جميلة هى "المواطنة".. الكل يتحدث عنها، ويُغازل طلعتها البهية، ويُعدد محاسنها.. ويأتى فى مقدمة من يتبون فكر وقيم المواطنة الحزب الوطنى الديمقراطى.. الحزب الحاكم فى مصر المحروسة.. على صفحات الموقع الرسمى للحزب، وفى إطار التعريف بمبادئ وركائز الحزب حديث عن المواطنة فيه:
يلتزم الحزب بمبدأ المواطنة كأساس للمساواة التامة فى الحقوق والواجبات بين جميع المصريين، بغض النظر عن الدين أو العقيدة أو الأصل أو الجنس، ويؤكد الحزب على تمسكه واعتزازه بالوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط.
ينطلق الحزب من رؤية وسطية تتفق مع توجهات أغلبية المصريين، وهى وسطية إيجابية تقوم على قيم المبادأة والمشاركة والسعى للتغيير، ورفض التطرف وتبنى مواقف تتسم بالاعتدال فى العمل على تحقيق التحول الإجتماعى والاقتصادى والسياسى، وذلك فى إطار الحفاظ على التوازن بين مصلحة الفرد والمجتمع.
يسعى الحزب إلى ضمان احترام الحقوق الأساسية للمواطنين بكل فئاتهم مثل الحق فى الحياة الآمنة والحرية والمساواة أمام القانون، والحق فى الملكية والعمل والتعليم والرعاية الصحية واحترام الحياة الخاصة والمشاركة السياسية، وحرية الفكر والتعبير.
كلام جميل.. ما أقدرش أقول حاجة عنه، ولكن أسأل وأتصور أن يشاطرنى السؤال كل من تعرف على المواطنة فى ظروف أحسن من كده بعض ما تسمح به مساحة المقال، وذاكرة كاتب السطور:
أين كان الإيمان بقيم المواطنة عندما تم الاكتفاء من جانب الحزب باختيار 10 مرشحين أقباط فقط من بين مئات تقدموا لحزبهم لترشيحهم فى انتخابات 2010؟!
وأين كانت المدعوة "المواطنة" عندما أهان عضو بارز فى الحزب ومجلس الشعب زميلته تحت قبة البرلمان بسيل من العبارات المؤسفة، واختتمها بعبارة ضد المواطنة "أنت مالك.. أنت مسيحية" فى فرز طائفى مقيت، وفى واقعة أخرى فى مواجهة مع زميلة أخرى عضوة المجلس القومى لحقوق الإنسان "اخرسى.. أنت كاذبة".. وأيضاً تحت قبة البرلمان، وكانت المكافأة تجديد الثقة فى عضوها ودعمه فى انتخابات 2010... وأين المواطنة؟!
أين رموز الحزب وقياداته، وغياب دورهم التشريعى لسد منابع الفتن الطائفية عبر دفع المجلس لمناقشة وسن قوانين تجمدت فى ثلاجته العتيدة، وجميعها داعمة للمصونة "المواطنة" مثل قانون لبناء دور العبادة، وقانون الأحوال الشخصية للمسيحيين، وآخر لمناهضة التمييز.. إلخ ؟!
يا ترى كان فين الحزب عندما ألقى الأسقف بيشوى والداعية العوا فى نهر العلاقة بين الناس فى بلادى سموماً قاتلة للمواطنة، دون وقفة ودون مطالبة بالمحاسبة العاجلة؟!
وأين كانت اللى اللى بيسموها "المواطنة" ودور الحزب فى دعم ثوابتها، عندما أخطأ كاهن دير مواس وأسقفه وإحداثهما لشرخ فى جدار المواطنة بإثارتهما الجماهير بمعلومات لم يتبينا حقيقتها، وعلى الجانب الآخر كانت تلك المظاهرات الرذيلة التى قام بها شباب غاضب لا يريد تصديق مؤسسة الأزهر العتيدة بأن كاميليا لم تتقدم لإشهار إسلامها أصلاً، واستمروا فى توجيه الإهانات لرمز دينى كالبابا شنودة الثالث عبر سلوك متعصب طائفى كريه.. فينك يا مواطنة، وفينك يا حزب الأغلبية؟!
أين كان الحزب وتفعيله لمبدأ المواطنة إزاء أحداث العمرانية، لماذا لم ينبه أحد محافظ الجيزة، ورئيس حى العمرانية بالقيام بتشغيل أجهزة الكمبيوتر الحكومية لديهما، والتواصل مع شبكة الإنترنت والدخول على موقع المحافظة لاكتشاف معلومة أن حى العمرانية به أربعة كنائس أرثوذكسية فقط فى مقابل 360 مسجد أى بنسبة 1 إلى 90، فهل تلك نسبة معبرة عن واقع الوجود المسيحى فى ذلك الحى؟!
لماذا خيب الحزب آمال الناس حتى من بين مقربيه، وبعض الأعضاء عبر كل عمليات التحضير والممارسة فى انتخابات 2010، فكان الحصاد الخاسر فى البعد عن المواطنة، كأساس للمساواة التامة فى الحقوق والواجبات بين جميع المصريين، بغض النظر عن الدين أو العقيدة أو الأصل كما تؤكدون فى أدبياتكم؟!
أسأل الحزب وحكومته الذكية، أما من وقفة مع النفس لقراءة تبعات وأبعاد ما يتم طرحه من أفكار وتصورات فى الشارع المصرى لمفاهيم المواطنة، وتطبيقاتها فى الواقع الاجتماعى والاقتصادى والسياسى والوطنى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة