أن كلمة "قبطى" تعنى – حرفياً ولغوياً وتاريخياً – الشخص المصرى وليس المسيحى، وبالتالى حتى المسلم المصرى هو فى الأصل قبطى...

والحكاية ببساطة هى أن كلمة "قبط" – بالعربية" – هى تعريب لكلمة "كيتياس" – فى اللغة القبطية قبل اندثارها – والمشتقة بدورها من كلمة "إيكتيوس" فى اللغة اليونانية القديمة، ويقال أيضاً إن كلمة "قبط" اشتقت من اسم أحد ملوك البطالمة الذين حكموا مصر ويدعى "أجيبتوس" Agyptius ولقبه "بطليموس الثانى"، وهنا تتضح الصلة الوثيقة بين لفظة "قبط" – خصوصاً حين تنطق بالعامية الجنوبية فتتحول "القاف" فيها إلى "جيم معطشة" لتصبح "جيبت" – وبين كلمة "إيجيبت" Egypt!

وكان البعض يفترض أن كلمة "قبط" ربما كانت تعريباً لكلمة "كيتس" – وهى الاسم اليونانى لبلدة "قفط" فى الصعيد – ولكن من الواضح أن معظم الباحثين باتوا يستبعدون هذه الفرضية، ويرون أنه ربما كان العكس هو الصحيح، أى أن تكون "قفط" هى التى اكتسبت اسمها من الاسم القديم لمصر باعتبارها "حاضرة البلاد" قديماً...

وبالطبع عندما دخل الإسلام مصر – وليس مهماً هنا أن تندلع تلك الخناقة الشهيرة بين من يرونه "فتحاً" ومن يرونه "غزوا"، بل يكفى أن ننظر إليه باعتباره تطوراً حضارياً لافتاً فى مسيرة شعب عظيم – أقول إنه مع اعتناق معظم المصريين للإسلام، وتحولهم إلى "مسلمين" تحولت كلمات مثل "قبط" و "قبطى" و"أقباط" تدريجياً إلى مفردات لغوية تخص المسيحيين المصريين ممن ظلوا محتفظين بديانتهم الأصلية، فى ظل ديانة جديدة يرفع كتابها مبدأ: لا إكراه فى الدين!

والآن ما الذى يعنيك ويعنينى من كل هذا؟

يعنيك بالتأكيد أن المسيحيين المصريين – من بين كل مسييحى العالم – لديهم إسم آخر مميز، هو – وفق حقائق العلم واللغة – يخص جذور الهوية القديمة لإخوانهم فى الوطن من المسلمين... وبذمتك يا شيخ هل هناك أروع من هذا؟، أن تكتسب لفظ "قبط" – ومشتقاتها – دلالة جميلة تؤكد على أن "وحدة النسيج الوطنى" ليست بالضرورة مجرد شعار ممل تتداوله مذيعة سخيفة فى برنامج أسخف!، وبالتالى يحق للمسلم المصرى أن يشرف بجذوره التاريخية التى تجعله متسامحاً بطبعه، كما يشرف بانتمائه الدينى الذى يجعل من إحسانه وبره تجاه أخيره المسيحى فريضة شرعية...

وحتى لا يهرب منى القارئ العزيز – وهو مملول بطبعه – أسارع إلى الختام مشيراً إلى أن محمد على كان قد قام بتعيين خمسة محافظين "مأمورين بتعبير ذاك الزمان" من الأقباط فى برديس والفشن وديرامواس وبهجورة والشرقية، ولم يرفض أو يتحفظ على طلب واحد للأقباط ببناء أو ترميم كنيسة... كان هذا قبل أكثر من 150 سنة.. تصدقوا!

• كاتب صحفى بالأهرام.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة