حرية التعبير ليست مطلقة بلا قيود، وإلا تحولت إلى فوضى فقضاء المحكمة العليا الأمريكية مستقر على أن حرية التعبير ليست مطلقة بل هى مقيدة بعدم المساس بالمصالح العليا للدولة وعدم المساس بالحريات الشخصية للآخرين، وكذلك استقرت أحكام محكمة النقض فى مصر على أن حرية التعبير مقيدة بالصالح العام، وعدم المساس به، وبذلك لا يجوز الخلط بين حرية التعبير كإحدى الحريات العامة المقررة فى الدستور المصرى، وإغلاق الحكومة وإنذار 32 قناة فضائية تمس المصالح العليا بالدولة، وتدعو للفتنة وهز الاستقرار والأمن فى أهم مقومات المجتمع المصرى، وهو وحدته الوطنية بين عنصرى الأمة، فقد تأخرت كثيرا وزارة الإعلام وإدارة النايل سات فى تطبيق القانون، وتطبيق شروط الترخيص لكل قناة، ومما يؤكد أنه لا يوجد فى مصر خنق لحرية التعبير، أن إدارة النايل سات قررت بشكل مؤقت إيقاف 12 قناة فضائية لحين تصليح وتصويب مسارها بما لا يشكل تهديدا للمصالح العليا للدولة، وأنذرت عشرين قناة بالالتزام بشروط الترخيص والالتزام بشروط التعاقد، لأن بعض هذه القنوات كان لها توجهات طائفية بإثارة نعرات طائفية، وقامت بعمل حلقات كاملة تشكل جريمة ازدراء الأديان الأخرى، وهى جريمة بعقوبة الجنحة فى قانون العقوبات المصرى الذى تصل عقوبته إلى ثلاث سنوات، وحتى تحمى إدارة النايل سات العاملين بهذه القنوات من تطبيق قانون العقوبات عليهم أنذرتهم فقط، لتصحيح مسار هذه القنوات بضرورة الالتزام بمبادئ الديانات السماوية وتقاليد المجتمع، لأن الديانات السماوية نزلت من عند الله ليتنافس أتباعها على عبادة الله الواحد، ويتنافسوا على العمل الصالح، ولو شاء الله جعْل كل الناس مسلمين لفعل، ولو شاء الله جعل كل الناس مسيحيين لفعل، فهو القادر على كل شىء فقد ورد بسورة هود «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة» لذلك فإن اختلاف الأديان هو بإرداة الله، ولا يجب لأتباع كل ديانة من المتعصبين أن يتناولوا الديانات المخالفة ورموزها بأسلوب غير حضارى، وبأسلوب متدن فى ألفاظه، كما كان يحدث فى بعض قنوات الفتنة الطائفية، خاصة أن أهم خصيصة فى الإسلام هى الوسطية والاعتدال، فقد ورد فى سورة البقرة آية 143 «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا» والوسطية كما فسرها الطبرى تعنى العدل والخير، وليس من العدل والخير إثبات أن الآخر على ضلالة، والحديث عن إلغاء السنة فى بعض القنوات، والتشكيك فى السنة كمصدر من مصادر الشريعة الإسلامية. وليس من العدل والخير تناول سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين بأسلوب متدن للتشكيك فى ثوابت الأمة المصرية، وأن ذلك يؤثر على الوجدان الدينى للمسلمين تنفيذا لأجندات أجنبية تخالف ثوابت الديانة الإسلامية، لذلك عندما يتم إيقاف هذه القنوات لأنها مخربة فى الوجدان الدينى الإسلامى لحين تعديل مسارها، فلا علاقة بين حرية التعبير والتشكيك فى ثوابت المسلمين تنفيذا لأجندات أجنبية لا تريد الخير لهذه الأمة، خاصة هذا الطوفان من الفتاوى الشرعية من غير المتخصصين فى الفتوى وغير المؤهلين فى الفتوى لخلق معركة فكرية دينية تصل إلى حد الفتنة بين المذهبين الشيعى والسنى فى مصر، والمؤسف حقا أن البعض استغل تطبيق القانون من وزارة الإعلام وإدارة النايل سات استغلالا سياسيا لأغراض سياسية بأن الحكومة المصرية تمارس تضييقا متعمدا على حرية التعبير، وعلى حرية الإعلام، وهذه دعوة ظاهرها الحق وداخلها الباطل لأن الحكومة المصرية لو أرادت التضييق على حرية التعبير لقفلت هذه القنوات قفلا نهائيا، وليس قفلا مؤقتا، لحين تصحيح مسارها فقط، ولو أرادت الحكومة المصرية قتل هذه القنوات لما وجهت عشرين إنذارا لعشرين قناة، والإنذار لتنبيهها لعدم اللعب بالمصالح العليا للدولة وعدم المساس بوحدتنا الوطنية وعدم خلق الفتنة الطائفية بين جناحى الأمة، المسلمين والمسيحيين، وبين الطوائف الإسلامية، خاصة السنة والشيعة، لتنفيذ أجندات أجنبية تمول هذه القنوات الفضائية، لذلك فإن الحكومة تأخرت كثيرا فى تنفيذ القانون لحماية المجتمع المصرى من الاحتقان الطائفى، ومن الفتنة الطائفية، فلا علاقة بين حرية التعبير وغلق القنوات الفضائية ولا داعى لخلط الأوراق لتشويه سمعة الحكومة المصرية تنفيذا لأجندات أجنبية لا تريد الاستقرار والأمن لمصر، لأن أعز ما تملكه الأمة المصرية هو وحدتها الوطنية، وأن طوق النجاة للأمة المصرية هو فى وحدتها الوطنية، لذلك نرجو من هذه القنوات تصحيح مسارها وسوف يعاد فتحها إذا صححت مسارها.
نقلاً عن ملف إن للديمقراطية أنياباً المنشور فى العدد الأسبوعى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة