لا أحب أن أسير وحيدًا، أخالف الآخرين، وأتفرد بآراء عكس التيار، ولكن هذه المرة اختلف الوضع.. الأمور سارت فى اتجاه مستفز جدًا.. قبل وأثناء وبعد مباراة مصر وإنجلترا سادت نغمة غريبة، أن المنتخب المصرى يكفيه فخرًا أن يواجه الإنجليز، مخترعى كرة القدم.. وكثر الحديث عن دخول اللاعبين المصريين التاريخ من أوسع أبوابه بعد هذا اللقاء.
هذه النغمة الاستفزازية، تحمل تقليلاً كبيرًا من حجم المنتخب المصرى..وتحمل أيضًا حالة من عدم الفهم لدور وطبيعة العمل الإعلامى فى المرحلة الحالية، مرحلة «انتعاش» الكرة المصرية.. كان الأولى أن نقول إن مواجهة المنتخب الإنجليزى لمصر جاءت لسببين الأول هو نجاحات المنتخب المتتالية، وآخرها الفوز بكأس الأمم الأفريقية، والسبب الثانى هو تشابه طريقة لعب المنتخب المصرى مع الجزائر التى وقعت مع إنجلترا فى مجموعة واحدة فى المونديال، ونستبعد تمامًا قصة «التاريخ والجغرافيا».
وإذا تركنا هذه النقطة تحديدًا، فإن هناك أوجه قصور أخرى فى التعامل مع هذه المباراة من جانب الإعلام... مثلا بعد المباراة تناولت الصحف الإنجليزية اللقاء بالتحليل وتوقفت عند أبرز نقاط القوة والضعف فى فريقها، وكذلك قامت بتحليل تفصيلى لأداء فابيو كابيللو المدير الفنى الإيطالى لمنتخب بلادها.. ولكن عندنا كان الوضع مختلفًا تمامًا.. تركز حديثنا فى الصحف والقنوات الفضائية على التشريف والتكريم، وكان التحليل الفنى فى حدود ضيقة للغاية، ولم نتوقف عند ظواهر غريبة التصقت بالمنتخب الوطنى الأول.
لعبنا أمام إنجلترا، أحد أقوى منتخبات العالم، وتقدمنا عليها فى الشوط الأول.. قبل أن تأتى الثلاثية الإنجليزية فى الشوط الثانى.. من وجهة نظرى فإن الظاهرة التى يجب التوقف عندها بعد هذا اللقاء، هى اختلاف أداء اللاعبين مع المنتخب عن أدائهم مع أنديتهم بصورة جذرية.. فى البطولات المجمعة قد يبدو الأمر منطقيًا، حيث يجتمع الجهاز باللاعبين فترة طويلة، يستطيع خلالها أن يعدل فى طريقة لعبهم وفقًا لرؤيته الفنية، أو يرفع معدلات اللياقة البدنية.. لكن حين تكون فترة المعسكر قليلة، ويدوم أيامًا معدودة.. ثم نرى لاعبين جددا غير الذين تعودت العين على النفور من أداء أكثرهم فى المسابقة المحلية، نرى روحًا وقتالاً وأداءً مختلف تمامًا فهذا أمر محير.
واختلاف المستوى، ليس مقصورًا على اللاعبين المحليين فقط، فحتى لاعبو المنتخب المحترفون يختلف أداؤهم مع الفراعنة عن أدائهم مع أنديتهم.. ففى الوقت الذى أصبح فيه خروج محمد زيدان من الملعب فى الشوط الثانى خلال كل مباريات فريقه بوروسيا دورتموند أمرا معلوما لكل من يتابع اللاعب، نجد زيدان يتألق ويهز الشباك، ويقدم أداءً مبهرًا مع المنتخب المصرى، وهو الأمر الذى استفز يورجين كلوب المدير الفنى لدورتموند، وجعله يتساءل عن السر فى تألق زيدان مع مصر قائلاً: «لماذا لا يسجل زيدان مع الفريق كل هذه الأهداف التى يحرزها لمنتخب بلاده».
وهذا اللوغاريتم، يجب الوقوف عنده كثيرًا، والبحث عن سر هذا التحول المفاجئ فى مستوى اللاعبين والذى لا يستغرق فى بعض الأوقات أكثر من ثلاثة أو أربعة أيام.
فاصل أخير
المنتخب الآن يعيش مرحلة تجديد للدماء، وأكثر ما أخشاه أن يتم التغيير بصورة جذرية خلال تصفيات كأس الأمم الأفريقية المقبلة، بعد تراجع مستوى العديد من لاعبيه الأساسيين، ومثل هذا التغيير المفاجئ يتسبب فى «اهتزاز» المستوى والنتائج أيضًا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة