رمضان عبد الوهاب يكتب.. تداعيات الفرحة المصرية عن الكأس الأفريقية

الخميس، 18 فبراير 2010 09:37 م
رمضان عبد الوهاب يكتب.. تداعيات الفرحة المصرية عن الكأس الأفريقية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان لفوز المنتخب المصرى بكأس الأمم الأفريقية 2010 التى أقيمت بأنجولا فى يناير الماضى وحصوله عليها للمرة الثالثة على التوالى وللمرة السابعة من عمر المسابقة فرحة كبيرة فى نفوس وقلوب وعقول كل المصريين وكان لهذه الفرحة العارمة تداعياتها المتباينة على الشعب المصرى وعلى اللاعبين أنفسهم وجهازهم الفنى..

فأما عن الجماهير المصرية فقد خرجت إلى الشوارع والميادين بكل أطيافها لتعّبر عن فرحتها الغامرة وظلت تهتف طوال الليل فى حركة عشوائية دائبة ومتدافعة لم تكن محسوبة أو منتظمة وإنما كانت تشيع كثيرا من الفوضى وسط تجمعات كان يجب أن تكون آمنة وكأن الناس لم يخرجوا إلى الشوارع ليعبروا عن فرحتهم بأنفسهم فقط وإنما خرجوا يلتمسون تداعياتها فى شدة وعنف وسط الزحام، وكأنها الفرحة الأخيرة فى حياتهم فأطلقوا الصواريخ المشتعلة باللهب فى السماء، من بينهم ومن ارتفاع قريب لا يتجاوز رؤوسهم لتصيب العديد منهم بحروق وبتر كفوف أيدى أو إصبع بعضهم وغيرها من الإصابات المؤثرة كما حدث فى احتفالات محافظة بور سعيد..

ولم يقتصر الأمر عند هذا فحسب بل تجاوزه إلى حد التدافع بالسيارات بين الجماهير ابتهاجا بالفرحة فى الشوارع نجم عنه إصابات أخرى كما ترتب عليه تعطيل حركة السير والإبطاء فى نقل الحالات المصابة والحرجة إلى المستشفيات لإسعافها كما حدث فى محافظة الشرقية وبعض محافظات الدولة التى شهدت نفس الظروف والملابسات والتجاوزات.

إن هذه المواقف الحاصلة إنما تنم فى واقعها عن قلة الوعى وعدم الانضباط والحاجة الملحّة إلى تعليم ثقافة الفرحة أو الحزن وكيفية التعامل معهما فى كل ما نحققه من نجاحات أو يصيبنا من إخفاقات وبالقدر الذى يناسبهما، وذلك بعيدا عن التأثر بردود الأفعال الغاضبة أو المفرحة فى بعض المواقف والأحداث كما حصل أثناء خروجنا من المونديال وجعلناها نهاية المطاف، وكذلك بعد حصولنا على بطولة كأس الأمم للمرة السابعة وجعلناها نهاية الانتصارات وبناء على هذا التصور أسرفنا فى فرحتنا على النحو الذى شاهدناه.

وأما عن اللاعبين فتستطيع أن نقول إن تعاملهم مع الفرحة لم يكن أقل من تعامل الجماهير معها وإن كانوا هم الذين صنعوا الانتصار ورسموا الفرحة على الثغور والشفاة فى براعة واقتدار ولكنهم تأثروا كثيرا بنجاحهم وانسلت النرجسية إلى نفوسهم وهذا حق مشروع لهم ولكن لبعض الوقت وليس لكله فكان حقيق عليهم أن يتعاملوا بإيجابية مع مظاهر هذه الفرحة دون أن يتأثروا بتداعياتها، وكان يجب أن يهتموا بتدريباتهم متى بدأت؟ حتى لا يتأثر عطاؤهم فى الملعب كما حدث فى مباريات الأسبوع السادس عشر والسابع من الدورى الممتاز والتى لم يظهر اللاعبون الدوليون من خلالها بحالتهم الفنية العالية، ولاسيما أن البعض منهم ظهر عليه التشبع الذاتى أو الفنى وكأن ما حققه مع المنتخب يمثل له كمال الإنجاز والإعجاز..

وقد اتضحت هذه الصورة أثناء مباراة المحلة والأهلى والتى شهدت خروجا عن الروح الرياضية من المهذب الكابتن وائل جمعة وحصوله على كرت أحمر وطرده ووقفه مبارتين بسبب ذلك، وقد نسج على منواله فى مباراة اتحاد الشرطة الكابتن أحمد حسن بتعمده للخشونة وكثرة اعتراضاته وإيماءاته للحكم والذى قبلها منه شاكر واكتفى بمنحه كرت أصفر، وكيف لا واللاعب صاحب حصانة إنجازات وطنية تكفل له حق الممانعة..

إن ما يحدث أمر غريب وبعيد كل البعد عن مبادئ وأخلاق النادى الأهلى العتيق، وإذا أردت أن تلتمس هذه المبادئ فالتمسها كلية فى شخص الكابتن محمود الخطيب فإنك ستجدها حقا فى أريج أخلاقه ونسرين محبته وتواضعه الجّم فى كل مكان وزمان.

وفى هذا السياق انقطع الكابتن عصام الحضرى عن التدريب مع فريقه وأعلن العصيان المدنى ضد ناديه الإسماعيلى ملوحا برحيله عنه بعد أن حصل على فرصة انتقال جديدة.. وفى نفس السياق أيضا يأتى مسلسل الكابتن جدو لاعب الاتحاد السكندرى والذى يعد من أغرب المواقف الدرامية، حيث بدأت أحداثه فى بانجلا ببزوغ نجمه المذنبّ المتألق الذى يحمل لنا نبوءة كروية خارقة وقد حقق اللاعب ما لم يحققه غيره من شهره فى مدة وجيزة لا تتجاوز العشرين يوما بإحرازه خمسة أهداف فى ستة مباريات لعب خلالها ما يقرب من مائة وعشرين دقيقة، وقد تم اختياره هداف البطولة الأفريقية وعرفه كل الناس فى مصر وفى معظم البلدان العربية والأفريقية، وأصبح معشوق جماهير الإسكندرية، ولكن سرعان ما تراجعت عنه النجومية بما أعلنه عقب عودته من أنجولا عن عدم توقيعه على أى عقود لأى ناد بما فيهم نادى الزمالك ثم عاد بعد ذلك واعترف بالتوقيع للزمالك، وكانت لهذه المفاجأة وقع غريب على الناس يكاد أن يصرفهم عنه. ويكتمل السياق بظهور المدير الفنى للمنتخب على قناة دريم بعد أن أصبغت عليه بطولة أفريقيا العديد من الألقاب، وهو فى الحقيقة يستحقها عن جدارة واقتدار وقد نعته الكابتن مصطفى عبده بحسن سعادة وشرع فى أن يسبر غوره وبالفعل وصل إلى أعمق أعماقه وقد أخرج منها حزن الكابتن شحاتة وامتعاضه الشديد من بعض الإعلاميين ومن رئيس ناديه الأستاذ/ ممدوح عباس واستهجانه من تساؤل الناس عن استبعاد ميدو عن القائمة الأخيرة رغم ضمه، وقد أجاب فى هذه الخصوصية بقوله أين أحمد حسام الآن؟ اللهم لا شماتة..

وأعتقد أن فى هذه الإجابة إشارة واضحة لتفسير الخلاف القائم بين اللاعب ومديره الفنى طيلة الفترة الماضية. إن كل ما ذكرته عبر هذه السطور لم أقصد به التقليل من الانتصار الكبير أو إفساد الفرحة على الجميع وإنما عمدت بذلك إلى ضرورة تعلم ثقافة الفرحة وكيفية التعامل معها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة