خلال أيام، سيتم الاستفتاء على انفصال شمال السودان عن جنوبه، وهذا الانفصال إذا تحقق سوف يؤدى إلى تمزق السودان وتحويله إلى دويلات ممزقة ومستقلة، تضعف من قوتها فى مواجهة الأعداء والطامعين فى ثروات السودان وموقعه الهام، خاصة بعد التدخلات الخارجية الأمريكية فى أزمة جنوب السودان، وبعد التأكد من وجود ثروات طبيعية وبحيرات لا آخر لها من النفط فى أسفل الأراضى السودانية، الأمر الذى يجعل السودان مطمعا للعديد من الدول الكبرى المعتدية ويغرى الدول الكبرى على تكرار هذا السيناريو فى دول عربية وإسلامية أخرى، ولنا فى العراق وأفغانستان وفلسطين أروع الأمثلة فى ذلك، لذلك فالأمن القومى المصرى والعربى قد أصبح مهدد لا محالة.
والأزمة الخاصة بالجنوب السودانى هى أزمة اقتصادية فى المقام الأول يمكن حلها إذا تدخلت الأموال العربية المتراكمة فى البنوك الأوروبية والأمريكية بالتريليونات من عوائد النفط الكبيرة، وبذلك يمنع تقسيم البلد الشقيق الكبير السودان، وحتى لا يتم تكرار هذا السيناريو – إذا تم – فى العديد من الدول العربية الأخرى.
إن الوحدة السودانية خير من الانفصال للطرفين، حتى نمرر الفرصة على أعداء الأمة العربية وبالأخص إسرائيل، التى تبارك الانفصال حتى تضمن ولاء الجنوب لها.. خاصة بعد هجرة عدد كبير من الجنوب السودانى إليها متسللين.
كلما اقترب الموعد الذى تحدد لإجراء استفتاء انفصال الجنوب عن الشمال بالسودان، أو يظل كما هو محدد، علينا أن نعطى قدرا كبيرا من الاهتمام لمصير دولة السودان.
فهل أصبحنا جثثا هامدة وأشجارا يابسة يسهل تقطعيها أو كسرها إلى أجزاء.
وإلى متى هذا الهوان ونحن نرى دولة عربية تمزق إلى أجزاء؟ باستفتاء مزعوم ومدعوم بمباركة الغرب، ولأغراض شخصية حتى تمزق الدول العربية.
وهل باركت الدول العربية عملية التقسيم للبلد الشقيق فى صفقات مشبوهة كالتى نعرفها سابقا ونصبح ضعفاء، ويسهل السيطرة علينا والاستيلاء على بترول الجنوب بالسودان، ونحن نتفرج على هذا الانفصال ولا نفعل شيئا، ونكتفى بمصمصة الشفاه وضرب كف على كف.
بالأمس كانت فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال واليوم السودان والدور غدا على مين.
فالغرب يريد أن يمزقنا إلى دويلات صغيرة، حتى نكون كيانات هزيلة سهلة البلع.
فأين دور مصر.. وهو دور أساسى فى أن تقف خلف السودان وتحافظ على وحدته (جنوبه وشماله) وأن تدرك حجم الخطر الذى يمثله تمزق السودان على البلد الشقيق وعليها وعلى الأمة العربية.. وعليها أن تقرب وجهة النظر بين الشمال والجنوب السودانى حتى يبقى السودان شأن كل دول العالم محتفظا بوحدة أراضيه وامتزاج شعبه.
لقد اكتملت الحلقة الأولى من المؤامرة، وسوف تتبعها حلقات أخرى، أشرفت أكبر دولة عربية من حيث المساحة على التقسيم إلى سودان شمالى وسودان جنوبى، وأصبح الإمساك بخناق أكبر دولة عربية من حيث السكان على وشك الحدوث، وبات من الممكن أن تتحكم إسرائيل فى منابع النيل وأن تكون قادرة على تعطيش المصريين عدوها الأول كما نعد أنفسنا وكما نعدها أيضا.
المؤلم حقا أن المخلصين من أبناء الأمة لا يستطيعون مواجهة المؤامرات التى تستهدف وجود الأمة وبقاءَها بشكل مباشر أو فاعل إذ تقف الحكومات العربية عائقا فى وجه كل المقاومين ولا تقوم بمهامها، بل إنها تنحاز كلياً إلى صفوف الأعداء والساعين إلى تقسيم المقسم وهلهله المهلهل.
فلماذا لا نكون مثل دول أوروبا التى كونت الاتحاد الأوروبى بالرغم من اختلاف اللغة والجنسية والديانة وبها صراعات واختلافات بين شعوبها، ونحن نمتلك كل عوامل الوحدة العربية من اللغة ودين وتاريخ مشترك ومعاناة وقهر عشناه تحت الاحتلال الأجنبى لسنوات طويلة..إلخ.
فلماذا لا نتوحد كأمة عربية واحدة بمسلميها ومسيحيها ويتم توحيد العملة العربية لتكون عملة واحدة ولتكن الدينار العربى المشترك.. فنحن فى زمن التكتلات الدولية ولا مكان للفردية والانعزالية.. فمتى نفيق.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة