محمد بركة

برج دبى يتحدى أهرامات الجيزة

الأربعاء، 03 فبراير 2010 07:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان بودى أن أواصل الكتابة هذا الأسبوع حول أبعاد العلاقة بين المسلمين والأقباط، وننتقل من مرحلة تشخيص الداء إلى مرحلة وضع الدواء، ولكن زيارتى المفاجئة لدبى الأسبوع الماضى فرضت نفسها على هذه المساحة.

لم تستطع الأزمة المالية الأخيرة أن تفقد دبى كبرياءها كفتاة حسناء، منتشية بجمالها الأخاذ وسنوات عمرها القليلة! فتاة يأتيها "العرسان" من كل أنحاء الدنيا، يخطبون ودها وهم يستريحون على ضفاف بحيراتها الصناعية وينزلجون على الجليد المعزول عن حرارتها القاسية، ويبرمون صفقات بالمليارات وهم يحتسون فنجان قهوة ويتطلعون إلى زرقة مياه الخليج...

لا تزال دبى منتشية بما تملكه من سلسلة أبراج شاهقة الارتفاع، تم تصميمها لتصبح كوكتيل من التحف المعمارية والهندسية المدهشة، ويبدو التأثر الواضح بالنمط الأمريكى فى العديد من التفاصيل، لاسيما حين تخرج من "أحد المولات" لتستقل تاكسى، فتشعر أنك تقف على المحيط الأطلنطى، وأن تلك البنايات الشاهقة التى تلوح على الضفة الأخرى هى بشائر مدينة نيويورك!

زرت دبى الأسبوع الماضى – قادماً بشكل خاطف من الكويت – والحمد لله أنه لم يتحقق أسوأ مخاوفى، ولم أجدها مجرد حالة من الإبهار المعمارى "المصنوع" الذى لا يلمس القلب أو الشراهة التجارية التى تشعرك بالغربة، وأنا لن أعيش فى دور المثقف صاحب "التنظيرات"، ولن أتلو على مسامعك كلاماً مكرراً عن أن المدن مثل البشر، مدينة تقع فى غرامها من أول نظرة وأخرى على العكس وثالثة "بين بين"، وإنما أقول فقط أنها مدينة لا تفتقد للدفء، وإن كانت هتطلع عينيك وأنت تتجول فى مولاتها التى تفوق إستاد القاهرة اتساعاً، فالكل يذهب إلى مولات دبى معتقداً أنه حط رحاله فى "جنة الشوبنج"، والحق أنه حط رحاله فى "جحيم الشوبنج"، فكل مول يحتاج إلى عدة أيام، لكى تنتهى من الاطلاع الكافى على محلاه خصوصاً فى مواسم التنزيلات والـ sale...

برج دبى الذى تغير اسمه إلى "برج خليفة" قبل افتتاحه بأربعة أيام هو آخر مفاجآت تلك المدينة التى لا تشبع أبداً من النجاح، هو مفخرتها التى تتيه بها على العالم، ولم لا وهو أعلى بناء أعلى وجه الأرض "828 متراً"، تستقبلك شاشات فى مدخله تحوى الكثير من المعلومات المثيرة، أذكر منها أن كمية "الخراسانة" المستخدمة فى بناء البرج تعادل وزن مائة ألف فيل، الطريف أن هناك شاشة صغيرة تحمل صورة البرج ومن حوله أسماء أشهر المدن العالمية، وحين تضغط على اسم مدينة ما تظهر لك بمعالمها الشهيرة قد ظهر برج خليفة فى الخلفية لتعرف بالدليل المرئى كم يفوق فى ارتفاعها وإبهاره بقية المعالم الأخرى.

أذكر أن إحدى المرشدات السياحيات التى تتحدث الإنجليزية ضغطت على كلمة القاهرة، وابتسمت وهى تشير إلى مشهد البرج وقد تجاوزه بارتفاعه الهائل أهرامات الجيزة، وعلى الفور قلت لها وأنا أداعبها: المسألة ليست بالارتفاع... والمقارنة لا تجوز، فالبرج معجزة شيدها البشر.. والأهرامات معجزة شيدتها الآلهة، وهنا نظرت لى المرشدة وقد ارتبكت للغاية وظنت أننى أعنى بجد ما أقول!
* كاتب صحفى بالأهرام.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة