ننشر الحلقة الخامسة من الكتاب القنبلة "أهوال ضد المسجد الأقصى".. ياعشاق المسجد الأقصى : الأرض "بتتكلم عربى" بينما يعمل الصهاينة على أن يجعلوها "تتكلم عبرى"
الجمعة، 24 ديسمبر 2010 03:04 م
سهام ذهنى
يبدو أن الصهاينة قد رصدوا أن المساس المباشر بحرمة المسجد الأقصى عبر محاولات الاقتحام بمجموعات يهودية تحاول الدخول لأداء الصلاة فى ساحاته هى محاولات تفشل كل مرة بسبب استبسال المقدسيين فى التصدى لهم .
بوابة السماء
ونتيجة لهذا ، تعامل الصهاينة مع الأمر على طريقة الوسواس الخناس الذى يبتعد ثم يستعد للعودة من جديد . فالبعض يظن أنهم قد ابتعدوا عن الإلحاح على اقتحام المسجد الأقصى المبارك بينما هم فى الواقع يقومون بتمهيد المسرح للقيام بفعلتهم بعد استكمال التجهيزات التى يقومون بها تحت الأرض والتى رصدنا ملامح منها فى حلقة سابقة ، وبعد إستكمال الإجراءات التى تسمح لهم بذلك من حول المسجد الأقصى سواء ضد المقدسيين بالتخلص من أكبر عدد منهم أو تجهيز المسرح على الأرض المحيطة بالمسجد الأقصى والطرق الموصلة إليه ، أى بمسرح الأحداث فى مدينة القدس بشكل عام ، إنه مخططهم لتهويد القدس .
أخطر ما يقترفه الإسرائيليون لتهويد القدس ، هو ما يفعلوه ضد المقدسيين ، أهل المدينة المقدسة الحقيقيون الذين يعشقونها ، بينما الصهاينة يعملون على إخراجهم منها بشتى الوسائل .
ــ ما سر العشق للقدس ؟
● عن العشاق إذن سألونى ، وأنا فى العشق أفهم وأشعر وأتألم ، فصحيح أن فى عشق الأرض المباركة هناك عشاقها الذين يعيشون فيها من أهل القدس المرابطين الصامدين ، لكن هناك أيضا ملايين العشاق مثلى المحرومين من تقبيل ثراها الطاهر ، والذين يحلمون بيوم فتح باب الجهاد لتحريرها من المغتصب ، ثم بعد التحرير يحق بإذن الله للمسلمين أن يدخلوها تحت راية الإسلام . ولأننى عاشقة للأرض المباركة فإن العشق يجعلنى أشعر بأشجان المقدسيين الذين يتعذبون بالشوق على الرغم من القُرب .
ولقد إزداد شعورى بهم بعد أن قضيت أكثر من عام أقرأ عن الأقصى الذى أسرى الله سبحانه بإمامنا وأسوتنا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام إليه ، والأرض التى باركها الله بفضله من حوله .
خلال القراءة ازداد حبى للمكان وشوقى إليه لدرجة أن تحول قيامى بتصنيف الصور المتعلقة بالقدس والمسجد الأقصى إلى حالة من العشق للحظات التى أقضيها مع الصور ، أتخيل عبير البركة السارية عبر معالمها فى أيام العزة والقامة المرفوعة . مع اشتراك فى الأسى على التحول مما كان إلى ما صار .
كثيرا ما فرت دموعى ، وتسارعت دقات قلبى . أحيانا من فرط الحزن ، وأحيانا من فيض الوجد .
لقد ازددت حبا لثراها الطاهر ، وانجذابا إلى عبيرها المبارك ، وشوقا لأن أراها مباشرة بعينى فعليا وليس عبر الصور .
حلمى هو أن أدخلها أو يدخلها أبنائى ونصلى فى أولى القبلتين بعد التحرير.
أرض المحشر والمنشر
أن أقرأ فى المسجد الأقصى قول الله سبحانه وتعالى الذى بدأت به أول خطبة للجمعة بعد تحرير القدس من الصليبيين ، وعودة رايات الإسلام مرفرفة فى سماها تحت قيادة البطل صلاح الدين وتطهير أرض المسجد الأقصى ، ودخول المصلين عائدين لإمتاع الأرض والهواء فى هذه البقعة المباركة بالتكبير والتسبيح والركوع والسجود ، وقتها سالت العَبَرات خلال ظهر تلك الجمعة الأولى بعد التحرير وفى حضور قائد الانتصار "صلاح الدين" ورجاله المجاهدين ومعهم أهل القدس المرابطين . فى تلك الجمعة المباركة لم يكن انسياب العبرات من العيون هو فقط نتيجة لتذكر دماء السبعين ألف مسلم الذين قتلهم الصليبيون فوق أرض المسجد الأقصى عند سقوط القدس فارتوت بدمائهم الساحات ، لكن بدأ انسياب العبرات مع أول حروف نطق بها الإمام "محيى الدين بن الزنكى" قاضى دمشق وخليفة "أبو سعد الهروى" أحد أول من عمل على إيقاظ المسلمين لتحرير القدس ، إنها حروف آية مباركة ، ربما قرأناها كثيرا وعبرناها بلا عَبَرات إنما كان لها وقع أعمق فى تلك اللحظة التاريخية العظيمة . فلقد رتل قول الله سبحانه وتعالى : " فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" .
ياسلام على قدر الأثر الذى يفعله معنى هذه الآية الكريمة حين يستهل بها الخطيب حديثه فى خطبة جاء لها طعم خاص عبر هذا السياق الذى استرد فيه المسجد الأقصى حقيقته الإسلامية ، وعاد على أيدى المجاهدين الشرفاء بعد التحرك للتحرير انطلاقا من فكرة أن التحرير يبدأ حين تنهض الإرادة لإصلاح الدنيا والدين فيتم قطع دابر الظالمين .
صلاة الجمعة الأولى بعد التحرير التى انتعشت أرض المسجد الأقصى فيها من جديد بالصلاة وذكر الله كانت فى 10 أكتوبر 1187م الذى وافق 4 شعبان 583هـ ، وذلك بعد أسبوع من ذكرى الإسراء والمعراج (27 رجب) التى شهدت استرداد القدس بواسطة الجيوش الإسلامية بقيادة الناصر صلاح الدنيا والدين يوسف بن أيوب (وهو اسمه الكامل الذى قد لا يتذكره الكثيرون) . ياسلام ، لقد نصر المسلمون الله فى ذلك الوقت فنصرهم ولم يكن نصرا عاديا ، بل نصر فى الارض المباركة ، ولم تكن البَرَكة متعلقة بالمكان فقط ، بل كانت البركة مرتبطة أيضا بالزمان حيث شاء الله سبحانه أن يجعل نصره العزيز فى ليلة أيضا مباركة هى ليلة الإسراء والمعراج نفسها التى أذن الله سبحانه وتعالى فيها لرسولنا صلوات الله وسلامه عليه أن يحمل الإسلام راية قدسية هذه الأرض عبر قيام الرسول عليه الصلاة والسلام بالصلاة فى المسجد الأقصى بالأنبياء والرسل .
وهذه هى راية الإسلام ترفرف بقيادة صلاح الدين الأيوبى على مدينة القدس الحبيبة ، وهذا هو الخطيب داخل المسجد الأقصى المبارك يصدح فى بداية الخطبة بحمد الله تعالى . صياغته للكلمات التى يحمد بها الله سبحانه تضمنت الاستشهاد بقول الله تعالى فى القرآن الكريم : " قل الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى" . أتخيل الآن بعد أكثر من 800 عام وقع تلك الإشارة الجميلة إلى أن المجاهدين والمرابطين حين يتحقق لهم مثل هذا النصر المبين الذى اشتاقت له طويلا أفئدة المسلمين ، فإن حلاوة الشعور باصطفاء الله لهم هو شعور باعث على خليط من الفرحة والخجل . فرحة لقطع دابر القوم الذين ظلموا وخجل من فرط كرم الله الذى اصطفاهم سواء من جاهد وتصدى ، أو من رابط وصبر وتحمل . فالمعاناة والجهاد لتحرير المقدسات هو تشريف جدير بالمجاهد أن يشكر عليه الله لأنه اصطفاه ليشارك فيه .
إنه فصل جديد مضئ للمسجد الأقصى الذى إذا نظرنا إليه من أية زاوية نصبح فى مواجهة مع متعة النظر إلى الجمال ، فإذا كان الناظر إلى المسجد الحرام ينظر بعين "الجلال" ، فإن من ينظر إلى المسجد الأقصى يجد أنه ينظر إليه بعين "الجمال" . أشجار السرو والزيتون والطيور ترفرف عند قبة الصخرة بلونها الذهبى المتناغم مع اللون الأزرق الغالب على الفسيفساء المحيط بالقبة المكونة من ثمانية أضلاع إشارة إلى قول الله سبحانه : "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية" . إنه الشكل المناسب من حول الصخرة المشرفة التى عرج منها الرسول عليه الصلاة والسلام فى ليلة الإسراء والمعراج إلى السموات العلا ، حيث جاء المشهد فى السماء كما ورد فى القرآن الكريم متمثلا فى حالة شديدة الإيحاء ، كأن غلالة شفافة تغطيه ، فتسمح بأن نرى ملامح دون أن نرى التفاصيل ، أن نشاهد لوحة فيها خطوط تجريدية تكملها عين المشاهد فيزداد تأثير جمالها جمالا . فلقد قال سبحانه وتعالى عبر موسيقى قرآنية روحانية تسرى بين المفردات فتسبح الروح معها إلى ما لا عين رأت ، فنرى فى أوائل آيات سورة النجم قول الله سبحانه " وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى(14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) " .
فالآيات تتضمن أن الرسول عليه الصلاة والسلام فى رحلة المعراج قد وصل إلى "سدرة المنتهى" ، عندها جنة المأوى . وصل حبيبنا إلى الجنة ، بعد طريق كانت بدايته الصخرة المشرفة داخل ساحة المسجد الأقصى التى أقيمت فوقها "قبة الصخرة" .
لم يصرح القرآن صراحة بتفاصيل المشهد عند وصول الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الجنة ، بل جاء فى الآية : "إذ يغشى السدرة مايغشى" ، هو تعبير إذا جاز التشبيه يقترب من القول بأن ما ينتظر الإنسان الذى سيظفر بدخول الجنة بإذن الله سيتضمن "مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" . فما بالنا والآية تتحدث عن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه وهو فى الحضرة الإلهية (والله أعلم) . إننا ـ مع الفارق فى التشبيه ـ نصف حالنا حين يسألنا أحد عما رأيناه خلال رحلة ممتعة ، فنرد عليه "أما كانت رحلة جميلة" . فنحن بهذه الإجابة لا نكون قد ذكرنا تفاصيل الجمال الذى رأيناه ، إنما يكون المعنى الذى نريده قد وصل ، حيث المعنى هو أن المتعة قد فاقت ماكنا نتمناه ومايفوق إمكانيات الحروف والكلمات على الوصف .
هى الطريقة التى تعبر عن قصور الكلمات المباشرة عن استيعاب حجم الجمال ، فما بالنا حين يكون الكلام أيضا عن الجلال . عن جلال الحضرة الإلهية وعن الجنة ، إن تعبير "إذ يغشى السدرة ما يغشى" يسرى فيه غموض ملئ بإيحاءات تأخذ قارئ القرآن المحب المشتاق إلى حالة نورانية لا وصف لها .
إنها حالة نبعها هو الحالة التى تم التحرك باتجاهها فى ليلة الإسراء والمعراج من أرض المسجد الاقصى ، إنطلاقا من الصخرة المشرفة إلى السموات العلا ، إلى سدرة المنتهى ، إلى جنة المأوى .
ــ إوعدنا يارب بصلاة فى أرضه الطاهرة تحت راية الإسلام .
● آمين يارب العالمين .
ــ ولكى نساهم فى الوصول بإذن الله تعالى إلى ذلك اليوم فإن علينا أن نفهم ، كى نتحرك بناء على أسس صحيحة .
● مما يجب علينا أن نفهمه فيما يتعلق بتهويد القدس هو الحال الذى صار مفروضا على المقدسيين عشاق الأرض المباركة الذين يتحملون من الاحتلال الإسرائيلى ما لا يخطر على البال من تفنن فى العمل على التخلص منهم ، لأنهم هم الذين يدافعون عن المسجد الأقصى ، حيث بالتخلص منهم يتمكن الإسرائيليون من الإنفراد بالقدس فيستطيعوا أن ينفذوا خططهم ضد المدينة بتهويدها وضد المسجد الأقصى المبارك بالتخلص منه وإقامة هيكلهم مكانه ، ومن أجل هذا يضغط الإحتلال الإسرائيلى على المقدسيين بتحويلهم إما إلى مطرودين أو مطاردين أو على أحسن الأحوال مهَدَدين .
"الأرض بتتكلم عربى"
ــ ما المقصود بداية بـ "تهويد القدس" ؟
● معناه أن "الأرض بتتكلم عربى" ، بينما الإسرائيليون يعملون على أن يجعلونها "تتكلم عبرى" .
ــ وما هى الوسائل التى يلجأ إليها الإسرائيليون لتحقيق هدفهم ؟
● هى وسائل متداخلة . إنما إذا أردنا أن نحاول الفصل بينها لنضع يدنا على النقاط الرئيسية التى تتصدر تلك الوسائل فإننا نستطيع أن نصنفها كما يلى :
# أخطر وسيلة بالطبع هى بالتخلص من العرب أصحاب البلد ، والوجه الآخر لقيام سلطات الاحتلال بالتخلص من المقدسيين هو إحلال مستوطنين يهود ، وهو ما يسارعون فى العمل بالفعل على تحقيقه مستعينين فى ذلك باعتيادهم على الوصول إلى غاياتهم عبر ما تمرنوا عليه من سياسة النَفَس الطويل .
# الاستيلاء على منشآت عربية ، وبعد الاستيلاء عليها ، يتم التحدث عنها فى مختلف المراجع وعبر وسائل الإعلام العالمى وكذلك أمام السائحين باعتبارها أماكن يهودية .
# تحويل أسماء الشوارع والمناطق من المسميات العربية الممتدة الجذور فى الأرض إلى أسماء عبرية ، وهو ما توسعوا فيه بالفعل ، حتى ولو قاموا بطرد مئات السكان العرب وهدم بيوتهم لمجرد أن المنطقة التى يقيمون فيها هى بحسب زعمهم مشار إليها فى كتبهم باعتبار أن مكانها كانت توجد فيه حديقة مثلا ، فيصممون على إزالة البيوت من أجل إقامة ما يسمونه حدائق توراتية .
# بإقامة الكنس الضخمة مكان أوقاف إسلامية .
# وصولا إلى إقامة الهيكل مكان المسجد الأقصى ، حيث أن كل النقاط السابقة تصب فى اتجاه تسهيل مهمتهم حين يقررون ـ والعياذ بالله ـ أن يتخلصوا من المسجد الأقصى لإقامة الهيكل .
ــ أى أن المقصود بـ "تهويد القدس" هو فى صياغة أخرى عبارة عن إجراءات يتخذها الإحتلال الإسرائيلى للاستيلاء على تاريخ القدس والادعاء أنه تاريخ لليهود ، عبر الاستيلاء على مبان أثرية تعود إلى عهود مختلفة ، لكنهم ينسبونها لليهود ، مع الاستيلاء فى الوقت ذاته على الحاضر وإحلال الملامح اليهودية عليه سواء بإحلال بشر آخرين أو منشآت أخرى وكلها خطوات فى طريق التخلص من أهم ما يريدون التخلص منه وهو المسجد الأقصى لإقامة هيكلهم مكانه .
● هذا تشبيه رائع . فهم يقومون بتهويد البشر ، كما يقومون بتهويد الحجر أى تهويد المعالم .
وتهويد البشر هو الأساس الذى يجعل استكمال تهويد الحجر مهمة أسهل . لأن البشر روح ولحم ودم ، وليسوا حجرا بلا إرادة ، فالبشر هم الذين يصدونهم عن المسجد الأقصى وعن الكثير من المعالم التى يعملون على ادعاء أحقيتهم فيها .
بالتالى فإن التخلص من أكبر عدد من المقدسيين ، هو أمر يحقق لهم التخلص ممن سيقاتلهم بداخل القدس ، أما من قد يأتى لقتالهم من خارج القدس فلقد جهزوا ضدهم مصدات فى هيئة مستوطنات .
ــ معنى هذا أن الإجراءات التى تتخذها إسرائيل لتهويد القدس هى فى الحقيقة إجراءات ضد المسجد الأقصى باعتبارها مكملة للإجراءات التى سبق توضيح أنهم قد نفذوها ويواصلون تنفيذها تحت أرض المسجد الأقصى وفوق أرضه .
● وهو ما يجعلنا نفهم خطورة قيام إسرائيل بمحاولة التخلص من المقدسيين ، فبالتخلص من أكبر عدد من المقدسيين يتم للإسرائيليين استكمال ما سبق أن رصدناه فى المحور الأول والثانى من المحاور التى يتحركون عبرها على طريق التخلص من المسجد الأقصى لإقامة الهيكل ، حيث ذكرنا أن الإسرائيليين يقومون بتجهيزات قتالية لاستخدامها حين يقررون الاستيلاء بالقوة على المسجد الأقصى ، ولا بد أن نسجل هنا مع وصولنا إلى هذا المحور الذى يتحركون فيه ضد المسجد الأقصى أن المستوطنات التى تطوق مدينة القدس تمثل من الناحية العسكرية حاجز صد ضخم عن الوصول إلى القدس من خارجها باعتبارها تسيطر على طريق القدس ـ الأردن ، وطريق القدس ـ رام الله ، فالمستوطنات صارت تطوق بالكامل مدينة القدس من مختلف الجهات .
فى عام واحد سحبت إسرائيل هويات المقدسيين بنسبة 21 ضعف عن ماسحبته طوال 40 سنة
بالتالى ففى وقت نشوب معارك بالمسجد الأقصى فإن الكتلة الأساسية المتواجدة بالفعل على الأرض للدفاع عن الأقصى تتمثل فى أهل مدينة القدس أنفسهم . وبناء على ذلك فإن الإسرائيليين لا يريدون أن يروا وجههم فى المدينة ، مما جعل سلطات الاحتلال الإسرائيلى تعمل على التخلص منهم بكل وسيلة لأهداف إستراتيجية عسكرية .
ولأهمية هذه الأهداف نجد أن إسرائيل بجرأة عجيبة ، أو باستهانة شديدة ، أو فلنقل : بتبجح ، تتخذ ضد السكان الفلسطينيين إجراءات لم يسبقها إليها فيها احتلال . فما يفعلوه ضد المقدسيين هى أمور تبدو فى كل جزئية منها عجيبة من العجائب .
صحيح أن وتيرة هذه الإجراءات قد تسارعت بشدة مؤخرا ، إلا أن سلطات الاحتلال قد مهدت لها بمجرد احتلال القدس عام 1967 حيث اعتبروا الفلسطينيين الموجودين بالقدس كأنهم أجانب أوجدتهم الظروف فى دولة أجنبية .
يهود أقاموا فى الحى الإسلامى بالقرب من المسجد الأقصى ورفعوا علم إسرائيل على بيوتهم
ــ كيف ؟● لقد جعلوا الوضع القانونى للفلسطينيين فى القدس هو أنهم من وجهة نظر الاحتلال ليسوا مواطنين ، وإنما أجانب يقيمون إقامة دائمة داخل إسرائيل . القدس حاليا يعيش فيها حوالى مئتين وخمسين ألف فلسطينى هم سكانها الاصليون الذين وُلدوا على أرضها وعاشوا فيها طوال عمرهم ، مع ذلك فإن صفتهم على أرضهم بمجرد احتلال إسرائيل للقدس عام 1967 قد صارت بناء على ابتكارات القوانين العجيبة الإسرائيلية هى أنهم يحملون وصف "السكان" وليس "المواطنين" .
وبناء على هذا التوصيف المجحف هم محرومون من حقوق أساسية طبيعية يتفنن الاحتلال فى التعسف عند تطبيقها لمزيد من التضييق على المقدسيين كى يرحلوا ويتركوا لهم المدينة .
والتعسف الإسرائيلى يصل إلى درجة أن مجرد وجود قصة حب بين شاب وفتاة أحدهما من القدس ، والآخر يقيم فى أى مكان آخر ولو حتى على بعد أمتار من المدينة فى الجزء التابع للسلطة الوطنية الفلسطينية ، فإن هذين المحبين ليس لهما الحق الذى يتمتع به كل المحبين فى أى مكان آخر من العالم بتتويج قصة الحب عبر الزواج ، حيث أن القانون الإسرائيلى حاليا لا يسمح بأن يتم لم شمل المحبين فى أسرة عربية داخل القدس ، ويترتب على هذا أن يتعذب المقيم فى مدينة القدس بين حبه للمدينة التى لا يريد أن يتركها ، وحبه لفتاة معينة يريد أيضا ألا يتركها . لكنها أحد وسائل الاحتلال للتضييق على أهل القدس .
المقدسيون ليس من حقهم عند السفر سواء للدراسة أو للعمل أو لأى سبب أن يغيبوا عن المدينة أكثر من سبع سنوات وإلا سقطت عنهم هوية القدس وهى المعروفة بـ "الهوية الزرقاء" .
المقدسيون ليس من حقهم الحصول على هوية دولة أخرى ، فمن يحصل على هوية دولة أخرى تسقط عنه هوية القدس .
وبالتفنن فى تطبيق هذه القوانين الإسرائيلية وغيرها تصاعدت فى الفترة الأخيرة وتيرة سحب الهويات المقدسية عن المقدسيين وهو تصاعد يتزامن مع تصاعد وتيرة خطوات الإسرائيليين للتخلص من المسجد الأقصى .
فطبقا لأرقام الداخلية الإسرائيلية نجد أن إسرائيل قد قامت بسحب عدد من الهويات المقدسية من السكان العرب فى عام 2008 ، بلغت 21 ضعف ما تم سحبه طوال أربعين سنة منذ احتلالها للقدس عام 1967 .
فطبقا لأرقام الداخلية الإسرائيلية أنها قد قامت عام 2008 بسحب هويات من 4577 مواطن عربى ، بينما ماسحبته منذ عام 1967 هو 8558 هوية.
أما أغرب ما قامت به سلطات الاحتلال من عجائب فى ابتكار أسباب لطرد المقدسيين من مدينة القدس فهو قرار إبعاد النواب البرلمانيين الفلسطينيين من القدس بتهمة عجيبة جدا هى بحسب التسمية التى أطلقها الاحتلال الإسرائيلى هى تهمة عدم الموالاة لإسرائيل ، ياسلام ، وهل مطلوب من ممثلين للشعب الفلسطينى أن يعلنوا الولاء لإسرائيل . فالقدس طبقا للاتفاقات الدولية يتم فيها إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية ضمن اتفاق دولى وبرقابة دولية منحت خلالها كافة الأحزاب والحركات التي خاضت الانتخابات حصانة من أى فعل إسرائيلى كالاعتقال أو منع الحركة أو الإبعاد أو المس بمكان الإقامة وتحديدا فى القدس الشرقية ، إلا أن إسرائيل فى يوليو 2010 قررت طرد أعضاء المجلس التشريعى الفلسطينى وهم يتبعون لحماس ، قررت طردهم من مدينة القدس بحجة رفضهم قرار إسرائيل بأن يستقيلوا من المجلس التشريعى ، حيث كان وزير الداخلية الإسرائيلى قد طلب منهم فى عام 2006 بعد الانتخابات أن يستقيلوا من المجلس التشريعى ، وإلا فسيتم سحب هوياتهم المقدسية ، وبالفعل قررت سلطات الإحتلال الإسرائيلى طرد أربعة نواب عن حماس ، قررت طردهم من القدس وسحب هوياتهم ، وهم أحمد عطون ، محمد أبوطير ، محمد طوطح ، ووزير شؤون القدس السابق خالد أبو عرفة .
أخرجوا خارج الجدار
ــ ما كل هذه العجائب الإسرائيلية .
● ما زالت هناك العديد من العجائب . منها أن إسرائيل هى التى أقامت جدار الفصل العنصرى الذى يفصل عنها أراضى السلطة الوطنية الفلسطينية ، فمعروف أن الإحتلال هو صاحب قرار إقامة الجدار وأن الفلسطينيين قد احتجوا بشدة على إقامته ، إنما وعلى الرغم من أن سلطات الاحتلال هى التى حددت مسار الجدار الذى تضرر منه الفلسطينيون ، فإن تلك السلطات تقوم بمحاسبة الفلسطينيين على نتائج ترتبت على مسار الجدار .
ــ كيف ؟
● لقد حددت سلطات الاحتلال مسار الجدار بطريقة تسمح لها بضمّ أكبر مساحةٍ ممكنة من الأرض إلى حدود بلديّة مدينة القدس ، كما تسمح لها فى الوقت ذاته بطرد أكبر عددٍ ممكن من المقدسيين خارج المدينة .
فالطريق الذى حددته سلطات الاحتلال الإسرائيلى لمسار الجدار إختارته فى مناطق سكنية فلسطينية مما ترتب عليه هدم عشرات المنازل للفلسطينيين ، وبالتالى تهجيرهم بالإضافة لمصادرة أراضيهم التى تقرر أن يمر الجدار عبرها . والعجيب أنه طبقا للقانون الإسرائيلى فإن السلطات العسكرية من حقها مصادرة أراضي خاصة لاستخدامات عامة ، بدون تقديم تعويضات للجهة المتضررة .
ولقد تسبب الجدار فى إخراج حوالى 90 ألف عربى من حملة البطاقة المقدسية ليصبحوا خارج القدس ، بالتالى يفقدوا البطاقة المقدسية .
أما الأعجب فهو أن سلطات الإحتلال قد قررت أن يتم تطبيق "قانون أملاك الغائبين" على هؤلاء .
ــ وما هو قانون أملاك الغائبين ؟
● قانون أملاك الغائبين هو قانون فرضه الاحتلال عام 1950 بعد حرب 1948 ، و"الغائب" طبقا لهذا القانون هو من كان أثناء حرب 1948 متواجدا خارج المساحة التى تمكن الصهاينة من احتلالها فى فلسطين وجعلوا إسمها "إسرائيل" ، وقرر الإسرائيليون أن أملاك هذا الغائب سواء كانت أرضا أو عقارا أو أى شىء تنتقل تلقائيا إلى حارس الأملاك .
ــ ومن هو حارس الأملاك ؟
● هو الاحتلال الإسرائيلى .
ــ المثل الشعبى المصرى يقول "حاميها حراميها " .
● مع ملاحظة أن الـ "حرامى" أو السارق هنا بعد أن يغتصب الأرض بالقوة ويطرد صاحب الأرض منها ، فإنه لا يكتفِ بهذا ، وإنما يقوم بوضع قانون بموجبه يتخذ عقوبات ضده لعدم تواجده فى أرضه التى طرده منها .
ثم بعد تطبيق هذا القانون على الأراضى التى تم احتلالها عام 1948 ، فإن هذا القانون من جديد قد أصبح يتم تطبيقه على كل من له أرض داخل القدس ولا يستطيع الوصول إليها . حتى ولو كان عدم قدرته على الوصول إليها هو أمر سببه الإبعاد القصرى عن المدينة ، أو التهجير ، أو حتى تلك العائلات التى عزلها جدار الفصل العنصرى عن أملاكها.
وبموجب هذا القانون فإن الفلسطينيين الذين يقيمون بالضفة الغربية فى حين أن لديهم أملاك فى القدس المحتلة ، هؤلاء يتم التعامل معهم باعتبارهم أصحاب أملاك غائبين .
ــ كيف ؟
● بمعنى أن هناك فلسطينيون يحملون بطاقة هوية تابعة للضفة الغربية وكانت لهم ممتلكات بالقرب من مدينة القدس ، إلا أن إسرائيل وضمن مشروعاتها المتعلقة بما أسمته " القدس الكبرى" قد قامت بضم أجزاء قريبة من القدس لتصبح ضمن حدود مدينة القدس ، فترتب على ذلك أن هناك فلسطينيون من سكان الضفة الغربية أى ممن يقيموا تحت حكم السلطة الوطنية الفلسطينية ، بينما أملاك هؤلاء قد أصبحت فى داخل الحدود التي ضمتها اسرائيل الى القدس التى تعتبرها سلطات الإحتلال جزءا من "إسرائيل" التى هى أصلا فلسطين المحتلة ، بالتالى لم يعد لهؤلاء الحق فى الوصول إلى ممتلكاتهم ، لأن سكان الضفة طبقا للقانون الإسرائيلى ليس لهم الحق فى دخول القدس .
بالتالى هم محرومون قسرا من الوصول إلى ممتلكاتهم ، مع ذلك فإن سلطات الإحتلال الإسرائيلى تعتبرهم غائبين عن أملاكهم فتقوم بمصادرتها ، ليس هذا فقط بل وأيضا بدون تعويضهم عنها .
ــ هذا شئ عجيب .
● الأعجب أن قانون الغائبين هذا يمنع فى الوقت ذاته قيام الفلسطينى الذى أصبح لا يقيم بداخل إسرائيل من أن ينقل ممتلكاته لفلسطينى آخر أو لشخص آخر مقيم بداخل إسرائيل ، وهم يعتبرون طبقا لقانونهم أن القدس جزء من إسرائيل بل وعاصمتها أيضا كما يزعمون . بالتالى لا يستطيع أن يدخلها الفلسطينى المقيم فى الضفة الغربية وبالطبع لا يدخلها الفلسطينى الذى يعيش فى غزة . وقانون أملاك الغائبين ينص على أن عدم وجود الشخص بنفسه يترتب عليه فقدانه حق التصرف فى ممتلكاته من أى مكان آخر هو موجود فيه .
حتى سكان ضواحى القدس الذين فصلهم الجدار عن القدس والذين قد تكون منازلهم فى الضواحى والأرض التى يمتلكونها موجودة بداخل المدينة ، هؤلاء غير مسموح لهم باجتياز الجدار وبالتالى فقدوا ملكيتهم للأرض . الفلسطينى الذى يملك بيتا أو أرضا فى القدس حتى ولو كان معه ما يثبت هذه الملكية لا يصبح ملكا له طالما لا يقيم فيها ، فيتم حرمان الفلسطينيين من أملاكهم بسبب عدم سماح إسرائيل لهم بالوصول إليها . فسلطات الاحتلال الإسرائيلى تقوم بتطبيق "أملاك الغائبين" على فلسطينيين بحجة أنهم لا يقيمون فى أملاكهم بالقدس على الرغم من أن عدم إقامتهم فيها هو أمر ليسوا هم المتسببين فيه . كما تستكمل سلطات الإحتلال إجراءاتها هذه بأن تقوم بسحب الهويات المقدسية منهم باعتبار أن محل إقامتهم لم يعد فى القدس .
وقد كانت هذه الإجراءات هى أحد الأسباب التى ساعدت الكثير من الإسرائيليين على أن يقيموا فى وسط الحى العربى بالبلدة القديمة فى القدس.
وهؤلاء اليهود الذين انتزعت سلطات الاحتلال الإسرائيلى البيوت العربية وحصلوا هم عليها ، من المعتاد أن يقوموا برفع العلم الإسرائيلى فوق هذه البيوت التى سكنوها .
فصار مشهد تلك الأعلام نشازا ينبعث من فوق عدد من الأسطح المطلة على المسجد الأقصى وعبر شوارع القدس العتيقة بملامحها الإسلامية والملامح العربية لسكانها .
ثم لم يكتفوا بأنهم قد استولوا على أملاك لفلسطينيين لا يستطيعون الوصول إليها ، إنما يحرص هؤلاء اليهود فى الوقت ذاته على التحرش بمن حولهم من السكان المسلمين ، فيتحرشون بهم لفظيا وسلوكيا ، وبمعنى أوسع فإن هؤلاء الذين كأنهم قد هبطوا على الحى العربى بالبراشوت يحاولون "تطفيش" المسلمين بتكرار الاعتداء عليهم إعتمادا على أن الشرطة الإسرائيلية تحمى السكان اليهود فى مواجهة السكان العرب الأصليين .
يابيوت القدس
يابيوت مدينتى
ــ هل هذه هى الطريقة الوحيدة للاستيلاء على بيوت المقدسيين أو إخراجهم منها ؟
● هناك وسائل أخرى منها البدء بمحاولة الشراء ، إنها الطريقة نفسها التى استخدموها فى الاستيلاء على بعض البيوت قبل النكبة عام 1948 ، لكن الفلسطينيين الآن تعلموا الدرس وصاروا يرفضون البيع بالرغم من الشيكات المفتوحة التى يعرضها عليهم الإسرائيليون .
إنما يظل أن الإسرائيليين عندما يتأكد لديهم أن الذوق لن ينفع فى الرحيل عن البيت فإنهم يلجأون إلى وسائل أخرى عديدة ، منها قيام قوات من التى تسمى بـ "القوة المستعربة" أو "المستعربون" وهم يهود يحملون ملامح تقترب من الملامح العربية ويتواجدون حين تقتضى الأحوال بزى مدنى ، سواء فى المظاهرات أو فى التجمعات السكنية ، حيث يقومون بالاعتداء على السكان خاصة على الصغار عند عودتهم إلى البيوت ، ومثال لذلك ما جرى فى عمارة "عائلة عوض" المقيمة فى بيت صار مع إقامة مستوطنة "بسغات زئيف" بالقدس ، صار البيت بداخل المستوطنة ، وحين رفض أصحاب البيت الذى يصل عدد سكانه إلى 250 فردا فلسطينيا ، عندما رفضوا البيع تتابعت المضايقات ضدهم ، بداية من التحرش بالأطفال وقت عودتهم إلى المنزل خاصة فى المساء ، ووصولا إلى قيام المستعربون بالاعتداء بالضرب على عدد من السكان .
أخرج من بيتك
ــ هل هذه الطريقة غير القانونية هى الطريقة الرئيسية للتخلص من السكان المقدسيين الأصليين ؟
● هناك إستيلاء بطرق أخرى مع توفير الغطاء القانونى الذى يقوم الإحتلال بتفصيله . ففيما يتعلق بالشقق المؤجرة فإن قانونهم يسمح بانتقال تأجير الشقة من مستأجر إلى مستأجر آخر بدون الحاجة إلى موافقة مالك العقار مما أدى إلى إقامة عدد من اليهود فى شقق بالمناطق العربية بدون موافقة ملاك البيت العرب ، هذا من ناحية . من ناحية أخرى فإن هناك تزوير فى أوراق الملكية يقوم به بعض اليهود لإخراج مقدسيين من بيوت يقيمون فيها منذ عشرات السنين ويمتلك المقدسيون بالفعل ما يثبت الملكية ، إنما ما يحدث هو أن يتقدم إسرائيليون بأوراق أخرى يقولون أنها تثبت ملكيتهم هم لها ، ولا يكتفوا بهذا ، بل ويطالبون السكان بأن يدفعوا لهم تعويضا عن استخدامهم للمكان خلال السنوات السابقة . مما جعل عدد كبير من المقدسيين تضيع أوقاتهم بين أروقة المحاكم ، والبعض سافر خصيصا إلى "تركيا" حيث الأرشيف العثمانى الأصلى الذى يتضمن تسجيل العقارات بفلسطين منذ كانت تابعة للدولة العثمانية والذى تثبت أوراقه من هو صاحب الملكية الحقيقية للعقار المتنازع عليه .
وبعد أن تكررت مثل هذه القضايا التى يتكلف أصحابها مبالغ كبيرة للسفر إلى تركيا والحصول على أوراق إثبات الملكية المعروفة بـ "الطابو" ، فإن إجراء جديدا قد تم اتخاذه ونشرته صحيفة "خبر 7 "الإلكترونية التركية فى 19 مارس 2009 ضمن مقال للصحفى التركى المناصر للقضايا العربية "مصطفى قره جول" ذكر فيه أن رئيس الوزراء التركى عبد الله جول قد أهدى السلطة الفلسطينية عقود تمليك (طابو) فلسطين المكون من 254 دفتر طابو كبير فى 150000 فيلم مايكرو ، أى أن المقدسيين يستطيعون الاستفادة من توفر هذه العقود لتقديمها للمحاكم الإسرائيلية بالقدس حين يقوم بعض اليهود بطرد سكان عرب بموجب عقود قديمة يقومون بتزويرها .
إلا أنه بعد كل هذا وبعد الإثبات بالورق الرسمى فإن اليهود كثيرا ما يلجأون للقوة ضد السكان من أجل إخراجهم بدون حق .
الجيران
ليس هذا فقط ، فبمجرد دخول الساكن الإسرائيلى الجديد فإنه لايكتف باغتصاب الشقة بالقوة ، إنما يواصل العمل على تعكير صفو حياة الجيران المسلمين . فبعد أن يقيم اليهود مكان المسلمين يقومون برفع العلم الإسرائيلى على البيت ، معلنين عبره عن أنهم قد صاروا هنا . وفى الحال يأخذون فى إزعاج الجيران المسلمين بكل الوسائل ، منها أن يقوم السكان اليهود بإلقاء المياه القذرة والنفايات على المارة ، وحين يدافع المقدسيون عن أنفسهم ينهال اليهود عليهم بالشتائم التى كثيرا ما تتطور إلى اشتباك بالأيدى ، أما دور شرطة الإحتلال الإسرائيلى فهو فض الاشتباك لصالح اليهود مع عدم التردد فى اعتقال المقدسيين .
من ناحية أخرى تعمل سلطات الاحتلال على التخلص من المقدسيين بطريقة أخرى تتظاهر عبرها بأن ما تقوم به هو مجرد إجراءات قانونية ، فمما تفعله السلطات الإسرائيلية هو أن تعرقل أوترفض إعطاء تراخيص البناء للفلسطينيين أصحاب البيوت المقيمين بالفعل فيها إذا أرادوا توسعتها . بعد ذلك تعتبرهم قانونا يقيمون فى مبنى بلا ترخيص ، على الرغم من أنهم قد تقدموا للحصول على الترخيص بينما سلطات الاحتلال هى التى تعرقل إعطاء الترخيص حتى ولو كان البناء فى فناء أو حديقة البيت أو حتى إذا كان صاحب البيت يريد مجرد إقامة غرفة إضافية فوق السطح . فالحصول على رخصة بناء بيت هو حلم يحتاج نحو خمس سنوات ، مع مصاريف تصل إلى 30 ألف دولار أميركى ، بعدها إذا تم السماح بالرخصة يكون إنجازا لا يحصل إلا نادرا ، بل إن تعسف السلطات الإسرائيلية يصل إلى درجة عدم السماح عادة بصيانة المبانى وترميمها أو توسيعها وزيادة طوابقها .
ومع عراقيل الحصول على تصريح البناء قد يضطر البعض للبناء عند زيادة عدد المواليد ، أو عند زواج أحد الأبناء ، حيث من الصعب جدا استئجار شقة بالقدس بسبب الارتفاع الشديد فى الأسعار . من هنا صار البناء بدون ترخيص حجة إسرائيل للهدم . حيث أن الهدم هو الهدف الذى تسعى إليه سلطات الاحتلال من أجل تنفيذ مخططها المعروف بتهويد "الحوض المقدّس" .
ــ ما المقصود بـ "الحوض المقدس" ؟
● يقصدون بالحوض المقدس كل البلدة القديمة بالإضافة إلى أجزاء واسعة من الأحياء والضواحى المحيطة بها .
ــ وما الذى يتضمنه هذا المخطط ؟
● يتضمن أن تصبح مدينة القدس على صورة مطابقة لما يقولون أنه الوصف التوراتى للمدينة ، ذلك الوصف الذى يزعمون أنه كان يتضمن حدائق ومتنزهات فى أماكن معينة يريدون الإلتزام بأماكنها ، خاصة فى جنوب المدينة حيث ضاحية سلوان وفى شرقها حيث جبل الزيتون وضاحية الطور.
وأن تنفيذ الوصف التوراتى للمدينة يقتضى استبدال السكان العرب بسكان يهود فى البلدة القديمة وأحياء وادى الجوز والشيخ جراح والطور وسلوان ورأس العمود .
وهذا معناه ترحيل عدد كبير من المقدسيين إلى مناطق بعيدة عن المسجد الأقصى أو خارج مدينة القدس بأكملها . بما يؤدى إليه هذا من عزل المسجد الأقصى عن أحد أهم خطوط دفاعه ، مما يجعل تنفيذ مخططات الاحتلال ضد المسجد الأقصى بعد ذلك أسهل . خاصة أن تنفيذ هذه المخططات يحقق فى الوقت ذاته تواصلا جغرافيا بين البؤر الاستيطانيّة فى البلدة القديمة ومحيطها وبين المستوطنات الموجودة على أطراف مدينة القدس .
عمر بن الخطاب
عَبَر من هنا
نبدأ من جنوب القدس ، أى جنوب المسجد الأقصى ، إنه اتجاه القبلة ، أى الطريق القادم من الحجاز ، من مكة المكرمة والمدينة المنورة . هذا الجزء الجنوبى من القدس يحمل اسما له وقع خاص فى الوجدان . إنه جبل "المُكَبِّر" .
خصوصية المذاق تعود إلى أنه من هذا الطريق قد مرّ أمير المؤمنين . نعم ، فسيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه عند فتح القدس كان قد ذهب إلى المدينة المباركة قادما من المدينة المنورة ، وكان معه عدد كبير من الصحابة حيث دخلوا من جبل المكبر .
ولقد كانت القدس هى المدينة الوحيدة التى ذهب الخليفة عمر بن الخطاب بنفسه لدخولها فاتحا من بين كل المدن التى فتحها المسلمون فى عهده .
فما جرى وقتها هو أنه بعد الانتصار الإسلامى فى معركة "اليرموك" ، طلب البطريرك الأكبر لمدينة القدس أن يكون تسليم المدينة للخليفة شخصيا ، فكان الدخول التاريخى لسيدنا عمر بن الخطاب إلى مدينة القدس ، وما أن أطل من الجبل الموجود فى جنوب المدينة على القدس ببهاء منظرها وعبير النسمات التى تفوح من جبالها وأشجارها حتى هلل مكبرا : "الله أكبر" وردد من خلفه الداخلون "الله أكبر" ، فصار اسم الجبل هو : "جبل المُكبِّر".
إنها الزاوية نفسها التى قررت سلطات الاحتلال أن تقيم فيها حيا استيطانيا يهوديا يحمل إسم على مسمى هو "منظر من ذهب" أو "نوف زهاف" .
معروف بعد دخول سيدنا عمر أنه قد عقد مع أهل المدينة من النصارى معاهدة أو اتفاقية مشهورة فى التاريخ بإسم "العهد العمرى" أو "العهدة العمرية" أمّنهم فيها على معابدهم وعقائدهم وشعائرهم وأنفسهم وأموالهم، وشهد على هذه الوثيقة عدد من قادة المسلمين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم جرت أحداث الحكاية الشهيرة التى تتضمن أن وقت الصلاة قد حان أثناء وجود سيدنا عمر بن الخطاب فى كنيسة القيامة فعرض عليه البطريرك أن يؤدى الصلاة داخل الكنيسة ، لكنه شكره قائلا أنه يخشى أن يظن البعض أن فى صلاته بداخل الكنيسة إشارة إلى تحويلها بعد ذلك لمسجد ، وأدى الصلاة وقتها خارج الكنيسة حيث أقيم بعد ذلك المسجد الذى يحمل اسم "مسجد عمر بن الخطاب" ، بما تحمله الحكاية من تأكيد على احترام الإسلام لحرية العبادة للآخر .
غطت الثلوج مدينة القدس فحرص الفلسطينيون على أن تنطق الأرض بعروبتها ، (وتبدو قبة الصخرة فى خلفية الصورة)
نعود إلى "جبل المكبّر" الذى مر منه عدد من الصحابة كى نذكر أن المسلمين قد أقاموا فيه على مدى السنين . إنما إذا بأحفادهم الآن قد صار مطلوبا منهم الرحيل ، وخاصة من حى "الفاروق" الذى يحمل لقب سيدنا عمر بن الخطاب ومن عدة مناطق أخرى .
تعددت الحجج والترحيل واحد ، فالبعض جاء قرار ترحيلهم بسبب الجدار العنصرى ، والبعض بحجة جاهزة هى عدم إعطاء ترخيص بالتوسع فى البناء ، والبعض من أجل إقامة فندقين سياحيين كبيرين والبعض بسبب جسر معلق مزمع إنشاؤه حيث يطل هذا الحى المقترح مباشرةً على البلدة القديمة من الناحية الجنوبية ، كما يتصل مباشرة بحى سلوان وبؤر الاستيطان المنتشرة فيه .
الحلوة والبستان
فى سلوان
مع الانتقال من جبل المكبر باتجاه المسجد الأقصى مرورا بـ "سلوان" وما تضمه من مناطق جميلة ، هى وادى "حلوة" و"البستان" ، نجد أعدادا أكبر من السكان الفلسطينيين مهددين بالطرد من منطقتهم التى تتمتع بطبيعة جميلة لا تسر العين فقط بالجمال ، إنما هى تبعث بعبيرها المنعش بما يسر الروح أيضا ، عبير أشجار الفواكه التى تشرب من عين ماء سلوان التى تعتبر رمزا للمنطقة على مدار التاريخ ومن حولها تمتد أشجار التين والرمان والليمون ، وكذلك أحواض الخضرة حيث الخس والنعناع والبقدونس .
و"سلوان" يسكنها حوالى 43 ألف نسمة . يحدها من الشمال المسجد الأقصى والسور القديم للمدينة وحى المغاربة الذى دمره الاحتلال الاسرائيلي عام 1967 ، ومن الجنوب جبل المكبر ، ومن الشرق قرى ابو ديس والعزيزية والطور ورأس العامود .
ولقد كانت بلدة سلوان بأكملها وقفا إسلاميا منذ الفتح الإسلامى الثانى ، حيث أوقفها القائد صلاح الدين الأيوبى .
لكن الإسرائيليين يزعمون أن "سلوان" هى ما يسمونه "مدينة داود" .
أما عين سلوان الشهيرة التى يرتبط تاريخها بتاريخ القدس حيث شكلت مصدر المياه الأساسى منذ الفترة الكنعانية عبر قنوات بناها اليبوسيون (بناة القدس الأصليين) وما زالت آثارها قائمة حتى اليوم . هذه العين التى هى عبارة عن نفق صخرى تحت الأرض بطول 533م يصل إلى بركة عين سلوان في الجهة المقابلة لوادى الحلوة حيث مجمع عين سلوان ، يزعم الإسرائيليون أنها جزء من تاريخ ما يسمونه مدينة داود ، بالتالى يريدون الاستيلاء على سلوان من أجل إعادة ما يزعمون أنه كان الحال بالمنطقة منذ ثلاثة آلاف سنة ، أيام سيدنا داود ، أو الملك داود بالنسبة لهم .
ــ وكيف كانت تلك المنطقة فى ذلك الوقت .
● هم يزعمون أن بيوت الفلسطينيين فى هذه البقعة ، كان يوجد مكانها حدائق منذ ثلاثة آلاف عام ، وهم يريدون تحويلها إلى حديقة كبرى كى تكون هى المدخل الجنوبى إلى الهيكل الذى يخططون لبنائه لا قدر الله مكان المسجد الأقصى ، ولقد أطلقوا بالفعل على الحديقة التى خططوا لإقامتها مكان بيوت الفلسطينيين فى سلوان ، أطلقوا عليها اسم "حديقة الهيكل".
ــ معنى هذا أنهم يريدون تجهيز الطرق المؤدية إلى المسجد الأقصى بالهيئة التى يريدون أن تكون عليها الطرق إلى الهيكل كجزء من التجهيزات التى يقومون بها لمتطلبات الهيكل التى تعرفنا عليها من قبل مثل الشمعدان السباعى الذى نصبوه بالقرب من المسجد الأقصى ، وملابس الكهنة والأدوات الأخرى التى يعرضوها داخل معهد الهيكل استعدادا لساعة الصفر لبناء الهيكل .
● وكل هذه الأمور حين يبدأوا فى تنفيذها فإنهم يتعاملون وكأن من يعيش على الأرض من بشر لا إرادة لهم .
إنما "على جثتنا" .
إنها الجملة التى تتكرر على لسان الفلسطينيين الذين يريد الاحتلال طرهم من بيوتهم فى سلوان .
يكرر أهل سلوان هذا التعبير بما يعنيه من أنهم لن يغادروا ، وسيظلوا صامدين حتى لو هدموا بيوتهم فوقهم . مع تأكيد أهالى سلوان على أن بيوتهم التى يقيمون فيها هى بيوت قد توارثوها من الآباء الذين ورثوها عن الأجداد .
إهدم بيتك
الأكثر عجبا فى الأمر هو أن القرار الحكومى الذى تقوم سلطات الاحتلال بإخطار سكان هذه البيوت به لا يتضمن فقط الطرد من البيت ، بل يؤكد القرار فى الوقت نفسه على أن الساكن تقع عليه مسئولية إخلاء البيت وكذلك هدمه ، وأن يتبع الهدم قيامه بإزالة الأنقاض وتسوية الأرض .
ولقد بدأت سلطات الاحتلال بإصدار قرار بهدم 88 منزلا يعيش فيها 1500 مقدسى فى حى البستان بسلوان لإقامة حدائق توراتية ، هذا العدد يمثل كل عدد بيوت المقدسيين فى حى البستان ، وهو من الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية ، وبهدمه يتمكن الاحتلال الإسرائيلى من فصل الأحياء الفلسطينية ذات الكثافة السكانية عن البلدة القديمة للقدس .
إعلان إسرائيلى عن شقق فى مستوطنة تطل على المسجد الأقصى
إنما بعد فترة من الاحتجاجات صدر القرار الإحتلالى بتنفيذ الهدم لـ 22 منزلا كمرحلة أولى ، وذلك بالطبع على طريقة الخطوة خطوة ، أو كوسيلة من وسائل تفتيت الناس كى لا تصدر الاحتجاجات عن كل سكان الحى . والقرار يعطى السكان مهلة لينفذوا الهدم لبيوتهم بأيديهم ، وإن لم ينفذوها تطردهم بالقوة وتقوم السلطات بالهدم ، ثم تطالبهم بدفع تكاليف الهدم الذى نفذته . ومن لا يدفع تتم مصادرة أى ممتلكات له لتغطية الدين الذى عليه لسلطات الاحتلال الإسرائيلى .
أما إذا كان صاحب البيت الذى هدموه لا يمتلك ممتلكات أخرى فإن لسلطات الاحتلال أن تحبسه نتيجة عدم دفعه لمستحقاتها .
فبعد الطرد والتشريد ، إما الدفع أو الحبس .
والحجة للهدم هى عدم وجود الترخيص ، مع ملاحظة أن سلطات الاحتلال هى التى ترفض إعطاء رخص البناء للعرب بينما تعطيها للإسرائيليين .
وفى كثير من الحالات حين يتقدم السكان بما يثبت أن بيوتهم مرخصة سواء بأوراق "الطابو" التى تثبت الملكية منذ أيام العثمانيين ، أو بأوراق الترخيص الحديثة التى تصل قيمة الرخصة فيها إلى 30 ألف دولار لإقامة شقة مساحتها 120 مترا مربعا ، مع ذلك فإن تقديم الترخيص ليس طوقا للنجاة فى كل الأحوال ، لأن سلطات الاحتلال لديها الورقة الأخرى التى ترفعها عندما تشاء أمام غير المخالفين وهى أن البيت سيهدم سيهدم ، سواء كان مرخصا أم غير مرخص .
فالورقة التى يرفعها الاحتلال إذا اقتضى الحال هو أنه سيتم الهدم لأسباب تتعلق بالمنفعة العامة وهى فى سلوان : الهدم من أجل إقامة حديقة .
فماذا كان رد المقدسيين الذين تعرضوا لمثل هذا الموقف . تتراوح كلمات سكان الحى حسب ما وردت فى لقاءات صحفية منشورة معهم على الإنترنت ، تراوحت بين القول : أنا نشأت هنا مع شجر العنب والرمان ، فلن أقلع الأشجار أو أهدم الجدران . وبين كلمات مثل : لن نرحل ، ولن نهدم ، ولو جاءوا هم ليهدموا ، فليهدموا الدار فوق رؤسنا .
من أجل النفق
إنما ليست إقامة الحدائق مكان البيوت هى السبب الوحيد للخطوات التى تتخذها سلطات الاحتلال من أجل طرد سكان الحلوة والبستان فى سلوان ، إنما هناك سبب آخر وهو متعلق فى الوقت ذاته أيضا بالهيكل ، السبب هو أن النفق الذى أسموه بنفق الطريق الهيروديانى الذى يصل ما بين المستوطنات الإسرائيلية والأنفاق تحت المسجد الأقصى ـ والذى سبق أن ذكرناه فى المحور الأول للكتاب ـ هذا النفق هو نفق طويل يمر من تحت بيوت "سلوان" .
ولأن جزءا من أهمية هذا النفق عند الإسرائيليين هو أن عبر هذا النفق يتمكن سكان المستوطنات من الوصول للمسجد الأقصى دون أن يطولهم حجر من أهل القدس المدافعين عن المسجد الأقصى ، وهو فى الوقت نفسه طريق يمكن استخدامه لأهداف عسكرية إذا احتدمت المعارك فى المسجد الأقصى . بالتالى فإن من ضمن أهداف الإسرائيليين التى تسببت فى قرار إزالة تلك البيوت هو مزيد من الإطمئنان على نفق الطريق الهيروديانى حتى لا تكون هناك فوقه بيوتا لمقدسيين ، تخوفا من أن يفكر أحدهم فى أن يحفر من داخل بيته باتجاه النفق ، سواء مصادفة خلال البحث عن آبار مثلما يحدث كثيرا من قيام بعض السكان بحفر آبار من داخل البيوت ، أو أن يتم الحفر عن قصد للإضرار بالنفق أو بالمستوطنين اليهود ممن يسيرون عبره باتجاه المسجد الأقصى ، فيهاجمهم المسلمين من المنبع قبل أن يصلوا إلى المصب ، إلى قلب المسجد الأقصى عبر الأنفاق .
العلم الإسرائيلى على أحد البيوت المغتصبة فى الحى الإسلامى
والملاحظ أن الخطط الإسرائيلية التى تسارع تنفيذها ضد سكان سلوان حاليا هى مخططات تقوم بتنفيذها فى المقام الأول جمعية "العاد" الإستيطانية ، واسم الجمعية هو اختصار لحروف باللغة االعبرية معناها "نحو مدينة داود" ، فالجمعية لاتعترف بأن "سلوان" هى المدينة اليبوسية الكنعانية الأم التى بدأت بها مدينة القدس حيث كان وجود عين "سلوان" فيها سببا لاختيارها منذ أقدم العصور ، بل يزعمون أنها كانت "مدينة داود" ، وأنهم يريدون أن يجعلوها الآن أيضا مدينة داود على حد تعبيرهم .
مع ذلك ونتيجة لتصاعد احتجاجات دولية ضد طرد إسرائيل للفلسطينيين من "سلوان" فإن نغمة قد بدأت تظهر حول دفع تعويضات للسكان غير المخالفين كى يخرجوا من بيوتهم ويتم تعويضهم للإقامة فى مناطق أخرى .
لكن أهالى سلوان يدركون أنهم خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى من الجنوب ، ولأن بيوتهم قريبة جدا من المسجد الأقصى جنوبا فقد جاء ردهم متمثلا فى قول الكثيرين منهم : "أن نفتح الشرفة مع كل صباح فنجد المسجد الاقصى هو أول ما يصافح عيوننا ، هذا المشهد فى بيتنا بالدنيا وما فيها " . ومن أجل هذا فقد جددوا الرد الذى يتردد صداه على مسامع الإسرائيليين عبر الأقوال والأفعال تعقيبا على قرار إزالة بيوتهم قائلين : "على جثتنا".
جبل الزيتون
أما حين ننتقل من الانتهاكات ضد المقدسيين فى جبل المكبر وسلوان جنوب المسجد الأقصى ، إلى جبل الزيتون شرق القدس ، فإننا نجد المزيد من المطامع الإسرائيلية فى الأرض العربية .
إنه جبل الزيتون الذى شهد جيوشا عديدة فى حروب تتابعت على القدس ، والذى أقسم به الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم "والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين" حيث ربط سبحانه فى القسم بين التين كناية عن جبال الشام ، والزيتون كناية عن جبل الزيتون بالقدس ، وطور سينين جبل سيناء ، ربطهم بالبلد الأمين الذى هو بالطبع "مكة" ، فالصلة قائمة بين مكة والقدس ، وبين المسجد الحرام والمسجد الأقصى .
لكن الإسرائيليين يريدون أن تكون لجبل الزيتون صلة بالهيكل وبالسياحة ، حيث يخططون لإنشاء قطار هوائى "تلفريك" من جبل الزيتون إلى مقبرة الرحمة قرب الباب الذهبى شرق المسجد الأقصى . وآخر من جبل الزيتون إلى باب الأسباط .
كما تتضمن المخططات الإسرائيلية إقامة حديقة "تلمودية" تمتد من مستوطنة "معاليه أدوميم" إلى جنوب جبل الزيتون ، وحديقة تلمودية أخرى تمتد من شمال جبل الزيتون إلى حى الجامعة العبرية ، مع استخدام الحديقتين كمستعمرات مستقبلية إضافية فى الجهة الشرقية .
"لن نرحل" شعار سكان حى "الشيخ جراح" وغيرهم من المقدسيين المهددين بالطرد من القدس
هذا فى الوقت الذى تستولى فيه سلطات الاحتلال على بيوت للمقدسيين فى حى جبل الزيتون .
أما فى الشمال الشرقى حيث برج اللقلق (برج ستورك) فالصراع محتدم بين المواطنين الفلسطينيين والمؤسسات الرسمية والاستيطانية الإسرائيلية وذلك في موقع الزاوية الشمالية الشرقية من البلدة القديمة بالقرب من باب الساهرة .
أما فى جنوب شرق القدس فى حى رأس العمود فيتوالى الإستيطان بل والإعلانات التى تغرى اليهود بالشراء عبر الإشارة إلى المميزات التى على رأسها أن المكان يطل على المسجد الأقصى الذى يشيرون إليه بتسميتهم له "جبل الهيكل" مثل إعلان تم نشره فى بدايات عام 2010 متضمنا المشهد الذى تطل عليه الوحدات السكنية للمستوطنة بعنوان جذاب للشراء فيها وهو "متع نظرك بمشاهدة جبل الهيكل" مع إشارة فى الإعلان إلى أن هناك خطوات من أجل الإسراع فى بناء الهيكل مكان المسجد الأقصى ـ لاسمح الله ـ
هذا التسويق التهويدى وبهذه الصيغة لقى تشجيعا ودعما من الجماعات اليهودية العاملة على بناء الهيكل المزعوم ، ونشرت عبر مواقعها الإلكترونية تصريحات مشجعة للمشروع بدعوى أن تحقيق هذا المشروع بهذه الصيغة التسويقية يقرب الشعب اليهودى إلى الهيكل .
ومن ملامح الإهتمام الإسرائيلى بالاستيطان فى حى رأس العمود هو أنه قد تقرر هدم قسم الشرطة فيه ونقله إلى موقع آخر ، من أجل أن يتم استخدام أرضه ضمن أكبر حى استيطانى يهودى بالقدس .
وهذا الحى قريب جدا إلى القدس القديمة ، ويطل مباشرةً على المسجد الأقصى .
ويخطط القائمون على بنائه ، وعلى رأسهم الملياردير الأمريكى اليهودى "ايرمينغ موسكوفيتش" ، للسيطرة على أراضٍ ومبانٍ فلسطينية تجاور الحى الاستيطاني الجديد .
حى الشيخ جراح
ووادى الجوز
إنه الملياردير "ايرمينغ موسكوفيتش" نفسه الذى يمول العديد من الأنشطة الإستيطانية فى "حى الشيخ جراح" الشهير شمال القدس . هذا اليهودى الأمريكى الذى يمتلك العديد من صالات القمار فى الولايات المتحدة الأمريكية والذى امتلك مؤخرا فندق شبرد بحى الشيخ جراح ، ذلك الفندق الذى من المفروض أنه ملك لورثة الحاج "أمين الحسينى" مفتى القدس الأسبق صاحب التاريخ الطويل فى مقاومة الاحتلال الإسرائيلى ، حيث تم الاستيلاء على الفندق عبر حيلة قانونية بما يحمله هذا من فكرة الاستيلاء على مكان يحمل رمزا فى الذاكرة الوطنية .
والمشروع المقرر مكان الفندق يتضمن الإبقاء عليه ، مع بناء كنيس يهودى ووحدات سكنية من حوله ليقيم فيها مستوطنون يهود فى قلب هذا المكان بشمال البلدة القديمة بالقدس التى تضم معالم مميزة مثل بيت الشرق والعديد من البعثات الدبلوماسية والدولية .
ولم يكتف المستوطنون بهذا الذى استولوا عليه عبر حيل قانونية فى حى الشيخ جراح ، إنما استولوا أيضا على العديد من المنازل عبر طرد سكانها بالقوة من بيوتهم ، مثلما جرى فى ديسمبر 2009 حين احتل مستوطنون إسرائيليون منزلا لعائلة "الكرد" الشهيرة بحى الشيخ جراح .
أما سيناريو احتلال المنزل فقد تم عبر اقتحام مفاجئ من المستوطنين للمنزل مستخدمين العنف والآلات الحادة لطرد السكان بعد أن كسروا قفل الباب وروعوا الموجودين فى المنزل حيث كانت فيه سيدتان كبيرتان فى السن . والحجة هى ادعاء المستوطنين بأنهم هم الذين يملكون البيت ، ولقد تم هذا بحماية من الشرطة الإسرائيلية .
ولأن الحى كان قد أقيم بإتفاقية عقدت بين دائرة الأشغال الأردنية ووكالة غوث اللاجئين لذلك تكررت اعتصامات السكان المنكوبين فى خيمة للإعتصام أمام مقر الوكالة لتتدخل لإصلاح الوضع القانونى بعد أن تشردت عائلات أشهرها الكرد وغاوى وحنون .
وما زالت فى جعبة المستوطنين اليهود الكثير ضد بقية المقدسيين سكان حى الشيخ جراح من أجل طردهم وإقامة حى استيطانى يمتد إلى "وادى الجوز" الذى يمكن اعتباره نقطة هامة واستراتيجية في مخطط الطوق الاستيطانى المتاخم للقدس القديمة ، حيث سيربط بين الحى الاستيطانى المقترح فى الشيخ جراح ، وبؤرة الاستيطان الرئيسية على جبل الزيتون ثم يتم ربطه باتجاه ما صار معروفا باسم مستوطنة "موسكوفيتش" (الملياردير الأمريكى اليهودى ) الجارى بناؤها فى رأس العمود . بما يحقق طوقا من الاستيطان حول القدس القديمة ، يليه طوق أو حزام آخر من المستوطنات التى تحيط بمدينة القدس من الخارج ، مع بناء جسور، وأنفاق، وشبكة متفرعة من خطوط السكة الحديد ، تصل بين مختلف أنواع الإستيطان الذى يتوغل ويترسخ يوما بعد يوم بكل ما يحمله من أهداف عسكرية إستراتيجية لتأمين القدس كعاصمة إسرائيلية أبدية ـ لا قدر الله ـ .
مع ملاحظة أن وضع البؤر الإستيطانية فى البلدة القديمة ومحيطها يختلف عن وضع المستوطنات عموماً ، فالاستيطان فى داخل البلدة القديمة يهدف فى المقام الأول إلى التخلص من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين ، أكثر مما يهدف لإسكان عدد كبير من المستوطنين اليهود ، بالتالى فإن هذه البؤر الإستيطانية يتم الحرص على أن يسكنها أكثر أنواع المستوطنين شراسةً وتطرّفاً وفى حماية شرطة الاحتلال التي تُغطّي اعتداءاتهم وتساندهم ، وهذه النوعية من المستوطنين يقومون بدور كبير فى الأمور التى تتعلق بالحفريات وببناء الكنس الجديدة .
تهويد القدس
فى ثوبه الجديد
وإذا كان المعتاد فى القدس هو التخلص من السكان العرب عن طريق هدم البيوت ، فإن ما تفعله سلطات الإحتلال ضد المقدسيين فى مخيم "شعفاط" يأخذ شكلا آخرا هو إما دفع الضرائب عن خدمات لا يتم تقديمها فعليا أو الاعتقال ، وهى الاعتقالات التى تمارسها قوات الاحتلال عبر تجهيزات مفرطة فى القوة للتصدى لأهل المخيم حين يدافعون عن أبنائهم وممتلكاتهم.
فمخيم "شعفاط" هو مخيم اللجوء الوحيد فى مدينة القدس ، حيث يقع عند أطراف المدينة ، وسلطات الاحتلال الإسرائيلى لا تريد تقديم الخدمات المناسبة لأهله ، إنما تريد جباية الضرائب بلا خدمات حقيقية ، فصار المخيم بؤرة للفقر ، مع كثافته السكانية العالية .
وتقوم الحكومة الإسرائيلية بفرض ضرائب لا يمكن احتمالها على أصحاب المحلات من أجل أن يبيعوها فيشتريها بالتالى اليهود من الباطن ، حيث يرتب الاحتلال لإقامة حى استيطانى فى قلب مخيم شعفاط .
أما أطراف شعفاط فقد تم اقتطاع أراضى كانت مزروعة وضمها إلى مستوطنة إسرائيلية .
وتقوم سلطات الإحتلال بما تسميه حملات ضرائبية ضد من يقول الاحتلال عنهم أنهم متهربين ضرائبيا ، بينما الحقيقة أن سلطات الاحتلال تفرض ضرائب باهظة ليهجر السكان المكان لأن المخيم يقع بين مستوطنتين فيمنع التواصل بينهما ، كما أن موقع المخيم فى الوقت ذاته له أهمية عسكرية .
ولصرامة أهل المخيم فى التصدى للاحتلال ، لذلك نجد أن حملات جمع الضرائب تأخذ شكلا عنيفا من جنود الاحتلال فيتصدى لها أهل المخيم ببسالة ، وإن كان الجنود بما يفعلونه فى حملاتهم يتسببون فى حالة من الرعب تجتاح الصغار الذين نضجوا قبل الأوان وبدأوا مبكرا فى إعلان مشاركة الكبار فى الحلم بالاستقلال .
من الجدير بالذكر أيضا أن الضرائب الباهظة على أصحاب المحلات فى "شعفاط" يصحبها أيضا عروض شديدة الإغراء لبيعها إلى اليهود .
تتسبب حملات الاحتلال فى ترويع الأطفال
شوارع القدس العتيقة
النصف متر بمليون دولارـ
ـ هل العروض الإسرائيلية المغرية لشراء المحلات تقتصر على محلات مخيم شعفاط ؟
● مشكلة المحاولات الإسرائيلية للإستيلاء على المحلات التجارية سواء باستخدام التهديد أو الترغيب لا تقتصر بالطبع على المحلات فى "شعفاط"، إنما هى مشكلة كبرى عند أصحاب المحلات فى القدس العتيقة أيضا .
فحركة البيع والشراء الضعيفة ، والضرائب الباهظة التى يفرضها الاحتلال على أصحاب المحلات ليس من السهل تغطية قيمتها ، وإما الدفع أو الحبس ، وقبل تنفيذ الحبس ، يتم عادة ظهور عميل يطلب شراء المحل من التاجر المفلس لصالح الإسرائيليين على طريقة الشراء من الباطن ، أو ظهور المشترى الحقيقى فى الصورة مع عرض أرقام فلكية ، إلى درجة أن أحد التجار الفلسطينيين الكبار الذين كانوا على وشك الإفلاس صرخ قائلا عبر أحد اللقاءات الصحفية أنه فى حاجة إلى أن يتم حمايته من نفسه ، قائلا : إحموا القدس ، إحمونى من نفسى ، فلكل شخص قدرة على التحمل ، وأنا لا أريد أن أضعف ، لكننى فى الوقت نفسه لا اعرف مدى قدرتى على التحمل ، وأضاف أنه خائف بشدة من أن يضعف أمام إغراءات اليهود التى تزين البيع بأرقام فلكية تصل إلى 2مليون دولار للمتر المربع ، مع إبدائهم الاستعداد بترتيب السفر للبائع إلى أى بلد يختاره فى الدنيا .
ومع تزايد الضغوط الإسرائيلية على المقدسيين لبيع ممتلكاتهم بعد فرض ضرائب قاسية جدا ضدهم فقد تطلب الأمر قيام عدد من علماء فلسطين عام 2009 بإصدار فتاوى تحرم بيع الأراضي المقدسية أو التنازل عنها وأكد العلماء أنه لا يجوز بأى حال من الأحوال على الفلسطينى المقدسى المهدد بالطرد من قبل سلطات الاحتلال بيع منزله أو عقاره أو قبوله التعويض عنه بمنزل أو أرض بديلة ، داعين إلى التمسك بالأرض .
وأكد مفتي القدس والديار الفلسطينية "محمد حسين" أنه لا يجوز البيع ولا المعاوضة مهما كلف الأمر .
الطريق
وعلى الرغم من منطقية الفتوى إلا أن فتوى أخرى من الضرورى أن تلحق بها كى تدعمها وتكملها ، فتوى يشترك فيها العلماء عبر مختلف الدول العربية والإسلامية للجهاد بالمال ومد يد العون بالمال للمقدسيين إستنادا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حول أن المسجد الأقصى هو ثالث المساجد التى تشد إليها الرحال بعد الحرمين الشريفين ، وما خصه به حديث الرسول عليه الصلاة والسلام من أن الذى لا يسافر لزيارة المسجد الأقصى فإن من المناسب أن يبعث بزيت يُسرج فى قناديله ، بمعنى أن على المسلم العمل على أن يظل المسجد الأقصى عامرا ، فإنارة المسجد الأقصى كناية عن ضرورة المحافظة عليه وبالتالى ضرورة دعم الذين يحافظون عليه .
الاحتلال يستخدم الغازات المسيلة للدموع
أليس قيام المسلمين فى مختلف الدول بالتبرع بالمال إلى المقدسيين الذين يريد الإحتلال الإسرائيلى طردهم للتخلص من السكان المسلمين المدافعين عن المسجد الأقصى ، أليس التبرع لهم من أجل تثبيتهم هو نوع من أنواع المحافظة على العمران البشرى للمسجد الأقصى ضد اليهود الذين يريدون أن تخلو لهم المدينة المقدسة كى يتخلصوا من المسجد الأقصى بأقل الخسائر ويقيموا هيكلهم مكانه .
من ناحية أخرى فإن ما يجرى الآن من قيام أغنياء اليهود حول العالم بدفع أرقام ضخمة من التبرعات إلى المشروعات التى تؤدى خطوة خطوة للتخلص من المسجد الأقصى وإقامة الهيكل مكانه ، تجعلنا نتذكر مقولة صلاح الدين "أنظروا إلى الفرنجة بأية ضراوة يقاتلون فى سبيل دينهم ، فى حين لا نبدى نحن المسلمين أية حمية للجهاد فى سبيل الله" . لقد كانت كلماته حول الجهاد بالنفس ، وهو أمر مطلوب جدا اليوم ، إلا أن الجهاد بالمال هو أيضا شديد الأهمية ومتطلباته متوفرة عند أغنياء عرب يتبارى بعضهم فى كيفية إنفاق المال على رفاهيات فاقت الخيال .
دموع على الطريق
ولأنه إذا أردت أن تطاع فأمر بالمستطاع ، لذلك فإن فتوى علماء القدس المنطقية جدا بعدم بيع الممتلكات لليهود من المهم أن تدعمها فتوى تشمل كل المسلمين خاصة أغنياؤهم الذين ينفقون على أمور عجيبة ، ولا بد من توجيههم إلى ترشيد البذخ فى الإنفاق ، وأن يدفعوا من أموالهم للمقدسيين المهددين بالطرد من بيوتهم ومحلاتهم كى تظل القدس عامرة بهم ، ولكى يظل المسجد الأقصى عامرا بهم فى وجه الصهاينة .
نكمل غدا بإذن الله .
لا يملكون سوى سلاح الحجر
مثل الطير الأبابيل
علامة النصر على الرغم من كل شئ
روابط الفيديوهات
ــ إلى عشاق الأرض المباركة ، ادخلوا قبة الصخرة التى عرج منها حبيبنا صلى الله عليه وسلم إلى السموات العلا . متعوا عيونكم بالمكان المبارك مع موسيقى العصافير "سبّح لله ما فى السموات وما فى الأرض" :
ــ قلوبنا معكم يا إخوتنا فى "سلوان" :
ــ وفى حى الشيخ جراح إعتقلوها حين دافعت عن البيت :
موضوعات متعلقة:
ننشر الحلقة الأولى من الكتاب القنبلة أهوال ضد المسجد الأقصى.. حقائق مذهلة حول اقتراب إسرائيل من هدم أولى القبلتين وإقامة الهيكل الثالث.. نكشف عنها فى حلقات يومياً
ننشر الحلقة الثانية من الكتاب القنبلة "أهوال ضد المسجد الأقصى".. حكومات إسرائيل المتعاقبة أنشأت ثلاثة كنس تحت محيط المسجد تمهد للهيكل اليهودى الثالث وبه "قدس الأقداس" الذى لا يدخله إلا الحاخام الأكبر
ننشر الحلقة الثالثة من الكتاب القنبلة "أهوال ضد المسجد الأقصى".. تجهيزات إسرائيلية للاقتحام الكبير لـ"أولى القبلتين"
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو أن الصهاينة قد رصدوا أن المساس المباشر بحرمة المسجد الأقصى عبر محاولات الاقتحام بمجموعات يهودية تحاول الدخول لأداء الصلاة فى ساحاته هى محاولات تفشل كل مرة بسبب استبسال المقدسيين فى التصدى لهم .
بوابة السماء
ونتيجة لهذا ، تعامل الصهاينة مع الأمر على طريقة الوسواس الخناس الذى يبتعد ثم يستعد للعودة من جديد . فالبعض يظن أنهم قد ابتعدوا عن الإلحاح على اقتحام المسجد الأقصى المبارك بينما هم فى الواقع يقومون بتمهيد المسرح للقيام بفعلتهم بعد استكمال التجهيزات التى يقومون بها تحت الأرض والتى رصدنا ملامح منها فى حلقة سابقة ، وبعد إستكمال الإجراءات التى تسمح لهم بذلك من حول المسجد الأقصى سواء ضد المقدسيين بالتخلص من أكبر عدد منهم أو تجهيز المسرح على الأرض المحيطة بالمسجد الأقصى والطرق الموصلة إليه ، أى بمسرح الأحداث فى مدينة القدس بشكل عام ، إنه مخططهم لتهويد القدس .
أخطر ما يقترفه الإسرائيليون لتهويد القدس ، هو ما يفعلوه ضد المقدسيين ، أهل المدينة المقدسة الحقيقيون الذين يعشقونها ، بينما الصهاينة يعملون على إخراجهم منها بشتى الوسائل .
ــ ما سر العشق للقدس ؟
● عن العشاق إذن سألونى ، وأنا فى العشق أفهم وأشعر وأتألم ، فصحيح أن فى عشق الأرض المباركة هناك عشاقها الذين يعيشون فيها من أهل القدس المرابطين الصامدين ، لكن هناك أيضا ملايين العشاق مثلى المحرومين من تقبيل ثراها الطاهر ، والذين يحلمون بيوم فتح باب الجهاد لتحريرها من المغتصب ، ثم بعد التحرير يحق بإذن الله للمسلمين أن يدخلوها تحت راية الإسلام . ولأننى عاشقة للأرض المباركة فإن العشق يجعلنى أشعر بأشجان المقدسيين الذين يتعذبون بالشوق على الرغم من القُرب .
ولقد إزداد شعورى بهم بعد أن قضيت أكثر من عام أقرأ عن الأقصى الذى أسرى الله سبحانه بإمامنا وأسوتنا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام إليه ، والأرض التى باركها الله بفضله من حوله .
خلال القراءة ازداد حبى للمكان وشوقى إليه لدرجة أن تحول قيامى بتصنيف الصور المتعلقة بالقدس والمسجد الأقصى إلى حالة من العشق للحظات التى أقضيها مع الصور ، أتخيل عبير البركة السارية عبر معالمها فى أيام العزة والقامة المرفوعة . مع اشتراك فى الأسى على التحول مما كان إلى ما صار .
كثيرا ما فرت دموعى ، وتسارعت دقات قلبى . أحيانا من فرط الحزن ، وأحيانا من فيض الوجد .
لقد ازددت حبا لثراها الطاهر ، وانجذابا إلى عبيرها المبارك ، وشوقا لأن أراها مباشرة بعينى فعليا وليس عبر الصور .
حلمى هو أن أدخلها أو يدخلها أبنائى ونصلى فى أولى القبلتين بعد التحرير.
أرض المحشر والمنشر
أن أقرأ فى المسجد الأقصى قول الله سبحانه وتعالى الذى بدأت به أول خطبة للجمعة بعد تحرير القدس من الصليبيين ، وعودة رايات الإسلام مرفرفة فى سماها تحت قيادة البطل صلاح الدين وتطهير أرض المسجد الأقصى ، ودخول المصلين عائدين لإمتاع الأرض والهواء فى هذه البقعة المباركة بالتكبير والتسبيح والركوع والسجود ، وقتها سالت العَبَرات خلال ظهر تلك الجمعة الأولى بعد التحرير وفى حضور قائد الانتصار "صلاح الدين" ورجاله المجاهدين ومعهم أهل القدس المرابطين . فى تلك الجمعة المباركة لم يكن انسياب العبرات من العيون هو فقط نتيجة لتذكر دماء السبعين ألف مسلم الذين قتلهم الصليبيون فوق أرض المسجد الأقصى عند سقوط القدس فارتوت بدمائهم الساحات ، لكن بدأ انسياب العبرات مع أول حروف نطق بها الإمام "محيى الدين بن الزنكى" قاضى دمشق وخليفة "أبو سعد الهروى" أحد أول من عمل على إيقاظ المسلمين لتحرير القدس ، إنها حروف آية مباركة ، ربما قرأناها كثيرا وعبرناها بلا عَبَرات إنما كان لها وقع أعمق فى تلك اللحظة التاريخية العظيمة . فلقد رتل قول الله سبحانه وتعالى : " فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" .
ياسلام على قدر الأثر الذى يفعله معنى هذه الآية الكريمة حين يستهل بها الخطيب حديثه فى خطبة جاء لها طعم خاص عبر هذا السياق الذى استرد فيه المسجد الأقصى حقيقته الإسلامية ، وعاد على أيدى المجاهدين الشرفاء بعد التحرك للتحرير انطلاقا من فكرة أن التحرير يبدأ حين تنهض الإرادة لإصلاح الدنيا والدين فيتم قطع دابر الظالمين .
صلاة الجمعة الأولى بعد التحرير التى انتعشت أرض المسجد الأقصى فيها من جديد بالصلاة وذكر الله كانت فى 10 أكتوبر 1187م الذى وافق 4 شعبان 583هـ ، وذلك بعد أسبوع من ذكرى الإسراء والمعراج (27 رجب) التى شهدت استرداد القدس بواسطة الجيوش الإسلامية بقيادة الناصر صلاح الدنيا والدين يوسف بن أيوب (وهو اسمه الكامل الذى قد لا يتذكره الكثيرون) . ياسلام ، لقد نصر المسلمون الله فى ذلك الوقت فنصرهم ولم يكن نصرا عاديا ، بل نصر فى الارض المباركة ، ولم تكن البَرَكة متعلقة بالمكان فقط ، بل كانت البركة مرتبطة أيضا بالزمان حيث شاء الله سبحانه أن يجعل نصره العزيز فى ليلة أيضا مباركة هى ليلة الإسراء والمعراج نفسها التى أذن الله سبحانه وتعالى فيها لرسولنا صلوات الله وسلامه عليه أن يحمل الإسلام راية قدسية هذه الأرض عبر قيام الرسول عليه الصلاة والسلام بالصلاة فى المسجد الأقصى بالأنبياء والرسل .
وهذه هى راية الإسلام ترفرف بقيادة صلاح الدين الأيوبى على مدينة القدس الحبيبة ، وهذا هو الخطيب داخل المسجد الأقصى المبارك يصدح فى بداية الخطبة بحمد الله تعالى . صياغته للكلمات التى يحمد بها الله سبحانه تضمنت الاستشهاد بقول الله تعالى فى القرآن الكريم : " قل الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى" . أتخيل الآن بعد أكثر من 800 عام وقع تلك الإشارة الجميلة إلى أن المجاهدين والمرابطين حين يتحقق لهم مثل هذا النصر المبين الذى اشتاقت له طويلا أفئدة المسلمين ، فإن حلاوة الشعور باصطفاء الله لهم هو شعور باعث على خليط من الفرحة والخجل . فرحة لقطع دابر القوم الذين ظلموا وخجل من فرط كرم الله الذى اصطفاهم سواء من جاهد وتصدى ، أو من رابط وصبر وتحمل . فالمعاناة والجهاد لتحرير المقدسات هو تشريف جدير بالمجاهد أن يشكر عليه الله لأنه اصطفاه ليشارك فيه .
إنه فصل جديد مضئ للمسجد الأقصى الذى إذا نظرنا إليه من أية زاوية نصبح فى مواجهة مع متعة النظر إلى الجمال ، فإذا كان الناظر إلى المسجد الحرام ينظر بعين "الجلال" ، فإن من ينظر إلى المسجد الأقصى يجد أنه ينظر إليه بعين "الجمال" . أشجار السرو والزيتون والطيور ترفرف عند قبة الصخرة بلونها الذهبى المتناغم مع اللون الأزرق الغالب على الفسيفساء المحيط بالقبة المكونة من ثمانية أضلاع إشارة إلى قول الله سبحانه : "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية" . إنه الشكل المناسب من حول الصخرة المشرفة التى عرج منها الرسول عليه الصلاة والسلام فى ليلة الإسراء والمعراج إلى السموات العلا ، حيث جاء المشهد فى السماء كما ورد فى القرآن الكريم متمثلا فى حالة شديدة الإيحاء ، كأن غلالة شفافة تغطيه ، فتسمح بأن نرى ملامح دون أن نرى التفاصيل ، أن نشاهد لوحة فيها خطوط تجريدية تكملها عين المشاهد فيزداد تأثير جمالها جمالا . فلقد قال سبحانه وتعالى عبر موسيقى قرآنية روحانية تسرى بين المفردات فتسبح الروح معها إلى ما لا عين رأت ، فنرى فى أوائل آيات سورة النجم قول الله سبحانه " وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى(14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) " .
فالآيات تتضمن أن الرسول عليه الصلاة والسلام فى رحلة المعراج قد وصل إلى "سدرة المنتهى" ، عندها جنة المأوى . وصل حبيبنا إلى الجنة ، بعد طريق كانت بدايته الصخرة المشرفة داخل ساحة المسجد الأقصى التى أقيمت فوقها "قبة الصخرة" .
لم يصرح القرآن صراحة بتفاصيل المشهد عند وصول الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الجنة ، بل جاء فى الآية : "إذ يغشى السدرة مايغشى" ، هو تعبير إذا جاز التشبيه يقترب من القول بأن ما ينتظر الإنسان الذى سيظفر بدخول الجنة بإذن الله سيتضمن "مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" . فما بالنا والآية تتحدث عن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه وهو فى الحضرة الإلهية (والله أعلم) . إننا ـ مع الفارق فى التشبيه ـ نصف حالنا حين يسألنا أحد عما رأيناه خلال رحلة ممتعة ، فنرد عليه "أما كانت رحلة جميلة" . فنحن بهذه الإجابة لا نكون قد ذكرنا تفاصيل الجمال الذى رأيناه ، إنما يكون المعنى الذى نريده قد وصل ، حيث المعنى هو أن المتعة قد فاقت ماكنا نتمناه ومايفوق إمكانيات الحروف والكلمات على الوصف .
هى الطريقة التى تعبر عن قصور الكلمات المباشرة عن استيعاب حجم الجمال ، فما بالنا حين يكون الكلام أيضا عن الجلال . عن جلال الحضرة الإلهية وعن الجنة ، إن تعبير "إذ يغشى السدرة ما يغشى" يسرى فيه غموض ملئ بإيحاءات تأخذ قارئ القرآن المحب المشتاق إلى حالة نورانية لا وصف لها .
إنها حالة نبعها هو الحالة التى تم التحرك باتجاهها فى ليلة الإسراء والمعراج من أرض المسجد الاقصى ، إنطلاقا من الصخرة المشرفة إلى السموات العلا ، إلى سدرة المنتهى ، إلى جنة المأوى .
ــ إوعدنا يارب بصلاة فى أرضه الطاهرة تحت راية الإسلام .
● آمين يارب العالمين .
ــ ولكى نساهم فى الوصول بإذن الله تعالى إلى ذلك اليوم فإن علينا أن نفهم ، كى نتحرك بناء على أسس صحيحة .
● مما يجب علينا أن نفهمه فيما يتعلق بتهويد القدس هو الحال الذى صار مفروضا على المقدسيين عشاق الأرض المباركة الذين يتحملون من الاحتلال الإسرائيلى ما لا يخطر على البال من تفنن فى العمل على التخلص منهم ، لأنهم هم الذين يدافعون عن المسجد الأقصى ، حيث بالتخلص منهم يتمكن الإسرائيليون من الإنفراد بالقدس فيستطيعوا أن ينفذوا خططهم ضد المدينة بتهويدها وضد المسجد الأقصى المبارك بالتخلص منه وإقامة هيكلهم مكانه ، ومن أجل هذا يضغط الإحتلال الإسرائيلى على المقدسيين بتحويلهم إما إلى مطرودين أو مطاردين أو على أحسن الأحوال مهَدَدين .
"الأرض بتتكلم عربى"
ــ ما المقصود بداية بـ "تهويد القدس" ؟
● معناه أن "الأرض بتتكلم عربى" ، بينما الإسرائيليون يعملون على أن يجعلونها "تتكلم عبرى" .
ــ وما هى الوسائل التى يلجأ إليها الإسرائيليون لتحقيق هدفهم ؟
● هى وسائل متداخلة . إنما إذا أردنا أن نحاول الفصل بينها لنضع يدنا على النقاط الرئيسية التى تتصدر تلك الوسائل فإننا نستطيع أن نصنفها كما يلى :
# أخطر وسيلة بالطبع هى بالتخلص من العرب أصحاب البلد ، والوجه الآخر لقيام سلطات الاحتلال بالتخلص من المقدسيين هو إحلال مستوطنين يهود ، وهو ما يسارعون فى العمل بالفعل على تحقيقه مستعينين فى ذلك باعتيادهم على الوصول إلى غاياتهم عبر ما تمرنوا عليه من سياسة النَفَس الطويل .
# الاستيلاء على منشآت عربية ، وبعد الاستيلاء عليها ، يتم التحدث عنها فى مختلف المراجع وعبر وسائل الإعلام العالمى وكذلك أمام السائحين باعتبارها أماكن يهودية .
# تحويل أسماء الشوارع والمناطق من المسميات العربية الممتدة الجذور فى الأرض إلى أسماء عبرية ، وهو ما توسعوا فيه بالفعل ، حتى ولو قاموا بطرد مئات السكان العرب وهدم بيوتهم لمجرد أن المنطقة التى يقيمون فيها هى بحسب زعمهم مشار إليها فى كتبهم باعتبار أن مكانها كانت توجد فيه حديقة مثلا ، فيصممون على إزالة البيوت من أجل إقامة ما يسمونه حدائق توراتية .
# بإقامة الكنس الضخمة مكان أوقاف إسلامية .
# وصولا إلى إقامة الهيكل مكان المسجد الأقصى ، حيث أن كل النقاط السابقة تصب فى اتجاه تسهيل مهمتهم حين يقررون ـ والعياذ بالله ـ أن يتخلصوا من المسجد الأقصى لإقامة الهيكل .
ــ أى أن المقصود بـ "تهويد القدس" هو فى صياغة أخرى عبارة عن إجراءات يتخذها الإحتلال الإسرائيلى للاستيلاء على تاريخ القدس والادعاء أنه تاريخ لليهود ، عبر الاستيلاء على مبان أثرية تعود إلى عهود مختلفة ، لكنهم ينسبونها لليهود ، مع الاستيلاء فى الوقت ذاته على الحاضر وإحلال الملامح اليهودية عليه سواء بإحلال بشر آخرين أو منشآت أخرى وكلها خطوات فى طريق التخلص من أهم ما يريدون التخلص منه وهو المسجد الأقصى لإقامة هيكلهم مكانه .
● هذا تشبيه رائع . فهم يقومون بتهويد البشر ، كما يقومون بتهويد الحجر أى تهويد المعالم .
وتهويد البشر هو الأساس الذى يجعل استكمال تهويد الحجر مهمة أسهل . لأن البشر روح ولحم ودم ، وليسوا حجرا بلا إرادة ، فالبشر هم الذين يصدونهم عن المسجد الأقصى وعن الكثير من المعالم التى يعملون على ادعاء أحقيتهم فيها .
بالتالى فإن التخلص من أكبر عدد من المقدسيين ، هو أمر يحقق لهم التخلص ممن سيقاتلهم بداخل القدس ، أما من قد يأتى لقتالهم من خارج القدس فلقد جهزوا ضدهم مصدات فى هيئة مستوطنات .
ــ معنى هذا أن الإجراءات التى تتخذها إسرائيل لتهويد القدس هى فى الحقيقة إجراءات ضد المسجد الأقصى باعتبارها مكملة للإجراءات التى سبق توضيح أنهم قد نفذوها ويواصلون تنفيذها تحت أرض المسجد الأقصى وفوق أرضه .
● وهو ما يجعلنا نفهم خطورة قيام إسرائيل بمحاولة التخلص من المقدسيين ، فبالتخلص من أكبر عدد من المقدسيين يتم للإسرائيليين استكمال ما سبق أن رصدناه فى المحور الأول والثانى من المحاور التى يتحركون عبرها على طريق التخلص من المسجد الأقصى لإقامة الهيكل ، حيث ذكرنا أن الإسرائيليين يقومون بتجهيزات قتالية لاستخدامها حين يقررون الاستيلاء بالقوة على المسجد الأقصى ، ولا بد أن نسجل هنا مع وصولنا إلى هذا المحور الذى يتحركون فيه ضد المسجد الأقصى أن المستوطنات التى تطوق مدينة القدس تمثل من الناحية العسكرية حاجز صد ضخم عن الوصول إلى القدس من خارجها باعتبارها تسيطر على طريق القدس ـ الأردن ، وطريق القدس ـ رام الله ، فالمستوطنات صارت تطوق بالكامل مدينة القدس من مختلف الجهات .
فى عام واحد سحبت إسرائيل هويات المقدسيين بنسبة 21 ضعف عن ماسحبته طوال 40 سنة
بالتالى ففى وقت نشوب معارك بالمسجد الأقصى فإن الكتلة الأساسية المتواجدة بالفعل على الأرض للدفاع عن الأقصى تتمثل فى أهل مدينة القدس أنفسهم . وبناء على ذلك فإن الإسرائيليين لا يريدون أن يروا وجههم فى المدينة ، مما جعل سلطات الاحتلال الإسرائيلى تعمل على التخلص منهم بكل وسيلة لأهداف إستراتيجية عسكرية .
ولأهمية هذه الأهداف نجد أن إسرائيل بجرأة عجيبة ، أو باستهانة شديدة ، أو فلنقل : بتبجح ، تتخذ ضد السكان الفلسطينيين إجراءات لم يسبقها إليها فيها احتلال . فما يفعلوه ضد المقدسيين هى أمور تبدو فى كل جزئية منها عجيبة من العجائب .
صحيح أن وتيرة هذه الإجراءات قد تسارعت بشدة مؤخرا ، إلا أن سلطات الاحتلال قد مهدت لها بمجرد احتلال القدس عام 1967 حيث اعتبروا الفلسطينيين الموجودين بالقدس كأنهم أجانب أوجدتهم الظروف فى دولة أجنبية .
يهود أقاموا فى الحى الإسلامى بالقرب من المسجد الأقصى ورفعوا علم إسرائيل على بيوتهم
ــ كيف ؟● لقد جعلوا الوضع القانونى للفلسطينيين فى القدس هو أنهم من وجهة نظر الاحتلال ليسوا مواطنين ، وإنما أجانب يقيمون إقامة دائمة داخل إسرائيل . القدس حاليا يعيش فيها حوالى مئتين وخمسين ألف فلسطينى هم سكانها الاصليون الذين وُلدوا على أرضها وعاشوا فيها طوال عمرهم ، مع ذلك فإن صفتهم على أرضهم بمجرد احتلال إسرائيل للقدس عام 1967 قد صارت بناء على ابتكارات القوانين العجيبة الإسرائيلية هى أنهم يحملون وصف "السكان" وليس "المواطنين" .
وبناء على هذا التوصيف المجحف هم محرومون من حقوق أساسية طبيعية يتفنن الاحتلال فى التعسف عند تطبيقها لمزيد من التضييق على المقدسيين كى يرحلوا ويتركوا لهم المدينة .
والتعسف الإسرائيلى يصل إلى درجة أن مجرد وجود قصة حب بين شاب وفتاة أحدهما من القدس ، والآخر يقيم فى أى مكان آخر ولو حتى على بعد أمتار من المدينة فى الجزء التابع للسلطة الوطنية الفلسطينية ، فإن هذين المحبين ليس لهما الحق الذى يتمتع به كل المحبين فى أى مكان آخر من العالم بتتويج قصة الحب عبر الزواج ، حيث أن القانون الإسرائيلى حاليا لا يسمح بأن يتم لم شمل المحبين فى أسرة عربية داخل القدس ، ويترتب على هذا أن يتعذب المقيم فى مدينة القدس بين حبه للمدينة التى لا يريد أن يتركها ، وحبه لفتاة معينة يريد أيضا ألا يتركها . لكنها أحد وسائل الاحتلال للتضييق على أهل القدس .
المقدسيون ليس من حقهم عند السفر سواء للدراسة أو للعمل أو لأى سبب أن يغيبوا عن المدينة أكثر من سبع سنوات وإلا سقطت عنهم هوية القدس وهى المعروفة بـ "الهوية الزرقاء" .
المقدسيون ليس من حقهم الحصول على هوية دولة أخرى ، فمن يحصل على هوية دولة أخرى تسقط عنه هوية القدس .
وبالتفنن فى تطبيق هذه القوانين الإسرائيلية وغيرها تصاعدت فى الفترة الأخيرة وتيرة سحب الهويات المقدسية عن المقدسيين وهو تصاعد يتزامن مع تصاعد وتيرة خطوات الإسرائيليين للتخلص من المسجد الأقصى .
فطبقا لأرقام الداخلية الإسرائيلية نجد أن إسرائيل قد قامت بسحب عدد من الهويات المقدسية من السكان العرب فى عام 2008 ، بلغت 21 ضعف ما تم سحبه طوال أربعين سنة منذ احتلالها للقدس عام 1967 .
فطبقا لأرقام الداخلية الإسرائيلية أنها قد قامت عام 2008 بسحب هويات من 4577 مواطن عربى ، بينما ماسحبته منذ عام 1967 هو 8558 هوية.
أما أغرب ما قامت به سلطات الاحتلال من عجائب فى ابتكار أسباب لطرد المقدسيين من مدينة القدس فهو قرار إبعاد النواب البرلمانيين الفلسطينيين من القدس بتهمة عجيبة جدا هى بحسب التسمية التى أطلقها الاحتلال الإسرائيلى هى تهمة عدم الموالاة لإسرائيل ، ياسلام ، وهل مطلوب من ممثلين للشعب الفلسطينى أن يعلنوا الولاء لإسرائيل . فالقدس طبقا للاتفاقات الدولية يتم فيها إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية ضمن اتفاق دولى وبرقابة دولية منحت خلالها كافة الأحزاب والحركات التي خاضت الانتخابات حصانة من أى فعل إسرائيلى كالاعتقال أو منع الحركة أو الإبعاد أو المس بمكان الإقامة وتحديدا فى القدس الشرقية ، إلا أن إسرائيل فى يوليو 2010 قررت طرد أعضاء المجلس التشريعى الفلسطينى وهم يتبعون لحماس ، قررت طردهم من مدينة القدس بحجة رفضهم قرار إسرائيل بأن يستقيلوا من المجلس التشريعى ، حيث كان وزير الداخلية الإسرائيلى قد طلب منهم فى عام 2006 بعد الانتخابات أن يستقيلوا من المجلس التشريعى ، وإلا فسيتم سحب هوياتهم المقدسية ، وبالفعل قررت سلطات الإحتلال الإسرائيلى طرد أربعة نواب عن حماس ، قررت طردهم من القدس وسحب هوياتهم ، وهم أحمد عطون ، محمد أبوطير ، محمد طوطح ، ووزير شؤون القدس السابق خالد أبو عرفة .
أخرجوا خارج الجدار
ــ ما كل هذه العجائب الإسرائيلية .
● ما زالت هناك العديد من العجائب . منها أن إسرائيل هى التى أقامت جدار الفصل العنصرى الذى يفصل عنها أراضى السلطة الوطنية الفلسطينية ، فمعروف أن الإحتلال هو صاحب قرار إقامة الجدار وأن الفلسطينيين قد احتجوا بشدة على إقامته ، إنما وعلى الرغم من أن سلطات الاحتلال هى التى حددت مسار الجدار الذى تضرر منه الفلسطينيون ، فإن تلك السلطات تقوم بمحاسبة الفلسطينيين على نتائج ترتبت على مسار الجدار .
ــ كيف ؟
● لقد حددت سلطات الاحتلال مسار الجدار بطريقة تسمح لها بضمّ أكبر مساحةٍ ممكنة من الأرض إلى حدود بلديّة مدينة القدس ، كما تسمح لها فى الوقت ذاته بطرد أكبر عددٍ ممكن من المقدسيين خارج المدينة .
فالطريق الذى حددته سلطات الاحتلال الإسرائيلى لمسار الجدار إختارته فى مناطق سكنية فلسطينية مما ترتب عليه هدم عشرات المنازل للفلسطينيين ، وبالتالى تهجيرهم بالإضافة لمصادرة أراضيهم التى تقرر أن يمر الجدار عبرها . والعجيب أنه طبقا للقانون الإسرائيلى فإن السلطات العسكرية من حقها مصادرة أراضي خاصة لاستخدامات عامة ، بدون تقديم تعويضات للجهة المتضررة .
ولقد تسبب الجدار فى إخراج حوالى 90 ألف عربى من حملة البطاقة المقدسية ليصبحوا خارج القدس ، بالتالى يفقدوا البطاقة المقدسية .
أما الأعجب فهو أن سلطات الإحتلال قد قررت أن يتم تطبيق "قانون أملاك الغائبين" على هؤلاء .
ــ وما هو قانون أملاك الغائبين ؟
● قانون أملاك الغائبين هو قانون فرضه الاحتلال عام 1950 بعد حرب 1948 ، و"الغائب" طبقا لهذا القانون هو من كان أثناء حرب 1948 متواجدا خارج المساحة التى تمكن الصهاينة من احتلالها فى فلسطين وجعلوا إسمها "إسرائيل" ، وقرر الإسرائيليون أن أملاك هذا الغائب سواء كانت أرضا أو عقارا أو أى شىء تنتقل تلقائيا إلى حارس الأملاك .
ــ ومن هو حارس الأملاك ؟
● هو الاحتلال الإسرائيلى .
ــ المثل الشعبى المصرى يقول "حاميها حراميها " .
● مع ملاحظة أن الـ "حرامى" أو السارق هنا بعد أن يغتصب الأرض بالقوة ويطرد صاحب الأرض منها ، فإنه لا يكتفِ بهذا ، وإنما يقوم بوضع قانون بموجبه يتخذ عقوبات ضده لعدم تواجده فى أرضه التى طرده منها .
ثم بعد تطبيق هذا القانون على الأراضى التى تم احتلالها عام 1948 ، فإن هذا القانون من جديد قد أصبح يتم تطبيقه على كل من له أرض داخل القدس ولا يستطيع الوصول إليها . حتى ولو كان عدم قدرته على الوصول إليها هو أمر سببه الإبعاد القصرى عن المدينة ، أو التهجير ، أو حتى تلك العائلات التى عزلها جدار الفصل العنصرى عن أملاكها.
وبموجب هذا القانون فإن الفلسطينيين الذين يقيمون بالضفة الغربية فى حين أن لديهم أملاك فى القدس المحتلة ، هؤلاء يتم التعامل معهم باعتبارهم أصحاب أملاك غائبين .
ــ كيف ؟
● بمعنى أن هناك فلسطينيون يحملون بطاقة هوية تابعة للضفة الغربية وكانت لهم ممتلكات بالقرب من مدينة القدس ، إلا أن إسرائيل وضمن مشروعاتها المتعلقة بما أسمته " القدس الكبرى" قد قامت بضم أجزاء قريبة من القدس لتصبح ضمن حدود مدينة القدس ، فترتب على ذلك أن هناك فلسطينيون من سكان الضفة الغربية أى ممن يقيموا تحت حكم السلطة الوطنية الفلسطينية ، بينما أملاك هؤلاء قد أصبحت فى داخل الحدود التي ضمتها اسرائيل الى القدس التى تعتبرها سلطات الإحتلال جزءا من "إسرائيل" التى هى أصلا فلسطين المحتلة ، بالتالى لم يعد لهؤلاء الحق فى الوصول إلى ممتلكاتهم ، لأن سكان الضفة طبقا للقانون الإسرائيلى ليس لهم الحق فى دخول القدس .
بالتالى هم محرومون قسرا من الوصول إلى ممتلكاتهم ، مع ذلك فإن سلطات الإحتلال الإسرائيلى تعتبرهم غائبين عن أملاكهم فتقوم بمصادرتها ، ليس هذا فقط بل وأيضا بدون تعويضهم عنها .
ــ هذا شئ عجيب .
● الأعجب أن قانون الغائبين هذا يمنع فى الوقت ذاته قيام الفلسطينى الذى أصبح لا يقيم بداخل إسرائيل من أن ينقل ممتلكاته لفلسطينى آخر أو لشخص آخر مقيم بداخل إسرائيل ، وهم يعتبرون طبقا لقانونهم أن القدس جزء من إسرائيل بل وعاصمتها أيضا كما يزعمون . بالتالى لا يستطيع أن يدخلها الفلسطينى المقيم فى الضفة الغربية وبالطبع لا يدخلها الفلسطينى الذى يعيش فى غزة . وقانون أملاك الغائبين ينص على أن عدم وجود الشخص بنفسه يترتب عليه فقدانه حق التصرف فى ممتلكاته من أى مكان آخر هو موجود فيه .
حتى سكان ضواحى القدس الذين فصلهم الجدار عن القدس والذين قد تكون منازلهم فى الضواحى والأرض التى يمتلكونها موجودة بداخل المدينة ، هؤلاء غير مسموح لهم باجتياز الجدار وبالتالى فقدوا ملكيتهم للأرض . الفلسطينى الذى يملك بيتا أو أرضا فى القدس حتى ولو كان معه ما يثبت هذه الملكية لا يصبح ملكا له طالما لا يقيم فيها ، فيتم حرمان الفلسطينيين من أملاكهم بسبب عدم سماح إسرائيل لهم بالوصول إليها . فسلطات الاحتلال الإسرائيلى تقوم بتطبيق "أملاك الغائبين" على فلسطينيين بحجة أنهم لا يقيمون فى أملاكهم بالقدس على الرغم من أن عدم إقامتهم فيها هو أمر ليسوا هم المتسببين فيه . كما تستكمل سلطات الإحتلال إجراءاتها هذه بأن تقوم بسحب الهويات المقدسية منهم باعتبار أن محل إقامتهم لم يعد فى القدس .
وقد كانت هذه الإجراءات هى أحد الأسباب التى ساعدت الكثير من الإسرائيليين على أن يقيموا فى وسط الحى العربى بالبلدة القديمة فى القدس.
وهؤلاء اليهود الذين انتزعت سلطات الاحتلال الإسرائيلى البيوت العربية وحصلوا هم عليها ، من المعتاد أن يقوموا برفع العلم الإسرائيلى فوق هذه البيوت التى سكنوها .
فصار مشهد تلك الأعلام نشازا ينبعث من فوق عدد من الأسطح المطلة على المسجد الأقصى وعبر شوارع القدس العتيقة بملامحها الإسلامية والملامح العربية لسكانها .
ثم لم يكتفوا بأنهم قد استولوا على أملاك لفلسطينيين لا يستطيعون الوصول إليها ، إنما يحرص هؤلاء اليهود فى الوقت ذاته على التحرش بمن حولهم من السكان المسلمين ، فيتحرشون بهم لفظيا وسلوكيا ، وبمعنى أوسع فإن هؤلاء الذين كأنهم قد هبطوا على الحى العربى بالبراشوت يحاولون "تطفيش" المسلمين بتكرار الاعتداء عليهم إعتمادا على أن الشرطة الإسرائيلية تحمى السكان اليهود فى مواجهة السكان العرب الأصليين .
يابيوت القدس
يابيوت مدينتى
ــ هل هذه هى الطريقة الوحيدة للاستيلاء على بيوت المقدسيين أو إخراجهم منها ؟
● هناك وسائل أخرى منها البدء بمحاولة الشراء ، إنها الطريقة نفسها التى استخدموها فى الاستيلاء على بعض البيوت قبل النكبة عام 1948 ، لكن الفلسطينيين الآن تعلموا الدرس وصاروا يرفضون البيع بالرغم من الشيكات المفتوحة التى يعرضها عليهم الإسرائيليون .
إنما يظل أن الإسرائيليين عندما يتأكد لديهم أن الذوق لن ينفع فى الرحيل عن البيت فإنهم يلجأون إلى وسائل أخرى عديدة ، منها قيام قوات من التى تسمى بـ "القوة المستعربة" أو "المستعربون" وهم يهود يحملون ملامح تقترب من الملامح العربية ويتواجدون حين تقتضى الأحوال بزى مدنى ، سواء فى المظاهرات أو فى التجمعات السكنية ، حيث يقومون بالاعتداء على السكان خاصة على الصغار عند عودتهم إلى البيوت ، ومثال لذلك ما جرى فى عمارة "عائلة عوض" المقيمة فى بيت صار مع إقامة مستوطنة "بسغات زئيف" بالقدس ، صار البيت بداخل المستوطنة ، وحين رفض أصحاب البيت الذى يصل عدد سكانه إلى 250 فردا فلسطينيا ، عندما رفضوا البيع تتابعت المضايقات ضدهم ، بداية من التحرش بالأطفال وقت عودتهم إلى المنزل خاصة فى المساء ، ووصولا إلى قيام المستعربون بالاعتداء بالضرب على عدد من السكان .
أخرج من بيتك
ــ هل هذه الطريقة غير القانونية هى الطريقة الرئيسية للتخلص من السكان المقدسيين الأصليين ؟
● هناك إستيلاء بطرق أخرى مع توفير الغطاء القانونى الذى يقوم الإحتلال بتفصيله . ففيما يتعلق بالشقق المؤجرة فإن قانونهم يسمح بانتقال تأجير الشقة من مستأجر إلى مستأجر آخر بدون الحاجة إلى موافقة مالك العقار مما أدى إلى إقامة عدد من اليهود فى شقق بالمناطق العربية بدون موافقة ملاك البيت العرب ، هذا من ناحية . من ناحية أخرى فإن هناك تزوير فى أوراق الملكية يقوم به بعض اليهود لإخراج مقدسيين من بيوت يقيمون فيها منذ عشرات السنين ويمتلك المقدسيون بالفعل ما يثبت الملكية ، إنما ما يحدث هو أن يتقدم إسرائيليون بأوراق أخرى يقولون أنها تثبت ملكيتهم هم لها ، ولا يكتفوا بهذا ، بل ويطالبون السكان بأن يدفعوا لهم تعويضا عن استخدامهم للمكان خلال السنوات السابقة . مما جعل عدد كبير من المقدسيين تضيع أوقاتهم بين أروقة المحاكم ، والبعض سافر خصيصا إلى "تركيا" حيث الأرشيف العثمانى الأصلى الذى يتضمن تسجيل العقارات بفلسطين منذ كانت تابعة للدولة العثمانية والذى تثبت أوراقه من هو صاحب الملكية الحقيقية للعقار المتنازع عليه .
وبعد أن تكررت مثل هذه القضايا التى يتكلف أصحابها مبالغ كبيرة للسفر إلى تركيا والحصول على أوراق إثبات الملكية المعروفة بـ "الطابو" ، فإن إجراء جديدا قد تم اتخاذه ونشرته صحيفة "خبر 7 "الإلكترونية التركية فى 19 مارس 2009 ضمن مقال للصحفى التركى المناصر للقضايا العربية "مصطفى قره جول" ذكر فيه أن رئيس الوزراء التركى عبد الله جول قد أهدى السلطة الفلسطينية عقود تمليك (طابو) فلسطين المكون من 254 دفتر طابو كبير فى 150000 فيلم مايكرو ، أى أن المقدسيين يستطيعون الاستفادة من توفر هذه العقود لتقديمها للمحاكم الإسرائيلية بالقدس حين يقوم بعض اليهود بطرد سكان عرب بموجب عقود قديمة يقومون بتزويرها .
إلا أنه بعد كل هذا وبعد الإثبات بالورق الرسمى فإن اليهود كثيرا ما يلجأون للقوة ضد السكان من أجل إخراجهم بدون حق .
الجيران
ليس هذا فقط ، فبمجرد دخول الساكن الإسرائيلى الجديد فإنه لايكتف باغتصاب الشقة بالقوة ، إنما يواصل العمل على تعكير صفو حياة الجيران المسلمين . فبعد أن يقيم اليهود مكان المسلمين يقومون برفع العلم الإسرائيلى على البيت ، معلنين عبره عن أنهم قد صاروا هنا . وفى الحال يأخذون فى إزعاج الجيران المسلمين بكل الوسائل ، منها أن يقوم السكان اليهود بإلقاء المياه القذرة والنفايات على المارة ، وحين يدافع المقدسيون عن أنفسهم ينهال اليهود عليهم بالشتائم التى كثيرا ما تتطور إلى اشتباك بالأيدى ، أما دور شرطة الإحتلال الإسرائيلى فهو فض الاشتباك لصالح اليهود مع عدم التردد فى اعتقال المقدسيين .
من ناحية أخرى تعمل سلطات الاحتلال على التخلص من المقدسيين بطريقة أخرى تتظاهر عبرها بأن ما تقوم به هو مجرد إجراءات قانونية ، فمما تفعله السلطات الإسرائيلية هو أن تعرقل أوترفض إعطاء تراخيص البناء للفلسطينيين أصحاب البيوت المقيمين بالفعل فيها إذا أرادوا توسعتها . بعد ذلك تعتبرهم قانونا يقيمون فى مبنى بلا ترخيص ، على الرغم من أنهم قد تقدموا للحصول على الترخيص بينما سلطات الاحتلال هى التى تعرقل إعطاء الترخيص حتى ولو كان البناء فى فناء أو حديقة البيت أو حتى إذا كان صاحب البيت يريد مجرد إقامة غرفة إضافية فوق السطح . فالحصول على رخصة بناء بيت هو حلم يحتاج نحو خمس سنوات ، مع مصاريف تصل إلى 30 ألف دولار أميركى ، بعدها إذا تم السماح بالرخصة يكون إنجازا لا يحصل إلا نادرا ، بل إن تعسف السلطات الإسرائيلية يصل إلى درجة عدم السماح عادة بصيانة المبانى وترميمها أو توسيعها وزيادة طوابقها .
ومع عراقيل الحصول على تصريح البناء قد يضطر البعض للبناء عند زيادة عدد المواليد ، أو عند زواج أحد الأبناء ، حيث من الصعب جدا استئجار شقة بالقدس بسبب الارتفاع الشديد فى الأسعار . من هنا صار البناء بدون ترخيص حجة إسرائيل للهدم . حيث أن الهدم هو الهدف الذى تسعى إليه سلطات الاحتلال من أجل تنفيذ مخططها المعروف بتهويد "الحوض المقدّس" .
ــ ما المقصود بـ "الحوض المقدس" ؟
● يقصدون بالحوض المقدس كل البلدة القديمة بالإضافة إلى أجزاء واسعة من الأحياء والضواحى المحيطة بها .
ــ وما الذى يتضمنه هذا المخطط ؟
● يتضمن أن تصبح مدينة القدس على صورة مطابقة لما يقولون أنه الوصف التوراتى للمدينة ، ذلك الوصف الذى يزعمون أنه كان يتضمن حدائق ومتنزهات فى أماكن معينة يريدون الإلتزام بأماكنها ، خاصة فى جنوب المدينة حيث ضاحية سلوان وفى شرقها حيث جبل الزيتون وضاحية الطور.
وأن تنفيذ الوصف التوراتى للمدينة يقتضى استبدال السكان العرب بسكان يهود فى البلدة القديمة وأحياء وادى الجوز والشيخ جراح والطور وسلوان ورأس العمود .
وهذا معناه ترحيل عدد كبير من المقدسيين إلى مناطق بعيدة عن المسجد الأقصى أو خارج مدينة القدس بأكملها . بما يؤدى إليه هذا من عزل المسجد الأقصى عن أحد أهم خطوط دفاعه ، مما يجعل تنفيذ مخططات الاحتلال ضد المسجد الأقصى بعد ذلك أسهل . خاصة أن تنفيذ هذه المخططات يحقق فى الوقت ذاته تواصلا جغرافيا بين البؤر الاستيطانيّة فى البلدة القديمة ومحيطها وبين المستوطنات الموجودة على أطراف مدينة القدس .
عمر بن الخطاب
عَبَر من هنا
نبدأ من جنوب القدس ، أى جنوب المسجد الأقصى ، إنه اتجاه القبلة ، أى الطريق القادم من الحجاز ، من مكة المكرمة والمدينة المنورة . هذا الجزء الجنوبى من القدس يحمل اسما له وقع خاص فى الوجدان . إنه جبل "المُكَبِّر" .
خصوصية المذاق تعود إلى أنه من هذا الطريق قد مرّ أمير المؤمنين . نعم ، فسيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه عند فتح القدس كان قد ذهب إلى المدينة المباركة قادما من المدينة المنورة ، وكان معه عدد كبير من الصحابة حيث دخلوا من جبل المكبر .
ولقد كانت القدس هى المدينة الوحيدة التى ذهب الخليفة عمر بن الخطاب بنفسه لدخولها فاتحا من بين كل المدن التى فتحها المسلمون فى عهده .
فما جرى وقتها هو أنه بعد الانتصار الإسلامى فى معركة "اليرموك" ، طلب البطريرك الأكبر لمدينة القدس أن يكون تسليم المدينة للخليفة شخصيا ، فكان الدخول التاريخى لسيدنا عمر بن الخطاب إلى مدينة القدس ، وما أن أطل من الجبل الموجود فى جنوب المدينة على القدس ببهاء منظرها وعبير النسمات التى تفوح من جبالها وأشجارها حتى هلل مكبرا : "الله أكبر" وردد من خلفه الداخلون "الله أكبر" ، فصار اسم الجبل هو : "جبل المُكبِّر".
إنها الزاوية نفسها التى قررت سلطات الاحتلال أن تقيم فيها حيا استيطانيا يهوديا يحمل إسم على مسمى هو "منظر من ذهب" أو "نوف زهاف" .
معروف بعد دخول سيدنا عمر أنه قد عقد مع أهل المدينة من النصارى معاهدة أو اتفاقية مشهورة فى التاريخ بإسم "العهد العمرى" أو "العهدة العمرية" أمّنهم فيها على معابدهم وعقائدهم وشعائرهم وأنفسهم وأموالهم، وشهد على هذه الوثيقة عدد من قادة المسلمين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم جرت أحداث الحكاية الشهيرة التى تتضمن أن وقت الصلاة قد حان أثناء وجود سيدنا عمر بن الخطاب فى كنيسة القيامة فعرض عليه البطريرك أن يؤدى الصلاة داخل الكنيسة ، لكنه شكره قائلا أنه يخشى أن يظن البعض أن فى صلاته بداخل الكنيسة إشارة إلى تحويلها بعد ذلك لمسجد ، وأدى الصلاة وقتها خارج الكنيسة حيث أقيم بعد ذلك المسجد الذى يحمل اسم "مسجد عمر بن الخطاب" ، بما تحمله الحكاية من تأكيد على احترام الإسلام لحرية العبادة للآخر .
غطت الثلوج مدينة القدس فحرص الفلسطينيون على أن تنطق الأرض بعروبتها ، (وتبدو قبة الصخرة فى خلفية الصورة)
نعود إلى "جبل المكبّر" الذى مر منه عدد من الصحابة كى نذكر أن المسلمين قد أقاموا فيه على مدى السنين . إنما إذا بأحفادهم الآن قد صار مطلوبا منهم الرحيل ، وخاصة من حى "الفاروق" الذى يحمل لقب سيدنا عمر بن الخطاب ومن عدة مناطق أخرى .
تعددت الحجج والترحيل واحد ، فالبعض جاء قرار ترحيلهم بسبب الجدار العنصرى ، والبعض بحجة جاهزة هى عدم إعطاء ترخيص بالتوسع فى البناء ، والبعض من أجل إقامة فندقين سياحيين كبيرين والبعض بسبب جسر معلق مزمع إنشاؤه حيث يطل هذا الحى المقترح مباشرةً على البلدة القديمة من الناحية الجنوبية ، كما يتصل مباشرة بحى سلوان وبؤر الاستيطان المنتشرة فيه .
الحلوة والبستان
فى سلوان
مع الانتقال من جبل المكبر باتجاه المسجد الأقصى مرورا بـ "سلوان" وما تضمه من مناطق جميلة ، هى وادى "حلوة" و"البستان" ، نجد أعدادا أكبر من السكان الفلسطينيين مهددين بالطرد من منطقتهم التى تتمتع بطبيعة جميلة لا تسر العين فقط بالجمال ، إنما هى تبعث بعبيرها المنعش بما يسر الروح أيضا ، عبير أشجار الفواكه التى تشرب من عين ماء سلوان التى تعتبر رمزا للمنطقة على مدار التاريخ ومن حولها تمتد أشجار التين والرمان والليمون ، وكذلك أحواض الخضرة حيث الخس والنعناع والبقدونس .
و"سلوان" يسكنها حوالى 43 ألف نسمة . يحدها من الشمال المسجد الأقصى والسور القديم للمدينة وحى المغاربة الذى دمره الاحتلال الاسرائيلي عام 1967 ، ومن الجنوب جبل المكبر ، ومن الشرق قرى ابو ديس والعزيزية والطور ورأس العامود .
ولقد كانت بلدة سلوان بأكملها وقفا إسلاميا منذ الفتح الإسلامى الثانى ، حيث أوقفها القائد صلاح الدين الأيوبى .
لكن الإسرائيليين يزعمون أن "سلوان" هى ما يسمونه "مدينة داود" .
أما عين سلوان الشهيرة التى يرتبط تاريخها بتاريخ القدس حيث شكلت مصدر المياه الأساسى منذ الفترة الكنعانية عبر قنوات بناها اليبوسيون (بناة القدس الأصليين) وما زالت آثارها قائمة حتى اليوم . هذه العين التى هى عبارة عن نفق صخرى تحت الأرض بطول 533م يصل إلى بركة عين سلوان في الجهة المقابلة لوادى الحلوة حيث مجمع عين سلوان ، يزعم الإسرائيليون أنها جزء من تاريخ ما يسمونه مدينة داود ، بالتالى يريدون الاستيلاء على سلوان من أجل إعادة ما يزعمون أنه كان الحال بالمنطقة منذ ثلاثة آلاف سنة ، أيام سيدنا داود ، أو الملك داود بالنسبة لهم .
ــ وكيف كانت تلك المنطقة فى ذلك الوقت .
● هم يزعمون أن بيوت الفلسطينيين فى هذه البقعة ، كان يوجد مكانها حدائق منذ ثلاثة آلاف عام ، وهم يريدون تحويلها إلى حديقة كبرى كى تكون هى المدخل الجنوبى إلى الهيكل الذى يخططون لبنائه لا قدر الله مكان المسجد الأقصى ، ولقد أطلقوا بالفعل على الحديقة التى خططوا لإقامتها مكان بيوت الفلسطينيين فى سلوان ، أطلقوا عليها اسم "حديقة الهيكل".
ــ معنى هذا أنهم يريدون تجهيز الطرق المؤدية إلى المسجد الأقصى بالهيئة التى يريدون أن تكون عليها الطرق إلى الهيكل كجزء من التجهيزات التى يقومون بها لمتطلبات الهيكل التى تعرفنا عليها من قبل مثل الشمعدان السباعى الذى نصبوه بالقرب من المسجد الأقصى ، وملابس الكهنة والأدوات الأخرى التى يعرضوها داخل معهد الهيكل استعدادا لساعة الصفر لبناء الهيكل .
● وكل هذه الأمور حين يبدأوا فى تنفيذها فإنهم يتعاملون وكأن من يعيش على الأرض من بشر لا إرادة لهم .
إنما "على جثتنا" .
إنها الجملة التى تتكرر على لسان الفلسطينيين الذين يريد الاحتلال طرهم من بيوتهم فى سلوان .
يكرر أهل سلوان هذا التعبير بما يعنيه من أنهم لن يغادروا ، وسيظلوا صامدين حتى لو هدموا بيوتهم فوقهم . مع تأكيد أهالى سلوان على أن بيوتهم التى يقيمون فيها هى بيوت قد توارثوها من الآباء الذين ورثوها عن الأجداد .
إهدم بيتك
الأكثر عجبا فى الأمر هو أن القرار الحكومى الذى تقوم سلطات الاحتلال بإخطار سكان هذه البيوت به لا يتضمن فقط الطرد من البيت ، بل يؤكد القرار فى الوقت نفسه على أن الساكن تقع عليه مسئولية إخلاء البيت وكذلك هدمه ، وأن يتبع الهدم قيامه بإزالة الأنقاض وتسوية الأرض .
ولقد بدأت سلطات الاحتلال بإصدار قرار بهدم 88 منزلا يعيش فيها 1500 مقدسى فى حى البستان بسلوان لإقامة حدائق توراتية ، هذا العدد يمثل كل عدد بيوت المقدسيين فى حى البستان ، وهو من الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية ، وبهدمه يتمكن الاحتلال الإسرائيلى من فصل الأحياء الفلسطينية ذات الكثافة السكانية عن البلدة القديمة للقدس .
إعلان إسرائيلى عن شقق فى مستوطنة تطل على المسجد الأقصى
إنما بعد فترة من الاحتجاجات صدر القرار الإحتلالى بتنفيذ الهدم لـ 22 منزلا كمرحلة أولى ، وذلك بالطبع على طريقة الخطوة خطوة ، أو كوسيلة من وسائل تفتيت الناس كى لا تصدر الاحتجاجات عن كل سكان الحى . والقرار يعطى السكان مهلة لينفذوا الهدم لبيوتهم بأيديهم ، وإن لم ينفذوها تطردهم بالقوة وتقوم السلطات بالهدم ، ثم تطالبهم بدفع تكاليف الهدم الذى نفذته . ومن لا يدفع تتم مصادرة أى ممتلكات له لتغطية الدين الذى عليه لسلطات الاحتلال الإسرائيلى .
أما إذا كان صاحب البيت الذى هدموه لا يمتلك ممتلكات أخرى فإن لسلطات الاحتلال أن تحبسه نتيجة عدم دفعه لمستحقاتها .
فبعد الطرد والتشريد ، إما الدفع أو الحبس .
والحجة للهدم هى عدم وجود الترخيص ، مع ملاحظة أن سلطات الاحتلال هى التى ترفض إعطاء رخص البناء للعرب بينما تعطيها للإسرائيليين .
وفى كثير من الحالات حين يتقدم السكان بما يثبت أن بيوتهم مرخصة سواء بأوراق "الطابو" التى تثبت الملكية منذ أيام العثمانيين ، أو بأوراق الترخيص الحديثة التى تصل قيمة الرخصة فيها إلى 30 ألف دولار لإقامة شقة مساحتها 120 مترا مربعا ، مع ذلك فإن تقديم الترخيص ليس طوقا للنجاة فى كل الأحوال ، لأن سلطات الاحتلال لديها الورقة الأخرى التى ترفعها عندما تشاء أمام غير المخالفين وهى أن البيت سيهدم سيهدم ، سواء كان مرخصا أم غير مرخص .
فالورقة التى يرفعها الاحتلال إذا اقتضى الحال هو أنه سيتم الهدم لأسباب تتعلق بالمنفعة العامة وهى فى سلوان : الهدم من أجل إقامة حديقة .
فماذا كان رد المقدسيين الذين تعرضوا لمثل هذا الموقف . تتراوح كلمات سكان الحى حسب ما وردت فى لقاءات صحفية منشورة معهم على الإنترنت ، تراوحت بين القول : أنا نشأت هنا مع شجر العنب والرمان ، فلن أقلع الأشجار أو أهدم الجدران . وبين كلمات مثل : لن نرحل ، ولن نهدم ، ولو جاءوا هم ليهدموا ، فليهدموا الدار فوق رؤسنا .
من أجل النفق
إنما ليست إقامة الحدائق مكان البيوت هى السبب الوحيد للخطوات التى تتخذها سلطات الاحتلال من أجل طرد سكان الحلوة والبستان فى سلوان ، إنما هناك سبب آخر وهو متعلق فى الوقت ذاته أيضا بالهيكل ، السبب هو أن النفق الذى أسموه بنفق الطريق الهيروديانى الذى يصل ما بين المستوطنات الإسرائيلية والأنفاق تحت المسجد الأقصى ـ والذى سبق أن ذكرناه فى المحور الأول للكتاب ـ هذا النفق هو نفق طويل يمر من تحت بيوت "سلوان" .
ولأن جزءا من أهمية هذا النفق عند الإسرائيليين هو أن عبر هذا النفق يتمكن سكان المستوطنات من الوصول للمسجد الأقصى دون أن يطولهم حجر من أهل القدس المدافعين عن المسجد الأقصى ، وهو فى الوقت نفسه طريق يمكن استخدامه لأهداف عسكرية إذا احتدمت المعارك فى المسجد الأقصى . بالتالى فإن من ضمن أهداف الإسرائيليين التى تسببت فى قرار إزالة تلك البيوت هو مزيد من الإطمئنان على نفق الطريق الهيروديانى حتى لا تكون هناك فوقه بيوتا لمقدسيين ، تخوفا من أن يفكر أحدهم فى أن يحفر من داخل بيته باتجاه النفق ، سواء مصادفة خلال البحث عن آبار مثلما يحدث كثيرا من قيام بعض السكان بحفر آبار من داخل البيوت ، أو أن يتم الحفر عن قصد للإضرار بالنفق أو بالمستوطنين اليهود ممن يسيرون عبره باتجاه المسجد الأقصى ، فيهاجمهم المسلمين من المنبع قبل أن يصلوا إلى المصب ، إلى قلب المسجد الأقصى عبر الأنفاق .
العلم الإسرائيلى على أحد البيوت المغتصبة فى الحى الإسلامى
والملاحظ أن الخطط الإسرائيلية التى تسارع تنفيذها ضد سكان سلوان حاليا هى مخططات تقوم بتنفيذها فى المقام الأول جمعية "العاد" الإستيطانية ، واسم الجمعية هو اختصار لحروف باللغة االعبرية معناها "نحو مدينة داود" ، فالجمعية لاتعترف بأن "سلوان" هى المدينة اليبوسية الكنعانية الأم التى بدأت بها مدينة القدس حيث كان وجود عين "سلوان" فيها سببا لاختيارها منذ أقدم العصور ، بل يزعمون أنها كانت "مدينة داود" ، وأنهم يريدون أن يجعلوها الآن أيضا مدينة داود على حد تعبيرهم .
مع ذلك ونتيجة لتصاعد احتجاجات دولية ضد طرد إسرائيل للفلسطينيين من "سلوان" فإن نغمة قد بدأت تظهر حول دفع تعويضات للسكان غير المخالفين كى يخرجوا من بيوتهم ويتم تعويضهم للإقامة فى مناطق أخرى .
لكن أهالى سلوان يدركون أنهم خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى من الجنوب ، ولأن بيوتهم قريبة جدا من المسجد الأقصى جنوبا فقد جاء ردهم متمثلا فى قول الكثيرين منهم : "أن نفتح الشرفة مع كل صباح فنجد المسجد الاقصى هو أول ما يصافح عيوننا ، هذا المشهد فى بيتنا بالدنيا وما فيها " . ومن أجل هذا فقد جددوا الرد الذى يتردد صداه على مسامع الإسرائيليين عبر الأقوال والأفعال تعقيبا على قرار إزالة بيوتهم قائلين : "على جثتنا".
جبل الزيتون
أما حين ننتقل من الانتهاكات ضد المقدسيين فى جبل المكبر وسلوان جنوب المسجد الأقصى ، إلى جبل الزيتون شرق القدس ، فإننا نجد المزيد من المطامع الإسرائيلية فى الأرض العربية .
إنه جبل الزيتون الذى شهد جيوشا عديدة فى حروب تتابعت على القدس ، والذى أقسم به الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم "والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين" حيث ربط سبحانه فى القسم بين التين كناية عن جبال الشام ، والزيتون كناية عن جبل الزيتون بالقدس ، وطور سينين جبل سيناء ، ربطهم بالبلد الأمين الذى هو بالطبع "مكة" ، فالصلة قائمة بين مكة والقدس ، وبين المسجد الحرام والمسجد الأقصى .
لكن الإسرائيليين يريدون أن تكون لجبل الزيتون صلة بالهيكل وبالسياحة ، حيث يخططون لإنشاء قطار هوائى "تلفريك" من جبل الزيتون إلى مقبرة الرحمة قرب الباب الذهبى شرق المسجد الأقصى . وآخر من جبل الزيتون إلى باب الأسباط .
كما تتضمن المخططات الإسرائيلية إقامة حديقة "تلمودية" تمتد من مستوطنة "معاليه أدوميم" إلى جنوب جبل الزيتون ، وحديقة تلمودية أخرى تمتد من شمال جبل الزيتون إلى حى الجامعة العبرية ، مع استخدام الحديقتين كمستعمرات مستقبلية إضافية فى الجهة الشرقية .
"لن نرحل" شعار سكان حى "الشيخ جراح" وغيرهم من المقدسيين المهددين بالطرد من القدس
هذا فى الوقت الذى تستولى فيه سلطات الاحتلال على بيوت للمقدسيين فى حى جبل الزيتون .
أما فى الشمال الشرقى حيث برج اللقلق (برج ستورك) فالصراع محتدم بين المواطنين الفلسطينيين والمؤسسات الرسمية والاستيطانية الإسرائيلية وذلك في موقع الزاوية الشمالية الشرقية من البلدة القديمة بالقرب من باب الساهرة .
أما فى جنوب شرق القدس فى حى رأس العمود فيتوالى الإستيطان بل والإعلانات التى تغرى اليهود بالشراء عبر الإشارة إلى المميزات التى على رأسها أن المكان يطل على المسجد الأقصى الذى يشيرون إليه بتسميتهم له "جبل الهيكل" مثل إعلان تم نشره فى بدايات عام 2010 متضمنا المشهد الذى تطل عليه الوحدات السكنية للمستوطنة بعنوان جذاب للشراء فيها وهو "متع نظرك بمشاهدة جبل الهيكل" مع إشارة فى الإعلان إلى أن هناك خطوات من أجل الإسراع فى بناء الهيكل مكان المسجد الأقصى ـ لاسمح الله ـ
هذا التسويق التهويدى وبهذه الصيغة لقى تشجيعا ودعما من الجماعات اليهودية العاملة على بناء الهيكل المزعوم ، ونشرت عبر مواقعها الإلكترونية تصريحات مشجعة للمشروع بدعوى أن تحقيق هذا المشروع بهذه الصيغة التسويقية يقرب الشعب اليهودى إلى الهيكل .
ومن ملامح الإهتمام الإسرائيلى بالاستيطان فى حى رأس العمود هو أنه قد تقرر هدم قسم الشرطة فيه ونقله إلى موقع آخر ، من أجل أن يتم استخدام أرضه ضمن أكبر حى استيطانى يهودى بالقدس .
وهذا الحى قريب جدا إلى القدس القديمة ، ويطل مباشرةً على المسجد الأقصى .
ويخطط القائمون على بنائه ، وعلى رأسهم الملياردير الأمريكى اليهودى "ايرمينغ موسكوفيتش" ، للسيطرة على أراضٍ ومبانٍ فلسطينية تجاور الحى الاستيطاني الجديد .
حى الشيخ جراح
ووادى الجوز
إنه الملياردير "ايرمينغ موسكوفيتش" نفسه الذى يمول العديد من الأنشطة الإستيطانية فى "حى الشيخ جراح" الشهير شمال القدس . هذا اليهودى الأمريكى الذى يمتلك العديد من صالات القمار فى الولايات المتحدة الأمريكية والذى امتلك مؤخرا فندق شبرد بحى الشيخ جراح ، ذلك الفندق الذى من المفروض أنه ملك لورثة الحاج "أمين الحسينى" مفتى القدس الأسبق صاحب التاريخ الطويل فى مقاومة الاحتلال الإسرائيلى ، حيث تم الاستيلاء على الفندق عبر حيلة قانونية بما يحمله هذا من فكرة الاستيلاء على مكان يحمل رمزا فى الذاكرة الوطنية .
والمشروع المقرر مكان الفندق يتضمن الإبقاء عليه ، مع بناء كنيس يهودى ووحدات سكنية من حوله ليقيم فيها مستوطنون يهود فى قلب هذا المكان بشمال البلدة القديمة بالقدس التى تضم معالم مميزة مثل بيت الشرق والعديد من البعثات الدبلوماسية والدولية .
ولم يكتف المستوطنون بهذا الذى استولوا عليه عبر حيل قانونية فى حى الشيخ جراح ، إنما استولوا أيضا على العديد من المنازل عبر طرد سكانها بالقوة من بيوتهم ، مثلما جرى فى ديسمبر 2009 حين احتل مستوطنون إسرائيليون منزلا لعائلة "الكرد" الشهيرة بحى الشيخ جراح .
أما سيناريو احتلال المنزل فقد تم عبر اقتحام مفاجئ من المستوطنين للمنزل مستخدمين العنف والآلات الحادة لطرد السكان بعد أن كسروا قفل الباب وروعوا الموجودين فى المنزل حيث كانت فيه سيدتان كبيرتان فى السن . والحجة هى ادعاء المستوطنين بأنهم هم الذين يملكون البيت ، ولقد تم هذا بحماية من الشرطة الإسرائيلية .
ولأن الحى كان قد أقيم بإتفاقية عقدت بين دائرة الأشغال الأردنية ووكالة غوث اللاجئين لذلك تكررت اعتصامات السكان المنكوبين فى خيمة للإعتصام أمام مقر الوكالة لتتدخل لإصلاح الوضع القانونى بعد أن تشردت عائلات أشهرها الكرد وغاوى وحنون .
وما زالت فى جعبة المستوطنين اليهود الكثير ضد بقية المقدسيين سكان حى الشيخ جراح من أجل طردهم وإقامة حى استيطانى يمتد إلى "وادى الجوز" الذى يمكن اعتباره نقطة هامة واستراتيجية في مخطط الطوق الاستيطانى المتاخم للقدس القديمة ، حيث سيربط بين الحى الاستيطانى المقترح فى الشيخ جراح ، وبؤرة الاستيطان الرئيسية على جبل الزيتون ثم يتم ربطه باتجاه ما صار معروفا باسم مستوطنة "موسكوفيتش" (الملياردير الأمريكى اليهودى ) الجارى بناؤها فى رأس العمود . بما يحقق طوقا من الاستيطان حول القدس القديمة ، يليه طوق أو حزام آخر من المستوطنات التى تحيط بمدينة القدس من الخارج ، مع بناء جسور، وأنفاق، وشبكة متفرعة من خطوط السكة الحديد ، تصل بين مختلف أنواع الإستيطان الذى يتوغل ويترسخ يوما بعد يوم بكل ما يحمله من أهداف عسكرية إستراتيجية لتأمين القدس كعاصمة إسرائيلية أبدية ـ لا قدر الله ـ .
مع ملاحظة أن وضع البؤر الإستيطانية فى البلدة القديمة ومحيطها يختلف عن وضع المستوطنات عموماً ، فالاستيطان فى داخل البلدة القديمة يهدف فى المقام الأول إلى التخلص من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين ، أكثر مما يهدف لإسكان عدد كبير من المستوطنين اليهود ، بالتالى فإن هذه البؤر الإستيطانية يتم الحرص على أن يسكنها أكثر أنواع المستوطنين شراسةً وتطرّفاً وفى حماية شرطة الاحتلال التي تُغطّي اعتداءاتهم وتساندهم ، وهذه النوعية من المستوطنين يقومون بدور كبير فى الأمور التى تتعلق بالحفريات وببناء الكنس الجديدة .
تهويد القدس
فى ثوبه الجديد
وإذا كان المعتاد فى القدس هو التخلص من السكان العرب عن طريق هدم البيوت ، فإن ما تفعله سلطات الإحتلال ضد المقدسيين فى مخيم "شعفاط" يأخذ شكلا آخرا هو إما دفع الضرائب عن خدمات لا يتم تقديمها فعليا أو الاعتقال ، وهى الاعتقالات التى تمارسها قوات الاحتلال عبر تجهيزات مفرطة فى القوة للتصدى لأهل المخيم حين يدافعون عن أبنائهم وممتلكاتهم.
فمخيم "شعفاط" هو مخيم اللجوء الوحيد فى مدينة القدس ، حيث يقع عند أطراف المدينة ، وسلطات الاحتلال الإسرائيلى لا تريد تقديم الخدمات المناسبة لأهله ، إنما تريد جباية الضرائب بلا خدمات حقيقية ، فصار المخيم بؤرة للفقر ، مع كثافته السكانية العالية .
وتقوم الحكومة الإسرائيلية بفرض ضرائب لا يمكن احتمالها على أصحاب المحلات من أجل أن يبيعوها فيشتريها بالتالى اليهود من الباطن ، حيث يرتب الاحتلال لإقامة حى استيطانى فى قلب مخيم شعفاط .
أما أطراف شعفاط فقد تم اقتطاع أراضى كانت مزروعة وضمها إلى مستوطنة إسرائيلية .
وتقوم سلطات الإحتلال بما تسميه حملات ضرائبية ضد من يقول الاحتلال عنهم أنهم متهربين ضرائبيا ، بينما الحقيقة أن سلطات الاحتلال تفرض ضرائب باهظة ليهجر السكان المكان لأن المخيم يقع بين مستوطنتين فيمنع التواصل بينهما ، كما أن موقع المخيم فى الوقت ذاته له أهمية عسكرية .
ولصرامة أهل المخيم فى التصدى للاحتلال ، لذلك نجد أن حملات جمع الضرائب تأخذ شكلا عنيفا من جنود الاحتلال فيتصدى لها أهل المخيم ببسالة ، وإن كان الجنود بما يفعلونه فى حملاتهم يتسببون فى حالة من الرعب تجتاح الصغار الذين نضجوا قبل الأوان وبدأوا مبكرا فى إعلان مشاركة الكبار فى الحلم بالاستقلال .
من الجدير بالذكر أيضا أن الضرائب الباهظة على أصحاب المحلات فى "شعفاط" يصحبها أيضا عروض شديدة الإغراء لبيعها إلى اليهود .
تتسبب حملات الاحتلال فى ترويع الأطفال
شوارع القدس العتيقة
النصف متر بمليون دولارـ
ـ هل العروض الإسرائيلية المغرية لشراء المحلات تقتصر على محلات مخيم شعفاط ؟
● مشكلة المحاولات الإسرائيلية للإستيلاء على المحلات التجارية سواء باستخدام التهديد أو الترغيب لا تقتصر بالطبع على المحلات فى "شعفاط"، إنما هى مشكلة كبرى عند أصحاب المحلات فى القدس العتيقة أيضا .
فحركة البيع والشراء الضعيفة ، والضرائب الباهظة التى يفرضها الاحتلال على أصحاب المحلات ليس من السهل تغطية قيمتها ، وإما الدفع أو الحبس ، وقبل تنفيذ الحبس ، يتم عادة ظهور عميل يطلب شراء المحل من التاجر المفلس لصالح الإسرائيليين على طريقة الشراء من الباطن ، أو ظهور المشترى الحقيقى فى الصورة مع عرض أرقام فلكية ، إلى درجة أن أحد التجار الفلسطينيين الكبار الذين كانوا على وشك الإفلاس صرخ قائلا عبر أحد اللقاءات الصحفية أنه فى حاجة إلى أن يتم حمايته من نفسه ، قائلا : إحموا القدس ، إحمونى من نفسى ، فلكل شخص قدرة على التحمل ، وأنا لا أريد أن أضعف ، لكننى فى الوقت نفسه لا اعرف مدى قدرتى على التحمل ، وأضاف أنه خائف بشدة من أن يضعف أمام إغراءات اليهود التى تزين البيع بأرقام فلكية تصل إلى 2مليون دولار للمتر المربع ، مع إبدائهم الاستعداد بترتيب السفر للبائع إلى أى بلد يختاره فى الدنيا .
ومع تزايد الضغوط الإسرائيلية على المقدسيين لبيع ممتلكاتهم بعد فرض ضرائب قاسية جدا ضدهم فقد تطلب الأمر قيام عدد من علماء فلسطين عام 2009 بإصدار فتاوى تحرم بيع الأراضي المقدسية أو التنازل عنها وأكد العلماء أنه لا يجوز بأى حال من الأحوال على الفلسطينى المقدسى المهدد بالطرد من قبل سلطات الاحتلال بيع منزله أو عقاره أو قبوله التعويض عنه بمنزل أو أرض بديلة ، داعين إلى التمسك بالأرض .
وأكد مفتي القدس والديار الفلسطينية "محمد حسين" أنه لا يجوز البيع ولا المعاوضة مهما كلف الأمر .
الطريق
وعلى الرغم من منطقية الفتوى إلا أن فتوى أخرى من الضرورى أن تلحق بها كى تدعمها وتكملها ، فتوى يشترك فيها العلماء عبر مختلف الدول العربية والإسلامية للجهاد بالمال ومد يد العون بالمال للمقدسيين إستنادا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حول أن المسجد الأقصى هو ثالث المساجد التى تشد إليها الرحال بعد الحرمين الشريفين ، وما خصه به حديث الرسول عليه الصلاة والسلام من أن الذى لا يسافر لزيارة المسجد الأقصى فإن من المناسب أن يبعث بزيت يُسرج فى قناديله ، بمعنى أن على المسلم العمل على أن يظل المسجد الأقصى عامرا ، فإنارة المسجد الأقصى كناية عن ضرورة المحافظة عليه وبالتالى ضرورة دعم الذين يحافظون عليه .
الاحتلال يستخدم الغازات المسيلة للدموع
أليس قيام المسلمين فى مختلف الدول بالتبرع بالمال إلى المقدسيين الذين يريد الإحتلال الإسرائيلى طردهم للتخلص من السكان المسلمين المدافعين عن المسجد الأقصى ، أليس التبرع لهم من أجل تثبيتهم هو نوع من أنواع المحافظة على العمران البشرى للمسجد الأقصى ضد اليهود الذين يريدون أن تخلو لهم المدينة المقدسة كى يتخلصوا من المسجد الأقصى بأقل الخسائر ويقيموا هيكلهم مكانه .
من ناحية أخرى فإن ما يجرى الآن من قيام أغنياء اليهود حول العالم بدفع أرقام ضخمة من التبرعات إلى المشروعات التى تؤدى خطوة خطوة للتخلص من المسجد الأقصى وإقامة الهيكل مكانه ، تجعلنا نتذكر مقولة صلاح الدين "أنظروا إلى الفرنجة بأية ضراوة يقاتلون فى سبيل دينهم ، فى حين لا نبدى نحن المسلمين أية حمية للجهاد فى سبيل الله" . لقد كانت كلماته حول الجهاد بالنفس ، وهو أمر مطلوب جدا اليوم ، إلا أن الجهاد بالمال هو أيضا شديد الأهمية ومتطلباته متوفرة عند أغنياء عرب يتبارى بعضهم فى كيفية إنفاق المال على رفاهيات فاقت الخيال .
دموع على الطريق
ولأنه إذا أردت أن تطاع فأمر بالمستطاع ، لذلك فإن فتوى علماء القدس المنطقية جدا بعدم بيع الممتلكات لليهود من المهم أن تدعمها فتوى تشمل كل المسلمين خاصة أغنياؤهم الذين ينفقون على أمور عجيبة ، ولا بد من توجيههم إلى ترشيد البذخ فى الإنفاق ، وأن يدفعوا من أموالهم للمقدسيين المهددين بالطرد من بيوتهم ومحلاتهم كى تظل القدس عامرة بهم ، ولكى يظل المسجد الأقصى عامرا بهم فى وجه الصهاينة .
نكمل غدا بإذن الله .
لا يملكون سوى سلاح الحجر
مثل الطير الأبابيل
علامة النصر على الرغم من كل شئ
روابط الفيديوهات
ــ إلى عشاق الأرض المباركة ، ادخلوا قبة الصخرة التى عرج منها حبيبنا صلى الله عليه وسلم إلى السموات العلا . متعوا عيونكم بالمكان المبارك مع موسيقى العصافير "سبّح لله ما فى السموات وما فى الأرض" :
ــ قلوبنا معكم يا إخوتنا فى "سلوان" :
ــ وفى حى الشيخ جراح إعتقلوها حين دافعت عن البيت :
موضوعات متعلقة:
ننشر الحلقة الأولى من الكتاب القنبلة أهوال ضد المسجد الأقصى.. حقائق مذهلة حول اقتراب إسرائيل من هدم أولى القبلتين وإقامة الهيكل الثالث.. نكشف عنها فى حلقات يومياً
ننشر الحلقة الثانية من الكتاب القنبلة "أهوال ضد المسجد الأقصى".. حكومات إسرائيل المتعاقبة أنشأت ثلاثة كنس تحت محيط المسجد تمهد للهيكل اليهودى الثالث وبه "قدس الأقداس" الذى لا يدخله إلا الحاخام الأكبر
ننشر الحلقة الثالثة من الكتاب القنبلة "أهوال ضد المسجد الأقصى".. تجهيزات إسرائيلية للاقتحام الكبير لـ"أولى القبلتين"
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة