قال الروائى الليبى إبراهيم الكونى إن الإبداع فى حقيقته الأصلية ما هو إلا خطيئة، لأنه انتحالٌ سافر لسلطة الربّ.
وأوضح الكونى مساء أمس الأربعاء، عقب إعلان فوزه بجائزة ملتقى القاهرة الدولى الخامس للإبداع الروائى العربى، والبالغ قيمتها مائة ألف جنيه مصرى - بما يعادل 17 ألف دولار أمريكى- بالمسرح الصغير بدار الأوبرا، أنه "إذا كان الإبداع خيارًا وجوديًا وليس دنيويًا، فإنه خيار مجبول بروح رسالية، والروح الرسالية فى هذه الحال لن تكون غنيمةً بل ستكون قدرًا مكبلاً بالكآبة"، مضيفًا "إنه لا شىء يفوق وزرًا أو عذابًا مثل حضور المبدع فى مثوى عزلته الأبدية، لأنه طريد فى ملكوت الرب".
ورأى الكونى أن مكافأة المبدع الوحيدة هى حضوره فى الأبدية، ولهذا السبب فإن الجوائز، إذا منحت عن استحقاق، فإنها ترتدّ لتصير تاج إكبار على رأس مَنْ مَنَح رَمْزَ الإكبار، لأننا لا ننال حقيقةً إلا ما نهب.
وتابع الكونى وأما إذا مُنحت المكافأة عن غير استحقاق، فإنها وسام عارٍ على صدر من مَنَح، لأننا لا نفقد عادةً إلا ما ننال!
واستكمل الكونى "فى مثل هذا اليوم من عام 2002 وقفت فى باريس فى محفل لجنة الصداقة الفرنسية مع البلدان الأجنبية لأستلم جائزة الصداقة الفرنسية العربية، كما أقف فى محفلكم اليوم لاستلام جائزة الرواية العربية"، مضيفًا "فإذا كنت قد استسمحت اللجنة الفرنسية يومها للتبرّع بالقيمة المادية للجائزة الفرنسية لإنفاقها على دعم القضايا العربية، فإنى أستسمحكم اليوم التبرّع بالقيمة المادية للجائزة العربية لدعم أطفال الطوارق فى كلّ من مالى والنيجر، لأنهم يمّثلون الجيل المحروم حتّى من الماء، فكيف بالغذاء أو الدواء أو التعليم".
وأوضح الكونى "ففى رحاب هذه الأرض النبيلة وقف جدّ هؤلاء الأطفال المناضل محمد على الأنصارى ليوجه نداءه الشهير لمحفل المنظمة الأممية عام 1960، مستصرخًا الضمير العالمى لوضع حدّ لمأساة طوارق ما كان يُعرف آنذاك بـ"مملكة تينبكتو"، وتشاء الأقدار أن تتواصل محنة طوارق مالى والنيجر منذ ذلك التاريخ إلى هذا اليوم، هذه الأرض التى أبت عبر التاريخ إلا أن تلقننا دروس السخاء عندما كانت تهب ما لا غنى لها عنه، ولكن للدلالة الوحيدة القادرة على إنقاذ ضمير المبدع، ككبش فداء، بتحويله رسول خلاص ينتصر لذوى القرب، ويبنى بنزيف الروح صرحًا يجير المستضعفين، ويوحّد الثقافات".
يذكر أن لجنة تحكيم الملتقى التى أعلنت عن فوز الكونى فى حفل الختام، والذى حضره وزير الثقافة فاروق حسنى ود.عماد أبو غازى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، وعدد كبير من الأدباء والمثقفين وهم د.محمد شاهين رئيسًا (الأردن)، وعضوية كل من إبراهيم فتحى وحسين حمودة (مصر) وعبد الحكيم العلَّام (المغرب) ولطيف زيتونى (لبنان) وصبحى حديدى (سوريا) وعبد الحميد المحاميد (البحرين).
وأكد الناقد صبحى حديدى خلال إلقائه لكلمة لجنة التحكيم أن الكونى فاز خمس مرات خلال عمليات التصويت التى أجرتها اللجنة لاختيار الفائز من بين 23 روائيا وروائية عربية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة