إبراهيم داود

تقريبا

كيف نغنى معاً؟

الخميس، 28 أكتوبر 2010 07:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تخلو مجلة فنية فى النصف الأول من القرن الماضى من مقالات وتحقيقات تعبر عن وجود أزمة فى الغناء والمسرح، رغم ازدهارهما معا، لأن الصحافة الفنية كانت وماتزال لن تكون فنية إلا فى وجود أزمات.

كانت الأشواق لا حدود لها، ولم يكن ما تم إنجازه رغم ضخامته كافيا للتعبيرعنها، وكان المصريون فى طريقهم إلى هدف نبيل، وفى الطريق كانوا يغنون لليل والنيل والورد والوطن والفجر والحصاد والدين والفرح والأسى. كان هناك احتياج ملح للغناء، وللغناء معا، كان الملحنون يحملون على أكتافهم مسؤولية غامضة، وهى صياغة جمل لحنية يلتف حولها الناس ويجتمعون عليها، ويحملها صوت يشبه أشواقهم ويعبر عن طموحاتهم، وكان شعراء الأغنية طيبى النية، ويتعاملون مع الجانب الفطرى والساذج والعميق فى الجمهور الذى يريد أن يشير له آخرون على كلمات ونغمات تشعره أنه قادر على الغناء وأنه ليس بمفرده، وعندما قامت ثورة يوليو غنى الشعب معا، وكان متناغما، وظهر ملحنون ومغنون وشعراء وموزعون وموسيقيون جدد انتخبهم الشعب الذى طرد المحتل، ويحاول أن يؤكد للعالم أنه قادر على صنع المعجزات، وظل الغناء والتلحين وفن التلاوة والإنشاد الدينى فى حالة عظيمة إلى أن جاءت هزيمة 67 فأصيب الوجدان فى مقتل، ومع هذا لم يشعر صناع النغم الكبار بالمرارة التى طالت نجوم زمانى الكبار، وأبدعوا وساعدوا الناس على عبور الإحساس بالإهانة. فى الأيام الفائتة قرأت فى أكثر من مكان مرثيات وكلاما عن الأيام السوداء والنفق المظلم والضياع، ففى «الشروق» محمد على سليمان، الملحن الجميل الذى كان له الفضل فى تقديم صوتين رائعين للناس هما أنغام (التى سرقها رأس المال الخليجى منا) وعماد عبدالحليم، رحمة الله عليه، يقول كلاما يائسا عن الأحوال، يجعلنى لا أصدقه لو لحن أغنية عن الأمل، هو مشغول بالفرص التى تمنح للصغار، ويشكو- وعنده حق- من انهيار صناعة النغم، بعد أن تحول خريجو المعاهد الموسيقية إلى جرسونات وعمال محارة، لأن الدولة وشركات إنتاج الدراما تسعى خلف شباب الأغنية «الخايبة». محمد منير(الصوت العابر للأجيال) انتهز فرصة لقائة السيد رئيس الجمهورية وطلب منه التدخل شخصيا لإنقاذ صناعة الموسيقى والغناء من القرصنة عبر مواقع الإنترنت، على الحجار (صوتنا الخاص) قال لـ «أهرام» السبت إن عدد شركات الكاسيت كان 385 شركة فى 1998، لم يعد منها غير شركتين فقط، وقال إنه «زعلان» من الشاعر نبيل خلف، وهذا خبر سار، وإنه يوجد 2 مليون موسيقى وعامل لا يعملون لأن تجارة الغناء «بعافية»، وطالب النايل سات بالتدخل، وألا يعرضون أى كليب إلا للمطرب المعتمد من لجنة الاستماع، وهذا كلام لن يتحقق لأنه لا يوجد قانون فى الدنيا قادر على منع أى شخص من الغناء، المشكلة من وجهة نظرى هى أن الدولة ممثلة فى وزارتى الإعلام والثقافة، لا تعرف معنى حاجة الناس لغناء يشبههم ويشبه زمانهم، وأن انقطاع العمران كما قال ابن خلدون يبدأ من انهيار الغناء، حتى لو تم إنشاء مدن جديدة، وأن رأس المال غير المصرى (الخليجى تحديدا) يحاول أن يقضى على هيبة مصر الغنائية، عن طريق التعاقد مع النجوم المصريين ووضعهم على دكة الاحتياط، لتنتصر لهجات أخرى فى مباريات غير عادلة، أنت تمتلك قنوات وإذاعات حكومية يمولها دافعو الضرائب، وتصرف بقيادة أسامة الشيخ على برامج لا معنى لها لكسب ود الصحفيين، ولو خلصت النوايا وفتحت أبوابها للأصوات الرائعة الشابة الغزيرة والمكبوتة، لتغير المشهد وغنى الناس معا، لأن مصر غنية.. ولكن الجو غير مريح!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة