إيمان محمد إمبابى

فضائيات على ما تفرج !!

الأحد، 07 فبراير 2010 07:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا كنت تكتب خبرا.. تعاد صياغته – لضعف مستواه – تجامل به أحدهم.. أو تحمل كارنيه نقابة الصحفيين – يمنحه مجلس النقابة بالجملة لحصد الأصوات فى موسم الانتخابات – تشهره فى وجه أى مواطن.. كبر شأنه أو صغر.. أو كان الإعلان هو بوابة عبورك إلى العالم المقدس لصاحبة الجلالة.. إذا كنت مسئولا فى مطبوعة خاصة أو عامة – متوسطة أو رديئة – فأنت بلا شك مؤهل تماما لأن تطل على الشاشات المصرية المختلفة – خاصة وحكومية – ليس مهما أن تملك المفردات الضرورية لطلتك البهية على ملايين المواطنين.. لا الحضور.. ولا اللغة السليمة المنضبطة.. ولا القدرة على التواصل.. ولا الثقافة.. ولا الوعى بأهمية طلتك هذه فى توجيه الرأى العام!!

ابتز رجل أعمال يملك فضائية بمهاجمته.. تضمن مكانا مميزا على شاشته.. لا يلبث أن يتحول سريعا إلى بوتيكا توظفه لحسابك.. تجامل به من شئت.. وتنتقم فيه ممن شئت.. وتمارس فيه دور المخلص الجمركى لتسيير مصالحك كما شئت.. وطوال الوقت اجلب منه الأموال بكل الطرق كما شئت!!

امدح آخر.. مستغلا صحيفتك فى الترويج له.. لا يأس ولا كلل أو ملل.. تضمن لنفسك برنامجا فى وقت الذروة على شاشته.. مهما طال وقت انتظارك.. هى وسيلة مؤكدة للحصول على برنامج ملاكى.. ولا مانع من أن يقوم صاحب المحطة الفضائية – رجل الأعمال – بمداخلة على الهواء فى برنامجك من وقت لآخر.. أو تستضيفه فى إحدى الحلقات.. فهو حقه.. أليست فضائيته.. حر بها وبمن يشاهدونها.. يطل عليهم من خلالها.. ويفرض أيضا من يطلون.. وعلى المهنية.. والتطور.. والمنافسة الإقليمية ألف سلام!!

وإذا كنت صحفية – والكثيرات كذلك – دلفت مبكرا عبر الأبواب المفتوحة على مصاريعها للبوتيكات الصحفية الصغيرة والرديئة.. غضة اعتادت عينيك رؤية إسمك على الورق المطبوع.. يذيل موضوعا كتبه نيابة عنك آخرون.. فلا تشعرين بغضاضة عندما تحصدين التحية والتقدير عن جهد الغير.. دارت سريعا عجلة تقديمك للمجتمع – بلا كفاءة أو جهد – كنجمة صحفية.. إمتهنى كما شئت لفظ الكاتبة الصحفية.. لا تترددى فى استخدام سلاح الأنوثة – السلاح الوحيد سهل الإشهار الذى تملكين – وأطلى على الملايين من هذه الشاشة أو تلك.. بما تم إلغاؤه من قاموس الإعلام الآن "أعزائى المشاهدين".. وعلى المتضرر اللجوء لله.. بالدعاء عليك وعلى صاحب الفضائية.. وعلى كل من شارك فى هذه الجريمة!!

أما أصحاب الفضائيات – معظمهم – فيعتقدون أنهم الأكثر ذكاء.. بتجنيد هؤلاء الصحفيين.. أو على الأقل تحييدهم.. وبتوفير الكثير من الأموال التى كان سيتم إنفاقها.. لو أن الرسالة الإعلامية كانت ستقدم عبر إعلاميين حقيقيين.. وهم واهمون بالطبع.. فلا تجنيد أو تحييد هؤلاء يفيدهم.. لأن استغلال أسماء ونفوذ أصحاب الفضائيات فى الكواليس من قبل هؤلاء يجرى على قدم وساق.. ولأن الاحتماء بموكب من المدعيين ضحلى الموهبة – فى أفضل الظروف – هو احتماء من الأمطار بشجرة لا أوراق لها.. كالمصفاة تتخللها قطرات المياة من كل مكان.. رجال الأعمال واهمون لأن الاعتماد على أصحاب الكفاءة الإعلامية.. لا يعنى إنفاق أموالا طائلة.. وهناك تجارب – واضحة بالضرورة – لمحاولات جادة لقليل من القنوات.. لجأت لتقديم منتج جيد.. دون سفه فى الإنفاق.. وبكوادر شابة واعدة.. وعت جيدا أهمية احترام المشاهد.. جرى تدريبها ومتابعتها وتقييمها.. فاحتلت لنفسها – بهدوء – مكانا فى نفوس المشاهدين.. من الصعب فقدانه مع الوقت.

أصحاب الفضائيات يتعاملون مع المادة الإعلامية المرئية.. كما الاستثمار فى المدن العمرانية أو مواد البناء والسيراميك.. أو حديد التسليح والمضاربة فى البورصة.. كما افتتاح مطعم أو كافيتيريا.. أوالاستثمار فى التعليم الخاص وحصد مئات الآلاف من الجنيهات سنويا.. فصارت خلطة خاصة جدا.. يصعب فك طلاسمها وتعقيداتها.. تتجه بشدة كقطار خرج عن السيطرة نحو منحدر!!

لذ فإذا كنت بدينا.. يحمل جسدك عشرات الأرطال من الدهون.. تتنفس بصعوبة تحت وطأة السمنة.. إذا كان صوتك نشازا.. يعلو ويهبط بلا ضابط أو رابط أو مناسبة.. إذا كنت لا تملك القدرة على الابتسام.. وإن ملكتها.. خرجت ابتسامتك لزجة بلا طعم أو تأثير.. إذا كانت لغتك ركيكة.. أو غير لائقة.. أو متجاوزة.. إذا كانت الكاميرا – بحسب تعبير أهلها – لا تحبك.. لأنك لا تعرف كيف تحبها.. فأهلا بك فى فضائيات على ماتفرج!!

* كاتبة صحفية بالأهرام





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة