معصوم مرزوق

الحكمة بأثر رجعى..!!

الإثنين، 29 نوفمبر 2010 06:35 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"إذ فجأتن".. !! يكتشف الشخص أن الإلهام قد حل به.. "إذ فجأتن".. تتكشف له الحجب عن جرائم ارتكبت فى الماضى، وكان هو شاهداً عليها دون أن يدرى بأنها جرائم وقتذاك، أو كان يدرى لكنه لأسباب ميتافيزيقية اضطر لاتباع طريق "أضعف الإيمان"، فاستنكر وشجب وثار بقلبه الطاهر العفيف الشريف.

أما لماذا "فجأتن" يتحدث، فإنما لأن ضميره الصاحى يوجعه.. ضميره الذى نساه فى الثلاجة سنوات بلا عدد دبت فيه الروح فجأة، وسبحان من يحيى العظام وهى رميم.

إذ "فجأتن".. يبادرنا الشخص بتحليل رصين مبين لأحداث وأشخاص، فيشير إلى الحدث بتاريخ يعرفه الناس جميعاً، ثم يقوم ببناء جديد لنفس الحدث من زاوية لم يشاهدها غيره، ولا بأس أن يرصع الحدث بأشخاص نكتشف – بالمصادفة – أنهم كلهم ميتون، ونجد – بالمصادفة أيضاً – أنه كان وحده منفرداً بهؤلاء الميتين.

وهكذا يصبح للشخص المقدرة العجيبة على إنطاق الموتى، وهى معجزة اختص بها الله أمثال هذا الشخص من أهل الخطوة والحظوة من فصيلة "إذ فجأتن"..!!

ولا.. لا عجب، حتى إذا صام فى رجب، وباض الديك وشاب الغراب ورجع "نتانياهو" عن غيه، فربما كان الشخص غافلاً تنبه، أو عاصياً تاب، والله يؤتى الحكمة من يشاء.

ومن الصعب حقاً أن تجادل الشخص المذكور، فكيف مثلاً يمكن أن تستدعى – مثله – الميتين كى تسألهم عن حقيقة ما دار؟، وما الوسيلة التى تدافع بها عن نفسك إذا استدار عليك بضميره الصاحى، ليكتشف لك بدورك أحداثاً تثبت تواطؤك وذنبيتك (من الذنب أى الذيل) للطغاة، بل لا يستبعد أن يستحضر أرواحاً تشهد عليك بأنك من المجرمين، وأن تلك الأرواح ترى فى عالم الغيب عذابك فى جهنم بما اقترفت يداك من آثام.

هل هو هزل؟.. لا والله ليس بهزل.. وإنما محاولة لتسليط الضوء على تلك الخفافيش التى تقفز حولنا لتمتص الباقى من الدم فى عقولنا، فالحكمة لا تهاجم الناس "فجأتن"، ولا يمكن إدعاؤها بأثر رجعى.

إن من يحارب الفساد الذى كان موجوداً فى عام 1967 بقلمه عام 2010 هو الفساد متجسداً، كذلك من يدعى أن نكسة 67 حدثت بسبب إهمال نصائحه الغالية ولا يتذكر ذلك إلا بعد ما يزيد على أربعين عاماً هو النكسة نفسها أو أحد أسبابها.

إننا نريد من يكتب عن 2017 و2067 و2107، دون أن ينسى قضايا الحاضر الملحة التى تتطلب من كل صاحب رأى وفكر وحكمة أن يشارك ويتفاعل.. نريد من تلك الخفافيش أن تريحنا وتعود إلى جحورها التى تقبع فيها، وكفانا "إذ فجأتن".. حقاً كفانا جلد الذات واحتقار الماضى وإهالة التراب عليه وافتعال البطولات الوهمية.

رقيب فصيلتى محمد عبد العزيز رضوان، حين استشهد ظهر يوم 23 أكتوبر 1973، كان يكتب بدمه وفى اللحظة نفسها حقيقة مدوية.. دون أن يطلب نيشاناً أو بعض الأعمدة فى الصحف كى يسطر فيها تلك الحقيقة.. العامل المخلص فى مصنعه، الموظف الذى ينجز فى مكتبه، الزارع الذى يفلح ويجد، والكاتب الذى يحترم قارئه وقلمه.. كل أولئك يكتبون الحقائق الثابتة، ويخوضون بشجاعة معركة عبور جديدة بمصرنا الغالية إلى القرن الجديد.

فلنشطب من قواميسنا وأفعالنا وأقوالنا وأفلامنا مذهب "إذ فجأتن"، وليكن شعارنا "ها آنذاك فى الضوء أمام الناس وبكل الشجاعة والصراحة".

* عضو اتحاد الكتاب المصرى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة