انتقد عدد من المثقفين موقف النائب "حمدى حسين زهران" عضو مجلس الشعب عن جماعة الإخوان المسلمين ومطالبته بمصادرة وسحب رواية "لهو الأبالسة" للكاتبة الدكتورة سهير المصادفة رئيس سلسلة الجوائز بهيئة الكتاب من الأسواق، وذلك من خلال طلب الإحاطة الذى قدمه "زهران" لرئيس مجلس الشعب الدكتور "فتحى سرور" يتهم فيه وزارة الثقافة بنشر وطبع أعمال تساعد على الترويج للإباحية وتخالف الشريعة الإسلامية.
وصف الكاتب "صلاح عيسى" هذه الحادثة بأنها ليست الفريدة من نوعها فكثيرا ما ينتقد أصحاب الأفكار الأصولية والجماعات الإسلامية رواية، فيلم أو حتى قصيدة بحجة أنها تخالف الشريعة وتدعو للرذيلة، مشيرا أن هذا ليس من اختصاصات مجلس الشعب وعلى المتضرر أن يلجأ لشرطة المطبوعات أو الآداب العامة التى تطلع بدورها على المخطوط وتحدد ما اذا كان مخالفا للآداب العامة أم لا.
وأشار عيسى لواقعة مماثلة عندما تقدم المجمع بدعوى قضائية ضد الدكتور سيد القمنى بسبب كتابه "رب الزمان" ولكن سرعان ما أصدرت المحكمة قرارها ببطلان الدعوى بحجة أن القمنى والمجمع كلاهما اجتهدا ومن الصعب تحديد من المخطئ و المصيب فى الاجتهادات.
وأضاف "عيسى" أنه ليس من اختصاصات مجمع البحوث الاسلامية أن يحدد ما ينشر ومالا ينشر أو يفرض الرقابة على أى مطبوع وهذا لعدم وجود أى نص فى قانون الأزهر يكفل له القيام بذلك، ولكن تقتصر مهامه فقط على متابعة الكتب الإسلامية والمصحف الشريف لمعرفة ما إذا كان ينطويا على حذف أو إضافة أو أى تشويه للعقيدة، أى أن سلطته أكاديمية وليست رقابية.
ووصف عيسى "طلب الإحاطة المقدم بأنه يكشف عن إفلاس نواب الإخوان المسلمين وعجزهم عن معرفة طبيعة الدولة المدنية التى تقوم على الفصل بين السلطات، ولو أننا طبقنا هذا على قراراتهم وتصريحاتهم فى وسائل الإعلام وتكفيرهم للآخرين لكانوا هم أول المحكوم عليهم وأقول لهم أخيرا "اللى بيته من ازاز ميحدفش الناس بالطوب" .
واتفق معه الكاتب "عبده جبير" قائلاً: " ليس من حق المجمع ولا أى شيخ فى الدنيا أن يضع نفسه فى موقف الناقد الأدبى لأن هذا الناقد له مقومات أخرى تكاد تكون متناقضة مع موقف رجل الدين وبالتالى فمن حقه أن يبدى رأيه فقط بعيدا عن المصادرة والنقد."
وأضاف: " الإخوان المسلمون يريدون أن يخلقوا مجتمع "ملالى" مشابه للمجتمع الإيرانى حيث يسعون لترسيخ سلطة الفقيه التى هى السلطة الأعلى فى مثل تلك المجتمعات وإذا كانوا وهم خارج حدود السلطة ينادون بأن تبحث الحكومة فى أمور الدين وتحدد ما يمنع وما ينشر فما بالنا لو وصلوا لكرسى الحكم سنتحول بالتأكيد لمجتمع إرهابى."
وتابع: " هذا النائب عليه أن يلتفت لمهامه أولا، ولا فرق بين الإخوان وبين الفاسدين والظلمة فكلاهما يسعى لصرف الناس عن قضاياهم الحياتية مقابل قضايا أخرى اقل منها قيمة وأهمية."
وأضاف الناقد الدكتور سيد البحراوى قائلا إن مثل تلك التصرفات تنم عن التخلف والرجعية وإن الإخوان يسعون لنشر الهيمنة السلفية على المجتمع وهذا ليس الموقف الأول لهم من الأدب.
وأكد البحراوى أنه ليس من حق أى شخص مهما كانت مكانته أن يصادر عملا أو يمنع نشره لأن هذا يتعارض مع حرية الرأى والتعبير، وإذا كان يريد أحد أن يعبر عن رأيه عليه الاستعانة بوسائل الرفض قولا أو كتابة.
وأشار الكاتب "أحمد الخميسى" أنه من الحماقة أن تنظر جهة غير أدبية فى تقييم الأدب، وإن مفهوم الإباحية الذى يدعيه نائب الإخوان هو مفهوم نسبى مختلف من فترة لأخرى فالإباحية فى الأربعينات تختلف عن فترة الخمسينات والستينات وهكذا.
وأضاف: " لو طبق المجمع هذا المبدأ عليه أن يعدم ثلاثية نجيب محفوظ التى نال عنها جائزة نوبل فى الآداب، ويعدم كثيرا من المأثورات الشعبية وحكايات ألف ليلة وليلة بحجة أنهم ينطووا على مشاهد إباحية خادشة للحياء".
وتابع : " كيف للمجمع أن يحكم فى عمل أدبى، ومن هؤلاء ليقيموا أعمال طه حسين أو نجيب محفوظ وعبد القادر المازنى، على المجمع أن يكتفى بدوره فى رؤية هلال رمضان وطباعة الامساكيات ولا دخل له بالأدب والإخوان بموقفهم هذا يكشفون عن عجزهم الفكرى."