من منا لا يتذكر الفيلم الجميل "أفواه وأرانب"، الذى أنتج عام 1977م وأخرجه العظيم هنرى بركات، وكان من أبطاله الفنان محمود ياسين "محمود بيه" والفنان المرحوم فريد شوقى "عبد المجيد أفندى" والفنان المرحوم أيضاً على الشريف "المعلم بطاوى" تاجر الفراخ والفنانة القديرة فاتن حمامة "نعمة".. تذكرت هذا الفيلم خلال الأيام الماضية لأسباب مغايرة تماماً للأسباب التى أتذكره بها دائماً، فهو عالق بالذاكرة لأن مشاهده أو معظمها صورت فى مدينتى سرس الليان وقرية الحامول المجاورة والمشهورة بجناين العنب.. تذكرت مشهد الفنان فريد شوقى عندما حضر بطاوى بتاع الفراخ، كما يطلقون عليه هو وبطانته لأخذ نعمة بحجة شرعية أنه زوجها، والدليل هو موافقة سى عبد المجيد أفندى وشهادة الشهود فى غياب صاحبة الأمر "نعمة"، وقتها حدثت خناقة بين الفريقين أو المعسكرين ووجدنا الفنان فريد شوقى وهو النائم على نفسه من كثرة شرب الخمر يقول لبطاوى "خلاص أنا فوقتلك يا بطاوى" ضجت قاعة السينما بتصفيق حاد من الجمهور، وكنت واحداً منهم - حتى تورمت يدى ويد الجمهور - لأن بطلنا وحش الشاشة لم نعهد عنه فى أفلامه هذه السلبية والصهينة التى شاهدناه عليه طوال الفيلم، وكنا نظن أنه سيقوم كالأسد يزأر ويأخذ حقه وحق أسرته من بتاع الفراخ، إلا أنه خيب ظن جمهوره سريعاً وترنح مرة أخرى تحت ضربات بطاوى ومعاونيه، ولم يسعفه إلا طعنة من سكين "رفاعى" الفنان محسن محيى الدين لبطاوى، وارتحنا كجمهور لهذا المصير الذى لحق ببطاوى لعله يبتعد عن نعمة!! نوبة الصحيان الوجيزة هذه لعبد المجيد أفندى ليأخذ حقه وحق نعمة وحق أسرته يذكرنى بصحوة أحزاب المعارضة التى لا تفيق إلا لتنام مرة أخرى تاركة الجمل بما حمل للحزب الوطنى ورجاله الذين لا ينامون إلا وإحدى عيونهم مفتوحة، تحسباً لردة فعل حقيقية للأحزاب تجاه ما يقوم بها به الحزب ورجاله.. فمنذ سنوات طوال اعتدنا على مثل هذه المشاهد الحزبية حتى مل الجمهور منها وابتعد عنها، ووجد ضالته فى الجلوس على المقاهى أو أمام شاشات الفضائيات والكمبيوتر، وكنا نتمنى أن لا تزيد الأمور على نوبات النوم والصحيان أو البيات الشتوى والكمون الصيفى فقط، ولكن الانقسامات التى دبت فى أوصال الأحزاب زادت عن حدها، وآخرها انقسام "الحزب الناصرى" ما بين جبهتى الأستاذين سامح عاشور وأحمد حسن فجعلت الناس تترحم على أيام زمان وتدعوهم إلى نبذ هذا الانقسام والعودة إلى الوئام وإلى نوبة صحيان طويلة لتثبت لجماهيرها أنها قادرة على منازلة الوطنى لا منازلة بعضها البعض، ولا تزال وفية لهذه الجماهير وأنها لن تتركهم لمصيرهم حتى تنهى خناقاتها وانقساماتها على خير.. فمشكلة الأحزاب المزمنة قيل فيها الكثير وأجمعوا أن المصالح يجب أن تنحى ويضحى بها فى سبيل الأحزاب والناس.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة