شهدت جلسات مؤتمر "زراعة الأعضاء بين الأبعاد العلمية والثقافية" مناقشات حامية حول تطبيق قانون زراعة الأعضاء فى مصر بعد صدور لائحته التنفيذية، والذى نظمه أمس الأحد، المجلس الأعلى للثقافة بالتعاون مع وزارة التعليم العالى والبحث العلمى والمركز الثقافى الفرنسى، حيث أكد القائمون على اللائحة تصدى بنودها أمام التجاوزات ووقف تجارة الأعضاء فى مصر، معتبرين تنفيذ القانون خطوة تأخرت 15 عاماً بسبب فتاوى دينية متضاربة وثقافة مجتمعية خاطئة، شكك بعض الحضور فى مدى قدرة الإمكانيات المصرية لإجراء عمليات زراعة الأعضاء من حيث كفاءة الأطباء، واستعدادات المستشفيات أو العدالة فى توزيع الأعضاء لكلا يتحول الأمر إلى عميلة استثمارية يروح ضحيتها الفقراء أو غير القادرين.
تحدث أنور مغيث – أستاذ الفلسفة بجامعة حلوان – عن الفتاوى المتضاربة التى أطلقها العديد من رجال الدين لمناقشتهم تطبيق زراعة الأعضاء، والتى شبهها بالجدل الذى دار حول "تحريم التشريح"، قائلا "القضية ملحة ولا تحتمل الانتظار بعد أن انتشرت سرقة الأعضاء واستغلال الفقر وخطف أطفال الشوارع، وأصبحت مصر مقراً لشبكة جريمة معقدة البنية تحتل موقعا متقدما فى بيع أفراد الأسرة لأعضائهم".
ويضيف "الخطأ الذى وقعنا فيه هو ترك المسألة فى أيدى رجال الدين الذين تضاربت فتاواهم، حسب التيار الذى ينتمون إليه، رغم أن الأمر فى الواقع أمر علمى خالص فى أيدى الأطباء، وقبول التبرع أو عدمه لا يتعلق بالحرمانية أكثر من كونه تصرفاً إنسانياً ونابعاً من المواطنة، فلا يجب دخول فكرة التبرع لدين معين وإنما لشخص مريض يحتاج إلى العضو لإنقاذ حياته".
وذكر مغيث عدة أمثلة من التصريحات المتضاربة التى نشرتها الصحف المصرية على لسان رجال الدين، والدراسات التى أوضحت رفض المصريين للتبرع بالأعضاء مع عدم حسم الأطباء لأمر تحديد الوفاة، وقال "الوضع لا يعبر سوى عن حالة من التردى الفكرى والسياسى التى وصل إليها المجتمع، والتى أخشى على القانون من استمرارها".
وأثار دكتور إمام واكد – عميد معهد الكبد بجامعة المنوفية – غياب فلسفة التبرع عن المجتمع المصرى، والتى لم تتعدَ 40% فى الدراسة التى أجراها على 4000 أسرة مصرية، والتى تقلصت إلى 6% فقط ممن تطابقت عليهم الشروط الصحية، وقال "يفتقد العديد من المصريين قبول التبرع بالأعضاء، ويصبح الأمر محرجا فى حالة الأقارب، والذين قد يوافقون بالغصب لخوفه من قريبه الذى قد يكون والده مثلا وخوفه من الناس، أما الجانب الآخر فهو نزوح أغلب الرجال عن التبرع لزوجاتهم فى حالة مرضها، بينما نجد ارتفاع نسبة السيدات اللاتى يتبرعن لأزواجهن إما لضغط الزوج أو لتصور إنقاذ حياة رب الأسرة المسئول عن الإنفاق عليها".
وكان الغريب ما أوضحه من اتجاه بعض الأسر لرفض نقل أعضاء إلى أطفالهم المرضى تجنباً للتكاليف الباهظة من جانب، وإعمالا باعتقادهم "الطفل يأتى غيره".
وشدد واكد على ضرورة الاهتمام بجدية تنظيم تبرع الأحياء بلا أى مقابل مادى أو عينى، وأن يكون هدفه الوحيد هو "حب المريض وإنقاذه"، قائلا "لازم الرقابة تكون مشددة، فإذا كانت هناك حالات من الابتزاز للتبرع بين الأقارب، فالمتبرع من غير الأقارب يحصل على مقابل بنسبة 100%، وهو ما سيواجهه القانون من خلال إتاحة التبرع بأعضاء المتوفى".
ورداً على مقارنة الحضور بين القانون ونظام التأمين الصحى، قال دكتور عبد الحميد أباظة – مساعد وزير الصحة للاتصال السياسى – "زراعة الأعضاء أهم من التأمين الصحى، فيوميا يموت المرضى ونعجز عن إنقاذهم بسبب جدل محسوم طبيا، وقانون النقابة ضعيف ليس قادراً على التصدى لتجارة الأعضاء، وإحنا مشددين فى اللائحة التنفيذية فى جميع بنودها حتى نحكم القبضة، وسيمكننا من خلق عيادات بير السلم والمراكز المخالفة التى لن تستطيع توفير المعايير التى تشترطها اللائحة للحصول على رخصة إجراء هذه العمليات"، والذى توقع ألا تزيد عن 12 مركزا أو مستشفى سواء حكوميا أو خاصا.
وأكد أباظة أن يتولى رئاسة عمليات زراعة الأعضاء فى مصر لجنة عليا تعمل على التأكد من المعايير المتوفرة لتحديد الوفاة، والتى يجب أن يتفق عليها فريق من 3 أطباء، يقومون بالحصول على العضو من المتوفى الموافق على التبرع ثم ينقلوه إلى المريض، وقال "سيندرج جميع المرضى فى كشوف واحدة فى ترتيب يحافظ على العدالة، سيرمز فيه إليهم بكود وليس بإسمائهم حتى لا يتم التشكيك فى اختيار مريض على حساب آخر".
واعترف أباظة بالعوائق الحالية من حيث إعداد الفرق الطبية ووسائل النقل المجهزة لنقلهم من المتوفى وإلى المريض.
الخبراء: رجال الدين ليس لهم علاقة بجواز زراعة الأعضاء
الإثنين، 04 أكتوبر 2010 09:34 م