ظللت طيلة الأيام الماضية – لسبب سوف أوضحه – أعصر ذهنى باحثة عن اسم المنتخب الأفريقى الذى يقوم لاعبوه بالسجود بعد إحراز أى هدف.. ولما خانتنى الذاكرة.. وتبخر منها اسم الفريق.. الذى أقطع بأنى شاهدت بعينى سجدات لاعبيه فى البطولة الأخيرة لكأس الأمم الأفريقية.. لجأت لزميلى الصحفى الرياضى المرموق عاطف عبد الواحد.. سألته.. فأجابنى بسرعة مستفيضا: فريق منتخب مالى.. فعلها فى مباراته مع مالاوى.. لاعبوه الثلاثة المحترفون فى أوروبا.. فعلوها مرات فى مباريات لفرقهم فى الدورى الأوروبى.. سألته: وهل أثار الأمر الصحافة الأوروبية وقتها؟.. قال لى: قليلا ولمرة أو أكثر تساءلت الصحف لماذا يفعلون ذلك؟.. ولما جاءت إجابتهم أنهم يشكرون الله على الفوز.. كفت تلك الصحف.. وانتهى الأمر فى حينه.. وظل هؤلاء الثلاثة يمارسون طقسهم فى الشكر!!
وعندما أطلقت بعض الصحف "المبتدئة" تسمية "منتخب الساجدين" على الفريق الوطنى المصرى.. على سبيل التهكم أو الإساءة أو الحقد أو لأى سبب آخر لا معنى له.. لم تكن تدرى أنها تفتح بابا واسعا على كل من لديه وقت فراغ ليدلى بدلوه.. تلك الصحافة التى تشبه فى شكلها ومضمونها الصحافة المدرسية فى مصر فى سبعينات القرن الماضى.. فتلك الأخيرة لحقها الكثير من التطوير خلال السنوات الثلاثين الماضية.. لعل تلك التى تخاطب مواطنيها فى الداخل فقط.. ولا تدرى حجم فضيحتها على الشبكة العنكبوتية.. لعلها يلحقها بعض تطور الصحافة المدرسية المصرية القديمة!!
ظللت أعصر ذهنى باحثة عن اسم منتخب مالى.. بعد انتهاء البطولة الأفريقية بثلاثة أسابيع تقريبا.. فى مناسبة ذاك السجال الذى بدأ – إقليميا – منذ عدة أيام فى دبى.. بفتوى الدكتور أحمد عبد العزيز الحداد والذى يتم تعريفه بكبير مفتيى دبى فى دولة الإمارات.. قال فى فتواه أن: "سجود لاعبى كرة القدم فى الملاعب على صورته الحالية باطل".. ثم أزاد فدعا اللاعبين بعدم السجود في الملاعب إلا إذا توفرت لهم شروط الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة!!.
انتقل السجال – متوسطيا – إلى ألمانيا عبر وكالتها الرسمية للأنباء ناقلة عن الحداد قوله إن "سجود الشكر هو عبادة تستوجب لصحتها التوجه نحو القبلة والوضوء وطهارة البدن والثوب والمكان وستر العورة إلى الركبة وهو ما لا يحدث".. مؤكدا أن "السواد الأعظم من لاعبي كرة القدم لا يسترون العورة بزيهم الرياضي ولا يكونوا على طهارة ولا يستقبلون القبلة عند سجودهم لذلك فسجدتهم باطلة"!!.
وعلى مقربة.. فى شبه جزيرة العرب.. خرج عضو الجمعية الفقهية السعودية صالح بن مقبل العصيمي بخبر.. قرب نشر بحثه فى نفس الموضوع الذى ضمته 40 صفحة.. بشأن جواز سجود اللاعبين فى الملاعب بعد إحرازهم هدفهم.. مدللا بعدم جوازه!!
ولم تكن القاهرة بعيدة فقد صرح الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق أن سجود اللاعبين في ملاعب كرة القدم لا يعتبر باطلا اذا كان تعبيرا عن الخشوع لله.. ردا على الفتاوى التى تبطله أو تحرمه أو تكفر من يقوم به!!
مزاد من الفتاوى التى لا محل لها فى الرياضة.. ولا الحياة.. مزاد يدخله كل من يعلم ومن لا يعلم.. مزاد يسهل أن يبدأه أحدهم.. حتى يستدرج الآخرين إليه.. فيأكل الوقت والعقل والفكر.. بلا أى منطق أو ضرورة أو جدوى.. مزاد يجذب الجميع بشدة إلى الخلف لأكثر من ألف سنة.. ورحم الله إمام التنوير محمد عبده!!
الصحافة فى أوروبا سألت.. ففهمت.. فاستوعبت.. ثم صمتت.. فهى صحافة تحترم خصوصية الآخر طالما لا تؤذها.. كما تحترم الرياضة.. أما الصحافة "الخضراء" أو "الصفراء".. أو التى تتلون بأى لون بحسب الطلب.. فليس لديها سوى الحكى.. ثم إعادة الحكى.. وما بينهما يكون اللعب بالنيران.. تعزف على إيقاع تلك الصحافة الخارجة عن السلم الموسيقى.. فضائية قاعدة "العيديد" الشهيرة.. ويلعب على الأوتار المرتخية للاثنتين من له مصلحة مع أحدهما أو كليهما.. أو من فى قلبه مرض.. كأحدهم.. اللاعب المصرى السابق.. الذى خرج بتصريح لصحيفة "مدرسية" جزائرية يقول فيه: إنه لن يشجع فريقا "كافرا" لا سيما إنجلترا وأمريكا.. فلا دينه ولا عرقه يسمحان له بمناصرة فرق الكفار ضد فرق المسلمين!!
لن أعلق على كل هذا.. أدعوكم أنتم إلى التعليق!!
* كاتبة صحفية بالأهرام .
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة